استراتيجيات حفظ القرآن في ضوء علم النفس والتشريح مع الأستاذة أمل العظمة
- 2022-03-02
استراتيجيات حفظ القرآن في ضوء علم النفس والتشريح مع الأستاذة أمل العظمة
مقدمة:
الأستاذة أمل العظمة:
![]() |
إخوتي وأخواتي السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛ الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين وبعد؛ فهذا جهدي المُقِل وما أعانني الله عليه، اللهم لا تؤاخذني فيما لا أملك وما كان من صوابٍ فمن فضل الله عليّ وما صدر من خطأ فمن نفسي، وما أُبرئ نفسي من تقصيرٍ أو ضعفٍ والكمال لله رب العالمين، وإني أُقدِّم هذه الرسالة راجيةً الثواب وأن تكون لي ذُخراً في حياتي وبعد مماتي وأرجو أن ينتفع بها من يقرأها وأُلقي بدلوي بين الدلاء فكثيرٌ ممن تفضل الله عليه فكتب واجتهد ليُقدّم لمن يُرشح نفسه لحمل القرآن وحِفظه، لكنني أردت أن أُقدّم بحثاً لعل فيه النفع ليستعين الطالب بمعطيات العِلم وأخص عِلم النفس وعِلم تشريح الدماغ فيتبين لحافظ القرآن المجالات التي تفيده أثناء اجتهاده في فترة الحفظ أو بعده، حين يصبح حافظاً ليُعلّم مَنْ وراءه الأساليب الناجحة والنافعة حين يصبح مُعلّماً. |
والسؤال المهم الذي يطرح نفسه في هذه الرسالة؛ ما هو الشيء الجديد الذي قدّمتهُ هذه الرسالة؟ وأجيب عن هذا السؤال بما يلي: كان كثيرٌ من المُعلّمين المُقرئين لا يُقدّم لطالبه طرائق الحفظ بل يَدع الطالب يحفظ كيف شاء باجتهاده الشخصي أو بالاستعانة بغيره أو بأية وسيلةٍ كانت، لكن وسائل التربية الحديثة وما اتكأت عليه من فوائد عِلم النفس قدّمت للطالب كثيراً من الوسائل والتنشيطات والمؤثرات ما يُعينه فتبين له متى يحفظ، وكيف يحفظ، والطرق المُثلى للحفظ، لذلك صدّرت الرسالة بعنوان استراتيجيات حفظ القرآن، ومعلومٌ أنَّ مفهوم الاستراتيجية حسب ما هو مفهوم هو المخطط أو البرنامج الذي يوضع لرفع مستوى اقتصاد الدولة مثلاً، أو في الدائرة الأوسع الوسائل الناجحة لرفع المستوى العلمي أو الاقتصادي أو الفني أو المُستقبلي للأمة أو المجتمع أو الجيل. |
لمحة عن أقسام البحث:
![]() |
استراتيجيات حفظ القرآن الكريم:
ثم أتبعت هذه المراحل بمبحث استراتيجيات حفظ القرآن الكريم وتشمل: |
أولاً: النية والإخلاص فيها. |
ثانياً: تاءات الحفظ السبع وهي: التهيئة، التسخين، التركيز، التكرار، التذّكر، التتابع البصري والتدريب. |
ثالثاً: العزيمة الصادقة. |
رابعاً: تعظيم كتاب الله تعالى. |
خامساً: حفظ القرآن يجعل صاحبه عبقرياً. |
سادساً: استثمار الوقت من أسباب التميُز. |
سابعاً: العمل بالقرآن هدف الإسلام. |
ثامناً: حامل القرآن يُنزّه نفسه ما أمكنه عن الذنوب. |
تاسعاً: تقوية الذاكرة. |
ثم أتيت بمبحث ثلاثية أو جزئيات العقل ويشمل: النسيان ومراحل تكوين الذاكرة وأسباب تقوية الذاكرة. |
ثم ذكرت مبحث الحصون أو الطرق الخمسة في حفظ القرآن ويشمل: أولاً القراءة المُستمرة، ثانياً التحضير، ثالثاً مراجعة البعيد القادم، رابعاً مراجعة القريب السابق، خامساً الحفظ الجديد. |
ثم عقبّت تلك الأبحاث بخاتمةٍ وضعت فيها برنامجاً مقترحاً يومياً ثم مبحثاً قدّمت فيه توصيةً هامة لحافظ القرآن. |
