القرآن الكريم مهارات التعلم والأداء مع الشيخين عمرو دبور و محمود شعبان

  • 2020-10-01

القرآن الكريم مهارات التعلم والأداء مع الشيخين عمرو دبور و محمود شعبان


الدكتور رحابي محمد:
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيِمِ، الحَمْدُ لله رَبِّ العَالَمِينَ، وَالصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ عَلَى سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ.
أهلاً وسهلاً بكم في مهارات التعلم والأداء، مع فضيلة الشيخ عمرو دبور، الشيخ عمرو الدبور أهلاً وسهلاً ومرحباً بكم.

الشيخ عمرو دبور:
أهلاً شيخنا الكريم حياكم الله يا دكتور.

الدكتور رحابي محمد:
شكراً يا أخي الكريم العزيز الغالي فضيلة الشيخ عمرو لقبول الاستضافة، وهذا اللقاء الطيب الممتع إن شاء الله معكم على مائدة القرآن الكريم.

الشيخ عمرو دبور:
الشرف لنا فضيلة الدكتور، ربنا يبارك فيك.

الدكتور رحابي محمد:
دعوني إخواني أن أقدم فضيلة الشيخ عمرو بسيرةٍ مختصرةٍ جداً، ثم ندخل إن شاء الله إلى محاور اللقاء، الشيخ عمرو عضو مجلس إدارة اتحاد الأئمة بأمريكا، وأيضاً عمل مشرفاً على التسجيلات القرآنية في قناة الفجر الفضائية، الشيخ عمرو ما شاء الله له تاريخٌ كبيرٌ وحافلٌ في خدمة القرآن الكريم، وخدمة الدعوة الإسلامية، الشيخ عمرو دراسته أزهرية منذ الإبتدائية حتى الماجستير، فهو ابن الأزهر البار، وفقه الله وأدام الله الأزهر منارة عملٍ، وصرح خيرٍ للبشرية وللإنسانية جمعاء، الشيخ عمرو درس كلية اللغات والترجمة في قسم الدراسات الإسلامية باللغة الإنجليزية في الأزهر، ويحمل ماجستير في العقيدة ومقارنة الأديان، الشيخ عمرو أتمَّ حفظ القرآن الكريم وهو ابن اثنا عشر عاماً، ثم منَّ الله عليه بالقراءات العشر الصغرى، وعمل أيضاً بالتدريس في جامعة الأزهر، الشيخ عمرو إمامٌ لمسجد أو مركز السلام في ولاية كاليفورنيا، ويعمل في أمريكا إماماً وخطيباً وداعيةً، ينشر الخير والنور والسلام وتعاليم القرآن السمحة منذ عام2006، وهو أيضاً كما ذكرت عضو مجلس إدارة اتحاد الأئمة بأمريكا الشمالية، أهلاً وسهلاً بكم فضيلة الشيخ عمرو مرَّةً ثانية، وشكراً لك لهذا الوقت الثمين الذي نقضيه معكم إن شاء الله.

الشيخ عمرو دبور:
حياكم الله يا شيخنا الكريم ودكتورنا الفاضل، وهذه مقدمةٌ كبيرة، أسأل الله سبحانه وتعالى أن يعفو عنا وعنك، وشرفٌ لنا أن نكون مع فضيلتك شيخنا.

فضل تعلم القرآن الكريم:
الدكتور رحابي محمد:
حياكم الله ياسيدي، لو أردنا أن ندخل مباشرةً إلى موضوعنا اليوم، في أهمية وفضل تعلم القرآن الكريم، لا شك أن أحاديث كثيرةً وردت في فضل تعلُّم القرآن الكريم، آياتٌ كثيرة تحثنا على الأخذ بالقرآن الكريم، فضيلتك لو نعطي لهذا المحور دقائق، ثم نذهب إلى المحور الثاني، وهو ذو أهميةٍ أيضاً يستفيد منه الأئمة والمسلمون بشكل عام، وخصوصاً الآباء والأمهات في التعامل مع أبنائهم في قضية تعليم القرآن الكريم، أهمية وفضل تعلُّم القرآن الكريم يا شيخ عمرو.

الشيخ عمرو دبور:
سيدنا الكريم إن معجزة الإسلام الباقية ليست في المعجزات الحسية التي كرَّم الله تبارك وتعالى بها نبينا صلى الله عليه وسلم، ولا في غير ذلك، كل هذه معجزاتٌ ثابتة، ولكن المعجزة الخالدة الباقية التي هي السبب في جذب معظم من يأتون إلى الإسلام، وحضرتك ترى ونحن نرى هو القرآن الكريم، القرآن الكريم منبعٌ لا ينفذ أبداً سبحان الله، حتى للقارئين والحافظين وحتى للعلماء، كلما تقرأ فيه كلما تجد أنواراً وفتوحاتً سبحان الله، حتى العلماء الكبار، ولا أدلَّ على ذلك أن من علماء الحديث وكبار المحدثين وأكابر العلماء في شتى فروع العلوم الإسلامية، في الغالب تكون لهم كلمة؛ وهي أمنية أن يصرفوا معظم جهودهم إلى القرآن، في جزءٍ متأخرٍ من حياتهم تكون لهم أمنية، مع شرف ما يقومون به من علم الحديث أو غير ذلك، مما لا يتعلق بالقرآن بشكلٍ مباشر، معظمهم يتمنى أن يكون له ارتباطٌ بالقرآن أو يصرف شيئاً من جهده للقرآن، فالقرآن كلام الله، يعني لا أشرف من ذلك وهو أشرف العلوم إطلاقاً وأجلها إطلاقاً.

