إتقان القرآن بين القارئ والمُقرئ مع الشيخ حسني حسّوبة

  • 2021-03-20

إتقان القرآن بين القارئ والمُقرئ مع الشيخ حسني حسّوبة


مقدمة:
بسم الله الرحمن الرحيم؛ الحمد لله، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الحمد لله الذي خلق الإنسان ورزقه الفصاحة وعلّمهُ البيان، الحمد لله الذي يسّر القرآن على سيد ولد عدنان صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، فقرأه علينا عليه الصلاة والسلام بلسانٍ عربيٍ مُبين، قرأه بلسانه مُراعياً حُسن أدائه صلى الله وعلى آله وأصحابه الذين نالوا الشرف العظيم باستماع القرآن الكريم رطباً غضَّاً طريَّاً ورتّلوه حرفاً حرفاً على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحازوا معانيهُ عِلماً وعَملاً، رضي الله عنهم وأرضاهم، جزاهم الله عنا خيراً فقد أدَّوه لمن بعدهم من التابعين وأئمة القراءة أولي الرواية والدراية رحمهُم الله وجزاهم الله عنا خيراً حتى وصل إلينا القرآن الكريم لفظاً ومعنىً مُرتّلاً مُجوّداً.
أيها الإخوة الكرام مرحباً بكم في لقاءٍ طيبٍ مُبارك على مائدة القرآن الكريم، واليوم نحن نسعد بلقاء الإخوة الكرام طُلاب الدراسات العُليا وعنوان لقائنا اليوم: الأداء القرآني بين القارئ والمُقرئ، وفضيلة الشيخ حسني حسّوبة طالب الدراسات العُليا في الأداء القرآني وهو إمامٌ وخطيبٌ ومُقرئٌ للقراءات العشر الصغرى والكبرى، ومعنا أيضاً الأستاذ الفاضل حمزة العياضي، والأستاذ الفاضل حسين الحسن أهلاً وسهلاً ومرحباً بكم جميعاً أيها الإخوة الكرام.

الشيخ حسني حسّوبة:
أهلاً وسهلاً بكم دكتور؛ بارك الله فيكم، جزاكم الله خيراً.

الدكتور رحابي محمد:
حياكم الله، نحن نسعد بمتابعة الإخوة الكرام والأخوات الذين نسعد بمشاركتهم وأيضاً تعليقاتهم ونتعلّم من الجميع ونستفيد من الجميع والعِلم رحِمٌ بين أهله.
أتمنى على الإخوة والأخوات أن يشاركوا هذا اللقاء على صفحاتهم تتزين صفحات الفيس إن شاء الله بمائدة القرآن الكريم، ولعلّ الله عز وجل يَحُفنا بملائكته وبرحمته وننال شرف مُدارسة القرآن الكريم ومُدارسة العلم إن شاء الله، النبي صلى الله عليه وسلم يقول:

{ الماهِرُ بالقرآنِ مع السفرَةِ الكرامِ البرَرَةِ، والذي يقرؤُهُ ويتَعْتَعُ فيهِ وهو عليه شاقٌّ لَهُ أجرانِ }

[رواه مسلم]

كما روى ذلك الإمام مسلم، وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

{ ذُكِرَ عبدُ اللَّهِ بنُ مَسْعُودٍ عِنْدَ عبدِ اللَّهِ بنِ عَمْرٍو، فَقالَ: ذَاكَ رَجُلٌ لا أزَالُ أُحِبُّهُ، سَمِعْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: خُذُوا القُرْآنَ مِن أرْبَعَةٍ مِن عبدِ اللَّهِ بنِ مَسْعُودٍ - فَبَدَأَ به -، وسَالِمٍ، مَوْلَى أبِي حُذَيْفَةَ، ومُعَاذِ بنِ جَبَلٍ، وأُبَيِّ بنِ كَعْبٍ }

[رواه البخاري ومسلم]

أيها الإخوة الكرام نبدأ بالسؤال الأول الذي هو في محورنا اليوم عن الأداء القرآني بين القارئ والمُقرئ وفضيلة الشيخ حسني حفظه الله.
شيخنا الحبيب لماذا الأداء القرآني؟ لماذا التركيز على الأداء القرآني؟ ثم نذهب إلى السؤال الذي أيضاً يضع نفسه أمامنا ما هي أنواع القُرّاء والمُقرئين؟

لماذا الأداء القرآني؟
الشيخ حسني حسّوبة:
جزاكم الله خيراً؛ الحمد لله رب العالمين والصلاة و السلام على خاتم النبيين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علِّمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا بك علماً، اللهم ارحمنا بالقرآن واجعله لنا إماماً ونوراً وهدىً ورحمة، اللهم ذكّرنا منه ما نُسّينا، وعلّمنا منه ما جهلنا وارزقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النهار واجعله لنا حجةً يا رب العالمين، اللهم أكرمنا بما تُكرم به عبادك الصالحين.
أما بعد أستأذن من حضرتك دكتورنا الغالي، بدايةً نُعزّي أنفسنا ونُعزّي الأمة الإسلامية جمعاء في وفاة شيخنا الشيخ الصابوني رحمه الله، توفي صبيحة الأمس رحمه الله رَجُلٌ من العُلماء من أهل القرآن والتفسير، رجلٌ قضى ما يقارب السبعين عاماً في تعليم القرآن وتعلُّمِهِ وتفسيره، نسأل الله جلَّ وعَلا أن يرحمه وأن ينزّل على قبره شآبيب الرحمة والرضوان، وأن يُخلِف للأمة خيراً إنه وليُّ ذلك والقادر عليه، ثم أُذكّر نفسي وإياكم بحديث النبي صلى الله عليه وسلم:

{ ما اجتمَعَ قومٌ في بيتٍ من بيوتِ اللَّهِ يتلونَ كتابَ اللَّهِ، ويتدارسونَهُ فيما بينَهم إلَّا نزلَت عليهِم السَّكينةُ، وغشِيَتهُمُ الرَّحمةُ، وحفَّتهُمُ الملائكَةُ، وذكرَهُمُ اللَّهُ فيمَن عندَهُ }

[رواه مسلم]

سيقول قائلٌ أنت لم تقُل في بيتٍ من بيوت الله! هذا النص عند الإمام البخاري في بيتٍ من بيوت الله، لكن من فضل الله وسِعة رحمة الله سبحانه وتعالى أنَّ الأمر لم يقتصر على بيوت الله فقط فكل اجتماع وكل مجلس يجلس فيه بعض أهل القرآن يتدبرون كتاب الله جلَّ وعَلا ويتحاورون فيما ينفعهم في الارتقاء مع كتاب الله جلَّ وعَلا حِفظاً وأداءً وتدبُّراً هم يحظَون بهذا الشرف وتلك المزيَّة الكريمة التي وعد الله جلَّ وعَلا بها، نسأل الله جلَّ وعَلا أن يجعلنا وإياكم وكلَّ الحاضرين والمستمعين معنا منهم إنه وليُّ ذلك والقادر عليه.
لماذا الأداء القرآني؟ الإمام أحمد ابن حنبل رحمه الله له مقولةٌ رائعة تُكتب بماء الذهب، هذه المقولة كان يقول رحمه الله: "من عرف ما يَطلُب هانَ عليه ما يَبذُل" وهذه المقولة واقعةٌ في كل جوانب الحياة، ما من شخصٍ يسعى لعملٍ أو لمنصبٍ أو لشهادةٍ أو لتجارة أو أي شيءٍ يرتقي فيه في الدنيا في شيءٍ يُحبه ويتمناه إلا ويعاني ويجد بعض الصعوبات والعقبات، لكن إن تذكَّر الغاية وإن تذكَّر الهدف هانَ عليه ما يَبذل من وقتٍ ومن جهدٍ ومن تعب، الحديث الذي بدأتم به هذا اللقاء المبارك قول النبي صلى الله عليه وسلم:
(الماهِرُ بالقرآنِ مع السفرَةِ الكرامِ البرَرَةِ) من يُفرِّط في هذه المنزلة وتلك المكانة؟ من لا يسعى إلى إتقان وتجويد أدائه في القرآن حتى يحظى بهذه المكافأة النبوية الكريمة؟ (الماهِرُ بالقرآنِ مع السفرَةِ الكرامِ البرَرَةِ) حينما تحدَّث ربنا جلَّ وعَلا عن أهل الأداء في القرآن والتعامل مع القرآن قسَّم الله جلَّ وعَلا هؤلاء إلى ثلاثة أقسام، قال الله جلَّ وعَلا:

ثُمَّ أورَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (32)
[ سورة فاطر]

(ثُمَّ أورَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا) الله جلَّ وعَلا يُعطي ويُكرم أهل القرآن باصطفائه واختياره لهم سبحانه وتعالى، إعلم أنك حينما تتعلَّق بكتاب الله جلَّ وعَلا تجويداً وتحسيناً وأداءً، فأنت ممن يحبهُم الله جلَّ وعَلا لأنه اختارهم لكتابه، ثم قال الله جلَّ وعَلا:
(فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ) من هو الظالم لنفسه؟ كيف لشخصٍ أن يتعامل مع كتاب الله سبحانه وتعالى ويظلِم نفسه؟ قال العلماء: الذي يقرأ القرآن ويَحفظ القرآن ويُجّود القرآن لكن لا يُطبقه في حياته فقد ظلم نفسه لأنه قصَّر في هذا الجانب، والمُقتصد الذي يُطبّق القرآن أحياناً ويَغيب عنه أحياناً، تغلبه نفسه، يَغلبه شيطانه وهواه، فلا يُطبق القرآن في كل الأحوال هذا مُقتصد بين هذا وهذا، والسابق بالخيرات هذا الذي كما قالت السيدة عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم:

{ كان خُلقُه القرآنَ }

[صحيح الألباني]

يتمثَّلُ القرآن ويعيش مع القرآن في كل حياته وفي كل أوقاته، ثم قال الله جلَّ وعَلا عن هؤلاء في الآية التي بعدها:

جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاورَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ(33)
[ سورة فاطر]

إذا سألنا سؤالاً وقلنا من الذي يدخل جنات عدن من هؤلاء الثلاثة؟ أيُ قسمٍ منهم أيها الإخوة الكرام الحضور؟ أيُ قسمٌ من الثلاثة هو الذي يدخل جنات عدن؟ قال العلماء: الثلاثة تشمَلهم الآية، الثلاثة يدخلوا، حتى الظالم لنفسه! حتى الظالم لنفسه يدخل في هذه الجنة المباركة بإتقانه وتعاونه وحِفظه لكتاب الله جلَّ وعَلا، ولذلك كان السلف يقولون مقولةً رائعة، كانوا يقولون: سابِقنا سابِق (أهل القرآن) ومُقتصِدنا ناجٍ، وظالمنا مفغورٌ له، حتى الذي يظلم نفسه يُغفر له مادام في رحاب القرآن، مادام يعيش مع القرآن، مادام يحاول في كل يومٍ أن يرتقي ويُرقي من أدائه مع القرآن.