أرجو من الله تعالى القبول والنفع وأن يُكتب في صحائفي وصحائف والديّ وأساتذتي ومن له حقٌ عليّ في دراستي هذه أو ما قبلها. |
القرآن والإيمان:
نبدأ مبحث القرآن والإيمان، حفظ القرآن الكريم، الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، ستناول في هذا البحث استراتيجيات حفظ القرآن الكريم وكيف نحفظه باستخدام علوم التفوق والتطوير الذاتي وفنون وعلوم الطب التكامُلي. |
![]() |
{ ليس الإيمانُ بالتَّمَنِّي ولا بالتحلِّي، ولكن هو ما وقر في القلبِ، وصدقَهُ العملُ }
[الألباني في الضعيف الجامع]
وأفضل العمل هو الاجتهاد في حفظ كتاب الله الكريم وفهمه ثم الاجتهاد لأرسّخه في قلبي وذهني، وكأني إذا أردت أن أترجم كلمة الإيمان أجدني أمام خمسة أحرف كل حرفٍ يوحي إلى مفهومٍ ومعنى، فالهمزة توحي إليَّ معنى أريد، والياء توحي إليَّ معنى يخصني، والميم توحي إليَّ معنى مُحدد، وتسوقني هذه الكلمة لعدة أسئلة لماذا؟ أين؟ متى؟ كيف؟ ومع من أحفظ؟ والألف توحي إليَّ معنى أداة قياس، أي كيف يكون مستوى حفظي؟ هل هو حفظٌ متينٌ سليم؟ وما قوته وما مقياسه؟ والنون توحي إليَّ معنى النتائج فإذا أردت أمراً يتوجب عليَّ أن أحذف كل كلمةٍ تتعلق بالتمني، وأن أبتعد عن كل كلمةٍ أرغب أو أود أو يا ليتني، والإرادة لا تتحقق إلا بالعزيمة ولا يُلهَم الإنسان قراءة القرآن وحفظه إلا بتوفيقٍ من الله وفضله وبإذن الله ومعونته، لأن القرآن كتاب الله وأهل القرآن هم أهل الله وخاصته، والله يجتبي لكلامه من يشاء من عباده وأشار لذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: |
{ إنَّ للَّهِ أهل ينَ منَ النَّاس قالوا: يا رسولَ اللَّهِ، مَن هُم ؟ قالَ: هُم أهل القرآنِ، أهل اللَّهِ وخاصَّتُهُ }
[رواه ابن ماجه]
![]() |
{ كانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، ذَاتَ يَومٍ جَالِسًا وفي يَدِهِ عُودٌ يَنْكُتُ به، فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقالَ: ما مِنكُم مِن نَفْسٍ إلَّا وَقَدْ عُلِمَ مَنْزِلُهَا مِنَ الجَنَّةِ وَالنَّارِ قالوا: يا رَسُولَ اللهِ، فَلِمَ نَعْمَلُ؟ أَفلا نَتَّكِلُ؟ قالَ: لَا، اعْمَلُوا، فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِما خُلِقَ له ثُمَّ قَرَأَ: {فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى، وَصَدَّقَ بالحُسْنَى}، إلى قَوْلِهِ {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} [الليل: 5 – 10] }
[صحيح مسلم]
أما من كان من أهل السعادة فسيصير لعمل أهل السعادة، ومن كان من أهل الشقاء فسيصير لعمل أهل الشقاء. |
كما تتفاوت الأذواق والمشارب كذلك يتفاوت الناس في الغنى والفقر ويتفاوتون في الطاقات والإمكانيات، كذلك هناك تفاوتٌ في سعة القُدرة فمن الناس من يملك القدرة على حفظ كميةٍ واسعة من المحفوظات من القرآن أو من غيره ومنهم من لا يمتلك القدرة على الحفظ وقد سهل الله لغيره أن يحفظ، فالمواهب تختلف كذلك الاستيعاب والقدرة عليه وذكر القرآن هذا بقوله: |
وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118)[ سورة هود ]
لكن الوصول إلى الله تعالى يحتاج إلى سعيٍ وتقرّبٍ وبذل الجهد وخاصةٍ في أعلى الأعمال في حفظ القرآن ومدارسته ونجد تأكيد هذا في الحديث القدسي: |