الدكتور رحابي محمد:
بارك الله فيك يا شيخ عمرو وجزاك الله خير، لو أردنا أن نذهب إلى قضية مفهوم إتقان الأداء القرآني، ولعلنا تحدثنا قبل قليل عندنا في الجامعة الأمريكية للعلوم الإنسانية، قسمٌ جديد ولعله المتميز أو الأول عالمياً، في إضافة قسم إتقان الأداء القرآني، ومنح متقن الأداء القرآني شهادةً أكاديميةً تجعل حامل القرآن، حافظ القرآن، متقن الأداء القرآني، تجعله في مصاف حملة الشهادات الأكاديمية في العالم، وتكوِّن له منزلةً في المجتمع، ومنزلةً أكاديمية في المراكز الإسلامية والمراكز التعليمية، ما مفهوم إتقان الأداء القرآني؟ نحن نعلم أن هناك تعليم القرآن الكريم، تحفيظ القرآن الكريم، وكثير من المحفِّظين أو المحفظات يُحفِّظون القرآن، فيَحفَظ الطالب القرآن الكريم، ولكن ربما لم يكن على ذلك المستوى من الضبط والإتقان الذي ينبغي، لو نلقي مع فضيلتك بعض الضوء على قضية الإتقان؛ إتقان الأداء القرآني.

القرآن بحرٌ لا شاطئ له:
الشيخ عمرو دبور:
الله يبارك فيك ويرضى عنك، هذا من ما ميّز الله سبحانه وتعالى به وشرف به هذه الأمة القرآن إجمالاً، ومما خصَّ به القرآن سبحانه وتعالى أنك لو حسبت الأفرع من العلوم الإسلامية التي تتعامل مع القرآن، فتجد أنها تربو على ستة عشرة فرعاً تقريباً كما يصنفها بعض العلماء، بدايةً كما تفضلت من الأداء الصوتي للقرآن، ثم تفسير القرآن، وعلوم القرآن، والتنزيل، وأسباب النزول، البدء والختام، كيف يبدأ الإنسان ومتى ينتهي، علم التجويد، وأحكام القرآن، وعلومٌ كثيرةٌ جداً مرتبطة بالقرآن، فبعض الناس عند إتقان القرآن، وهذا ليس في القرآن فقط وإنما في علوم كثيرة كما تعلم، إذا دخل الإنسان في الشبر الأول يتصور أنه قد حاز ما لم يحزه من سبق، فالإنسان إذا تعلم أحرفاً بسيطةً، حتى الحفظ هو من أهم الأشياء وأفضلها، لكنه لا يعني الإتقان أبداً، وإلا فسبحان الله هناك علامةٌ سبق أن حَذَرنا منها بعض شيوخي الأفاضل قال: لا أدري إذا كانت من العيوب أو مزايا لعلها ميزة، لكنها تفسد على الإنسان بعض الشيء، أنه كلما ازداد علماً في القرآن كلما لا أقول سقط، لكن زاد الميزان الذي يزِن به القُراء، فتجد أن بعض الناس المشهورين حين تتعلم الإتقان وتتقن القرآن، تكتشف أنه لا ينبغي أن يُقرأ القرآن بهذا الشكل، وهذا الرجل وإن كانت له شهرة، إلا أن الإتقان عنده منقوص.
فالذي أقوله أن القرآن بحرٌ لا شاطئ له، ولا ساحل له، يتعلم فيه الإنسان، القرآن بالذات لا يصل إلى آخره أبداً، ويبقى يقرأ ويتعلم على هذا الشيخ، يتلقاه كما تلقاه هو من من سبق، حتى النبي صلى الله عليه وسلم تلقاه من جبريل عليه السلام، قال الله تبارك وتعالى:

وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ
(سورة النمل: الآية 6)

القرآن لم ينزل أعزكم الله وكأنه قرص تخزين، كان يستطيع أن يؤتيَه النبي صلى الله عليه وسلم كما أوتيه سيدنا موسى :

وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ
(سورة الأعراف:الآية 150)

أو ألقيت إليه الألواح، فيأخذها ويسلمها أو يعلمها لقومه، لكنه كان يأتيه جبريل به آيةً آية، أو مقطعاً مقطعاً، أو سورةً سورة، والنبي صلى الله عليه وسلم يعلمها للناس ويقرئهم إياها، ثم يأتيه جبريل كل سنة يعرض عليه القرآن، ويعارضه به حتى كانت السنة التي قُبِض فيها عارضه فيها مرتين، يعني تجد الحرص من أول النزول على النبي صلى الله عليه وسلم، إلى تعليم النبي صلى الله عليه وسلم إلى الصحابة من كافة الأوجه، وسار على هذا أبناء الأمة جميعاً سبحان الله، ومن أعجب ما يمكن أن تجد متقنين للقرآن من أهل الصومال ومن أهل أندونسيا، الصومال طبعاً عرب، لكن أقصد من غير العرب أو من الأعاجم، ما يتفوقون به على أهل العربية، فهذا مما خصَّ الله تبارك وتعالى به وميز به القرآن وأهل القرآن، وأميز ما فيه مسألة القرآن.

