الكتاتيب القرآنية والمدارس العتيقة بسوس ماسة بالمغرب الأستاذة حسناء شُكري

  • 2022-03-30

الكتاتيب القرآنية والمدارس العتيقة بسوس ماسة بالمغرب الأستاذة حسناء شُكري


مقدمة:
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وصلى الله وسلم وبارك على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، مرحباً بكم أيها الإخوة والأخوات الكرام في هذا اللقاء القرآني المُبارك المُتميز مع أختٍ فاضلة مُتميزة، الأخت الفاضلة الأستاذة حسناء شُكري طالبة ماجستير الأداء القرآني، وعنوان لقائنا اليوم الكتاتيب القرآنية والمدارس العتيقة بسوس ماسة بالمغرب، كيف كان تأسيس وتاريخ هذه المدارس العتيقة وما هو دورها الكبير في المجتمع؟ وماذا عن واقع المدارس العتيقة بين الماضي والحاضر؟ ما هي الإيجابيات والسلبيات وسُبل التطوير؟ ما هو الدور التربوي للمشايخ؟ وما هي الوسائل التعليمية التي كانت تُستخدم؟ وغير ذلك من الأسئلة والمحاور الهامّة التي سوف نأتي عليها خلال هذا اللقاء المُبارك مع الأخت الفاضلة حسناء، كيف حالكم أستاذة حسناء؟

الأستاذة حسناء شُكري:
الحمد لله بارك الله بكم شيخنا الكريم، وجزاكم الله عنا خيراً على دعمكم لنا وعلى إشرافكم على هذه المادة البحثية التي أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل لنا فيها القَبول، ويَنفع بها كل من يَسمعنا وكل من يقرؤها إن شاء الله.

الدكتور رحابي محمد:
آمين بارك الله بكم، الحقيقة هي مادة بحثية قُدِّمت استكمالاً لبرنامج ماجستير الأداء القرآني، هذه المادة التي قدمتها الأخت الطالبة حسناء؛ كانت مُتميزةً في طرحها وعرضها للموضوع، المادة سليمة في لغتها وفَصاحتها وتبويبها وعناصرها، ونالَّت بذلك درجة ممتاز في تقديمها لهذه المادة، نسأل الله تعالى أن يوفقك وأن يَزيدك توفيقاً ونجاحاً أخت حسناء، اليوم نحن على الهواء في بث مباشر للمُتابعين والمُهتمين بالقرآن الكريم وبدُور التحفيظ .
ماذا تحدّثينا بدايةً عن تاريخ تأسيس المدارس العتيقة ودورها؟

تأسيس المدارس العتيقة ودورها:
الأستاذة حسناء شُكري:
نعم جزاكم الله شيخنا؛ أصلاً لاختياري لعنوان الكتاتيب القرآنية والمدارس العتيقة بسوس ماسة لم يكن عشوائياً، أحببت أن أُسلِّط فيه الضوء على هذه المدارس وخاصةً على المنطقة التي أنتمي إليها وهي جنوب المغرب، فبعض البوادي النائية داجية الآفاق في انتظار الباحثين ومن الواجب علينا إحياؤها، ركزّتُ فيما يخص التاريخ على أنَّ المدارس العتيقة بالمغرب بدأت منذ القِدَم، يعني منذ الفتوحات الإسلامية، ظهر صيتها في عهد المُرابطين حيث أن مدرسة أغلو هي أول مدرسةٍ عتيقة أُسست في بادية مغربية وقد تخرج منها عبد الله بن ياسين وهو أحد مؤسسي الدولة المُرابطية، وازداد عددها في عهد الموحدين بقيادة يعقوب المنصور وكَثر الفقهاء آنذاك والعلماء في تخصصاتٍ عدة رفعتهم إلى مصافي رجال والفكر والعلم الإسلامي.
ذكرتُ كذلك عند حديثي عن التاريخ على تأثير المُستعمر الفرنسي على هذه المدارس العتيقة، كانت هذه المؤسسات القرآنية تسعى إلى تكوين أُناسٍ أَكفاء، فكان المستعمر الفرنسي يسعى لتدمير خريجي هذه المدارس بشتى الطرق، حتى أنه قد كوَّن رجالاً يجولون في المدارس العتيقة قصد الفتك بعلمائها لِما كانت لها من أهمية، كما وقع للعلّامة سيدي الحاج الحبيب والذي سَقاه المُستعمر سُمّاً زُعافاً أرداه ميتاً، فالأمر إذاً يتعلق بمنع المعونات، بتأسيس مدارس أُخرى نظامية تسعى إلى تدمير اللغة العربية وتعويضها باللغة الفرنسية مثلاً، تسعى إلى أهداف استعمارية تقضي على الثقافة الدينيَّة وتعويضها بثقافة أوربية مَحضة، فتضررت آنذاك المدارس العتيقة كثيراً وأصبحت مُقّيدة بقوانين إستعمارية، التعليم الذي كان سائداً آنذاك في المدارس التي أسسها المستعمر، كان تعليم مُسيَّر مُمنهج ليس بتعليمٍ حُرِّ يعني غير خاضع لفلسفة المستعمر، فتضررت كثيراً المدارس آنذاك إلى أن تدخل أصحاب القرارات واتُخذَت قراراتٌ صارمة لإعادة المجد لهذه المؤسسات القرآنية، ونذكر منها لو سمحتم قرار ملكي للملك الحسن الثاني آنذاك والذي أجبر بقرارٍ ملكي جميع الأُسر المغربية كيفما كانت حالتها الاجتماعية وحالتها المادية على تسجيل أبنائهم في المدارس القرآنية على الأقل سنتين، منذ خمس سنوات إلى سبع سنوات ولا يحق لأي طفلٍ أن يلتحق بأي مدرسةٍ عموميةٍ إلا وقد أدلى بشهادة تؤكد التحاقه بالمدرسة القرآنية لمدة سنتين.
وتواصلت الجهود بعد ذلك لإعادة الهيبة للمؤسسات القرآنية، والحمد لله كان هناك دعم مادي ودعم معنوي لهذه المدارس العتيقة حتى تطورت الحمد لله ووصلت إلى ما هي عليه.