{ لا يزالُ عبدي يتقَرَّبُ إليَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أُحبَّهُ، فإذا أحببتُهُ كنتُ سمعَهُ الذي يسمَعُ بهِ، وبصره الذي يُبصِرُ بهِ }
[المحدث ابن تيمية]
ولا بُدَّ أن نُذكِّر بأمرٍ له أهميته في موضوع التفاوت فهناك من يؤتيه الله القدرة على حفظ صحيفة القرآن بربع ساعة، وهناك من يحفظها بنصف ساعة، فلا بدَّ للثاني أن يجتهد ويسعى ويُكرر ليتأتى له ما حصّله غيره، أي يجب أن يبذل من الوقت أكثر من غيره وربنا يُكرمه حسب جهده واجتهاده، وفي التكرار يتضاعف الثواب وأكدَّ ذلك النبي الكريم في حديثه: |
{ مَن قَرأ حَرفًا مِن كِتابِ اللهِ فله حَسَنةٌ، والحَسَنةُ بعَشَرةِ أمثالِها، لا أقولُ {الم} حَرفٌ، ألِفٌ حَرفٌ، ولامٌ حَرفٌ، وميمٌ حَرفٌ }
[رواه الترمذي]
فالمُجاهد في سبيل تحصيل العِلم يرفعه الله تعالى درجاتٍ وعِلم القرآن أعلى درجات العِلم. |
البرامج العقلية:
ثم انتقلت إلى مبحث البرامج العقلية، وضع عُلماء النفس العديد من البرامج العقلية لتطوير النفس البشرية، وتتعدد هذه البرامج حسب النماذج البشرية، أوصلها بعضهم إلى مئة وعشرين برنامجاً عقلياً، فيجب أن لا يُقارن أحدنا نفسه بغيره من الناس يقول لنفسه فلانٌ أحفظ مني، وفلانٌ أعلم مني وفلانٌ أسرع مني ما يجعله يتوانى عن تحصيل العِلم ولا يثبِّطه ما يقوله الناس عنه، فمن أراد العِلم لا يعبئ بكلام الناس ولا يتأثر بنظراتهم بل تسوقه أهدافه وإن سبقه غيره في مجال العِلم إلى المسارعة والاجتهاد، فقد يكون أقل قدرةً على الاستيعاب أو أبطأ فهماً لبعض العلوم أو أضعف ذاكرةً لكن إرادته لتحقيق أهدافه تسوقه إلى أن يسعى جاهداً للوصول إلى هدفه المنشود، وأن ينظر إلى نفسه بشكلٍ إيجابي. |
![]() |
خصائص التفكير:
سأنتقل إلى مبحث خصائص التفكير نخلُص من خلال البحث السابق إلى نتائجٍ هي خصائص التفكير فهناك تفكيرٌ يميني وهناك تفكيرٌ يساري، ولكل تفكيرٍ أصحابه وهناك اختلافٌ كبير بين الناس وقد يكون الاختلاف بيني وبين أخي وهو أقرب الناس إليّ، فأصحاب التفكير اليساري غالباً يتمتعون بما يسمى بالذكاء المنطقي أو الذكاء اللغوي، فلديهم قدرةٌ هائلة على التذكر للأرقام أو الأشخاص أو التواريخ، هم مُنظمون في حياتهم في وقتهم يكثر اهتمامهم بموضوع التاريخ ينظرون إلى الماضي والحاضر أكثر من المستقبل، ولديهم قوانين صارمة في حياتهم، يحبون القواعد والالتزام الأُسري وما شابه، أما أصحاب التفكير اليميني فيتمتعون غالباً بتفكيرٍ عاطفيٍ مشاعري يهتمون بالأشخاص لا بالأعمال، لا يحبون التقيد بالقواعد أو القوانين، لا يحبون الخروج لديهم تطلعات ورؤيةٌ مستقبلية ولديهم خيالٌ خصب، يحاولون فهم الأشياء بعمق وأن يغوصوا فيما وراء الحدث، وذكائهم له علاقةٌ بالصور والتصور، نخلُص إلى القول سبحان من خلق فأبدع، فقد آتى هؤلاء ما لم يؤته لأولئك، ولا نستطيع القول إن أصحاب التفكير اليساري أفضل من أصحاب التفكير اليميني أو العكس، بل لا بُدَّ للإنسان أن يسعى إلى التكامل ومن كان من أحد هذين التفكيرين يمكنه أن يرقى إلى التفكير الثاني بالتركيز على النمط الثاني والسعي وراء أصحاب النمط الثاني، وعليه أن يُشغل نفسه بدراسة ما ينقصه ولو على حساب مُخالفتها. |
تقوية الذاكرة:
