صفات وقيم الإمام الناجح مع الشيخ أحمد عصام علي
- 2020-09-24
- أمريكا
صفات وقيم الإمام الناجح مع الشيخ أحمد عصام علي
مقدمة
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، اللهم اجعل جمعنا هذا جمعاً مرحوماً، وتفرقنا من بعده تفرقاً ميموناً معصوماً يارب العالمين. |
أيها الإخوة الكرام : أهلا وسهلاً ومرحباً بكم في لقاءٍ متجدد مع أهل العلم والقرآن، ضيفنا في هذا اللقاء فضيلة الشيخ أحمد عصام صلاح الدين علي، إمام وخطيب المركز الإسلامي في نيوبورك ريتشي - فلوريدا – أمريكا، وهو أيضاً إمام وخطيب في وزارة الأوقاف المصرية، أهلاً وسهلاً ومرحباً بكم فضيلة الشيخ. |
الشيخ أحمد :
يا مرحباً، السلام عليكم ورحمة الله دكتور رحابي محمد، جزاكم الله خيراً على هذه الاستضافة، بارك الله فيكم. |
د. رحابي محمد :
حياكم الله سعداء جداً بلقائكم، نتحدث قليلاً عن أهل العلم والقرآن، عن مسيرتكم العلمية الطيبة في خدمة الإسلام، وفي خدمة الإنسانية، بارك الله فيكم. |
يُسعدني أيها الإخوة بدايةً أن نقدم فضيلة الشيخ أحمد، ثم نتحدث قليلاً عن موضوعين أو محورين أساسيين في هذا اللقاء، عن أهم صفات الإمام، وعن بعض القضايا الأخرى المتعلقة بعمل الإمام في الجالية. |
في البداية الشيخ أحمد عصام صلاح الدين علي من جمهورية مصر العربية، خريج جامعة الأزهر كلية اللغات والترجمة في قسم الدراسات الإسلامية باللغة الانكليزية، الشيخ أحمد أتمَّ حفظ القرآن الكريم وهو في العاشرة من عمره، ما شاء الله، والتحق بالأزهر منذ الابتدائية، ثم درس العلوم الشرعية، وعمل في مجال الدعوة خطيباً منذ كان في عمر إحدى عشر عاماً، تدرجَ في التدريب والعمل الخطابي، حتى ما شاء الله عرف منذ صغره بالخطيب الشيخ أحمد صلاح الدين، التحق بوزارة الأوقاف المصرية خطيباً رسمياً منذ اثني عشر عاماً، له مساهمات في برامج على الفضائية المصرية لتعليم وتصحيح تلاوة القرآن الكريم على الهواء مباشرةً، في برنامجٍ معروف، اسمه (صباح المؤمنين)، اللهم ارزقنا صباح المؤمنين، ومساء الذاكرين الشاكرين يا رب العالمين، الشيخ أحمد له إجازاتٌ في الحديث الشريف في الكتب الستة، وفي الحديث المسلسل بالأولية، وشرح الفريدة البهلية، وإجازة في التوحيد، وبعض الإجازات والشهادات الأخرى أيضاً، الآن هو إمام للمركز الإسلامي في نيوبورك ريتش - فلوريدا حتى الآن. |
بالمناسبة: فقدنا أمس، أو فَقد العالم الإسلامي وطلاب العلم في أنحاء العالم علماً من أعلام الحديث النبوي الشريف في هذا العصر، أستاذ علوم القرآن، وأستاذ علوم السنة، فضيلة الدكتور نور الدين عتر رحمه الله آنسه الله عوضه الله الجنة، ونرجو الله أن يجعل فيكم الخير والبركة، وفي طلاب العلم، وأئمتنا جميعاً الخير والبركة، والخَلَف الصالح إن شاء الله. |
د. رحابي محمد :
يا سيدي الشيخ أحمد حدثنا قليلاً عن النشأة والأسرة ، البيئة الاجتماعية، البيئة العلمية، التي نشأت بها، وكَوَنت شخصية الخطيب الصغير منذ كان إحدى عشر عاماً، حَفِظ القرآن وهو في العاشرة من عمره، ثم أكرمه وشرفه الله بحمل لواء الدعوة في هذا الدار إلى هذه اللحظة، نسأل الله تعالى أن يُكرِمك دائماً بالسداد والتوفيق والقبول، تفضل شيخنا. |