الدكتور رحابي محمد:
جميل، جميل جداً، ما شاء الله، دعني أسألك يا شيخ عمرو كنت حضرتك مشرف على التسجيلات القرآنية في القنوات الفضائية، ومنها قناة الفجر وغيرها، كيف يكون الإشراف؟ وهل يمكن أن تحدثنا عن خبرتك في هذا الإشراف، حتى يدرك الإخوة والأخوات المستمعون أهمية المراجعة والتدقيق حتى لكبار العلماء، والقراء، والمقرئين، عندما يُسجلون ختمات للتسجيلات الرسمية، يكون هناك من يُدقق خلفهم ويَعتمد ثم يُعتمد النشر، فكيف كان العمل في قضية القرآن الكريم، خدمة القرآن الكريم في التسجيلات الرسمية قبل أن تُنشر إلى الفضاء؟

مراجعة وتدقيق تسجيلات القرآن الكريم
الشيخ عمرو دبور:
أحسنت، الله يبارك فيك، أولاً: كان هناك لجنة لاختيار القراء من ربوع مصر وسائر أنحاء العالم، اللجنة هذه تدقق في من هو مؤهل لأن يقرأ، يعني عنده الأهلية، عنده الإتقان، على الأقل الأولي، ثم يأتي هؤلاء القراء ويسجلون التسجيل في الاستديو خاصةً بالفيديو الصوت والصورة له ضوابط كثيرة، ويُخرج الإنسان أصلاً عن أطواره مع الإضاءة، والانتظار الطويل، والشكل، فيبقى القارئ هكذا أحياناً لساعات، أنا قرأت حتى سجلت جزءاً، فالإنسان يخرج يعني عن كثيرٍ من ما هو معتادٌ عليه.

الدكتور رحابي محمد:
المعذرة للمقاطعة، نرحب بفضيلة الشيخ محمود شعبان انضم إلينا في هذا الحوار الممتع، أهلاً وسهلاً بك فضيلة الشيخ محمود.

الشيخ محمود شعبان:
بارك الله فيكم أهلاً وسهلاً بكم .

الشيخ عمرو دبور:
مرحباً بك شيخ محمود، هناك هلالٌ دخل علينا أو شمس.

الدكتور رحابي محمد:
نعم شيخ عمرو، فكانت الانتظار والتدقيق في الاستديو عند التسجيلات.

الشيخ عمرو دبور:
نعم سيدي فكان يختار القراء طبعاً بعناية، ثم هناك فريق ممن يراجعون لهؤلاء القراء، على رأس المراجعين كان الشيخ عليه رحمة الله الشيخ المعصراوي، عبد الحكيم عبد اللطيف رحمه الله ثم الشيخ المعصراوي نفسه شيخ عموم المقارئ المصرية، كان من المراجعين عندنا، ومن كبار قراء مصر، يجلسون في الاستديو يستمعون ويصححون إذا أخطأ القارئ، ثم بعد كل ذلك تأتيني ومعي فريق كبير من الأفاضل نراجع خلف كل هذا، وبعد المونتاج أيضاً، والتعديلات نراجع كل شيء، ونتأكد من أن كل شيءٍ مكتملٌ من كافة النواحي، وخاصةً من ناحية الأداء القرآني، وأحياناً كثيراً ما كنا نلتقط بعض الأشياء التي تسقط سهواً في التسجيل، أو لم يسمعها المراجع، أو غير ذلك، حتى المراجعين أنفسهم الشيخ المعصراوي حين كان يسمع نفسه مثلاً يقول: لا والله هذه لا تعجبني، ربما نُعيد تسجيل هذا الجزء، أو غير ذلك، فهذا من حفظ الله تبارك وتعالى للقرآن الكريم.

الدكتور رحابي محمد:
ما شاء الله جزاك الله خير، دعوني أرحب بفضيلة الشيخ محمود شعبان.
الشيخ محمود شعبان إمام المركز الإسلامي بولاية أوهايو، وهو أيضاً ما شاء الله مُجازٌ بالقراءات العشر الصغرى، الشيخ محمود شعبان كان إمام مسجد الشيخ الحصري في مصر سابقاً، الشيخ الحصري وما أدراكم ما الشيخ الحصري رحمه الله، وجزاه الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء، الشيخ محمود شعبان ما شاء الله له باعٌ كبيرٌ وطيبٌ في خدمة القرآن الكريم، وفي خدمة الإسلام، له إجازاتٌ عديدةٌ وكثيرةٌ في القرآن الكريم، وله أيضاً الإجازة العالية من كلية أصول الدين جامعة الأزهر بالقاهرة، له عدة إجازاتٍ في قراءاتٍ عديدةٍ من عدة مشايخ، من عدة قراءٍ ومقرئين، وهذا أمرٌ طيب يعطيه مزيداً من الخبرة، ومزيداً من العلم الدقيق في علم التجويد، الشيخ محمود شعبان ما شاء الله إمامٌ وخطيبٌ في وزارة الأوقاف منذ عام 2003، نسأل الله تعالى أن يبارك فيك شيخ محمود، ويبارك في فضيلة الشيخ عمرو، وأن ينفع بكم العباد والبلاد، آمين يارب العالمين.