ثم انتقلت إلى تقوية الذاكرة، يقول العلماء: إن المخ يتكون مما يقارب مئة مليون خلية عصبية، وتُعد القشرة الخارجية للمخ هي المسؤولة عن التفكير والذاكرة والحركات اللاإرادية والوعي. |
![]() |
ثلاثية العقل أو جزئيات العقل:
مبحث ثلاثية العقل أو جزئيات العقل أولاً المادة الرمادية وهو الجزء المسؤول عن وسائل الإقناع والمرتبط بالتعامل مع اللغة والتفكير أو ما يمكن أن يتعلّمه الإنسان أو ما يتذكره. |
ثانياً: الذاكرة عند الثدييات، وهو الجزء الموجود أعلى قاعدة المخ في منتصف حيز الجمجمة وهو الجزء الذي يتحكم بالعواطف وسعادة الإنسان أو يتحكم بالحالة المزاجية، وهناك نوعٌ ثالث وهو الذاكرة عند الزواحف وهو الجزء المسؤول عن الشعور بالقلق والتوتر وهو المُؤثر على نشاط عضلات الجسم ومشاعر الخوف حيث ينتج هرمون الأدرينالين. |
![]() |
يعود النسيان عند الإنسان أو الحافظ إلى أسبابٍ علميةٍ منها: |
أولاً: قد يرجع النسيان إلى المرور السريع على المادة العلمية. |
ثانياً: قد يكون نتيجة وجود المعلومات المتشابهة. |
ثالثاً: قد يكون لوجود حالةٍ من الإجهاد المستمر أو القلق لدى الطالب. |
رابعاً: قد يكون لوجود شيءٍ من عوامل الإحباط؛ كأن يسمع الإنسان من يقول له مهما ذاكرت فلن تحفظ، أو يُحبِط نفسه فيقول لقد ذاكرت وتعبت فلم أحفظ . |
خامساً: قد يعود النسيان للأسلوب الخاطئ في المذاكرة . |
مراحل تكون الذاكرة:
ننتقل إلى مبحث مراحل تكون الذاكرة. |
أولاً: مرحلة الانتباه، حيث يتّنبه ذهن الإنسان للمعلومة القادمة من أحد حواسه أثناء تكوين ذكرياته سواءٌ كانت من السمع أو البصر أو من غيرها من الحواس. |
ثانياً: مرحلة الترابط الذهني، حيث تبدأ عمليات ربط المعلومة بغيرها مما يتواجد في الذاكرة. |
ثالثاً: مرحلة التصور، وهي مرحلة استحضار التصور الذهني المناسب لهذه المعلومة بربطها بغيرها. |
رابعاً: مرحلة المُمارسة، وهي مرحلة دراسة المعلومة فيقوم الدماغ بإجراء تثبيتٍ للمعلومة وإعادتها لتأخذ دورها في الذاكرة، فعند ملاحظة أحد الأشياء لأول مرة يتم تسجيها في الإدراك الحسي سواء كان شيئاً مرئياً أم صوتياً أم ملموساً، ويبقى للحظةٍ قصيرة بعد انتهاء المؤثر، حيث يبقى مُخبّئاً في الذاكرة لفترة محدودة ما لم يداوم على تكراراها أو يُستبدل بمادةٍ أُخرى. |
أسباب تقوية الذاكرة:
![]() |
ثانياً: أن يحرص على المذاكرة في أماكن هادئة. |
ثالثاً: أن يأخذ قسطاً كافياً من النوم. |
رابعاً: أن يؤكد على التواصل العلمي وتبادل الخبرات مع غيره من أهل العِلم والحفظ، يُسهم في تقوية ذاكرته حين يتجاذب المواد العلمية وهو من الأمور الهامة التي تساهم في جمع المحفوظات والمعلومات، وتكوِّن تلك المناقشات له رصيداً من المحفوظات. |
خامساً: أن يعتمد الحافظ على المذاكرة الصباحية. |
سادساً: أن يؤكد على عدم الحفظ من أكثر من موضع ليكون ذهن الحافظ مرتبطاً بأمرٍ واحد. |
سابعاً: أن يبتعد ما أمكنه عن العادات السيئة كالتدخين فلها آثارها الضارة على ذاكرته وتركيزه. |
وهناك أسباب علمية عملية لتقوية الذاكرة: |
أولاً: التكرار، ويسمى التعليم الضاغط حيث يُكرر الحافظ المعلومة أو الآية التي يريد حفظها ثلاث مرات يؤكد إحداها بإطالتها. |