الدكتور رحابي محمد:
الله يفتح عليك يا شيخنا؛ ما شاء الله الحديث طيب، الأداء القرآني بين القارئ والمُقرئ، كما نعلم شيخنا الحبيب حتى نستفيد من وجودك ما شاء الله وأنت قارئٌ ومُقرئٌ للقرآن الكريم، أريد أن أسألك بعض الأسئلة التي ربما تفيد الآن الإخوة والأخوات المتابعين معنا، لكن قبل أن أوجِّه السؤال لفضيلتك، النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء عند الإمام أحمد وابن حبان يقول:

{ اقْرؤوا القُرآنَ كما عُلِّمْتُم }

[مسند الإمام أحمد]

وهذا فيه كما يرى الناظر فيه أمانة التلقي: (اقْرؤوا القُرآنَ كما عُلِّمْتُم)، ثم يقول أيضاً في حديثٍ آخر:

{ بلِّغوا عني ولو آيَةً }

[رواه البخاري]

وفي هذا أمانة التبليغ.
الآن النبي صلى الله عليه وسلم علَّم صحابته الكرام قراءة القرآن الكريم، وأيضاً علّمهم التفكّر في آيات القرآن والغوص وراء مكنونات القرآن الكريم، الآن كيف نفهم قضية التلقّي وأمانة التلقّي؟ ثم ما هو الأداء القرآني المُتقَن بين القارئ المُقرئ وبين المُتلقّي؟ كيف ينظُر الشيخ حسني في هذا الأمر؟ وما أهمية التبليغ وأداء الأمانة في إتقان القرآن الكريم كما تلقيته أنا عن شيخي عن شيخي عن شيخي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟

أنواع القرّاء والمُقرئين للقرآن الكريم:
الشيخ حسني حسّوبة:
نعم جميل؛ لو تأملنا كل من يقرأ القرآن ويبدأ يتعامل مع القرآن حفظاً وإتقاناً سنجد أنَّ هناك أقساماً أربعة، أو مراحل أربعة، وحينما نتحدث في لقائنا المبارك هذا عن أنواع القرّاء وأنواع المُقرئين بينهما تداخُل وترابُط لأن كل مُقرئٍ كان قارئ، وكل قارئٍ يسعى أن يكون مُقرئاً، فهناك ترابطٌ بين الصنفين ثم حينما نتحدث في هذه المحاضرة المباركة لن نتحدث بجانب التنظير، نتكلم كلاماً نظرياً، لكن سنستشهد فيما سنقوله بمواقف عملية رأيناها من مشايخنا ورأيناها من طلابنا بفضل الله تعالى.
القُرّاء ينقسمون إلى القسم الأول هو قارئ يبدأ مع كتاب الله سبحانه وتعالى لا يعرف كيف يؤدي القرآن أداءً عملياً، لا يعرف كيف يُقرئ قراءةً صحيحةً وفي نفس الوقت هو لا يعرف أي شيءٍ عن الجانب النظري من أحكام التجويد، هذا القسم الأول، وهذا القسم حينما يُقبل على كتاب الله قد يقابل نوعين من المُقرئين، النوع الأول هو مجرد مُقرئٍ تلقى بأداءٍ وبإتقانٍ واعتاد على الإتقان وجرّب الإتقان فحينما يأتيه أمثال هؤلاء لا يقبلهم وهذه مشكلةٌ كبيرة، هذه مشكلةٌ أن بعض القُرّاء يظن أنه تعود الإتقان فلا يُقرئ إلا المُتقن طيب وأين التعليم؟ وأين ثواب الذي يأخذ بأيدي هؤلاء إلى كتاب الله جلَّ وعّلا؟
أنا لا أنسى موقف من المواقف حدث معي، جاءني أحد الطلاب في أحد الحلقات، وقال: يا شيخ أنا أريد أن أقرأ القرآن هل تقبلني عندك؟ قلت: وما الذي يمنعني أن أقبلك! أنا أصلاً هنا لِأُعلِّم القرآن، قال يا شيخ والله ذهبت إلى عدة مشايخ كل شيخٍ أقرأ عليه أستفتح أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وأبدأ أقرأ يقول لا لا مستواك لا يصلُح! اذهب وتعلَّم واقرأ وأتقن ثم تعال إلي، ووالله يا شيخ كدت أن أمتنع عن الحفظ فما رأيك؟ قلت له: اقرأ فقرأ الرجل أداءه جيد، لا نقول أنه جيد جداً أو ممتاز، فالإتقان درجات ومستويات، لكن جيد ليس عنده تضييعٌ لمخارج كثيرة هي أشياء تحتاج إلى ضبط وإلى توجيه، فلما قرأ وقلت له ما شاء الله قراءتك جيدة! قام يقبل رأسي يقول جزاك الله خيراً يا شيخ الله وبارك فيك؛ قلت: يا أخي الكريم أنا لم أفعل شيئاً هذا هو الطبيعي، لا بد أن نفهم هذا، عندنا كما قلنا الأمر متداخلٌ عندنا مُقرئ، وعندنا مُعلّم، وعندنا مُلهم، نريد مُقرئاً لكن نريده أن يكون مُعلّماً، ونريده أن يكون مُعلّماً مُلهماً لطلابه، ليس فظاً ولا غليظاً، لأن بعض الناس يرى أنَّ قضية أن أجتهد بين الناس في الشدة والصعوبة يرى أن هذه مزيَّة، سبحان الله العظيم، لمَّا نقرأ في ترجمة الإمام نافع إمام أهل المدينة يقولون: وكان نافع يُقرئ كل طالبٍ على قَدرهِ، فالمُبتدئ له طريقة، والمتوسط له طريقة، والمُنتهي له طريقة، وكل هؤلاء على الدرب، حتى يصلوا إلى الغاية التي يريدونها، إذاً هذا هو النوع الأول.
لو تأملنا في قضية المُقرئين نجد مثلاً الإمام ابن مالك الأندلسي رحمه الله لماذا بَرعَ في ألفيته وانتشر وذاع صيته؟ لأن الإمام مالك كان عالماً ومُعلِّماً ومُلهماً، ولمَّا نتأمل أيضاً القاضي ابن هشام الأنصاري الإمام النحوي نجده أنه كان مُعلّماً، لذلك اقرأ أسلوبه في تعليمه، الشيخ ابن عثيمين رحمه الله من يَسمع له الدروس يجد أنَّ الدروس سهلةٌ جداً، يتكلم في قضايا صعبة لكن يُبسطها لأنه فيه روح المُعلّم المُلهم لطلابه رحمه الله، إذاً هذا هو النوع الأول الذي لا يعرف الجانب النظري ولا يستطيع أن يطبّق الجانب العملي، وأنا أذكر موقفاً من المواقف التي وقعت معي، كان هناك حلقةٌ في مصر في شهر رمضان، نعلم جميعاً أنه في شهر رمضان يُقبِل الناس على كتاب الله جلَّ وعَلا، حتى أنَّ منهم من يكون قد أمسك بالمصحف ليقرأ لأول مرةٍ في حياته في هذا الجو ويُقبِل، وكنت أُدير حلقةً من الحلقات في أحد المساجد واضُطررت إلى السفر، كان في الحلقة ما يقارب الثلاثين شخصاً يحضرون في الحلقة، ثلاثين شخصاً! ثم لمَّا رجعت من السفر ودخلت إلى الحلقة وجدت رجلين فقط مع الأخ الذي وكلّته أن يدير الحلقة في غيابي! فقلت له: أين الشباب؟ قال: والله لا أدري يا شيخ ضاعت الهِمم فتعجَّبت! فلما بدأت الحلقة قال: تفضل يا شيخ قلت له: لا أنا ضيفٌ اليوم أنت تدير الحلقة، فالأخ يقرأ ووجدت الأخ يقول له: مي يشاء! أين الهمس؟ أين الرخاوة؟ وأين الشِدة؟ قلت له يا أخي الكريم أنت كنت تدير الحلقة بهذه الطريقة؟ قال: نعم يا شيخ، وهل يُقرأ القرآن إلا بهذه الطريقة؟ قلت له: جزاك الله خيراً، كل من فرّوا من الحلقة وتركوا القرآن ذنبهم في رقبتك.

الدكتور رحابي محمد:
سبحان الله! قال عليه الصلاة والسلام لأحد الأئمة في عصره من الصحابة رضي الله عنهم وكان إماماً يؤِمُّ قومه والحديث معروف:

{ قَالَ رَجُلٌ: يا رَسولَ اللَّهِ إنِّي لَأَتَأَخَّرُ عَنِ الصَّلَاةِ في الفَجْرِ ممَّا يُطِيلُ بنَا فُلَانٌ فِيهَا، فَغَضِبَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ما رَأَيْتُهُ غَضِبَ في مَوْضِعٍ كانَ أَشَدَّ غَضَبًا منه يَومَئذٍ، ثُمَّ قالَ: يا أَيُّهَا النَّاسُ، إنَّ مِنكُم مُنَفِّرِينَ، فمَن أَمَّ النَّاسَ فَلْيَتَجَوَّزْ، فإنَّ خَلْفَهُ الضَّعِيفَ والكَبِيرَ وذَا الحَاجَةِ }

[رواه البخاري]

فهذه القصة التي ذكرتها شيخنا قصة ينبغي بالفعل أن تؤخذ بعين الإعتبار وأن ننتبه إليها، ولعلّ أختاً من الأخوات الفاضلات معنا على الفيس تقول لماذا الشيوخ دائماً شديدين في القراءة؟ أليس من الأفضل أن يرحبوا بالطلاّب؟ ثم تقول أنا من كندا ولكن لا أجد من الشيوخ أحداً لاستقبال الطلاب أو الطالبات في الإقراء والتصحيح.
نعم نحن نوافقك الرأي أيتها الأخت الفاضلة لأنه بالفعل هناك بعض الإخوة والمشايخ أو المُقرئين الذين أرادوا أن يُظهروا ربما نوعاً من أنواع المهارات القرآنية والأداء القرآني بمنحى التشديد على الطلاب، وهذا ما سيأتي الآن الحديث عنه في النقطة الثانية، الله سبحانه وتعالى ماذا قال شيخ حسني وشيخ حسين؟ الله سبحانه وتعالى قال:

وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ (22)
[ سورة القمر]