الشيخ محمود شعبان:
بارك الله فيكم شيخ عمرو، جزاكم الله خيراً دكتور رحابي، نسأل الله أن يتقبل منا ومنكم، وأن يستخدمنا جميعاً في خدمة كتاب الله عزَّ وجلّ.

الدكتور رحابي محمد:
آمين آمين، كنا نتحدث مع الشيخ عمرو عن قضية أهمية وفضل تعلم القرآن الكريم، ثم دلجنا إلى مفهوم إتقان الأداء القرآني، لعلنا نكمل الحديث مع الشيخ عمرو والشيخ محمود.

مهارات معلم القرآن الكريم:
لتعليم القرآن الكريم مهارات، وهذه المهارات التي ينبغي أن يتحلى بها مُعلم القرآن الكريم، عموماً أي معلمٍ لا بد أن يكون عنده مهاراتٌ معينةٌ لإيصال المعلومة، لفتح أذهان الطلاب، لبناء جسرٍ من الود والحب والاحترام بينه وبين طلابه، مهارات مُعلم القرآن الكريم، لو أردنا أن نخصص مُعلم القرآن الكريم بمهاراتٍ معينة، لا بد له أن يتملكها، فنستمع إلى كلا الشيخين الجليلين، ونتبادل المعلومات إن شاء الله، نبدأ بالشيخ محمود في مهارات مُعلم القرآن الكريم.

الشيخ محمود شعبان:
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، جزاكم الله خيراً على هذه الفرصة، وسعيدٌ جداً بلقاء السادة الأفاضل الشيوخ، وربنا سبحانه وتعالى ينفعنا بكم ويتقبل منكم يارب، لعلنا نستفيد منكم ونُفيد الإخوة المستمعين إن شاء الله.
بالنسبة لمهارات معلم القرآن، لا بد لمعلم القرآن أن يكون قارئاً جيداً، متقناً لأحكام التجويد، مجازاً، هذه الأمور أساسية في معلم القرآن الكريم، إن لم يكن مجازاً على الأقل يكون متقناً، قد قرأ القرآن وضبطه على يدي شيخٍ مجاز، بحيث تكون قراءته منضبطة، هذا الأمر الأول.
الأمر الثاني: بالنسبة لمعلم القرآن الكريم القرآن يحتاج إلى صبرٍ، إلى حلمٍ، إلى أناةٍ في التعلم، ربما تُفاجأ بطالبٍ أو طالبةٍ كثيرة الأخطاء، فالأمر يحتاج إلى سعة صدرٍ وصبرٍ، هذه الأمور أساسية في معلم القرآن الكريم.
الأمر الثالث: أن يكون لمعلم القرآن أذنٌ واعيةٌ تلتقط الخطأ، بحيث يستطيع أن يُميز الخطأ بسرعة، مثل الصيرفي في تعامله مع العملة يستطيع أن يُميِّز الصحيح من الفاسد، الصحيح من المزيف، كذلك الحال قارئ القرآن، أو مقرئ القرآن، أو معلم القرآن له أذنٌ تستطيع أن تُميز الخطأ، مثلاً أعد هذه الآية مرَّة أخرى، اقرأها مرَّة ثانية، طيب ما هو الخطأ؟ لا ليست صحيحة، ربما هي لم تكن صحيحةً مثلاً بأي شكلٍ أو بأي طريقةٍ من الطرق، ربما لا يستطيع أن يُحدد لك في بعض الأحيان ما هو الخطأ، ولكن شكل أداء الآية، أو شكل أداء الكلمة لم يأتِ بالطريقة المنضبطة، فالأذن التي تميز الخطأ مهم جداً بالنسبة لمقرئ القرآن.
الأمر الأخير: أن يكون هناك منهجية، إذا كان عندك طالبٌ يقرأ أو يتعلم القرآن، وهو صفرٌ في كل شيءٍ من حيث الأحكام، من حيث القراءة، من حيث التشكيل، فأنت سوف ترده عن كل هذه الأخطاء مرَّة واحدة؟ لا، يجب أن يكون هناك منهجيةٌ في الرد، في التعليم، خاصةً هنا في هذه البلاد كونك ترده في كل شيء، في كل خطأ، ربما ينفر بعض الطلاب، أو خاصةً بعض الكبار، فتبدأ المنهجية، تبدأ في تصحيح التشكيل، تصليح الأساسيات، ثم بعد ذلك تترقى معه في بعض الأخطاء الأخرى أو بعض النواحي الفنية الأخرى.