الدكتور رحابي محمد:
حتى وصلت إلى ما هي عليه بارك الله بكم؛ ما هو الواقع الذي عليه الآن المدارس والكتاتيب القرآنية؟ أو دعينا نسأل بطريقة أُخرى، ما الفروقات بين واقع الكتاتيب القرآنية في هذه الأيام وبين الماضي؟ ما هي الفروق؟ ما هي التحديثات التي حصلت مع تطور الزمن، مع تطور الأمور ربما التكنولوجيا أو حتى طريقة التفكير والتعاطي مع التدريس والتعليم القرآني؟

المدارس العتيقة بين الماضي والحاضر:
الأستاذة حسناء شُكري:
نعم، يعني المدارس العتيقة قديماً قبل تأثير المستعمر عليها كانت في أَوجها، كانت تُعطي وكانت تكوِّن أُناساً فقهاء مُقرئين أُدباء يعني كانت في أَوجها، بعد الاستعمار تضررت قليلاً ثم بعد ذلك وتدخُّل أصحاب القرارات جعلها مؤسسات تُعطي وتصل إلى آفاق كبيرة، الجميل فيها حالياً في وقتنا الحالي لو أردنا أن نتحدث على حالها نقول أنها كذلك مازالت تعطي، مازال المشايخ يُعطون ويُعلِّمون، ووقتهم وعِلمهم يُشاركونه مع من يُعلّمون بطريقةٍ جميلة جداً، والأجمل هو الوسائل التعليمية التي كانوا يستعملونها إلى غاية الآن، لم تتغير الوسائل التعليمة وأعطت سبحان الله ثماراً جميلة، كان المُلاحظ أنَّ المُستعمل فيها هو اللوح الخشبي، كان اللوح الخشبي من الأدوات البسيطة الأساسية يصحب الطالب من بداية تعلّمه إلى أن يَختم كتاب الله حفظاً ورَسماً وضبطاً، فسبحان الله كانت تنشأ علاقة جميلة بين اللوح وبين الطالب فيحفظ عليه يُراجع عليه يَتكئ عليه، حتى أنه سبحان الله يُغطي به وجهه أحياناً ليختلس لحظاتٍ يُكلّم فيها أقرانه دون أن يراه الشيخ، كذلك إن أردنا أن نقارن بين الماضي والحاضر فالجميل أن نذكر الدور التربوي للشيخ الذي كان وما زال في المدرسة العتيقة، يعني لا يخفى على أحدٍ منا تلك النظرة التي كانت عندنا دائماً في الصغر عن الشيخ ذلك الإنسان الذي عنده نظرات حادة، سُلطوي، عصبي، مُؤدِّب لكن لمَّا كبرنا الحمد لله زاد حبنا لمشايخنا تغيرت نظراتنا تجاههم أصبحت مكانتهم في قلوبنا كبيرة جداً ندعو لهم بالخير ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يُبارك لهم في عِلمِهم وفي عملهم.
هنا تحدثنا عن الماضي والحاضر يمكن أن نتحدث كذلك على تباين الآراء حول درجات العقاب التي كان يلجأ لها بعض المشايخ قديماً وحالياً، كان حتى من الآباء ومن أولياء الأمور سبحان الله من كان يُؤيد الشيخ ويحثّه على تأديب ابنه حتى يتعلّم كتاب الله وحتى يحب الكُتّاب وحتى يذهب إلى المدرسة العتيقة فكانوا متفقين مع قول الشاعر:
لا تَأسفنَّ على الصِبيان إنْ ضُرِبُوا فالضَربُ يَبرأ ويَبقى العِلمُ والأدبُ فالضَربُ يَنفعهم والعِلمُ يَرفَعُهم لَولا الإخَافَةَ ما خَطوا ولا كَتَبُوا
{ منقول }
في حين كان هناك فريق آخر يحنُّ كثيراً على أبنائهم فكانوا يرفضون تماماً إلحاق الأذى بفلذات أكبادهم وكانوا يخاطبون الشيوخ قائلين:
كل ذنبٍ كان فيما بينناِ قد غفرناه سوى ضرب الولد فإذا ما شئت أن تُرضينا فارحم الولدان يا شيخ البلد
{ الجشتميي }
وهناك من حرَّم ضرب الأطفال فقال:
أيّا مُعلِّم كتاب الله فاسمع نصيحة لوجه الله لا تشتمنَّ ولداً إذ حكمه التحريم عند العلماء
{ منقول }
سبحان الله كان هناك من يُشجع ومن يرفض، إلا أنه في وقتنا الحالي ولله الحمد المشايخ أكرمهم الله صبرهم زاد مع الطلبة ومع الصغار خاصةً فيحِنّون يُربّون يُعلِّمون فلم يكن هدفهم هو تعليم كتاب الله فقط وإنما كانوا يُربّون ويُساعدون الآباء في تربية أبنائهم وهذا شيءٌ جميلٌ جداً نقدِّره في مشايخنا الكرام وندعو لهم بالخير.