ثانياً: ربط المعلومات أو المحفوظات، حيث يربط الآية التي يريد حفظها بما قبلها وبما بعدها ليسهل عليه تذكرها. |
ثالثاً:الاستماع الإيجابي، ويكون ذلك بمناقشة المعلومات أو المعاني أو الموضوعات المُهمّة مع غيره من الأصدقاء أو الحُفّاظ، حيث يستمع لغيره أو يستمع غيره إليه. |
رابعاً: كتابة المحفوظات، وهو مما يساعد على الحفظ والتذكر. |
خامساً: التعايش مع المعلومة والتمتع بها. |
الحصون الخمسة في حفظ القرآن الكريم:
![]() |
الحصن الأول: القراءة المستمرة. |
الحصن الثاني: التحضير، وهو أنواع؛ التحضير الأسبوعي وهو أن يقرأ من يريد الحفظ ما هو مخصص للحفظ للأسبوع التالي بعد حفظه لمحفوظاته اليومية، أي يحضّر محفوظاته القادمة قبل أسبوع من حفظها ليربط محفوظات هذا الأسبوع بمحفوظات الأسبوع التالي. |
ثانياً التحضير الليلي، حيث يقرأ من يريد الحفظ الصفحة المطلوبة في الليلة التي تسبق يوم حفظها، فيكررها لمدة خمسة عشر دقيقة قبل النوم بطريقة الترتيل ويؤكدها بسماعها من أحد القراء مع تكراراها. |
ثالثاً التحضير القَبلي، حيث يقرأ من يُريد الحفظ الصفحة قبل الحفظ الجديد استعداداً للحفظ الجديد، وليربط معاني الآيات بعضها ببعض ويكُرر ما يريد حفظه مراتٍ لمدة دقائق قليلة. |
الحصن الثالث: مراجعة البعيد السابق، يتمثل بقراءة مراجعة الصفحات السابقة الملاصقة للحفظ الجديد، حيث يكتمل للحافظ قراءة جزأين بين القديم والجديد فإن الصفحات الجديدة يسهل حفظها على الحافظ لأنها سبقت له قراءتها. |
الحصن الرابع: مراجعة القريب، تتمثل بقراءة الصفحة القادمة الملاصقة للحفظ للجديد، وهذا تطبيق لما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال: |
{ تَعاهَدُوا القُرْآنَ، فَوالذي نَفْسِي بيَدِهِ لَهو أشَدُّ تَفَصِّيًا مِنَ الإبِلِ في عُقُلِها }
[صحيح البخاري]
الحصن الخامس: الحفظ الجديد، يوصي المؤلف بأن يحفظ أحدنا ما أمكنه ولو بقراءةٍ وحفظ صحيفةٍ واحدة مع تطبيق ما سبق من طرق الحفظ السابقة. |
أردت أن أؤكد على هذه الأذكار لأنها تُظهر معنى العبودية للمسلم إذا داوم المسلم على أذكار الصباح والمساء لأن جهاد الحافظ أثناء حفظ كتاب الله هو أعلى درجات العبودية، وذكر الله بكلمة التوحيد مع التكرار يُحفّز فيه هذه العبودية وذلك التوحيد. |
يستديم المسلم والحافظ بالأخص على الأذكار الصباحية إلى قبيل طلوع الشمس ليحقق ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم: |
{ مَن صلى الفجرَ في جماعةٍ، ثم قَعَد يَذْكُرُ اللهَ حتى تَطْلُعَ الشمسُ، ثم صلى ركعتينِ، كانت له كأجرِ حَجَّةٍ وعُمْرَةٍ تامَّةٍ، تامَّةٍ، تامَّةٍ }
[رواه الترمذي]
يبدأ الحافظ برنامجه اليومي في الحفظ فيراجع ما حفظه بالأمس، ثم يأخذ ما يريده حفظه في هذا اليوم لقراءته مرةً أو مرتين أو ثلاث مرات، ويُستحسن أن يكتب قسطه اليومي ليؤكده فيكون قد اعمل جوارحه الثلاث، وهذا من أهم استراتيجيات الحفظ حيث ينقل الحفظ من الذاكرة قصيرة المدى إلى الذاكرة طويلة المدى، فيستعين بالكتابة على تثبيت الصورة في الذهن، ثم يسترجع ما حفظه بمراجعته في ذهنه دون النظر إلى المصحف، فيكرر الآية مرةً أو مرتين أو ثلاث ثم يعيد ما حفظه فيعيده بصوتٍ عالي ليستخدم حاسة السمع إضافة إلى حاسة البصر، يستديم الحافظ على