الدكتور رحابي محمد:
نعم، نعم، جزاك الله خير، أحسنت، يمكن أن ألخص ثم أكمل مع الشيخ عمرو، إذا كان هناك إضافةٌ في موضوع مهارات معلم القرآن الكريم، أُلخص ما ذكره الشيخ محمود في مهارات معلم القرآن الكريم:
1- أن يكون متقناً ضابطاً، يعني فاقد الشيء لا يعطيه، فالمتقن، الضابط، المجاز، المتعلم عند شيوخ القراء، هذا مهم جداً رقم واحد.
2- الصَّبر والحلم والأناة.
3- أن يكون واعياً مُتقناً لالتقاط الأخطاء، وأن يكون كما وصف الشيخ محمود كالصيرفي يميز الصحيح من الفاسد.
4- الأمر الأخير الذي ذكره هو أمرٌ مهم أيضاً، قضية المنهجية والتدرج في تعليم الطلاب.
شيخ عمرو لو تتكرم إذا كان هناك إضافة لمهارات تعليم القرآن الكريم، أيضاً من خبرتك ومن خلال ما تُعلمه لطلابك، أنت نشيطٌ أيضاً في تعليم القرآن الكريم، ما هي المهارات التي ينبغي أن يتحلى بها مُعلم القرآن الكريم؟

إنشاء علاقة بين المعلم والمتعلم:
الشيخ عمرو دبور:
والله يا سيدنا الكريم إضافةً إلى هذه المهارات، مهاراتٌ ليست متعلقةً بالقرآن في الأساس، وإن كنا نحن أولى بها، إنما هي مهارات التعليم عموماً، أن يُنشئَ المعلم علاقةً بينه وبين المتعلم.
أن لا تكون المسألة معلومات وأنا أحشوها في رأسك، أو هذا خطأ صحح هذا، كما تفضل شيخنا أنه أحياناً يُنفِّر، بالعكس لا يوجد إنسان يحب أن يُصحَح له، خاصةً إذا كانت مهاراته في الأداء القرآني ضعيفة، فبالتالي ستكون أخطاؤه كثيرةً جداً، فتقول له: أخفض هذا، وارفع هذا، وخفف وغلِّظ هنا، والأداء القرآني طبعاً له ضوابط كثيرة جداً، فإن لم يكن هناك علاقةٌ تُخرج المسألة قليلاً عن إطار التعليم، وتربط الطالب بالمعلم، إذا كان في نفس عمرك تعامله كأخ، أو كان أكبر منك؛ يعني أنا وجدت أنه من أفيد ما يمكن وخاصةً في تعليم الكبار، أن أُشعرهم أني أتعلم منهم، أو أشعرهم أنهم يمونون عليَّ بأني جالسٌ معهم، ويتفضلون عليَّ أن أدعوهم إلى طعامٍ مثلاً بعد ذلك، هذه العلاقة التي تكون بين المعلم والمتعلم أنا أجدها من أفضل ما يمكن، حتى يكون للكلمة التي تُقال وقعٌ سريعٌ على القلب، فيُحبون أن يأتون إلى الحلقة أو إلى الدرس مثلاً، في مقابل أن أسقط عليهم المعلومات كلها دفعةً واحدة، أو بدون أي علاقة بيني وبينهم، فهذا من أهم الأمور إضافةً إلى ما تفضل به شيخنا، والله أعلم.

الدكتور رحابي محمد:
بارك الله فيكم، أرى خلف الشيخ عمرو لوحةً مكتوبٌ عليها الرحيم سبحانه وتعالى، أذكر مرَّةً أحد أساتذتنا الكرام اسمه الأستاذ محمد سلوم، أستاذٌ فاضلٌ وداعيةٌ ومربي كريم، قال لي مرَّةً: يا رحابي طلابك في الصف يحبونك، وكان ابنه عندي في الصف، أعلِّمهم القرآن الكريم، فقال لي: استمر على ذلك، لأن الله عزَّ وجلّ ذكر في قضية تعليم القرآن الكريم بالذات اسمه الكريم الرحمن، لم يذكر الجبار، لم يذكر العزيز، لم يذكر القوي علَّم القرآن، إنما قال:

الرَّحْمَٰنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ
(سورة الرحمن: الآية 1-2)

الرحمة تلازم تعليم القرآن الكريم دائماً، فجزاكم الله خيراً مشايخنا، لأن المعلم ينزل إلى مستوى طلابه، يخاطبهم بمستوى علمهم وقدراتهم ثم يتدرج معهم.
شيخ عمرو هناك تحدياتٌ تواجه معلم القرآن الكريم، ولكل مشكلةٍ هناك حل، ولكل تحدٍ ولكل صعوبةٍ هناك شيءٌ يُذلل هذه الصعوبة، نحن الآن وخصوصاً في زمن الكورونا نسأل الله تعالى أن يرحم أهل الأرض، وأن يُفرِّج عنا جميعاً، من الصعوبات التي يمكن ذكرها الآن بشكل سريع، أريد أن نستمع من فضيلتك ومن فضيلة الشيخ محمود الحلول التي تساعد الأئمة تساعد معلمي ومعلمات القرآن الكريم، في تذليل هذه الصعوبات، مثلاً من الصعوبات: الضعف الشديد عند بعض الطلاب، من الصعوبات: كثرة عدد الطلاب في الحلقة، في الصف الواحد مثلاً، من الصعوبات: وجود أخطاءٍ كثيرةٍ عند الطالب المتعلم، من الصعوبات: عدم متابعة أولياء الأمور، والتعاون مع المعلم، وهذا أيضاً تحدي كبير، وربما من الصعوبات التي ذُكرت قبل قليل، ووجدنا الحل لها؛ ضعف المعلم نفسه، كيف نُذلل هذه الصعوبات وهذه التحديات؟ نبدأ بالشيخ عمرو ثم نُكمل أيضاً الحديث مع الشيخ محمود، نأخذ جانبين أو ثلاثة مع الشيخ عمرو، ونكمل مع الشيخ محمود أيضاً بثلاث جوانب أخرى، تفضل يا سيدي.