الدكتور رحابي محمد:
الله يبارك بكم؛ نعم جزاهم الله عنا كل خير، الحقيقة قضية التأديب والتربية والتعليم بمهارات معينة لعلك تتفقين معي أختي الأستاذة حسناء أنَّ هناك مهارات تربوية خاصة مهارات تعليمية، يعني تعليم القرآن الكريم ليس فقط تعليم الحروف وتعليم التجويد والمخارج والأحكام وإنما هناك أيضاً طريقة في إيصال هذه المعلومات، ربما الطالب يجد حرجاً أو صعوبةً في استلام هذه المعلومات أو تطبيقها وتعلّمها فيجد المعلّم ضيقاً في صدره من هذا الطالب فيلجأ إلى تعليمه أو تأديبه بطريقةٍ ربما لا تكون مُنسجمة مع أخلاقيات التعليم دعينا نقول بمصطلح العصر، فجزاهم الله كلَّ خير، كل مشايخنا السابقين واللاحقين، ولكن أذكر مرةً وهذه ذكرتها سابقاً أنَّ أحد الأساتذة الكرام قال لي مرةً وكنت مُعلّماً في المدرسة الإسلامية في المعهد الشرعي للدعوة والإرشاد في الشام وكان المركز يتبع لسماحة مفتي سورية الشيخ أحمد كفتارو رحمه الله، فكنت أُعلِّم في هذا المركز في هذا المعهد القرآن الكريم في الصف الأول الإعدادي، الثاني الإعدادي، الثالث والأول الثانوي، كان ولده ولد هذا الأستاذ الفاضل في الصف الثامن فمرة أمسكني أمسك يدي وسلّم عليَّ وقال لي: ابني يُحبك يُقدّرك وكذا وأذكّرك بقول الله تعالى:

الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2)
[ سورة الرحمن ]

ولم يستخدم رب العالمين لفظ آخر لأسمائه وصفاته العليا يعني الجبار، أو ذو العزة والجبروت، أو المنتقم، أو القوي الكبير علّم القرآن، وإنما قال:

الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2)
[ سورة الرحمن ]

لأن تعليم القرآن يحتاج إلى رحمة ويحتاج إلى هدوء وطمأنينة وكذا..
نحن ربما الآن يُعبِرون عنها في مهارات التعليم، مهارات التعليم مَبنيّة على الرحمة مَبنيّة على تفهم شخصية الطفل والدخول إلى قلبه واستمالة قلبه حتى تنفتح أساريره ويرتاح مع مُعلمه ويقبل منه ما يريد، جزاكِ الله خيراً لهذه الإضاءات عن المشايخ وهذا كان ربما ثقافة عامة في كل البلدان، يعني ومازال عندنا مُعلِّمون يَسيرون على مذهب:

الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2)
[ سورة الرحمن ]

ومازال عندنا معلمون يسيرون على مذهب:

يَا يَحْيَىٰ خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (12)
[ سورة مريم ]

فَقَسا لِيَزدجروا ومن يَكُ حازمًا فليَقسُ أحيانًا على منْ يرحمُ
{ أبو تمام }
أحياناً هذه لا نسميها القسوة وإنما نسميها الحزم، هذه الشدة وهذا الحزم من دواعي التربية أحياناً.
أختي الفاضلة أستاذة حسناء لو نتكلم بعض الشيء: لماذا كانت رواية ورش أو قراءة نافع؟ ما هو الاختيار للمغاربة لهذه الرواية رواية ورش عن نافع في تلك البلاد؟

أسباب اختيار المغاربة لرواية ورش بن نافع:
الأستاذة حسناء شُكري:
نعم شيخنا الكريم المغاربة قبل اختيار هذه القراءة كانوا يقرؤون بقراءاتٍ أُخرى جاءت من بلاد الأندلس والشام؛ لكن أول عامل في تعرّف المغاربة على قراءة نافع هو رحلة الحج التي تُتوج عادةً بزيارة المدينة المنورة وشهود حِلق العِلم بالمسجد النبوي الشريف، ثم بدأت تُشدُّ الرحال إلى المسجد النبوي للأخذ والسماع من علمائها ومن فقهائها، فتعلَّق المغاربة بكل ما هو مدنيّ لحبهم لصاحب الدعوة عليه الصلاة والسلام، باعتبار المدينة مكان هجرته وموضع دفنه بعد مماته، وهي نفس الدار التي عرفت مدرسة الإمام مالك بن أنس وهو مذهبه والمذهب المُتَّبع بالمغرب سبحان الله هو إمام أهل المدينة في الفقه، وعرّفت كذلك المدينة مدرسة الإمام نافع وهو إمام أهل المدينة في القراءة وهو أحد القراء السبعة، فكانت الرحلة إليهما لاغتنام العِلم والأخذ عنهما دفعةً واحدة كان هذا عاملاً مُهماً في زيادة الإقبال والإهتمام على هذه القراءة، جمع المغاربة بين مذهب الإمام مالك والذي يُعتبر شيخاً للإمام نافع فقد قرأ عليه المُوطأ، وبين قراءة نافع وهو شيخ الإمام مالك في القراءة فاختاروا من قراءة نافع رواية ورش، فهي أوثقها حسب بعضهم وحسب آخرين فيعتبرون أنَّ رواية ورش تميل إلى اختيارات الإمام مالك الذي عُرِف بترك الهمز بإبداله أو بتسهيله فأصبحت قراءةً رسميةً في المدارس المغربية العتيقة وهكذا جمع المغاربة بين مذهب مالك وبين قراءة نافع.