إذا رب العالمين وهو أصدق القائلين قال (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا)، ولقد للتحقيق ويُقسم الله سبحانه وتعالى بأنه يسَّر القرآن، وأنا ذكرت هذا الأمر مراراً حتى أُبيّن للإخوة المتابعين ومن أراد الإقبال على القرآن الكريم أنَّ الله عز وجل يسَّر القرآن: تلاوته وتعليمه وتعلّمه ويسَّر تلاوته ويسَّر الفهم ويسَّر العمل به ويسَّر الدعوة إليه كله مُيسَّر، فنحن ينبغي أن لا نُشدِّد على أنفسنا، وأن لا نُضيّق واسعاً حتماً لا يوجد واحد منا يقرأ القرآن كما قرأه رسول الله صلى الله عليه وسلم تماماً، ولكن نُسدد ونُقارب، ولكن نصل إلى درجة القبول على الأقل، الحد الأدنى من القبول، نصل إلى ذلك الحد لأننا نتلقَّى القرآن عن مشايخنا الذين تلقَّوه عن النبي صلى الله عليه وسلم، والإختلاف هذا واردٌ في المجتمعات، وواردٌ عبر العصور والأجيال، فمفهوم الأداء القرآني الذي سوف يأتي إليه السؤال الآن؟ هل الإتقان والأداء القرآني صعب؟ أن نصل إلى درجة الإتقان هل هو صعب؟

الشيخ حسني حسّوبة:
أستأذن حضرتك في إتمام الفقرة السابقة في قضية الأنواع، إذاً هذا النوع الأول الذي لا يجيد الجانب العملي التطبيقي ولا يجيد الجانب النظري.
يأتينا نوعٌ ثانٍ وهو شخص يقرأ بأحكام التجويد، يطبقها تطبيقاً رائعاً، يمُد ويغُن ويفعل كل شيءٍ في أحكام التجويد لكن لا يعرف الجانب النظري، إن سألته لماذا تَمُد يقول لك والله لا أدري! أنا هكذا قرأت وهكذا تلقّيت، طيب هذا النوع هل يُذم؟ هل يُعنَّف لأنه لا يعرف أحكام التجويد النظرية؟ بالعكس المطلوب والذي كان عليه الصحابة وكل السلف قبل ظهور هذه الأحكام التي ظهرت من أجل حفظ اللسان العربي من العجم والإختلاط بالأعاجم كانوا يقرؤون دون أن يعرفوا هذه الأحكام ومسمياتها النظرية كانوا يطبّقونها، نقول له أنت الآن أخذت جانباً واحداً من جانب الخيرية، النبي صلى الله عليه وسلم يقول:

{ خيرُكم من تعلَّم القرآنَ وعلَّمَه }

[رواه الترمذي]

أنت الآن تعلّمت، لكن كيف تُعلِّم إن لم تكن مُتقناً للجانبي النظري؟ لذلك احرِص على تعلُّم الجانب النظري حتى تحظى بطرفي الخير أنك تعلّمت وتُعلِّم فتكون كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (خيرُكم من تعلَّم القرآنَ وعلَّمَه).
النوع الآخر نوع يعرف الجانب النظري، يُسمّع لك كل أبواب التجويد في كل المُتون، لكن حينما يقرأ لا يستطيع أن يُطبّق! ماذا نفعل مع هذا؟ نقول له جيد، أنت قطعت شوطاً جيداً في أنك عرفت الأحكام النظرية، لكن نريد أن نطبّق هذا عملياً وإلا ما الفائدة في أنك في يدك أداة لا تستطيع أن تطّبقها؟
والنوع الآخر الأخير هذا النوع المنتهي هو الذي يُتقن الجانب العملي ويعرف كل ما يتعلق به من أحكامٍ نظرية، وهذا الإتقان الأدائي الذي نسعى إليه جميعاً والذي يجب أن نطلبه جميعاً، ولكن يوجد نقطة وأؤكد عليها مرةً أخرى يا إخواننا، المُقرئ لا بد أن يتعامل مع طلّابه كلٌ على قدره.
أنا أذكر شيخنا الشيخ كامل العوف رحمه الله كنا نقرأ عليه فكان بمجرد أنه أنا أُخطئ في كلمةٍ يُرجعني يقول لي اذهب وتعال غداً، أنا أريد أن أقرأ مثلاً نصف جزءٍ أو جزء فيقول لي اذهب وتعال غداً، تكرر معي الأمر، فقلت له: يا شيخ عندي سؤال، قال تفضل قلت له يا شيخ هناك عشرات يقرؤون عندك ويقرؤون أمامي وأنا أنتظر الدور وتتجاوز لهم عن أشياء كثيرة جداً وعندي توقفني على كلمةٍ واحدةٍ لماذا؟! قال: هؤلاء يتعلَّمون لأنفسهم، أما أـنت ستُعلِّم غيرك، سبحان الله العظيم هذه كانت من بصيرة الشيخ رحمه الله، و والله ما كان في البال ولا في الخاطر أنَّ اللسان يأخذ مجال التعليم ومجال الإقراء، كان الهدف في البداية هو أن يتعلّم حفص، أن يتعلَّم لنفسه تعبداً، لكن انظر كيف تعامل، قال هؤلاء يقرؤوا لأنفسهم، يُصحح تلاوتهم لأنفسهم، لكن أنت أُشدِّد عليك لأنك ستُقرئ غيرك فيما بعد، فهذه نقطةٌ لا بد أن يُراعيها المُقرئ، أن يكون مُقرئاً مُعلّماً مُلهماً.

الدكتور رحابي محمد:
قلوب العارفين لها عيونٌ ترى ما لا يراه الناظرون، فنسأل الله تعالى أن يُكرمنا ببصيرة المؤمن الذي ينظر بنور الله سبحانه وتعالى.

{ اتَّقوا فِراسةَ المُؤمِنِ فإنَّه ينظُرُ بنُورِ اللهِ }

[رواه الطبراني]

وشيخك الذي درَّبك وأهّلك بالفعل نظر بنور الله سبحانه وتعالى، والآن الشيخ حسني على مستوى عالٍ في خدمة القرآن الكريم وخدمة طلاب العِلم، فنسأل الله تعالى أن يبارك فيك وفي جهودك، وفي عطائك وفي خدمتك للقرآن الكريم، وأن يجعل ذلك إن شاء الله في ميزان أعمالك.
السؤال مرةً ثانية، هل الإتقان صعب؟ وقد قال الله عز وجل :

وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ (22)
[ سورة القمر]

في الوقت الذي نجد فيه بعض الناس يتخوَّفون من القرآن أو من الدخول في مجال القراءة والإقراء، أو القراءة عند المشايخ والحصول على إجازة بالسند المتصل، فشيخنا ماذا تقول في هذا الأمر؟ وأنت لست مُتخصصاً في دراستك للقرآن الكريم، وإنما دراستك كانت دراسة آداب علم النفس، وهذا سبحان الله إعجاز للقرآن الكريم، أنَّ الله عز وجل يُسخّر له ويصطفي لخدمة القرآن من الناس مَن أقبل على الله تعالى سواءَ كان مُتخصصاً في دراسته الأكاديمية دراسات إسلامية، أو كان مُتخصصاً في شيءٍ آخر من العلوم الكونية الأُخرى، فماذا تقول شيخنا الشيخ حسني في هذا الأمر؟

هل إتقان القرآن وحفظه وتجويده صعب؟
الشيخ حسني حسّوبة:
نعم من منّا لاحظ فيما رآه سواء في المعاينة المباشرة أو على وسائل التواصل أنَّ طفلاً صغيراً لم يبلغ العاشرة يحفظ القرآن؟ ويحفظ بإتقانٍ عالٍ، رأينا هذا؟ نعم رأينا، حتى رأينا بعض الأطفال لم يبلغوا العاشرة ويحفظ القرآن بالقراءات العشر، ويحفظ متن الشاطبية والطَّيبة، لماذا هذا الأمر؟ ليُقيم الله جلَّ وعَلا علينا الحُجة، ليقول لنا هذا طفل لا يعرف ما يقرأ ولا يفهم ما يحفظ، ومع ذلك حفظ كتاب الله جلَّ وعَلا.
من منا رأى شخصاً أعمى قد حفظ القرآن بإتقانٍ وبأداءٍ مميز؟ والأعمى هذا فقد شيئاً مهماً جداً في الحفظ والإتقان حاسة البصر، علماء التربية والتعليم يقولون أنَّ الإنسان حينما يَحفظ كلما كثرت الحواس التي تُشارك في عملية التعليم كلما كان الضبط أسهل، يعني بعض الناس يحفظ شيئاً بمجرد النظر بعينه، لكن حينما يحرك لسانه يكون التركيز أعلى، حينما يُسمِع نفسه ويُدخِل حاسة السمع يكون أقوى، وهكذا كلما زادت الحواس حينما يكتب تكون الجودة والإتقان أعلى وأعلى، لذلك كان مشايخنا ينصحونا ونحن صغارٌ يا بني ما صَعُبَ عليك حفظه اكتبه، وكتبنا على الألواح قديماً المقاطع عدة مراتٍ من أجل التجويد والإتقان.
طيب من منا رأى شخصاً أعجمياً يحفظ القرآن؟ الأعاجم لسانهم ليس عربياً ومع ذلك تجد الإتقان وتجد الروعة في الأداء، جاءني أحد الطلاب أنا ذكرت في أول اللقاء أنني سأتكلم عن مواقف عملية، جاءني أحد الطلاب أخ باكستاني يقرأ عندي، وهذا الأخ كان مولوداً في المملكة ويُتقن اللغة العربية ويتحدث الفصحى، لا يتحدث اللغة العامية يتحدث الفصحى دائماً، وقال: يا شيخ هذا صديقي جاء من الباكستان اسمه محمد فيصل توَّاً وصل اليوم يريد أن يُجوّد قراءته عليك، قال: يا شيخ هو حافظٌ ومن خمس سنوات يصلي التراويح إمام في باكستان، لكن بما أنه جاء هنا فرصةٌ يجُوّد القراءة عليك، قلت له: ما شاء الله كم عمره؟ قال: عشرون عاماً، المهم بدأ محمد فيصل لم يعرف يا دكتور رحابي أن يُلقي عليَّ السلام باللغة العربية! أول ما جاء قال: How are you، لا يوجد حتى السلام عليكم! طيب اقرأ يا أخ محمد، أنا قلت محمد سيقرأ يعني، والله يا إخوان والله يا أحباب والله كأنك تسمع الشيخ المنشاوي! بنبرة الصوت وروعة الأداء وجمال الإتقان، العجيب أنني قلت للأخ ضياء: لو سمحت اسأله قل له هل تفهم شيئاً مما تقرأه؟ قال: يا شيخ لا يفهم، قلت له: لا تجبني أنت اسأله هو فكلَّمه بالإنكليزية أو بالأردو هل تفهم؟ قال لا ولا كلمة يا إخوان! لا يفهم كلمةً مما يقرأه! ونحن الآن نقرأ آيات الله ونفهم مراد الله من الآيات، حتى من الأمور الطرائف العجيبة التي حدثت مع الأخ محمد فيصل في يومٍ من الأيام كان يقرأ والأخ ضياء انصرف خارج المسجد لحاجة له، فهو يقرأ وصل مداً لازماً، كان يجب أن يقف ولكنه وصل، فقلت له لا يصح قف هنا، فنظر إلي وهو لا يدري ماذا أقول! قلت له مدٌّ لازم، فجمعت بعض الكلمات من الثانوي والمتوسط فقلت له: You must stop here فابتسم وقالyes ، فبعد ذلك قال لي: why? ، فقلت له: why ليست عندي، عندما يأتي الأخ ضياء يترجم لك ويشرح لك، فلما جاء الأخ ضياء قلت له: قل له أنَّ هذا مداً لازماً وإن وصله يُغير المعنى، والله ما مرت على محمد بضعة أشهرٍ إلا وصار يتحدث بالعربية ويتكلم بالعربية، فإذاً القرآن يسَّره الله جلَّ وعَلا والدليل هذه النماذج التي نراها.
وهناك سؤال يا إخواننا أنا دائماً أطرحه على الطلاب الذين يقولون أنَّ القرآن صعب! تجربة عملية الآن، الآن سنأخذ مقطعين من كتاب الله جلَّ وعَلا، نأخذ مقطعاً من سورة الصافات، ومقطعاً آخر من سورة العاديات ثلاث آيات، وثلاث آيات نقول:

وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا (1) فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا (2) فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا (3)
[ سورة العاديات]

ثلاث آيات، ونأخذ ثلاث آياتٍ أخرى:

وَالصَّافَّاتِ صَفًّا (1) فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا (2) فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا (3)
[ سورة الصافات]

لو أننا نسمع القرآن لأول مرة، أيهما أصعب، نعم يا مشايخ أيهما أصعب؟
العاديات أصعب من الصافات بمراحل، الثلاث آيات من العاديات أصعب بكثير، تأمل: (وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا) ما علاقة ضبحاً بالعاديات؟ لا يوجد علاقةٌ لفظيةٌ تُسهِّل المعنى!
فالموريات ليست الموريات مورا لا ! (فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا)، فالمغيرات ليست غوراً من نفس الكلمة! (فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا)، لكن تأمل في سورة الصافات: (وَالصَّافَّاتِ صَفًّا) الصافات صفاً نفس المعنى! (فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا) فالزاجرات زجراً نفس الاشتقاق! (فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا) لكن لماذا كلنا يحفظ العاديات؟ لأننا سمعناها وكررناها كثيراً، انظر إلى عوام الناس فيما حولنا تجد كثيراً من العوام وكبار السن يحفظون سورة الكهف حفظاً متقناً ورائعاً، وسورة يس لِما جاء في شأنها من أحاديث باطلة وموضوعة لكن يحفظونها لأجل هذه الأحاديث، نريد أن نتعامل مع كتاب ربنا جلَّ وعَلا بهذا التعامل.
من مواقفي العملية التي رأيتها بعيني الشيخ عادل الكلباني من القُرّاء المعروفين بالأداء العالي، كنا في الحرم المكي لا أذكر في أي عامٍ تحديداً وكان معي والدي، وكنا نصلي التراويح في ليلة ختم القرآن، وكان الشيخ عادل الكلباني لأول مرةٍ يذهب للحرم، أول مرةٍ يصلي في الحرم انتدب في هذا العام لأول مرةٍ في الحرم، ووقفنا وأنا أحب قراءة وأداء الشيخ الرائع الرصين المتين، وبجواري والدي وظلَّ القُرّاء يقرؤون ثم فجأةً سمعت ما تميَّز بها الشيخ، الشيخ عادل الكلباني إذا دخل المحراب له حركةٌ لابد أن يقوم بها، فأول ما سمعت الحركة قلت للوالد: الله سنستمتع الآن بالقراءة، ثم بدأ الشيخ عادل الكلباني يقرأ وأخطأ في سورة التكوير، وأخطأ في سورة البروج! ووقف في سورة المطففين أكثر من مرة ومن خلفه يردُّه، وبعد أن انتهينا نظر إلي والدي وكأنه يقول لي أين الإتقان؟ وأين الأداء؟ وأين...؟ فقلت له هذا الشيخ كان يقرأ هذه السور على مسامعنا في الرياض في مسجده في المغرب والعشاء لسنواتٍ عديدةٍ ويحفظها أكثر مما يحفظ اسمه، قال لماذا أخطأ يا بني؟ قلت له الموقف جديدٌ عليه، فالذي يريد الإتقان لا بد له أن يُدَّرج نفسه في هذه المراحل، أنت حينما تحفظ مقطعاً من كتاب الله جلَّ وعَلا تُسمِّعَه على نفسك تجد عندك خطأ، تُسمِّعَه على زوجتك أو على ابنتك تجد عندك خطأين أو ثلاثة، تُسمِّعَه على الشيخ تجد أربعة أخطاء، تقف تصلي به تجد عشرة أخطاء، لماذا؟ لأن المواقف تباينت واختلفت، فكلما اعتاد الإنسان أن يقرأ على الشيخ دائماً ينطلق، إذا اعتاد الذي يريد الإتقان والأداء القرآني المُتقن أن يقرأ القرآن في صلاته سيعتاد الإتقان، في البداية سيخطئ سيوقعك الشيطان في الخطأ حتى يمنع عنك هذا الخير، أنا أقول وهذا أمرٌ قد يتعجب منه البعض، لا يليق بحافظ القرآن الذي يريد الإتقان والضبط والأداء حينما يقف يصلي نافلةً أو يصلي إماماً أن يقرأ دائماً:

أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1)
[ سورة التكاثر]

لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (1)
[ سورة قريش]

وَالضُّحَى (1)
[ سورة الضحى]

نعم هذه آياتٌ وسورٌ مباركةٌ لكن أين قراءتك مما تحفظه من باقي الآيات؟ إن لم تُجوده وتضبطه في الصلاة لن تضبطه! أحد أئمة المساجد كان يقرأ عندي قال لي: يا شيخ أنا عندي مشكلة، قلت: ما هي؟ قال: يا شيخ أنا أحفظ القرآن وأحفظه حفظاً مُتقناً، قلت له: أعلم ذلك فأنت قرأته علي، قال يا شيخ: لكن أدخل المحراب وأنا أريد أن أقرأ من سورة هود، وحضّرت المقطع ثم دخلت إلى المحراب فأجد نفسي أقول:

وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ (1)
[ سورة البروج]

أين سورة هود؟ ضاعت! قلت له: أنت حينما قرأت سورة البروج لأول في المحراب كيف كان أداؤك؟ قال: والله يا شيخ أخطأت فيها خمس مرات، قلت له: وكذلك هود جرب واقرأها، ستخطئ أول مرةٍ لكن في المرة الثانية ستكون أجود والتي بعدها أجود حتى يصبح القرآن كله بالنسبة لك كسورة الفاتحة تقرأه من أي موضعٍ وفي أي وقت، هذا للذي يريد الإتقان والذي يقول أنَّ الإتقان صعب! الإتقان صعب الله جلَّ علا يسَّره لكم كما وعد وذكرتم فضيلتكم الآن، لكن أين اجتهادك؟ أين حرصك على هذا الإتقان وسعيك له؟
الإتقان إذا تحدثنا عن الصعوبة يا دكتور الصعوبة في كل شيء، ما من شيءٍ يفعله الإنسان للوهلة وللمرة الأولى دون دُربة ودون تكرار إلا وفيه صعوبة، الآن البعض منا الآن الحاضرين معنا قبل أن يظهر الجوال الذكي الذي هو باللمس ماذا كنا نستخدم قبله؟ الجوال الذي بالأزرار، حينما استخدمت الجوال لأول مرةٍ كيف كان أداؤك، يتصل عليك أحدٌ لا تعرف من أين يفتح! تريد أن ترسل رسالةً من أين الرسائل؟ لكن الآن قد تستخدم الجوال هذا وأنت نائم لماذا؟ لأنك تعودت عليه، تجيب على الجوال وأنت تأكل وأنت تقرأ، اعتدنا الأمر، وكذلك كتاب الله جلَّ وعَلا وما بالك إذا كان الله عز وجل قد وعد بالتيسير، هذه الآية :

وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ (22)
[ سورة القمر]

ذُكرت في سورة القمر أربع مرات، يقول ابن عباس رضي الله عنهما عن تفسيرها، يقول ابن عباس: أي يقول ربنا جلَّ وعَلا هل من طالبٍ لحفظه فأعينه عليه؟ يعني ربك يُناديك للإتقان ولتجويد الأداء ما الذي يمنعك؟ ما الذي يؤخرك؟
وإشكالٌ أخيرٌ يا دكتور في هذه النقطة، البعض يخشى من الخطأ، اقرأ وجوِّد في الصلاة وفي غيرها وأخطئ، القرآن غالبٌ وليس مغلوب، أحد الأصدقاء من رفقاء الشيخ عبد الباسط رحمه الله كان يُرافق الشيخ في كل المحافل والشيخ كان يحبه ولا يذهب إلى حفلٍ إلا ويتصل به ليذهب معه، يقول: جلس الشيخ في أحد المحافل يقرأ سورة الإخلاص، تخيلوا يا أخواتنا وتأملوا يقرأ سورة الإخلاص، وقال الشيخ:

قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1)
[ سورة الإخلاص]

وأخذ الشيخ يجوّد في الآية وقرأها حوالي العشر مرات! يقول الناس مستمتعة لو قرأها الشيخ مئة مرةٍ فالناس مستمتعة، وكل مرةٍ يقرأها بأداءٍ مختلف، لكن أنا بمعرفتي بالشيخ وجدت وجه الشيخ متغيراً، فطبعاً تعرفون البعض عندما يقرأ القرآن عليه فقلت له: الله الله يا شيخ جميلٌ جميلٌ:

قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2)
[ سورة الإخلاص]

فالتفت عليَّ وقال الله الصمد، ثم قرأ وبعد أن انتهى الحفل قلت له يا شيخنا أنت نسيت سورة الإخلاص؟! قال والله يا بني نعم، قلت له يا عمي الشيخ أنت الشيخ عبد الباسط! قال لا تقل لي عبد الباسط ولا عبد الرحمن، القرآن ليس له كبير، فإذا عرفنا هذا هانَ علينا الأمر، لأن البعض الخطأ بالنسبة له قاتل، البعض يقرأ في لغاتٍ وفي علومٍ أُخرى ويخطئ ولا شيء عليه فما بالك بكتاب الله، حتى وإن أخطأت دون عمدٍ ودون قصدٍ لك أجرٌ ولك ثوابٌ ولك أجرٌ على المشقَّة.