البيئة والنشأة التي كونت الشيخ أحمد عصام صلاح الدين
الشيخ أحمد :
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا، وإمامنا، وقائدنا، رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، مرحباً بكم فضيلة الدكتور، جزاكم الله خيراً على هذه الدعوة الكريمة، وحيَّا الله الإخوة والأخوات من المشاهدين والمشاهدات، وبارك الله جمعنا وجمعكم، اللهم آمين يا رب العالمين. |
![]() |
في البداية لم يكن السيد الوالد حفظه الله، مولعاً بالعلم الشرعي، ولا بحفظ القرآن، ولكن كان كبقية الناس، ليس له هدف من أن يكون الابن من حفظة القرآن الكريم، إلى أن يسَّر الله سبحانه وتعالى يوماً ما، أن دعا جدي رحمه الله أحد العلماء والمشايخ إلى بيتنا للزيارة، وبينما كنت في عمر الثلاث سنوات تقريباً، وكنت ألعب بجوار الشيخ، فنادي عليّ، ثم قرَّبني إليه، وسألني عن بعض آيات القرآن الكريم- السور القصار- فقرأت بعضاً منها على قدر الحفظ، ثم وضع يده على رأسي، ودعا لي، وكأنه كان يقرأ الرقية الشرعية، أو شيئاً من هذا القبيل، طبعاً هم قالوا لي هذا الأمر، ثم توجه إلى والدي، وقال: ادعُ الله الآن، وأنا سأؤمن على دعائك، ثم قال له أبي: ماذا أقول؟ قال: قل اللهم اجعل ابني هذا من حفظة القرآن الكريم، فما كان من والدي حفظه الله إلا أن دعا، ثم أمَّن الشيخ رحمه الله، ثم قال: الآن اذهب به إلى شيخٍ ليعلمه القرآن، وكنت في الثالثة من عمري، ثم أخذني والدي حفظه إلى الشيخ عربي كمال حسب النبي، والشيخ عربي كمال هو مُحفِّظي للقرآن الكريم، أسأل الله أن يبارك في عمره يا رب العالمين، ثم أخذ بي إلى الشيخ أحمد الطوخي حفظه الله، ليعلمني الخطابة، وكيف أُلقي الكلمات المدرسية في الصغر، وسبحان الله تحوَّل الحال في البيت بأسره، إلى أن صار البيت من أهل القرآن، وبدأ والدي حفظه الله يحفظ معي القرآن، وبدأت أمي تحفظ معي القرآن، ثم توجه البيت بأسره، حتى بالأبناء الذين صاروا بعد ذلك، أبناء العمومة وأبناء الخالة، صاروا جميعاً يذهبون إلى الكُتّاب، وإلى حفظ القرآن الكريم، سبحان الله كيف لرجلٍ يهدي الله به أسرةً كاملة! وتتحول من أمرٍ إلى أمرٍ آخر، وهذا بفضل الله سبحانه وتعالى، وهذا مصداقٌ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: |
{ حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ: إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، وإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ، وإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْهُ، وإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فَسَمِّتْهُ، وإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ، وإِذَا مَاتَ فَاتْبَعْهُ }
(رواه مسلم)
وهذه هي النصيحة إذا كانت لوجه الله الكريم، ثم بعد ذلك دخلت الأزهر الشريف، وهناك بدأت أتعلم العلوم الشرعية، وتدرجت، ثم التحقت بمعهد الشيخ خالد في شبرى الخيمة بالقلوبية، وأنا من سكان ومن مواليد قليوب بمحافظة القلوبية، في جمهورية مصر العربية، وأشرُف بأهل الطيبة والكرم والعلم من مدينة قليوب حفظها الله، ولما التحقت بالأزهر، وانتقلت من المتوسط كما يقولون هنا، أو الإعدادية كما يقولون في مصر، ثم الثانوية، ثم