المراجعة والتمكين حتى يعلم أنه قد حفظ هذه الصفحة مثلاً ويتابع اجتهاده حتى يتمكن من الآيات التي خصصها لهذه الفترة، ولا بدَّ من فترة استراحة لتترسخ تلك المحفوظات وتثبت في الذاكرة، ويُشغل نفسه في فترة الراحة بما يغذي روحه بالاستغفار وشيءٍ من ذكر الله، وبما يغذي جسمه بأن يتناول من الطعام ما يغذي دماغه بشيءٍ من المُكسرات كالجوز اللوز التين المجفف والزبيب، ويتفاوت الناس في الحفظ حسب تفرغهم منهم من لا يشغله شاغل من أمور الدنيا ومنهم من هو مرتبطٌ ببعض الأعمال الدنيوية ويفرّغ من وقته ساعات للحفظ ومدارسة القرآن، وهنيئاً لمن هيئه الله للقرآن حفظاً ودراسة فلا يشغله عن القرآن شاغل حتى يصبح من الحفظة الذين تفرغوا للقرآن تعليماً وتحّفيظاً ومنزلته عند الله تعالى أنه أقامه في أشرف رتبةٍ وكما قيل: "إذا أردت أن تعرف مقامك عند الله فانظر فيما أقامك". |
نصائح لحافظ القرآن الكريم:
هناك بعض النصائح التي جاء فيها الدكتور يحيى الغوثاني بخطوات لا بُدّ أن يتبعها الحافظ أثناء حفظه كتاب الله. |
![]() |
الخطوة الثانية: أن يجلس ورأسه مرفوعاً إلى الأعلى كأنه متجهٌ للسماء لتكون فقرات الرقبة مشدودة وهذا يسمح للأكسجين أن يدخل بشكلٍ أفضل لمخ الإنسان. |
الخطوة الثالثة: أن يرفع المصحف إلى محاذاة عينيه جهة اليسار ليبقى ظهره معتدلاً وهذا يزيد من تدفق الناقلات العصبية إلى الدماغ، ويعمل هذا على سرعة الحفظ وتثبيته، كما يساعد على توسّع الرئة وتحسين التنفس مما يزيد من قدرة الحفظ ويعطي القارئ شيئاً من ثقته بنفسه وشخصيته، ويُنصح أن يتجه بعينيه إلى جهة اليسار ليُنشّط الجهة اليسرى من المخ المسؤولة عن التذكّر والنغمات والتفاصيل. |
الخطوة الرابعة: أن يبدأ بقراءة الآية قراءةً بصريةً سريعة لمدة ثوانٍ ثم يركز عينيه على المقطع ويقرأها قراءةً سريعة عدة مرات لتنطبع صورتها في الذهن. |
الخطوة الخامسة: أن يأخذ نفساً عميقاً أثناء القراءة البصرية السريعة ويُركّز أن تُرسم كلمات الآية في الذاكرة. |
الخطوة السادسة: ثم يقرأ الآية بصوتٍ مرتفع أثناء الزفير وهو حين يأخذ هواء الشهيق يدخل كميةً كبيرةً من الأوكسجين إلى المخ يساعده لتلقي المعلومة، وحين يقرأها بصوت مرتفع أثناء الزفير يجد أنَّ الآية قد حُفظت وثبتت في دائرة الذاكرة. |
الخطوة السابعة: أن يُبعد المصحف عن مدى الرؤية ثم يُكرر الآية ثلاث مرات فيجد نفسه قد حفظها، ثم يُكررها بصوتٍ عالٍ مراعياً أحكام التجويد، ويعيد الكرّة مع الآية التالية وما بعدها ويربطها مع بعضها بتكرار الآيات فيحفظها بإذن الله ومعونته، قال تعالى في هذا السياق: |
وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ (22)[ سورة القمر]
اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا ونور أبصارنا وذهاب همّنا وغمّنا واجعله حجةً لنا ولا تجعله حجةً علينا، اللهم يسِّر لنا حفظ كتابك الكريم واجعلنا من أهله يا رب العالمين. |
قدمت بحثي أرجو أن ينال القبول والنفع، وأرجو أن أكون قد قدّمته بشكل شامل ومتكامل ومختصر، أشكركم وأشكر متابعتكم دكتورنا الفاضل وإخوتي وأخواتي، وأشكر الأكاديمية الأمريكية للعلوم الإنسانية والعاملين عليها، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. |