الدكتور رحابي محمد:
نعم جميل جداً جزاك الله خيراً؛ حديثنا عن الكتاتيب القرآنية والمدارس العتيقة، طبعاً هذا ما ذكرتِه حضرتكِ في المادة البحثية باستفاضة وشرح جيد، ما هي الأدوات التعليمية التي كانت تُستعمل في تلك الكتاتيب القرآنية أو دعينا نقول المراكز القرآنية؟ وهي مراكز ليست حكومية وليست مدعومة من قبل الجهات الحكومية وتمويلها ربما يكون شعبياً ومن الناس ومن أهالي الطلبة، لكن ما هي الأدوات الرئيسية التي كان يستعملها الطالب أو تلك الكتاتيب في تعليم طلابهم القرآن الكريم؟

الأدوات التعليمية المُستعملة في الكتاتيب القرآنية:
الأستاذة حسناء شُكري:
سبحان الله شيخنا يعني الأدوات كلها كانت جد بسيطة غير مُكلِّفة كان أساسها كما قلت اللوح الخشبي، هذا اللوح سبحان الله ترتبط بينه وبين الطالب علاقة جميلة جداً لأنه يبقى معه، حتى إن حفظ كتاب الله فهو يُحافظ دائماً على لوحه في بيته بزركشات وزخرفاتٍ من شيخه، يُكتب على هذا اللوح بمادةٍ تسمى الصمغ والتي يصنعها الطالب بنفسه من صوف الغنم المحروق ويصبه في قنينة زجاجية صغيرة تسمى الدَواة ويكتب بقلمٍ من القصب يُدق رأسه ليناسب الكتابة على اللوح، وكلما أراد محو لوحه استعمل ممحاة وغسله في مكانٍ طاهر، حتى ذلك الماء الذي يُستعمل في غسل الألواح لا يُرمى في أي مكان دائماً يُرمى في مكان طاهر كذلك، ليُطليه بعد ذلك بمادةٍ أخرى تسمى الصلصال، هذه المادة تؤخذ من الآبار وهي عبارة عن مادة طينية بيضاء أو ملونة تجعل اللوح سلساً عند مرور القلم عليه، بالإضافة إلى غصنٍ صغير يسمى بالكرّاش أو يسموه الأمازيغ بأكراش وهو عودٌ غليظ ينقش عليه الطالب اسمه وينقشه كذلك بزخرفات يستعمله ليحكَّ اللوح كلما انكبَّ على الحفظ قيل أنه يساعده على التركيز، فسبحان الله هذه الأدوات البسيطة وغير المُكلّفة أدواتٌ تعليمية حُفظ فيها القرآن في صدور العديد من الطلبة والقراء، فسبحان الله العظيم! لم يكونوا يستعينون بأدوات حديثة.

الدكتور رحابي محمد:
نعم هذه الأدوات التي تتفضلين بها أعتقد كانت سبباً رئيسياً لتثبيت وترسيخ القرآن الكريم في صدور وقلوب هؤلاء الطلبة وتمكينهم من حفظ القرآن، حيث لمّا يَكتب على اللوح بيده بخط يده ويعمل على تنجير القلم وعلى صناعة الحبر وعلى تحضير الأدوات التعليمية بنفسه أو أهله يُحضرون ذلك له لمّا يبذل الجهد في الكتابة.. أمس قلت لولدي الصغير إلياس سبع سنوات اكتب سورة المطففين، قال لي: ماذا كلها؟! قلت له: ماذا تريد أن تكتب؟ قال: أكتب من واحد إلى خمسة الآية رقم واحد إلى الآية رقم خمسة، قلت له: اكتب، أصبحت الآن الأدوات التعليمة والثقافة وطرق التعليم الحديثة ربما حديثة نعم ولكن ترسيخها في القلب وتثبيتها في القلب ليست كما كانت من قبل، حتى الآن في موريتانيا وأعتقد ما زالت الكتاتيب في المغرب وأنتِ ربما تجيبين على هذا السؤال هل مازالت تلك الأدوات وذلك المنهج التعليمي هل ما زال موجوداً بالرغم من التقدّم والعصر الحديث الذي وصلنا إليه هل ما زالت موجودة تلك الأدوات ؟

الأستاذة حسناء شُكري:
نعم شيخنا مازالت موجودة خاصة في القرى في القرى المغربية، حيث لم تَصلهم تلك الأدوات حتى الإنترنت في بعض الأماكن لا يوجد فهم ما زالوا يحتفظون على نفس الوسائل التعليمية وما زالوا يستعملونها وقد أعطت نتائج جد جد جيدة، بالنسبة للمدن هناك بعض الكتاتيب التي تستعمل اللوح لأنه كانت له فعالية في ضبط رسم المصحف في الرسم وفي الضبط، لكن مؤسسات قرآنية أُخرى اعتمدت على الوسائل السمعية والبصرية وأدخلتها وواكبت العصر.

الدكتور رحابي محمد:
نعم لعلّ هذا يقودنا إلى المحور الثاني الذي ذكرتهِ حضرتك واستفضت فيه بطريقة مفصلة عن المناهج والأساليب التي كانت تُتَّبع في المراكز هذه، المناهج والأساليب التعليمية ذكرتِ حضرتك عناصر مهمة فلو تتكرمين بتفصيلها، عناصر التعليم، مناهج التعليم، أساليب التعليم المُتميزة في الكتاتيب القرآنية.