الدكتور رحابي محمد:
الله يفتح عليك؛ كلامٌ طيب، وهذه النقاط التي ذكرتها يا شيخنا أجابت على كثيرٍ من الأسئلة عند الإخوة والأخوات في هذا اللقاء جزاك الله خيراً، نعم بعض الإخوة والأخوات يعلّقون، هناك أسئلةٌ كثيرة أو أجوبةٌ جاءت على لسانك في هذا اللقاء الطيب المبارك، أنا أذكر أول خطبةٍ خطبتُها الجمعة كنت في الصف الثامن حوالي خمسة عشر أو أربعة عشر سنة، فنزلت من خطبة الجمعة لأقرأ في صلاة الجمعة، طبعاً هذه أول خطبةٍ يا شيخ في حياتي وكما تعلم كيف تكون أول مرةٍ بدون تدريبٍ كافٍ وبدون ممارسةٍ كافية، كيف تكون للوهلة الأولى، وأمام الوالد رحمه الله وأمام أهل البلد وأصدقائي، ففي صلاة الجمعة استووا استقيموا، الله اكبر، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، مالك يوم الدين، أهل المسجد كلهم الرحمن الرحيم فأنا بدون أن يصححوا لي فالهيبة والتصبب من العرق والخوف وكنت صغيرَ السن، فالقرآن بالفعل غالبٌ ويحتاج إلى تدريبٍ ويحتاج منا أن نشدَّ على أيدي بعضنا البعض.
عندنا حلقة نقرأ القرآن مع الأخوات يوجد أختين، والواحدة منهما عمرها ثمانيةٌ وسبعين سنة والأخرى ستةٌ وسبعين سنة أو أكثر، حريصات على التعلُّم، والله يا شيخنا يخجلوني ويخجلون ربما الشباب الذين هم في سن الشباب من هِمتهم العالية وحرصهم على التعلُّم، هذا الأخت واحدةٌ منهم تتواصل معي بعد الدرس أو بعد اللقاء أو قبله أن عندها آيات مُعّينة تريد أن تتصل خصوصاً لتلاوتها وتصحيحها، فلما أستمع إليها أحياناً ولا أُصحح، تمر آيةٌ أو آيتان أو ثلاثة تقول هل أنا أقرأ بشكلٍ صحيح؟ أقول لها نعم، لا تصدق! أقول لها ثقي بنفسك، تقول: وهذا الحرف يكون قد مرت أيام صححت لها بعض الحروف أو بعض الكلمات فأحياناً نُسّهل بعض الأمور حتى لا يصبح هناك نُفرة أو كما تفضلت حتى لا نُشدد كثيراً، لكن البعض من الطلاب أو من الأخوات يريدون سبحان الله ذلك المقام العالي من الإتقان والتلاوة الصحيحة.

الشيخ حسني حسّوبة:
وما داموا يريدونه سيصلون إليه بإذن الله تعالى.

الدكتور رحابي محمد:
إن شاء الله، بإذن الله تعالى، سيدنا معنا الأستاذ الشيخ عبد الغفور أيضاً جزاك الله خيراً، وهو أيضاً من الإخوة الكرام في الدراسات العُليا في الأداء القرآني، وهو شيخٌ جليلٌ ويخدم القرآن الكريم أيضاً في البرازيل، جزاه الله خيراً وأحسن الله إليه، بالمناسبة شيخنا معنا إخوةٌ وأخواتٌ في الدراسات العُليا ، ما الذي دعا الشيخ الفاضل الشيخ حسني للتسجيل في الدراسات العُليا في الأداء القرآني حتى أذهب بعد ذلك إلى السؤال عن إعاقات أو هل العمر يُعيق عن تعلُّم القرآن الكريم؟ لكن بالمناسبة هل هناك دواعٍ وأسبابٌ دعت الشيخ المُقرئ والقارئ والإمام والخطيب والمُتعمق في علم القرآن الكريم، ما الذي دعاه لأن يدرس دراسات أكاديمية في هذا الوقت في الدراسات العُليا في الأداء القرآني؟

ما الذي دعا الشيخ حسني لأن يدرس في الدراسات العليا للأداء القرآني؟
الشيخ حسني حسّوبة:
والله سبحان الله العظيم الجانب العملي والتطبيقي على الرغم أن سبحان الله العظيم كثيراً من المواد لمَّا اطلعت عليها، مواد الماجستير وجدت أنه الواحد قد يكون شرحها فيما سبق في بعض الدروس وفي بعض الدورات لكن الجانب الأكاديمي وأنت تطلب العِلم، وطلب العِلم كما يقولون من المهد إلى اللحد، الإمام أحمد رحمه الله شاهده أحد طلابه يدخل إلى حلقةٍ من حِلق العِلم وفي يده القرطاس والمحبرة، وهو في ذلك الوقت إمام أهل السنة بلغ الذروة في العِلم وفي المكانة، أوقفه صاحبه وقال له: يا إمام إلى متى؟ قال: ما الذي إلى متى؟ قال: إلى متى تطلب العِلم؟ قال مقولةً رائعة، قال: مع المَحبرة إلى المقبرة! فالمسلم لا بد أن يكون هذا ديدنه، دائماً يطلب العِلم، ودائماً يتعلّم، وسبحان الله العظيم الجانب الأكاديمي والجانب البحثي أن الإنسان يكتب بحثاً في جانبٍ من جوانب العلوم الشرعية في علم التجويد أو في الإقراء أو في غيره، جانبٌ ممتعٌ جداً جداً يجعلك تمرُّ على المراجع التي قرأتها سابقاً بنظرةٍ جديدة، بتأملٍ جديدٍ قد تكون سابقاً تمرُّ عليها لأخذ معلومة، لكن الآن تمر عليها لتبحث وتُقارن وتُوثق وتُدقق، فهذا لا أخفيكم شعورٌ جميلٌ وممتع، أن الإنسان يعيش مع العلم بهذه الطريقة بهذه الكيفية وله هدفٌ وله غاية، اسأل الله أن يرزقنا الإخلاص.

الدكتور رحابي محمد:
آمين يرزقنا الإخلاص والتوفيق؛ حتى نبين لبعض الإخوة والأخوات أن الدراسات العُليا في الأداء القرآني حقيقةً هي لأهل القرآن الكريم، للمجازين في القرآن الكريم حول العالم في أي مكانٍ في أي بلدٍ أنت فبإمكانك أن تدخل وتسجل لتكون إن شاء الله مرجعاً موثوقاً أكاديمياً مُعتمداً في جانب علم التجويد والأداء القرآني، لأن المشايخ والمجازين في القرآن الكريم يركّزون على الجانب العملي في القرآن ولكن كما تفضل الآن شيخنا الشيخ حسني الآن نحن ذهبنا إلى مرحلةٍ متقدمةٍ نوعاً ما في تأطير هذه العلوم العملية وهذا الأداء القرآني إلى طريقةٍ أكاديميةٍ، فتكون هذه الأمور عِلم التجويد والأداء القرآني بطريقةٍ علميةٍ ومنهجيةٍ دقيقة، وإن شاء الله مُتبعين أصول الإقراء والإسناد المُعتبر ومُتماشين مع القواعد العلمية والأكاديمية المعاصرة.
شيخنا الحبيب شيخ حسني هل العمر والتقدم في العمر يمنع من تعلُّم القرآن الكريم؟ تلاوته أو الحصول على إجازة قرآنية؟ أو أن يكون مُتقناً للأداء القرآني؟ أو يجب أن يكون بدء بالقرآن فقط: (خيرُكم من تعلَّم القرآنَ وعلَّمَه) هذا الحديث لمَّا نسمعه كأنه يوجد أناسٌ لا يدركون إلى أنه هذا للأطفال فقط في دور التحفيظ وفي حلقات القرآن، هل يُطبق هذا الحديث أيضاً على من تجاوز الأربعين والخمسين والستين والسبعين من العمر؟

هل التقدم في العمر يمنع من تعلُّم القرآن الكريم والحصول على إجازة قرآنية؟
الشيخ حسني حسّوبة:
والله يا دكتور نحن لو سألنا سؤالاً مهماً؛ لنقول كلنا كل المُقرئين إلا فئةً قليلةً جداً قد تكون يمكن اثنان في المائة أو ثلاثة في المائة دون مبالغة، من منهم القرآن معه منذ أن حفظه في الكُتَّاب وهو صغير؟ فئةٌ قليلةٌ جداً، يعني أنا مثلاً بدأت الحفظ الحقيقي للقرآن في مرحلة الجامعة، الحفظ الحقيقي للقرآن والمداومة والحفظ المتصل مع الترقي في الأداء في الجامعة.
طيب نحن قلنا في بداية اللقاء سنتحدث عن نماذج عملية، الإمام الكسائي رحمه الله، إمام أهل زمانه في النحو واللغة وفي القراءات له قراءةٌ منسوبةٌ إليه الإمام الكسائي، متى طلب العِلم؟ بعد الأربعين وأصبح الإمام الكسائي! الإمام الفضيل بن عياض، متى طلب العِلم؟ بعد الأربعين الآن لا تفتح كتاباً من كتب العلم الشرعي: فقه، حديث، تفسير، أي كتاب إلا وتجد في هذا الكتاب مرجعاً قال الفُضيل! طلب العلم بعد الأربعين، الإمام ذر بين حبيش، العز بن عبد السلام طلب العلِم بعد الخمسين! وأصبح سلطان العلماء، يعني هو هنا لم يطلب القرآن فقط وتجويد القرآن، هو طلب أصول الفقه ومصطلح الحديث، والتفسير وعلومه، والقرآن وعلومه علومٌ شتى حتى أصبح إماماً في وقته، سلطان العلماء.
زر بن حبيش، من زر بن حبيش؟ زر بن حبيش هو شيخ الإمام عاصم رحمه الله، يعني حينما سأل حفص الذي نقرأ وغالبية العالم الإسلامي يقرأ بروايته حينما سأل عاصم وكان حفصٌ ربيباً لعاصم (ابن زوجته) قال له: يا أبتي أنت تُقرأني القرآن بحروفٍ غير التي تُقرأ بها شُعبة يعني أخي وصديقي الذي يقرأ عليك لماذا؟ يعني تقول لي حينما تقرأ قل رِضوان وتقول لشُعبة رُضوان، تقول لي ولتُكْملوا العدة، وتقول لشُعبة ولِتُكَمِّلوا العدة لماذا هذه الفروق؟ فقال عاصم، انتبهوا يا إخوان لابد لكل من يقرأ رواية حفصٍ لابد أن يعرف إسنادها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قال عاصم: نعم يا بني أنا أُقرِئُك القرآن بالرواية التي تلقيتها عن أبي عبد الرحمن السُلمي رحمه الله، طبعاً أبو عبد الرحمن السُلمي لمن لا يعرفه كان قريناً من عثمان بن عفان وكان يقول عن عثمان بن عفان خليلي عثمان، وهو الذي روى عنه الحديث المشهور الذي ندور كلنا حوله: (خيرُكم من تعلَّم القرآنَ وعلَّمَه)، قال: أنا أُقرأك بالرواية التي تلقيتها عن أبي عبد الرحمن السُلمي، عن علي بن أبي طالب، وزيد بن ثابت، وأُبي بن كعب، وعلي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم، يجب أن نحفظ هذا الإسناد المبارك، إسنادك في حفص من؟ حفصٍ عن عاصم عن أبي عبد الرحمن السُلمي عن علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم نختصر.
طيب ثم قال عاصم رحمه الله: وأُقرِأ شُعبة بالرواية التي تلقيتُها عن زرٍّ بن حبيش، عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم، زرٌّ بن حبيش هذا شيخ عاصم طلب العِلم بعد الستين! وأصبح إمام أخذ عنه البخاري في كتابه، وعلماء الأحاديث أخذوا عنه ورووا عنه أحاديث، وشيخ الإمام عاصم.