التحقت بفضل الله تعالى بكلية اللغات والترجمة جامعة الأزهر قسم الدراسات الإسلامية باللغة الإنكليزية، وشَرُفت بأن يكون رئيس القسم الدكتور محمد أبو ليلى، ودَرَّس لي الدكتور رضا بدير، وهو شيخي ومعلمي في اللغة الانكليزية، حفظه الله تبارك وتعالى، وهذا أمرٌ دائماً نتكلم عنه، الأزهر ورجال الأزهر، حفظ الله الأزهر، وبارك فيه، حتى فضيلة المُحدِّث الشيخ نور الدين، لما كان في بداية حياته في عام 1958، التحق بالأزهر الشريف وكان الأول على دفعته عندما تخرَّج، فهذا من بركات الأزهر وثمراته، أسأل الله أن يبارك في الأزهر، وفي رجاله. |
د. رحابي محمد :
![]() |
![]() |
شيخنا دعني أذهب إلى سؤالٍ على الهامش، هوايات وأنشطة للشيخ أحمد في أوقات فراغه، وإن كنا نعلم أن الإمام في أمريكا، والإمام في العالم كله، لا يكون عنده متسعٌ من الوقت، كيف يقضي الشيخ أحمد وقته؟ وما هي الهوايات التي يمارسها إذا وجد وقت فراغٍ؟ لابد لنا أن نجد وقت فراغٍ، لأن لأنفسنا علينا حق، أهلنا لهم علينا حق، وأولادنا لهم علينا حق، جسدنا له علينا حق، نمارس الرياضة وإلا سوف نصاب بأمراض الديسك، وأمراضٍ أخرى بسبب الجلوس، وبسبب الوقت في التدريس، والجلوس على المكاتب، وغير ذلك شيخ أحمد، كيف تقضي وقتك؟ وماهي هواياتك ؟ |
أنشطة الشيخ أحمد في أوقات فراغه :
الشيخ أحمد :
![]() |
د. رحابي محمد :
ما شاء الله، على قصة الصيد أحد الفضلاء قال : صيدُ الملوك أُسُدٌ وأرانبٌ، وإذا اصطدت فصيديَّ الأبطالُ، نعم نحن نعمل في الدعوة، ونعمل في إيصال الخير إلى الناس، وهؤلاء الناس هم من يبنون المجتمع، ويبنون الإنسانية، وهذا ما ينبغي أن نركز عليه بالفعل، أن نتصيَّد، ونتحرى النصيحة، كما كان رسول الله صلى الله عيه وسلم يتخوَّلُ أصحابه بالموعظة الحسنة، ليلتقط في قلوبهم مواضع الخير، ثم يُؤثر فيهم، ويخرجون من المسجد دعاة خيرٍ، دعاة سلام، دعاة حب، دعاة رحمة، وهذا ما يعمله الإمام، إذاً الإمام وهذا محور حديثنا اليوم، ما هي أهم الصفات التي ربما أو تعتقد فضيلتك أنه ينبغي أن يتحلَّى ويتخلَّق بها الإمام؟ ليكون ناجحاً في مهمته، ناجحاً في وظيفته، التي هي وظيفة الأنبياء، والتي هي وظيفة الرسول صلى الله عليه وسلم، الدعوة إلى الله. |
أهم صفات الإمام
الشيخ أحمد :
صدقت أخي الفاضل حقاً كما قلت، هي رسالة الأنبياء والمرسلين ، من أهم صفات الإمام أن يعرف حجم المسؤولية الملقاة على عاتقه من الدعوة إلى الله، أنا لا أسمي الدعوة إلى الله مهنةً أو وظيفةً بالمسمى الحديث، ولكنها رسالة، الله سبحانه وتعالى ذكر هذا عندما قال: |
الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ(سورة الأحزاب :39)
من أهم الصفات في الداعية أن يحمل همَّ هذا الدين، وأن يستشعر عِظَمَ الرسالة، لأنه يتحدث بكلام الله تعالى، وبكلام النبي صلى الله عليه وسلم، وانظر فضيلتكم كيف أن الله سبحانه وتعالى ذكر صفةً واحدة: |
الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ(سورة الأحزاب :39)
فماذا ذكر الله بعدها؟ هناك المئات والآلاف من الصفات يمكن أن نعُدَّها، لكن الله سبحانه وتعالى ذكر: |
َوَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ(سورة الأحزاب :39)
![]() |
فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ(سورة آل عمران :159)
فكيف يكون بداعيةٍ من يتهجم، أو من ينظر إلى الناس بفوقية، أو من يتعامل مع الناس بقسوة، هذا ليس من صفات الداعية، فالداعية رفيق بهم، لينٌ، سهلٌ، رحيمٌ، الداعية من أدواته، ومن صفاته أن تكون الابتسامة على وجهه حينما يكلم الناس عن الله سبحانه وتعالى، وعن رسوله صلى الله عليه وسلم، ولنا في ذلك ما ذكره الله سبحانه وتعالى في أواخر سورة النحل، حينما قال الله تعالى: |
ٱدْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلْحِكْمَةِ وَٱلْمَوْعِظَةِ ٱلْحَسَنَةِ(سورة النحل :125)
والله تبارك وتعالى حينما خاطب رسوله صلى الله عليه وسلم بحال الدعوة إلى الله، الله سبحانه وتعالى ذكر رسوله صلى الله عليه وسلم بهذه الرأفة والرحمة، فقال عنه صلى الله عليه وسلم: |
بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ(سورة التوبة :28)
فإذا كان الداعية يريد أن يتمثَّل وأن يَقتدي برسوله صلى الله عليه وسلم، عليه أن يحذو هذا الحذو، عليه أن يقتضي وأن يتصف بهذه الصفات، وإلا فلن تُثمِرَ دعوته، انظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم جاهد صلى الله عليه وسلم، وتحمَّل الآلام، وكان صلى الله عليه وسلم رحيماً بالناس، فأثمرت دعوته، وبارك الله بها، ودخل الناس إلى دين الله أفواجاً. |
د. رحابي محمد :
أحسنت، أحسنت ، بارك الله فيك يا شيخ أحمد، والله يا سيدي ذكرتني بأحد المشايخ عندنا في إدلب، رحمه الله كان اسمه الشيخ حكمت معلم، هذا الرجل كان هو مرجع البلد في الفتوى، كل ما سُئِل سؤالاً أول إجابة يقول: ربي يسر، الوالد كان يلازمه كثيراً، فقال له: سيدنا ربي يسر لكل شيء، هل يجوز هذ الشيء؟ قال له: يا أبو يوسف التيسير من سمة الأنبياء، التسهيل، وأن يكون الإنسان ليناً، لا يبحث عن التشدد، أو عن المسائل التي فيها غِلظة، وفيها شدةٌ على الناس، وفيها مقت، وفيها صعوبةٌ في التنفيذ أو الامتثال ويلقيها عليهم، يبحث عن أي مخرجٍ فيه شئٌ من الصحة، ومقبولٌ لدى المذاهب المقبولة أو المعتبرة، فيقدمها للناس لأن هذه بالفعل وظيفة الأنبياء. |
فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ( سورة آل عمران :159)
![]() |
الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ( سورة الأحزاب :39)
رقم أربعة أن تكون قدوته رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو المثل الأعلى لكل إمامٍ في أخلاقه الخاصة، وفي أخلاقه العامة، رقم خمسة وهي الجميلة كجمالك يا شيخ أحمد، الابتسامة: |
{ تَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ }
(رواه الترمذي)
جميل جداً أن يتذكر الحضور في المسجد أن إمامهم يخطب وهو مبتسم، أو يرسم البسمة على وجههم أثناء الخطبة، لماذا عندنا نحن كان إذا خطب صلى الله عليه وسلم انتفخت أوداجه، وكأنه منذر حرب، وكأنه نذير جيش، لا حاجة لأن تجعل الناس يخرجون من المسجد ومعهم هذه الشدة، والضغط، وتنفخ الأوداج، واحمرار الوجه، لا داعي له في مجتمعٍ يرى الناس فيه كثيراً من المتحدثين على الشاشات الفضائية، وعلى الإعلام يدخلون إلى قلوب الناس بالبسمة التي تفضَّلت بها. |
الرحمة واللين من صفات الإمام والداعية