عناصر ومناهج التعليم في الكتاتيب القرآنية:
الأستاذة حسناء شُكري:
نعم سيدي الكريم قسّمت المبحث هذا إلى مجموعةٍ من العناصر، عنصر السمع والقراءة والكتابة هنا يكون التدرج في هذا العنصر من الحروف إلى الحركات إلى المُدود إلى التنوين، ثم إلى طرق كتابة الحرف في أول الكلمة في وسط الكلمة في نهاية الكلمة، ثم إلى كتابة الكلمة وكتابة الآية إلى غير ذلك.. عنصر الضبط والرسم هنا يحضُرُ اللوح ثانيةً وتُظهر حذاقة الشيخ هنا في استخراج الأخطاء وفي إظهارها للطالب، يعني هذه كانت أهم نقطة لضبط الرسم وضبط الخط العثماني على الألواح، كان لكل شيخٍ طريقته في إظهار هذا الخطأ غالباً ما يُحيطون الأخطاء بدائرةٍ واضحة بخطٍ غليظٍ جداً ثم من هذه الدائرة خط إلى أعلى اللوح حيث يتم كتابة تصحيح الكلمة ثم كتابة بعض النصوص القرآنية التي تحمل هذه الكلمة وكلمات أُخرى مثيلاتها حتى تترسخ لدى الطالب.
وهنا سأتحدث عن بعض الطرائف التي كانت تحدث في بعض القرى أو في بعض الكتاتيب القروية وكيف كان يوضّح وكيف كان المشايخ يوضّحون أو يبينون الأخطاء للطلبة حتى لا ينسوها أبداً، فقد قرأت أنَّ أحدهم في قبيلة من قبائل المغرب في منطقة حاحا، أحد الطلبة كتب" سيجزيهم وصفهم" وأضاف ألفاً بين الواو والصاد يعني كتبها (واصفهم)، فرآها الشيخ أخذ عصا طويلة جداً وضعها على كتفه وجمع جميع الطلبة وقال لهم: اتبعوني فخرجوا من الكُتَّاب إلى شاطئ البحر حيث أنَّ الكُتَّاب كان قريباً من البحر فرمى تلك العصا في البحر، وقال لهم: هذا ألف وصفهم أغرقناه في البحر ليستريح منه أهل البر، فكيف يعني سبحان الله لهؤلاء الطلبة أن يقعوا في خطئٍ مثل هذا مرةً أُخرى.
كما أذكر أني قرأت أن الشيخ الإلغي في كتابه المدرسة الأولى ذكر طرفة أُخرى من الطرائف، أن تلميذاً كتب أن قارون لكن بألف محذوفة لم يكتب ألف قارون سهواً أو خطأً وأسند لوحه إلى الحائط أو علقّه على الحائط كما يفعلون في الكُتَّاب، وكان الكُتَّاب مُسقفاً يعني سقفه كان خشباً، فذهب الطلبة لتناول وجبة الغداء ثم دخل إلى الكُتَّاب الشيخ ونظر إلى الألواح فوجد هذا اللوح وفيه هذا الخطأ فأخذ مِكنسة الكُتَّاب وصبَّ عليها صمغاً حتى اسودت كلها وبدأت تقطُّر فعلّقها قرب لوح ذلك الطالب، فخطَّ بها في الحائط خطاً عريضاً طويلاً من اللوحة إلى السقف إيذاناً بأنها ألف قارون، ولم يكتفِ بذلك بل أخذ فأساً وصعد إلى سقف الكُتَّاب فحفر هناك حفرةً أخذ منها تلك العصا فأقامها إلى السماء على الحائط مقابل ذلك الخط المرسوم على الحائط ومضى لسبيله، وبعد أذان الظهر تذكّر التلميذ صاحب اللوحة ما فعله بقارون فخرج مسرعاً إلى الكُتَّاب، لأنه كان المشايخ يُبينون الخطأ ويُؤكدون عليه، ذهب مسرعاً إلى الكُتَّاب قبل أن يراه أحد، وحين أقترب من الكُتَّاب رأى خشبةً على سطح الكُتَّاب لم يكن له بها عهدٌ من قبل فتعجب من ذلك! وبعد أن دخل ورأى ما حدث غضَّ على أنامله تحسراً وتلهفاً ولسانه الحالي يُنشد:
قد كان ما خفت أن يكونا إنا إلى الله راجعونا
{ }
يعني هذه سبحان الله من الطرق التي كانوا يُبينون بها الأخطاء، هذه الطرق أظهرت فعاليتها وهنا أُركّز على النصوص القرآنية وهي عبارة عن أبيات مُرتجلة من المشايخ مرات يكتبونها حتى باللغة الأمازيغية الهدف ليست هو القافية ولا الشِعِر الهدف هو تحديد هذا الخطأ وذكرُه في هذه الأبيات وتسهيل تذكره بالنسبة للطلبة.
أما عنصر التجويد فكان هناك تدرجٌ في الأحكام أخبرني أحد المشايخ جزاه الله خيراً وأرجو أن يكون حاضراً معنا اليوم فقد تلقى الدعوة، قال: أنَّ الأحكام يتم التركيز عليها في السلكة الثانية والسلكة الثالثة أما السلكة الأولى تكون كلبنة فقط يعني كأساس للحفظ يُركزون على الحفظ بالقواعد دون التركيز على التعريفات وعلى الشروحات وعلى الأصول بتفاصيلها وبأحكامها.
ذكرتُ كذلك عنصرين آخرين عنصر: الحفظ والمراجعة، هنا أشرت به إلى أهمية حزب الراتب معروف في المغرب يُقرأ صباحاً بعد صلاة الفجر ومساءً بعد صلاة المغرب بطريقةٍ جماعية تسمى طريقة تحزبت وجدها المغاربة مُجدّيةً لتثبيت الحفظ لدى الطلبة، هذا العنصر يُركز فيه كذلك على التدرج كغيره من العناصر كما قلت السلكة الأولى غالباً تكون لبنةً فقط.
أما عنصر التقويم؛ الجميل أن التقويم يكون دائماً تقويماً مُستمراً على طول السنة يقيّم الشيخ حفظ الطلاب ويُصحح ألواحهم باستمرار لكنه يقوّم كذلك أخلاقهم، وسلوكهم، وكلامهم معه، وكلامهم مع أقرانهم، وحتى طريقة لبسهم، وطريقة جلوسهم، يعني كان الآباء والأمهات يُحبون المشايخ كثيراً لأنهم يساعدونهم كثيراً في تربية فلذات أكبادهم، أما الامتحانات أو التقويمات الكبيرة وتسمى بامتحانات الإجازة فهي كانت عبارة عن اختبارات تتطلب تمام التحصيل، تتطلب تمام الحفظ تمام ضبط رسم كتاب الله تمام الضبط، لنيل إجازةٍ رسمية بسند الشيخ المُجيز وعليها في بعض المرات تكون شهادة العُدول، فتُفتح بعد ذلك الآفاق للطلبة ليتعلموا قراءات أُخرى وعلوم شرعية أُخرى تؤهّلهم ليكونوا في مصافِ المُتقنين والمُتميزين في بلدانهم.