د. رحابي محمد:
شيخنا عندك نموذجٌ معاصرٌ من خلال ما علَّمت، تفضل إذا عندك نموذجٌ حتى نشحذ الهمم للإخوة والأخوات.

قصص ونماذج عن من حفظوا القرآن في عُمر متقدم:
الشيخ حسني حسّوبة:
النموذج هذا في بعض الحلقات كان عندي بعض الناس قد تجاوز الستين من العمر، ويقرأ وينافس الشباب ويقول دوري أقرأ كما تقرؤون، هذا واقعٌ أنا رأيته، لكن سأحدثكم في قصةٍ جميلةٍ جداً اسمها قصة الحج محمود، هذه القصة سمعتها من شيخي الشيخ كامل رحمه الله.
يقول يا بني وأنا صغيرٌ جداً في بداية حفظي جاء جارٌ لنا اسمه الحج محمود صديق الوالد، الشيخ عوف رحمه الله وقال له: يا شيخ عوف أنا أريد أن أحفظ القرآن، فالشيخ قال له: يا حج محمود اترك الحفظ للشباب، وهذا للأسف الشديد من الأخطاء التي يقع فيها البعض، بعض المُقرئين نحن نقول نريد مُقرئاً مُلهماً، قال له: يا حج محمود اترك الحفظ للشباب، اقرأ يا حج محمود اقرأ من مصحف ثواب، طبعاً الحج محمود في ذلك الوقت كان قد قارب السبعين من عمره، فالحج محمود بصفة أن الشيخ عوف الذي سيقرأ عليه في عمر أولاده فانفعل، قال له يا أخي أنت ما شأنك أنا أريد أن أحفظ، جئت إليك لأحفظ تساعدني أم تُحبطني؟ هل ستُحفظني أو أحفظ عند أحدٍ غيرك؟ قال له : حاضر يا حج محمود لا يوجد مشكلة، يقول الشيخ كامل والله يا بني كنت أراه يقرأ على والدي كل يومٍ آيتان أو ثلاث آيات، يقرأ ويقول لوالدي هل هكذا صحيح؟ فيقول له نعم، فيقول له حسناً غداً أسمِّعهم لك، يأتي في اليوم التالي يقرأ آيتين، ويقول لوالدي يبدو أن الآيتين سهلتان سنزوِّد أيضاً آيتين، وهكذا أربع آيات خمس آيات ست آيات بحسب، متى ختم الشيخ محمود؟ وأصبح يجلس بجوار الشيخ عوف ويصح للطلاب أحياناً والشيخ عوف جالس، متى ختم؟ ختم وعمره اثنان وتسعين عاماً، العجيب أن الشيخ يقول لي سبحان الله العظيم وكان حينما يُحدثه أحد يقول عندي هدف، عندي غايةٌ اتركوني أريد أن أقابل الله وأنا خاتمٌ لكتاب الله، لا أحد يُحبطني، سبحان الله العظيم ختَم يا إخوان يوم الأربعاء، وعمل حفلة وليمةً كوليمة العرس، وتوفي يوم الجمعة! وكأن الله جلَّ وعلا أمدَّ في عمره لهذه الغاية ولهذا الهدف المبارك أن يُتقن كتاب الله جلَّ وعلا، حينما سردت هذه القصة في أحد المحافل قال أحد الحاضرين، عشرون سنة يا شيخ، عُمْر! قلت له: وكم مرَّ من أعمارنا عشرون وعشرون وعشرة وعشرة بلا فائدة.

الدكتور رحابي محمد:
والله يا شيخنا هذه قصةٌ مُلهمة، أتمنى من الإخوة وأرجوكم شاركوا هذه القصة لأهلكم لإخوانكم لأحبابكم، والله قصةٌ تكتب بماء الذهب وإن شاء الله هذا اللقاء سنكتبه أيضاً ونُفرغ هذا اللقاء كاملاً حتى يكون أيضاً متداولاً للإخوة من القُرّاء ويستطيعون إن شاء الله القراءة، هذه القصة مُلهمةٌ جداً، لماذا ذكرت الشيخ قلت له أرجوك أن تعطينا مثالاً معاصراً لأن الأمثلة القديمة من السلف الصالح رضوان الله عليهم، البعض يظن أن هؤلاء المصطفون الأخيار ولا يوجد مجالٌ أن ننافسهم أو نرتقي إلى مراتبهم، لكن:

{ الخيرُ فيَّ وفي أمَّتي إلى يومِ القيامةِ }

[رواه الألباني]

والله سبحانه وتعالى جعل أهل القرآن من عصر الصحابة رضي الله عنهم، إلى أن تقوم الساعة في كل عصرٍ وفي كل مِصرٍ هناك أهلٌ لله وهناك خاصةٌ لله سبحانه وتعالى أهل القرآن الكريم.
إذا تسمح لي شيخنا، اسمح لي أن أذكر هذه القصة وحصلت هذه القصة مع أستاذي أرجو أن يكون هناك فرصةٌ أن يستمع لها أو أن يكون إن شاء الله يحضر هذا اللقاء، أستاذي الشيخ عادل سرور حفظه الله وشفاه الله وعافاه، كان في إحدى فعاليات مسابقات القرآن الكريم، لتكريم الفائزين الناجحين، وكان هناك شيخٌ جليلٌ حاضرٌ في الحفل هو الشيخ القائم على المُجمع الإسلامي والعمل الإسلامي والمسابقة وكذا.. فيقول الشيخ بعد تكريمه للفائزين بالقرآن الكريم، يقول للحفل الكبير عددٌ هائلٌ من الناس يقول: يا أبنائي هذا القرآن الكريم، كلام الله سبحانه وتعالى رسالة الله إلينا إلى كل واحدٍ منا أن يقرأ هذه الرسالة، يتلوها حق التلاوة يفهمها يعمل بها يدعو إلى الله تعالى هذه مسؤوليةٌ على كل واحدٍ منا، هذا القرآن كتاب الله كتاب كل واحدٍ منكم، اهتموا به وهذه مسؤوليتكم، في آخر الصفوف أستاذي الشيخ عادل سرور وهو أيضاً قرأ عند الشيخ محمد سكر رحمه الله وأجيز عنده، وهو الآن مُقرئٌ للقراءات الشيخ عادل حفظه الله، فالشيخ عادل جالسٌ في آخر الصفوف إلى جانبه رجلٌ عمره في ذلك الوقت سبعٌ وستون أو ستةٌ وستون سنة، الرجل هذا الستيني أو السبعيني بدأ يبكي وهو يستمع إلى الشيخ يحث الناس على الاهتمام بالقرآن الإقبال على القرآن تلاوتاً وعلماً وتدبراً وفهماً وتطبيقاً، فالشيخ الستيني المسن بدأ يبكي، فالتفت إليه أستاذي قال له ما الذي يبكيك؟ قال له: اسمع الشيخ ماذا يقول، هذا الكلام كتاب الله مسؤولين عنه أمام الله عنه يوم القيامة سيسألنا عن القرآن ماذا عملنا به؟ ويقول لنا اهتموا به تلاوتاً وعِلماً وعَملاً، وماذا أفعل وأنا عمري الآن سبعٌ وستون سنة فيقول له الشيخ، انظر للشيخ المحفز الشيخ الذي يفتح الطريق والأمل.

الشيخ حسني حسّوبة:
نحن قلنا الشيخ المُلهم، المُقرئ المُلهم.

الدكتور رحابي محمد:
الشيخ المُحفز المُشجع قال له: وماذا يمنعك؟ قال له: يا شيخ عادل عمري سبعٌ وستون سنة، قال له: قل بسم الله والباقي على الله أنت عندك نية؟ قال: طبعاً ولكن أنا كبير وأصبحت عجوزاً! قال له: يا حج قل بسم الله عندك نيةٌ والله ييسر، فيقول غاب سنةً كاملةً هذا الرجل الستيني يعود إلى الشيخ عادل ومعه المصحف يقول له: شيخ عادل هذا المصحف اسألني من أي موضعٍ شئت غيباً وجاءه حافظاً مُتقناً للقرآن الكريم، يذهب بعد هذا المسن يصبح مفرغاً نفسه لتعليم القرآن الكريم من مسجدٍ إلى مسجدٍ من مساجد دمشق وحلقة قرآنٍ بعد الفجر، وحلقة قرآن بعد الظهر بعد العصر في عدة مساجد، وأصبح يلتقط الناس من الشارع وبعد الصلوات ويقول له: كيف حالك أين تصلي الظهر العصر كذا.. ما رأيك أن نجلس عشر دقائق على القرآن الكريم نحفظ نقرأ نتعلم؟ لما يرى من واحدٍ عنده نوعٌ من الصعوبة أو الخوف يعطيه الأمل يقول له تعال أنا حصل معي هذا خلال سنة حفظت وأتقنت القرآن الكريم، رآني مرةً كنا في رحلةٍ مع الشباب الطلاب، فرآني ظن أنني لست مُعلّماً أو مُتعلّماً فسلم علي قال لي: أنا الحاج فلان ما الإسم الكريم قلت له: رحابي، قال لي: أين تصلي العصر عادةً، قلت له: أصلي في جامع أبو النور، قال لي: هل تحب أن نصلي يوم كذا نجلس مع بعض نقرأ قرآن؟ قلت له: طبعاً حاضر، يعني يدعوك إلى مائدة قرآن لا تستطيع أن تقول له لا، وهو يتكلم معي يأتيني طالبٌ ويقول: أستاذ رحابي، فيقول لي أنت أستاذ؟ فأقول له: لا أنا طالب عِلمٍ عندك أتشرف أن آتي إليك، قال لا أرجوك سامحني أنا ظننت أنه لا يوجد عندك برنامج، لست أستاذاً، فأصبح مُلهماً لغيره، أصبح مُعلماً للقرآن الكريم.
شيخنا الوقت ما شاء الله الآن ساعة وعندنا عددٌ من الأسئلة المتبقية، ولكن أنا عندي سؤال أخير قبل أن نختم بتلاوةٍ طيبةٍ من فضيلتك إن شاء الله تعالى، من الأسئلة التي جاءت الآن من الإخوة يقولون كيف التسجيل؟ التسجيل عبر الموقع الإلكتروني للأداء القرآني تذهبون إلى هناك والتسجيل إلكتروني بإذن الله تعالى، والدراسة ذاتيةٌ أيها الإخوة والأخوات، الدراسة ذاتيةٌ ترسل لكم المناهج والمقررات تدرسونها واللقاءات إن شاء الله متتاليةٌ، يعني كل سبتٍ نجلس إن شاء الله مع أهل القرآن حتى نزداد عِلماً وتعلّماً، والإمتحانات تكون حسب أوقات الطالب بعد مضي الفصول الدراسية.
الآن السؤال شيخنا ضيق الوقت وعدم التخصص، هذا يمكن أيضاً تابعٌ لنفس موضوعنا، ضيق الوقت وعدم التخصص هل يمنعان من إتقان القرآن الكريم؟ ونحن نقدم الآن الشيخ حسني هو خريج كلية الآداب علم نفس وربما دراسته الأكاديمية مختلفةٌ تماماً عن دراسة ربما طلاب العلم الشرعيين الذين يدرسون أكاديمياً دراساتٍ إسلاميةً أو قرآنية، لكنه أصبح مُبرِّزاً وعالماً بالقرآن الكريم ومُقرئاً له قناة يوتيوب وله نشاطٌ طيبٌ جداً في تعليم القرآن الكريم في دورات، وإن شاء الله نستثمر في علمه وفي فضله إن شاء الله تعالى ونستفيد منه إن شاء الله تعالى، فكيف تعطينا شيخنا من خلال تجربتك الشخصية أنَّ ضيق الوقت أو عدم التخصص هل يمنع الإنسان من الارتقاء إلى درجة الإتقان؟