الشيخ أحمد :
والله يا دكتور ما أحوجنا إلى هذا الأمر، وما أحوج مشايخنا من الدعاة أن ينظروا الى هذه الآية الكريمة، انظر إلى الله سبحانه وتعالى عندما أرسل هارون وموسى إلى فرعون، ماذا قال الله تبارك وتعالى، وهذا فرعون، وكلنا يعلم من هو فرعون، الذي قال : |
فقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ ٱلْأَعْلَى( سورة النازعات :24)
وقال: |
أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَٰذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي( سورة الزخرف :51)
وقال: |
وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَّعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (36) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَىٰ إِلَٰهِ مُوسَىٰ( سورة غافر : 36-37)
إلى أخر ما قال، لكن انظر إلى الله سبحانه وتعالى كيف وجههما، حينما قال : |
اذْهَبَآ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى* فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً(سورة طه :43-44)
![]() |
{ إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، ولنْ يشادَّ الدِّينُ إلاَّ غَلَبه فسدِّدُوا وقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا، واسْتعِينُوا بِالْغدْوةِ والرَّوْحةِ وشَيْءٍ مِن الدُّلْجةِ }
(رواه البخاري)
هذا توجيه، وينبغي أن نمتثل إليه، وأن تكون هذه هي صفات الإمام، والداعية إلى الله، إذا أراد لدعوته أن تثمر، ويغلف كل هذا بالدرجة الأولى توفيق الله تبارك وتعالى، إذا وفقه الله في دعوته، ورأى من إخلاصاً، وسريرةً، يرضى الله سبحانه وتعالى وفقه في دعوته، واستجاب له الناس. |
د. رحابي محمد :
بارك الله فيكم، يعيش الأئمة في مجتمعاتٍ متنوعةٍ مختلفة، في مجتمعاتٍ ربما يغلب عليها المسلمين من حول المسجد، أو في مجتمعٍ في تنوعٌ كبيرٌ في الأديان، الأعراق، والأجناس، برأيك يا شيخ أحمد أهم الأساليب والطرق الدعوية التي ينبغي أن يسلكها الإمام في مجتمعه، في جاليته، كيف يقيِّم الأسلوب الصحيح في مجتمعٍ مثلاً في فلوريدا، في كاليفورنيا، كيف يقّيم عمله هنا، ويسلك الأسلوب في التعامل مع الناس، وكيف لو كان الإمام في مصر في قليوب، أو في سوريا، أو في بلدانٍ أخرى، ما هي الأساليب التي ينبغي أن يسلكها الإمام؟ في أربع دقائق متبقية معنا. |
ضرورة الاندماج مع المجتمع
الشيخ أحمد :
جزاك الله خيراً، أولاً من أهم الأمور التي رأيتها عندما جئت إلى أمريكا، وجدت أن هناك كثيراً من الناس لا تعرف شيئاً عن الإسلام، وكثير من الناس متخوفةٌ من رسالة الإسلام، وهي لا تعرف أي شيءٍ عنه، لكن من أهم الأدوات التي لابد أن يستخدمها الإمام في دعوته إلى الله في أمريكا، في كندا، في استراليا، في أي مكان، الاندماج مع المجتمع الذي يعيش فيه، لا أن ينعزل أو أن يكون بمعزلٍ عن المجتمع، ثم بعد ذلك يريد أن يُؤثر فيه! كيف تؤثر فيه وأنت لم تندمج ؟ وأنت لم ترَ الأمراض فتعالجها؟ وأنت لم تتحسس مواطن الضعف، ثم تقوم بتصحيحها ، أو تقوم بعلاج الأخطاء التي تراها. |
![]() |
![]() |
خلاصة ما ينبغي أن يفعله الإمام في جاليته
د. رحابي محمد :