الدكتور رحابي محمد:
جميل جداً؛ أستاذة حسناء هذه الرحلة القرآنية في الكتاتيب العتيقة في المدارس العتيقة في المغرب كم تستغرق من الطالب ومتى يبدأ الدخول إلى هذه المدرسة؟ يعني متى يرسل الأهل ابنهم إلى هذه المدرسة؟ وهل هي كانت خاصةً للأبناء دون البنات أم هي للأولاد والبنات؟ وكيف يكون نظام الجلسة داخل الكتاتيب؟

نظام التعليم داخل الكتاتيب القرآنية:
الأستاذة حسناء شُكري:
كانت الأُسر تُرسل الأطفال الذكور فقط لكن حالياً الآن الذكور والإناث يلتحقون بالمدارس منذ خمس سنوات وهذا هو كان السر في نجاح المغاربة وفي تفوقهم في حفظ كتاب الله هو أنهم يبدؤون حفظ كتاب الله منذ الصغر منذ خمس سنوات عوض إرساله للعب يرسلونه إلى الكُتَّاب.

الدكتور رحابي محمد:
الدوام يومياً؟ كم مرة في الأسبوع ؟ وهل هناك عطلة أسبوعية؟

الأستاذة حسناء شُكري:
نعم بالنسبة للقرى كانوا يذهبون إلى المدرسة القرآنية والكُتَّاب القرآني كل يوم، لكن في المُدن يذهبون إلى المدارس النظامية ثم يوم الأربعاء مساءً وعطلة نهاية الأسبوع يوم السبت والأحد يلتحقون بالمدارس القرآنية.
نعم كانت عندهم عطل أو ما يسمى بالعواشر وهي العطل أو الأعياد الدينيّة كانوا يأخذون عشرة أيام كعطلة وكانت عندهم عادات أُخرى في هذه الأيام لو أردتم أن نذكرها نشاركها معكم.

الدكتور رحابي محمد:
نعم أنا سعيد جداً بهذه الإضاءات على المراكز القرآنية في المغرب، أولاً وفاءً منك لمن علَّم واشتغل ومازال يُعلِّم ويشتغل وهذا حقهم علينا أن نشكرهم وندعو لهم بالخير، وبنفس الوقت أن نستفيد وأن نتعلّم وهذا كما يقال تبادل ثقافات وتبادل خبرات ممن يستمع وممن معنا من الإخوة المُعلّمين والمُعلّمات، فنستمع إلى هذه الخبرات وهذه المهارات وهذه الأدوات فنستفيد منها إن شاء الله.

الأستاذة حسناء شُكري:
نعم أكرمكم الله؛ هنا عندما نتحدث عن العواشر لا بدَّ أن نذكر أنها عبارة عن عطل يفرح بها الطلبة وبالتالي فهم يحاولون أن يجعلوا لها صيغة خاصة، كان الطلبة يحملون ألواحهم ويجولون على بيوت القرية خلال عطل الأعياد الدينيّة عشرة أيام، يجمعون من أهل قريتهم ما لذَّ وطاب، كيف؟ يطرقون الباب بنشيدٍ يسمى بيضة كانوا ينشدونه يسمى بيضة مازال يَرنُ في أُذنيّ سأشاركه معكم إن شاء الله كانوا يقولون: بيضة بيضة لله، يعني أعطني بيضة لوجه الله، لماذا بيضة بالذات لأنه حتى الأُسر الفقيرة كانوا يُربّون الدجاج، وبالتالي فمستحيل أن تجد عندهم ولو بيضة، يقولون بيضة بيضة لله باش نذوِّق لوحتي، أي كي أزين لوحتي بآيات الله، لوحتي عند الطالب والطالب في الجنة، لوحتي عند الطالب والطالب يُطلق على الشيخ والطالب يأخذني إلى طريق الجنة، والجنة محلولة حلها مولانا، يعني والجنة مفتوحة فتحها ربنا مولانا عز وجل، مولانا مولانا يا سامع دعانا، يا مولانا يا سامع دعائنا، لا تقطع رجانا بحياة سيدنا محمد، يعني لا تقطع رجاءنا بحياة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ويُنهونها بالصلاة على النبي، محمد نبينا عليه الصلاة وأزكى السلام، فيجمعون ما لذَّ وطاب من الطعام، يعني حتى أنَّ الأهل يتبركون بهم لمّا يأتون إلى بيوتهم فلا يردوهم خاوي الوفاض.