ضيق الوقت وعدم التخصص لا يمنعان من الارتقاء إلى درجة الإتقان:
الشيخ حسني حسّوبة:
طيب كما قلنا سنتحدث بالمواقف ليس بالتنظير، ولن نتحدث كما قلتم عن النماذج القديمة فالبعض يرى أن هؤلاء هم الصفوة المختارة الذين لا يتكرروا، لكن الآن من ممن نراهم ونعرفهم الآن من أشهر نحسبه والله حسيبه ولا نزكي على الله أحداً من أضبط الناس في القراءات والأحكام وغيره وهو مرجعٌ من المراجع على مستوى العالم، الدكتور أيمن رشدي سويد حفظه الله، الدكتور أيمن رشدي سويد ما تخصصه؟ هندسة قسم ميكانيك، هذا التخصص الأصلي للدكتور أيمن ثم بعد ذلك أخذ مسار العِلم واللغة والقرآن حفظه الله ونفع الله به، مرجعٌ للأمة في علوم القرآن.

الدكتور رحابي محمد:
لا أقاطعك ولكن بالمناسبة ما دمت ذكرت فضيلة أستاذنا الشيخ الدكتور أيمن سويد، كما تعلم كتابه التجويد المصور هو أحد الكتب المقررة في الدراسات العُليا في الأداء القرآني، تم اعتماد هذا الكتاب كمرجعٍ وكمادةٍ أساسيةٍ في الدراسات العُليا للأداء القرآني ليقوم الطالب بدراسة هذا الكتاب وحفظ تعريفاته وأمثلته أيضاً لأنه بالفعل جمع بين التجويد القديم والتجويد الحديث بطريقةٍ سهلةٍ ومُيسرةٍ ومُتقنةٍ وأكاديمية، نعم شيخنا أرجو المتابعة.

الشيخ حسني حسّوبة:
مثالٌ آخر شيخنا الدكتور إيهاب فكري حفظه الله ونفع الله به، مُقرئٌ في الحرم المدني، وهو من أعلم نحسبه والله حسيبه من أعلم من رأيتهم يتحدثون في عِلم القراءات وخاصةً عِلم التحريرات وهو من أصعب العلوم في القراءات، أصلاً طبيب! والآن هو يُشار إليه بالبنان ويُرجع إليه في أمور التحريرات في علوم القراءات.
شيخنا في الرياض هنا معنا الشيخ عدنان العرضي حفظه الله، الشيخ عدنان العرضي معلم لغة انكليزية وهو الآن مرجعٌ في علوم القرآن وفي القراءات، هذه بعض النماذج.
عندي على مدار اليوم أكثر من حلقةٍ يقرأ فيها يومياً ما يقارب الثلاثين طالب، يقرؤون عندي لا أتحدث عن أحدٍ غيري، هؤلاء الثلاثين طالباً منهم ما يقارب الأربع وعشرين طالباً دون مبالغة إما طبيبٌ أو مهندسٌ أو صيدلي أو ما شابه، وبعضهم ختم أكثر من قراءة أو أكثر من رواية، بل إن أحدهم قد انتهى من القراءات العشر فيما يقارب عدة سنوات رغم ضغط العمل، ونعلم أنَّ الأطباء وقتهم ضيق، والمهندسين وقتهم ضيق، لكن البركة وما دمت قد نويت سيعينك الله جلَّ وعَلا.
بالنسبة لضيق الوقت في الأسبوع الماضي في أحد الأسواق قابلني إمام مسجد، وقال لي: يا شيخ والله إن شاء الله سآتيك، أريد أن أضبط القرآن لكن أنا الآن مشغول لكن سآتيك وأضبط، قلت له: لن تضبط ولن تأتي، قال لي: عجيبٌ يا شيخ ما تعودنا ذلك منك! تعودنا منك الترحاب، قلت له: يا أخي الكريم أنت الآن مشغولٌ وغداً إنشغالك أكثر، أنا أقول للطلاب دائماً أنت الآن في المرحلة الثانوية تدعي أنك مشغول، طيب وفي الجامعة الإنشغال أشد، وحينما توظَّف أشد، وحينما تتزوج، وحينما يأتيك الأولاد، فالمؤمن لا يعرف الفراغ، المؤمن لا يعرف أن يظلّ وقته هَملاً بلا شيء، كلما تقدم بك العمر كلما زاد الإنشغال، فما الحل؟ ما النتيجة؟ ما المخرج؟ أن تأخذ لربك من وقتك شيئاً، أن تأخذ للقرآن من وقتك شيئاً.
يعني أنا لا أنسى موقفاً والله تعلمته من أحد الطلاب عندي في إحدى الحلقات كنت في حلقة وكانت الحلقة بعد العشاء وهذا الطالب هو طالبٌ أُردني، سبحان الله العظيم كان يخرج من جامعة الملك سعود، كان باحثاً في كلية الطب، يخرج من جامعة الملك سعود ويمرُ على بيته في الطريق ثم يتجاوز البيت ويأتيني في الحلقة ليقرأ، وفي يومٍ من الأيام جلس ينتظر دوره ثم ناديت عليه، تفضل يا دكتور محمود، قال: والله يا شيخ للأسف أنا اليوم لم أحفظ، قلت له: عجيب ولماذا تكبدت عناء الطريق وأنت لا تحفظ؟ لماذا أتيت؟ لماذا لم تذهب إلى بيتك؟ قال والله يا شيخ غلبني الشيطان وشغلني عن الحفظ فقلت والله لأرغمنَّك رغم أنفك وأذهب إلى المسجد وأجلس في المسجد وقت الحلقة حتى ينتهي الوقت إرغاماً الشيطان، فقلت والله يا أخي هذا درسٌ تعلمته منك اليوم، ثم ناديت على الطلاب قفلت لهم: يا إخوانا انظروا للدرس الرائع الذي يعلمنا إياه الدكتور محمد، ثم قال: أستأذنك يا شيخ سامحني لن أسمِّعَ اليوم، ثم العجيب انظر حينما يرى الله منك خيراً يكافئك، جلس للحظاتٍ ثم قال يا شيخ أنا حفظت تسمح لي أُسمع؟ الله أكبر!
أذكر موقفاً عجيباً جداً، وسبحان الله العظيم أحد المعلّمين الفضلاء كان زميلاً لنا في إحدى الحلقات بعد المغرب، اسمه الشيخ محمود فرفري، لعله يسمعني الآن هو هندي وقديم في الرياض ويتحدث اللغة العربية الفصحى وختم رواية حفص ثم رواية شُعبة على أحد المشايخ، و كان معي في الحلقة وكل يومٍ في أثناء الحلقة يقول لي: يا شيخ أريد أن نستفيد من وجودنا مع بعض أقرأ عليك أي قراءة، أقرأ عليك أي روايةٍ أرجوك، أقول له يا شيخ محمود والله الوقت ضيق، نحن الآن بين المغرب والعشاء في الحلقة ثم بعد الحلقة أرجع إلى بيتي وترجع إلى بيتك أين الوقت؟ تأتيني البيت على الرحب والسعة، آتيك قال أنا مشغول، ثم فجأة سبحان الله العظيم فجأة وحن نخرج من المسجد لم يكن عنده سيارةٌ في ذلك الوقت كنت آخذه معي أوصله إلى بيته في الطريق، ونحن نخرج من المسجد قال لي اسمع يا شيخ نحن كل يومٍ نركب السيارة مع بعض وتقول لي أخبار الهند وأخبار أولادك في الهند وأنا أقول لك أخبار مصر وأهلك في مصر، ما دخلنا في مصر والهند دعنا مع القرآن يا شيخ! ما رأيك يا شيخ سأقرأ عليك في السيارة؟ قلت له: يا شيخ محمود هذه خمس دقائق، قال: ولو خمس دقائق، فسبحان الله العظيم بدأنا قراءة ابن كثير المكي براوييه البزي وقنبل، نخرج من المسجد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ثم يقرأ وسبحان الله العظيم حينما نمر في الطريق يوجد إشارة، يُقدِّر الله تقف الإشارة ربع ساعة! والشيخ محمود يقرأ، كانت الربع ساعة هذه نقضيها بلا شيءٍ سبحان الله العظيم، نقضيها في لغو، ثم نصل إلى البيت يريد أن ينزل هو الآن بقي له وجهٌ أو وجهين على سورة النحل ينزل أقول له بقي وجهين على السورة اقرأ لننتهي، في ستة أشهر انتهى من قراءة ابن كثير كاملةً، ولما انتهى قال والدموع في عينيه: سامحك الله يا شيخ حسني سامحك الله أكثر من أربع سنوات مع بعض كنت قرأت أكثر من قراءة تواً تذكرنا أن نستفيد من وقتنا!