ما شاء الله، بارك الله، فيك دعني ألخص ما تفضل به الشيخ أحمد، ولعلنا نختم أيضاً بهذه الخلاصة الطيبة من رجُلٍ طيب، خلاصة ما ينبغي أن يفعله الإمام في جاليته سواءً كان في أمريكا، أو الغرب، أو في أوربا، أو حتى في المجتمعات العربية، رقم واحد الاندماج في المجتمع، يندمج من اجل أن يتحسس مواطن الحاجة إلى التحسين، والتذكير، والإصلاح، وإذا لم يندمج سوف يَنعزل، ويَعزل نفسه، ولن يعلم به أحد، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يعزل نفسه، لم يبقَ حياته كلها في غار حراء، غار حراء كان فترةً مؤقتة، فترة التحضير، التجهيز للقلب، والروح، والنفس، ثم انطلق: |
وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ( سورة الشعراء :214)
كان عندنا أحد الأساتذة الفضلاء الكرام، مربي كبير اسمه الأستاذ غسان جبان، مربي فاضل، وله مؤلفاتٌ وآثارٌ دعوية كبيرة، كان يقول لنا بعد أن تخرجنا، ودرسنا في المعهد، يقول ماذا تفعلون هنا! توظفنا في المعهد الإسلامي الكبير في الشام، فكان يقول ماذا تفعلون! ارجعوا إلى بلادكم، سافروا، علِّموا، النبي صلى الله عليه وسلم لم يحفظ أصحابه عنده، بل نشرهم وأرسلهم في الآفاق حتى ينشروا الخير، إذا فالاندماج أمٌر مهمٌ جداً جداً للإمام، يتحسس مواقع الضعف في التطوير والتحسين، يتعامل بالحكمة والموعظة الحسنة، هذه رقم واحد في حياة الإمام، فِعلُ ما ينبغي في الوقت الذي ينبغي على النحو الذي ينبغي، رقم أربعة: ذكرتم فضيلتكم الرفق واللين، وهذا من شأن الإمام أيضا أن يكون لينا ًرفيقاً سهلاً مع الناس أجمعين، رقم خمسة: يُبين جمالية الإسلام، وأهم ما ينبغي أن يُذكر، ويُطرح أمام الناس عموماً، وأمام المسلمين: الإسلام والعنصرية، الإسلام والحرية، الإسلام والرحمة، الإسلام والمرأة، الناس متشوقةٌ لأن تعرف رأي الإسلام في هذه الموضوعات. |
فضيلة الشيخ أحمد لقاءٌ مثمرٌ طيبٌ ما شاء الله، وبخلاصة طيبة أخذناها من فضيلتكم عن أساليب الدعوة، وما ينبغي على أن الإمام أن يفعله في جاليته، كلمةٌ أخيرة نختم بها فضيلة الشيخ أحمد. |
الحاجة إلى تقديم ديننا بشكل أفضل
الشيخ أحمد :
![]() |
خاتمة وتوديع
د. رحابي محمد :
أحسنت يا شيخ أحمد، بضاعتنا جميلة، وغالية، والناس متعطشون لأن يروا، وأن يتحسسوا، ويستمتعوا بهذا الجمال الرباني: جمال الإسلام، لكن علينا أن نقدم هذه البضاعة بطريقةٍ جميلة، أسأل الله تعالى أن يبارك فيكم، وأن ينفع بكم، وهنيئاً للجالية في فلوريدا، هنيئاً لها بكم وبعلمكم وحكمتكم، أسأل الله أن يزيدكم علماً، وخيراً، وفضلاً، ويكرمنا وإياكم بالتوفيق والنجاح والسداد، وأن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال، أسأل الله تعالى أن يجمعنا معكم فضيلة الشيخ أحمد مرةً ثانيةً إن شاء الله تعالى في لقاءٍ طيبٍ مثمرٍ إن شاء الله، نستفيد ونُفيد غيرنا من أهلنا وأحبابنا وزملائنا بارك الله فيكم، وجزاكم الله خيراً، سبحانك الله وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك. |
أعزائي الإخوة الكرام المتابعين في صفحات الفيس، وعلى الهواء شكراً لمتابعتكم، شكراً لتعليقاتكم، وأسأل الله تعالى أن يعيننا جميعاً على خدمة دينه، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، حياكم الله. |