الدكتور رحابي محمد:
نعم هذه الهدايا التي يأخذها الطالب يأخذونها لأنفسهم صحيح؟

الأستاذة حسناء شُكري:
يأخذونها إلى الكُتَّاب فيحتفلون هناك في الكُتَّاب مع شيخهم يأكلوا ما لذَّ وطاب.

الدكتور رحابي محمد:
نعم أنا أريد أن أسأل هذا السؤال، ماذا عن المُعلِّم الشيخ في الكُتَّاب؟ كيف كانت حياته الاجتماعية والمادية؟

الأستاذة حسناء شُكري:
في القرى الحالة الاجتماعية والمادية كان دخله يعتمد على الأُسر يعني على أُسر القرية التي هو فيها، كانوا يُعطونه كل ما أراده، ويُوفرون له جميع الظروف المناسبة كي يُركّز على تدريس أبناءهم، يعني بيته يكون قرب المسجد أو قرب الكُتَّاب الذي يُدرِّس فيه، هناك طعام يومي عبارة عن كل أسرة تأخذ دورها في يوم أو يومين لتطُعم هذا الشيخ وترسل له ما لذَّ وطاب، كانوا من محاصيلهم الزراعية يأخذون دائماً قسطاً للطالب وكانوا هكذا يسمونه في القرية والمقصود به هو المدرس والشيخ، أما الآن خُصصت رواتب الآن للمُدرسين ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية خصصت رواتب ومساعدات للمدارس العتيقة، فالحمد لله مع مرور الزمن أصبح الاهتمام بهؤلاء المشايخ وأصبح دعمهم من طرف الدولة كبيراً ولله الحمد.

الدكتور رحابي محمد:
جميل جداً؛ طيب بالمناسبة الطالب مقصود به الشيخ ماذا عن التلاميذ الطلاب الأطفال ماذا تسمونهم؟

الأستاذة حسناء شُكري:
هم يقولن عن الطالب الشيخ يسمى بالطالب المُدرس المُؤدِب الأستاذ عنده مجموعة من الأسماء، والطفل يبقى طفلاً تلميذاً في بعض الأماكن الأُخرى يسمى كذلك طالباً هو حسب كل منطقة وحسب كل قرية.

الدكتور رحابي محمد:
نعم لمَّا ينتهي الطالب من ختم القرآن إما نظراً أو غيباً هل هناك إجراءات واحتفاليات معينة في المركز نفسه أو في المجتمع المحلي في الحي أو في القرية؟

كيف يتم الاحتفال بحفظة كتاب الله في المدارس العتيقة؟
الأستاذة حسناء شُكري:
نعم الحفظَّة كان الاحتفال بهم أكبر وأجمل، في بعض القرى كان الطالب الحافِظ يُحمل على فرسٍ وبيده لوحه ويتبعه أقرانه يمشون على أقدامهم حاملين ألواحهم مُرتلين آياتٍ قرآنية أو يقرؤون مُتوناً بصوتٍ جماعي، فيطوفون على القرية فتفرح النساء ويفرح الرجال ويُرفع شأن هذا الحافِظ وسط القرية، وحسب الوضع المادي لعائلته هناك من يذبح خروفاً أو بقرةً ليُطهى الطعام ويُوزع على أهل القرية فرحاً بإتمام حفظ ابنهم لكتاب الله، والاحتفالات تختلف من منطقة إلى أُخرى هنا أتحدث عن المنطقة السوسية في بوداي المغرب.

الدكتور رحابي محمد:
لعلنا يوماً من الأيام نزور المنطقة السوسية ونحضُر هذه الفعالية والاحتفال في الأجواء القرآنية إن شاء الله.
أستاذة حسناء حضرتك طبعاً درستِ في هذه الكتاتيب جربتِها أليس كذلك؟

الأستاذة حسناء شُكري:
للأسف لم أجربها ولكن والدي حفظه الله دائماً يحكي لي ومازال يحكي عن قصصه هو الذي درس فيها ووالده خاصةً الذي كان حافظاً لكتاب الله، فحدثني دائماً عن القيمة التي تُعطى لحافظ كتاب الله في هذه القُرى يعني منه أخذت مجموعةً المعلومات التي شاركتها معكم اليوم.

الدكتور رحابي محمد:
ما شاء الله أحسنت؛ هذا إن دلَّ على شيء يدل على وفاء كبير وحسن أدب وتربية من فضيلتك وحضرتك إلى بلدك وإلى المراكز القرآنية هناك وإلى أهل القرآن وإلى أهل العِلم جزاهم الله كل خير.
طيب أختي حسناء نحن لا نريد أن نطيل عليكي ولكن جداً سعداء بهذه المعلومات وهذا الحديث عن القرآن في المغرب، بماذا تختمين لنا هذا اللقاء؟