مزايا التعليم عن بعد:
الشيخ عمرو دبور:
الله يرضى عنك، والله يا حبيبنا الغالي أنا أرى أن مجرد الاتصال بالقرآن هو في حد ذاته هدف وغاية، لأن كثيراً منا يتصور أنه كان من المفترض لهذا الولد أن يكمل الجزء وهذا الحفظ في هذا الوقت، أو كان مقرراً لنا أن نختم القرآن في هذا الوقت لبعض الناس، وهذا جيد، لكن أنا أرى أن مجرد وجود الحلقة، مجرد وجود الشيخ والمشاركين معه، مجرد وجودهم واتصالهم بالقرآن قراءةً بتصحيح أو بغير تصحيح، أنا أرى أنه قد حصل المراد ولو مرحلياً يعني، فلو تصور وأدرك الشيخ أو المعلم هذا الشيء فهو حقق شيئاً، مجرد وجود الطلبة والاتصال بالقرآن، الحمد لله قطعنا شوطاً كبيراً، وتبقى مسألة ماذا نفعل أو كيف نقرأ؟ هذه الأمور بسيطة لأنه عندنا معلم، وعندنا شخص يريد التعليم، إن شاء الله بتوفيق الله سيحصل المراد، وستحصل مسألة التعليم.
لعلي لا أجيب مباشرةً على السؤال، لكن أنا أرى هذا الزمن الذي نحن فيه؛ الكورونا على الأقل بالنسبة لي نعم فيها من المتاعب، ولكن فيه بركاتٌ كثيرة جداً، في معظم المساجد كنا نعمل حلقةً في المسجد، ويحضر عدد معين محدود من المهتمين بالقرآن، الآن أصبحت الحلقة أون لاين، والله يا شيخ هناك أشخاص في رمضان الماضي، وكانت الحلقة مفتوحة، كانوا يدخل عندي، فدخل أخٌ من أندونسيا، وأخٌ من أيرلندا، وأناسٌ من مصر، ومن الدول العربية، ومن كافة البلدان، يدخلون وما كان لهم أن يدخلوا لو كانت المسألة حلقةً مع شيخ في مسجدٍ بعد الفجر أو بعد المغرب، فكأن هناك فتحٌ من الفتوحات موجود سبحان الله، قرأت معي قبل أيام أختٌ من سنغافورة قراءةً متقنةً غايةٌ في الروعة ما شاء الله، فسبحان من جمع المشارق والمغارب على القرآن.

الدكتور رحابي محمد:
شيخ محمود يعني إضافات طيبة أيضاً نسمعها من فضيلتك، وتوضيح في جانب تذليل الصعوبات في تعليم القرآن الكريم.

مصاعب التعليم عن بعد:
الشيخ محمود شعبان:
استكمالاً لما قاله أستاذنا وشيخنا فضيلة الشيخ عمرو، قضية التعليم عن بُعد أو عن طريق الانترنت، لها كثير من المزايا كما ذكرها فضيلة الشيخ، ولها أيضاً يعني بعض السلبيات.
القراءة عن طريق الانترنت لها الكثير من المزايا كما ذكرها فضيلة الشيخ، أتاحت الفرصة للكثير من سائر الدول والأقطار أن تتعلم، ذللت هذه الناحية، إذا كان الشيخ مسافراً، إذا كان الشيخ منتقلاً إلى بلد أخرى، أصبح الأمر ميسراً، خاصةً بالنسبة للنساء الذي من الصعب عليهم أن ينتقلوا، ربما عندها أولادٌ صغار، كبار، فهذا الأمر أصبح ميسراً، لكن الملاحظ من خلال التجربة في هذه الأيام والأيام السابقة، أحياناً بعض الطلبة يتكاسل، لا يوجد تفاعل، التفاعل في الدراسة أون لاين مختلفٌ عن التفاعل في الدراسة في الفصل، ذهاب الأولاد إلى المدرسة مختلفٌ عن بقائهم للدراسة في البيت، وكلنا عندنا أولاد، ونرى الطالب خلال الحلقة أحياناً مركزٌ ومنتبه، وفي وقتٍ آخر يريد أن ينام.
فهذا الأمر يحتاج منا نحن أولاً: أن يبقى الأمر فيه رؤيا، وليس مجرد سماعٍ فقط، يعني الطالب يرى الشيخ والشيخ يرى الطالب، بحيث يكون هناك تفاعل، الطالب يرى الشيخ وهو يقرأ، والشيخ يرى الطالب وهو يقرأ، أو يُسمِّع درسه، ويمكن أن يضيف بعض الحركات أو بعض الأمور من الشيخ للطالب أثناء الحلقة، لكي يبقى مراقباً للطالب، لا بأس أن نتكلم مع بعض قبل القراءة، ونأخذ وقتاً في أثناء القراءة، للحديث عن بعض المشاكل وبعض الأمور، مثلاً الدراسة ما أخبارها؟ ما أخبار الامتحان؟ وما شابه ذلك، أحياناً بعض المزاح الخفيف مع الطلبة، وليس كل وقت الحلقة يعني عبارة عن تصحيح من أجل القراءة والتسميع، ممكن تذكير الأبناء بواجباتهم قبل موعد الحلقة، يكون هناك تواصلٌ بالرسائل، أنت غداً عليك واجبٌ منزليٌ معين، بحيث إن كان هناك نسيانٌ أو ما شابه يبقى مستوعباً لهذه الأمور.
المتابعة مع الآباء والأمهات مهمٌ من أجل معرفة الأسباب إن كان الطالب لا يحفظ جيداً، ربما هناك أمورٌ نفسية، أمورٌ في البيت، أمورٌ في المدرسة، ممكن تناوب الطلاب بين بعضهم، لو أتى طالبٌ وهو غير حافظ، أتى وليس جاهزاً، يبقى هناك تناوب ما بين الطلبة، أنت اذهب واحفظ قليلاً، وطالب آخر يُسمِّع وكذا، بحيث يبقى على الأقل مثلما قال فضيلة الشيخ عمرو؛ يكفي أنه التقى مع القرآن، لقاؤه مع القرآن كافي، يعني قراءة، تصحيح للأداء، على القدر الأقل أنه قرأ، وصَحح أدائه، حتى وإن لم يأتِ بالواجب كاملاً.