الخاتمة:
الأستاذة حسناء شُكري:
نعم أختم أولاً بمقولة المختار السوسي الذي وصف الوطنية الحقيقية فقال: لا يَدين بدين الإسلام الحق من يراها بعين الوطنية الضيقة، فكل باحثٍ في جميع مشارق الأرض ومغاربها يجب عليهم أن يُعرِّفوا بالبادية التي ينتمون إليها وبالمدينة التي ينتمون إليها، فالإنسانية جمعاء هي أسرةٌ واحدة ولو عرَّف كل واحدٍ من هذه الأُسر بنفسه وبتاريخه لقويَت الروابط واتحدت الأمة الإسلامية وازدهرت، يعني هذه من بين التوصيات التي كنت وضعتها في بحثي، ثم كذلك أوصي بتقديم العون أكثر لهذه المؤسسات القرآنية، وبتقديم العون أكثر لهؤلاء المشايخ وهؤلاء المُدرسين الذين يُعطون ويُساعدون الآباء في تربية أبنائهم وكل شيء، كما أريد ولن أنسى أن أشكر الجامعة الإسلامية الجامعة الأمريكية للدراسات الإسلامية على كل ما قدّمته لنا، هذه فرصة كانت جميلة أن نبحث وأن نتعلّم وأن نزيد في العِلم، هذا بابٌ فتحتموه لنا فنشكركم جزيل الشكر، كل القائمين على هذه الجامعة المُباركة وعلى رأسهم الدكتور محمد رحابي جزاكم الله عنا خيرا،ً يعني الحمد لله أحسسنا بأبواب العِلم قد فُتحت أمامنا، وأحسسنا بأننا نرقى إلى مستوى أحسن وإلى مستوى أجمل بفضل الله سبحانه وتعالى ثم بفضل فتحِكم لهذه الفرصة الجميلة، فجزاكم الله عنا خيراً، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يزيد من عِلمكم وعملكم ويبارك في هذه الجامعة المباركة إن شاء الله.

الدكتور رحابي محمد:
الله يحفظكم أختي حسناء تستحقين كل خير، وهذا البرنامج بالفعل هو تكريمٌ لأهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته، والذين درسوا وتعبوا واجتهدوا وبذلوا آلاف الساعات والأيام والسنين في خدمة هذا العِلم العظيم خدمة القرآن الكريم، خدمة تجويد القرآن وترتيل القرآن، فيستحقون بذلك إلى جانب ما عندهم من إجازات قرآنية ومشيخية، ومن شهادات من المساجد والحلقات القرآنية، يستحقون في هذا العصر الحديث أن يأخذوا شهادة أكاديمية مُواكبة للعصر وهم أهلٌ لذلك، والعِلم هذا عِلم تلاوة القرآن الكريم وعِلم تجويد القرآن يستحق أن يُدرس وأن يكون له التفصيل والوقت الكافي ومهارات التدريس، يعني مادتك البحثية مادة قيّمة ومُتميزة كما قدم الإخوة الكرام لنا مواد بحثية مُتميزة أيضاً والبعض تخرج من ماجستير الأداء القرآني وسجل في دكتوراه الأداء القرآني طمعاً في زيادة العِلم ومراجعة المعلومات بطريقة أكاديمية وجامعية.
فنشكركم على جهدكم وعلى تعبكم وعلى ما تبذلونه من وقت في ترسيخ هذه المعلومات، ونسأل الله تعالى لنا ولكم التوفيق والنجاح والسداد إن شاء الله.
لو أن أحداَ من الأخوة عنده سؤال نحن باقي معنا دقائق قليلة ونختم، أي سؤال ممكن أن نجيب عنه أختنا الفاضلة تجيب عن أسئلتكم المتعلقة بهذا الموضوع، يقول السؤال لديّ سؤال من فضلكم هل يمكنكم تلخيص أسباب اعتماد قراءة نافع، هذا ذكرناه ولكن ممكن أن تعيدي تلخيصه في نصف دقيقة أختي، اعتماد قراءة نافع قراءة رسمية في المغرب.

الأستاذة حسناء شُكري:
نعم قلت سبب اعتماد قراءة نافع السبب الأول هو إيثار مذهب أهل المدينة على غيرها من المذاهب، العلاقة بين المذهب والقراءة، النقل المُزدوج للقراءة والمذهب معاً على أيدي الرُواة، كذلك تشجيع الرغبة استقلال الشخصية المغربية أو المغاربية على المشرق، وخاصةً العامل الأساسي هو رحلة الحج التي غالباً ما تُتَّوج بزيارة المسجد النبوي والأخذ من علمائها والجمع بين المذهب المالكي وبين قراءة نافع.

الدكتور رحابي محمد:
بارك الله بك وجزاك الله كلّ خير، هذه المادة البحثية التي قدِّمت استكمالاً لماجستير الأداء القرآني كما أسلفنا نِلتي عليها درجة ممتاز ونرجو الله تعالى لكِ مزيد من التوفيق والنجاح، وباقي الاختبار النهائي العملي في تلاوة القرآن الكريم قريباً إن شاء الله، ونسعد إن شاء الله أن تكون نتيجتك مُتميزة جداً كتميزك في البحث بإذن الله تعالى.
في ختام هذا اللقاء أيها الإخوة والأخوات لا يسعُني إلا أن أشكركم جميعاً على متابعتكم وعلى دعائكم الطيب، ونشكُّر الأخت الفاضلة حسناء شُكري على جهدها وتميزها وعلى ما قدمته مادة بحثية ُمتميزة بالفعل، وأيضاً على هِمتها العالية في تلاوة وفي تعليم القرآن الكريم، جزاك الله أخت حسناء وبارك الله بك، وإلى مُلتقيات أُخرى على مائدة القرآن الكريم وشكراً.

الأستاذة حسناء شُكري:
جزاكم الله خيراً شيخنا بارك الله بك.

الدكتور رحابي محمد:
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

الأستاذة حسناء شُكري:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.