الدكتور رحابي محمد:
بارك الله فيك شكراً يا شيخ محمود، الله يحفظك إن شاء الله، أنا أعلم أن هناك مدارسٌ ومذاهبٌ وآراءٌ في طريقة حفظ القرآن الكريم، في طريقة قراءة القرآن الكريم وإتقانه، أريد أن أستمع إلى رأيين من فضيلة الشيخين الجليلين، أبدأ بالشيخ عمرو، خطوات تحفيظ وتدريس القرآن الكريم برأيك، ثم أيضاً نستمع إلى الشيخ محمود، هناك مدارسٌ ربما تكون كلها ناجحةً، البعض منها يكون أميز من بعض، والبعض منها يكون أتقن من بعض، فبرأيك ما هي الطريقة النموذجية لحفظ وتدريس القرآن الكريم بشكل جيد؟ تفضل يا شيخ عمرو.

المرونة في اختيار طريقة التعليم المناسبة:
الشيخ عمرو دبور:
والله يا شيخنا ينبغي أن يكون عند الإنسان مرونة، أولاً في أنه يتقبل أن هناك طرق أخرى للتدريس، ويكون على استعداد أن يتقبلها وأن يفعلها مع من يحتاجون إلى ذلك، ثم بعد ذلك ينظر في ما هو الأولى لكل طالبٍ أو لكل متعلمٍ، وأنا أرى أنه في مسألة القرآن أن لكل إنسانٍ سبحان الله له ما يخصه في هذا الأمر، أولاً من سعة استيعاب، القدر الذي يستطيع حفظه، القدر الذي يستطيع أن يتقدم به، البنات غير الأولاد، إجمالاً، وغير ذلك، فالمعلم يكون في نفسه المرونة أن يتبع أي طريقةٍ ممكنة، المهم أن يصل إلى الهدف في النهاية، سواءٌ كان الحفظ أو الإجازة والإتقان، يصل إلى هدفه بأي طريقةٍ كانت.
الإجازة والإتقان لها طريقٌ معروف، لكن الحفظ ربما له عدة طرق، نحن كنا نحفظ عندنا في مصر بطريقة معينة، أعطيك مثالاً؛ نبدأ من السور القصيرة، ونتدرج إلى السور الأعلى، من سورة الناس وبالتدريج، فوجدنا لما جئنا إلى هنا إخواننا في شبه القارة الهندية، من أهل الباكستان والهند، وغير ذلك، وحتى أيضاً عندكم في سوريا كذلك يا دكتور، يتدرجون في السور القصيرة إما إلى نهاية جزء النبأ أو تبارك، وبعد ذلك يأتون من أول البقرة فكأن هذا الأمر لم نعتد عليه، لكن وجدت أن هذا ربما يكون مناسباً للأعمار الأكبر، السن الأكبر، الناس الكبيرة التي تعودت على القراءة لأنك لو أدخلته في سورة البقرة واستمر فيها ثلاثة أو أربعة شهورٍ والله أعلم متى ينتهي، ولكن لو بدأت بالتدرج سورة الناس، وبعد ذلك سورة الفجر، فتبدأ حجم السورة نفسه أو عدد آياتها يتدرج في العدد، وأنا أرى أن هذا يناسب شريحةً كبيرةً من الطلاب، لكن الإنسان يكون عنده استعدادٌ كما قلت للمرونة، بأن يتقبل أي طريقةً كانت، سواءً البدء بالماضي أو بما حُفِظ من قبل، قبل الجديد، أو الجديد أولاً أو يُفعل هذه الطريقة، أو يتبع مثل هذه الطريقة، طرقٌ كثيرةٌ ومتعددة، ولا ينبغي لإنسانٍ أن يَتحجر على طريقةٍ واحدة.

الدكتور رحابي محمد:
نعم بارك الله فيك، يعني ذكرتني بالشيخ محمد طه سكر رحمه الله، كان هو ما شاء الله شيخ المقارئ في الشام، والشيخ المقدم، متقنٌ وشديد الإتقان، والضبط وشديد، كان إذا جاءه من يقرأ القرآن ليأخذ الإجازة، طبعاً هو كان يقرأ المتقدمين، المتقنين، حتى لو كان معك إجازة وإجازات، وتريد أن تبدأ معه بختمةٍ من أجل إجازة، تبدأ معه من جزء عمَ من سورة الناس، الفلق، (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)، وهكذا حتى تختم جزء عمَ كاملاً، ثم تبدأ بسورة البقرة حتى لو قدمت له عشر إجازات قرآن أمامك، يقول لك: هذا النظام، هكذا المنهجية عنده، يتقن من جزء عمَ، طبعاً وكان عنده عددٌ كبيرٌ من الطلاب، فتذهب كل يوم تقرأ سورةً صغيرةً واحدةً، في اليوم الثاني سورةً أخرى، فيأخذ معك جزء عمَ أحياناً شهور، ثم تبدأ بسورة البقرة، نسأل الله تعالى أن يبارك في علمائنا الأحياء، وأن يرحم من سبقنا إلى دار البقاء.
شيخنا الحبيب الشيخ محمود لو تتكرم أيضاً تعطينا منهجية وطريقة التحفيظ والتدريس للقرآن الكريم بوجهة نظرك.

الاستماع أولاً لقرأءة الطالب ثم استماع الطالب لقراءة معلمه
الشيخ محمود شعبان:
استكمالاً لما قاله فضيلة الشيخ عمرو، أنا أستمع أولاً إلى قراءة الطالب أو الطالبة، بحيث أرى المشاكل التي لديه، وثم بعد ذلك أنظر إلى كمية الحفظ التي حفظها من قبل، ثم بعد ذلك من خلال سماعي لقراءته أستطيع أن أنظر بأي خطةٍ يمكن أن أسير معه فيها، إن كانت المشاكل ما زالت كثيرة، فنبدأ من السور القصيرة، وخاصةً إذا كان ليس عنده علمٌ بالقراءة، وما زال في بداية الحفظ، فالأفضل والأيسر له أن يبدأ من قِصار السور، يستطيع يعني على الأقل أن يصحح صلاته بقِصار السور، ربما نرى الآن بعض الناس ربما تتقدم للإمامة، ويقرأ بسورٍ أو بآياتٍ من سورٍ كبيرةٍ أو شيءٍ من هذا القبيل، وهو لا يتقنها، فنقول له: تستطيع أن تقرأ بسورةٍ قصيرةٍ وأنت متقنها، أفضل من أنك تذهب إلى آياتٍ أو سورٍ كبيرة.
الأمر الثاني: أن تُريه قراءتك بعد ذلك، يستمع إلى قراءتك، خاصةً إذا كانت عنده مشاكل كثيرة، يستمع إلى قراءة الشيخ، ينظر إلى الشيخ، بعض المشايخ كانوا يُفضلون أيضاً في تعامل الإنسان مع الأخطاء أن ينظر إلى المرآة، من أجل أن يرى الخطأ، وخاصةً بعض الطلبة لا يستطيع أن يميز الخطأ جيداً، فيمكن أن تقول له: انظر لنفسك وأنت تقرأ هذه الكلمة، تستطيع أن ترى الخطأ واضحاً، فهذه طريقة المشايخ الأفاضل، فكونه يراك وأنت تقرأ يرى القراءة الصحيحة، ثم يقلدك بعد ذلك، سيدنا جبريل كان يقرأ على النبي صلى الله عليه وسلم القرآن

فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ
(سورة القيامة: الآية 18)


الدكتور رحابي محمد:
نعم بارك الله فيك يا شيخ محمود، الحقيقة نحن الآن في لقاءٍ على مائدة القرآن الكريم، لا يمل سماع هذا الكلام الطيب، والحديث يطول في الاستفادة من أهل الخبرة والعلم والفضل، لا يسعني في نهاية هذا اللقاء الذي أكرمنا الله به مع فضيلة الشيخ عمرو دبور، وفضيلة الشيخ محمود شعبان، إلا أن أتوجه بالشكر لله سبحانه وتعالى أن يسَّر لنا هذا اللقاء، وأتوجه بالشكر إلى فضيلة الشيخ عمرو جزاه الله خيراً، الشيخ عمرو عضو مجلس إدارة اتحاد الأئمة بأمريكا، والمشرف على التسجيلات القرآنية في قناة الفجر الفضائية، وإمام مركز السلام في كاليفورنيا، فضيلة الشيخ محمود شعبان إمام المركز الإسلامي بدايتون أوهايو، أمريكا، وأيضاً المجاز بالقراءات العشر الصغرى، جزاكم الله خيراً شكراً لكم ونفع الله بكم عباده، أكرمتمونا أكرمك الله بهذا اللقاء الطيب.

الشيخ عمرو دبور:
رضي الله عنك يا دكتور، وأكرمك الله، وشكراً على هذه الاستضافة، وسُعدنا بوجودنا مع حضرتك، ومع فضيلة الشيخ محمود شعبان.

الشيخ محمود شعبان:
بارك الله فيكم دكتور، وجزاكم الله خيرا،ً وسُعدنا بلقاء أستاذنا وشيخنا فضيلة الشيخ عمرو، جزاكم الله خيراً.

الدكتور رحابي محمد:
إلى لقاء آخر على مائدة القرآن الكريم إن شاء الله، تحيةً طيبةً لكم جميعاً، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.