الدكتور رحابي محمد:
نعم والله جزاك الله خيراً؛ اليوم قصصٌ كثيرةٌ مُلهمةٌ أتمنى على الجميع أن يشاركوا هذه القصص على صفحاتهم، أو على الأقل يرسلوا هذه القصص يلخصونها ويخبرون بها أهلهم وأصدقائهم وأحبابهم بأنه مازال أمامك متَّسع ومازال أمامك وقتٌ تستثمره في خدمة القرآن الكريم، وهذه رسالةٌ أيضاً اليوم ممكن أن نقولها إلى أئمة المساجد من ترون عندكم من الإخوة المصلين ويلتزم معك سنةً وسنتين وثلاثة وأربعة، انصحهم أن يقرؤوا القرآن معك ولو على الحاضر، ولو سوراً قصيرة ولو سوراً مُعّينة حتى يستثمروا وجودهم مع الإمام، الإمام كنز في الجالية أو في المجتمع الذي يعيش فيه، كنزٌ كبيرٌ فنستثمره على الأقل في تلاوة القرآن في تصحيح التلاوة، لعل لقاءنا انتهى، وقبل أن نختم إن شاء الله نريد أن نسمع تلاوةً طيبةً من الشيخ حسني، ولكن من يسأل بعض الأسئلة هنا عن موضوع التسجيل أرجوكم اذهبوا إلى الموقع الالكتروني ستجدون إن شاء الله التفاصيل في كيفية التسجيل وكيفية إدخال المعلومات، الذي يقول سجل ولم يتواصل معه أحد أرجوكم ربما الإيميل الذي أدخلته حضرتك غير صحيحٍ فلم تأتِ البيانات إلى الموقع الإلكتروني، فأدخل المعلومات مرةً ثانيةً إلى الإيميل الصحيح حتى تأتي المعلومات إلى الموقع وقسم التسجيل سيتواصل معكم إن شاء الله، وربما تجدون رقم الواتس آب على صفحة الفيس أو على صفحة الموقع الإلكتروني ورقم واتس آب لقسم التسجيل والقبول يتواصلون معكم ويساعدونكم إن شاء الله، نعم الدراسة عن بُعد والتسجيل أيضاً عن بُعد لا حاجة للالتزام بحضور الاختبارات أو المحاضرات بشكلٍ شخصي، كل شيءٍ أونلاين إن شاء الله تعالى .
لماذا الدراسات العُليا في الأداء القرآني؟ لإتاحة الفرصة لأهل القرآن أن يكونوا في مصافْ الأكاديميين الجامعيين حملة الشهادات العُليا إن شاء الله تعالى.
الله يحفظكم ويبارك بكم إن شاء الله تعالى، نحن نختم الآن بتلاوةٍ طيبةٍ من الشيخ حسني الله يبارك فيك تفضل شيخنا.

وقت القرآن وقت مُقدس:
الشيخ حسني حسّوبة:
نقطةٌ أخيرةٌ في دقيقة؛ مشكلتنا جميعاً في حفظنا، في تجويد أدائنا، في مُراجعتنا لأورادنا أنَّ وقت القرآن معنا ليس وقتاً مُقدساً، إذا أردت أن تُنجز في تحسين أدائك القرآني، في حفظك في مراجعتك اجعل وقت القرآن وقفاً لله جلَّ وعلا، بمعنى كلمة وقف لله هذا الوقت لله هذا الوقت للقرآن لا يجور عليه شيء لأن انتبه إن كنت تسعى للأداء والإتقان لن يتركك الشيطان في البداية سيحاول أن يشغلك، في أحد الدورات كان عندي طالبٌ وتكرر أنه لم يحفظ في أحد الدورات، فقلت له: لماذا لا تحفظ؟ قال: والله مشغولٌ يا شيخ، مشغولٌ جداً، فقلت لعلي أساعدك، أحضر ورقة وقلم فأحضر ورقة وقلم، قلت له: اكتب لي البرنامج اليومي لك حتى نجد فسحةٌ في الوقت فرفع رأسه وأخذ يفكر، قال: والله يا شيخ ما عندي شيء! قال: والله يا شيخ أنا أجلس في البيت أشتكي الملل! طيب وبعد ذلك، قال: إذا أمسكت بالمصحف نادى علي والدي، ثم طلبتني أمي، وفجأة أجد صديقاً منقطعاً عني منذ ثلاثة أشهر يقول سآتيك الآن لأشرب قهوة معك! لماذا؟ الشيطان يريد أن يشغلك، فإذاً اجعل وقت القرآن وقتاً مقدساً وقفاً لله جلَّ وعَلا، إذا رأى منك الله هذا الإقبال وهذا الاجتهاد وهذه الهمة سيُعينك وتتقن بإذن الله تعالى .

الدكتور رحابي محمد:
الله يفتح عليك؛ من أقبل على الله أقبل الله عليه ومن مشى إليَّ .. سبحان الله هذا الحديث المعروف، الآن عندنا تعليقٌ من أحد الإخوة يقول: ذهبت للعمرة وكنت أدعو الله تعالى أن يبعث الله لي شيخاً للقرآن الكريم في الحرم، ولم أقم من مكاني في الحرم إلا وبعث الله لي شيخاً وصحّح لي خطأي في تلاوتي للقرآن الكريم، يقول وأكملت القراءة في ثمانية أيامٍ وأجازني في المدينة المنورة! يعني من صدق الله صدقه الله، أسأل الله تعالى أن يُكرمنا بالصدق والتوفيق والإخلاص، تفضل شيخنا نختم إن شاء الله بتلاوةٍ طيبةٍ الله يحفظكم.

الشيخ حسني حسّوبة:

آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285) لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أو أَخْطَأنا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلانا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286)
[ سورة البقرة]


أهمية المراجعة في حفظ وتثبيت القرآن الكريم:
الدكتور رحابي محمد:
طيب الله هذه الأنفاس؛ أحسن الله إليك وجزاك الله خيراً الشيخ الحبيب الشيخ حسني حسّوبة؛ وإن شاء الله قريباً الدكتور حسني حسّوبة المُقرئ والقارئ الشيخ الدكتور، هذا الوصف الذي نسعى إليه إن شاء الله تكريماً لأهل القرآن الكريم وتأخذ هذا اللقب الأكاديمي استحقاقاً وعن جدارةٍ بإذن الله تعالى اسأل الله تعالى أن ينفع بك وينفع بعلومك.
الأخت جنات تقول أرجو النصيحة والله يا شيخنا أجد صعوبة في التوفيق بين الحفظ والمراجعة إذا بدأت بالحفظ أترك المراجعة وإذا بدأت بالمراجعة أترك الحفظ فما نصيحتكم لي؟ أنصحك أيتها الأخت الفاضلة أن تستعيني بالله تعالى وتنظمي الوقت ولا تتركي الحفظ ولا المراجعة، وقليلٌ دائمٌ خيرٌ من كثير منقطع، نظّمي أمورك ولا تيأسي واستعيني بالله تعالى وليكن لكِ وردٌ يوميٌ ولو قليل، وإن شاء الله نسمع نصيحةً من شيخنا في هذا الصدد.

الشيخ حسني حسّوبة:
والله يا شيخنا مشايخنا رضي الله عنهم كانوا يقولون دائماً الحفظ سهل لكن المحافظة على الحفظ هي المحك وهي الأصل، فدائماً أنا لا يعنيني أن تحفظ ولكن المهم أن تثبت حفظك بالمراجعة والورد القرآني، لابد، يعني إذا كنت تحفظ وجهين في اليوم اجعله وجهاً واحداً أو نصف وجه، لكن راجع على الأقل في اليوم الأول ثلاثة أوجه، وأنا أقول نصيحةً وإن كانت غريبةً قليلاً، مُستغربةً في معناها أو في لفظها: الذي يريد أن يحفظ القرآن ولديه خطةٌ أن يُتقن القرآن لا يعتبر القرآن بالنسبة له ثلاثين جزءاً، ما معنى هذا؟ يعني أنا مثلاً الآن أقرأ على شيخ، حفظت أربع صفحاتٍ من سورة البقرة، الأربع صفحات هذه هي قرآني لا علاقة لي بما بقي من القرآن، طيب ووِرد القراءة البعض يقول أنا أريد أن أختم تلاوةً في كل شهرٍ مرةً كما قال العلماء، لا اُترك هذه التلاوة لأنك مادمت تحفظ يومياً بصفةٍ يوميةٍ قراءتك لتكرار الحفظ وتثبيت الحفظ هذه تلاوتك لكتاب الله أنت لست هاجراً لكتاب الله جلَّ وعلا، فإن كان معك أربعة أوجهٍ كررهم يومياً ثم إن زدت عليهم أصبحت خمسة أوجهٍ كررهم وهكذا إلى أن يصبح معك جزء، قسم الجزء هذا على مدار الأسبوع سيصبح عندك كل يومٍ تقريبا ثُمنٌ أو رُبعٌ كما يسميه البعض، حافظ على هذا المُعدل إذا أصبح جزئين كثِّف المقدار، هذا مهمٌ جداً، المراجعة مهمةٌ جداً، الذي يحفظ دون أن يراجع كالذي يمشي في طريقٍ ويحمل كيساً معه ووجد أمامه قطعاً من الجواهر واللآلئ فأخذ يعبئ في هذا الكيس، ثم إذا رجع إلى بيته لم يجد شيئاً في هذا الكيس لماذا؟ الكيس كان مثقوباً! فكذلك الذي يحفظ ولا يراجع، أنا أقول دائماً لو حفظت آيةً واحدةً في اليوم كافية، لكن راجع واجعل المراجعة في البداية عندك ثلاث أضعاف الحفظ إن كنت تحفظ وجهاً راجع ثلاثة أوجه.

الدكتور رحابي محمد:
الله يفتح عليك ويجزيك الخير يا شيخ حسني ويبارك بك إن شاء الله لهذا الوقت وهذا اللقاء الطيب وهذه القصص المُلهمة والمُحفزة، وإن شاء الله تعالى نرجو الله لنا وللإخوة والأخوات جميعاً التوفيق وأن يجعلنا من أهل القرآن.

الاهتمام بالكيف لا بالكم في طريق إتقان القرآن:
الشيخ حسني حسّوبة:
دكتور رحابي أستأذن حضرتك في ضميمةٍ أخرى المهم نترك فائدةً للإخوة حتى يستفيدوا منها، من الأسباب التي تجعل البعض ينتكس في طريق حفظه وإتقانه أن يهتم بالكم، احذر ثم احذر أن تهتم بالكم، اهتم بالكيف، احفظ وجهاً بإتقانٍ أفضل من عشرة أوجهٍ بلا إتقان، في مرةٍ من المرات جاءني أحد الطلاب في أحد الحلقات وقال: يا شيخ أنا ختمت القرآن في الثانوي وأنا الآن في الجامعة أريد أن أختم عليك، تفضل يا أخي الكريم فقرأ الأخ وبدأ يقرأ وانتهى من ثُمن، قلت له: حسبك، قال: حسبي ماذا يا شيخ؟ لا أنا أريد أن أقرأ جزئين أو ثلاثة، قلت له: يا أخي هذا النصاب لكل الإخوة الحاضرين الذين تراهم، كل الذي تراهم سيقرؤوا مثلك، قال لا يا شيخ أنا آسف سامحني سأقرأ عند شيخٍ غيرك، قلت له على الرحب والسعة المهم أنك تختم الله يوفق، والله يا دكتور رحابي قابلته بعد عامٍ كاملٍ تقريباً، كيف حالك يا عبد الله أخبارك وأخبار الختمة؟ قال: والله يا شيخ ما قرأت آيةً منذ أن تركتك! قلت له: الشيطان دخل لك من مدخل الكم، وهذا مدخلٌ من مداخل الشيطان للمتقنين والحافظين ليخذِّلَهم، فالكيف أهم من الكم، نسأل الله لنا ولكم التوفيق والإخلاص.

الخاتمة:
الدكتور رحابي محمد:
الله يبارك فيك، جزاك الله خير الإخوة والأخوات إذا يوجد عندكم أسئلةٌ ومن يستمع إلى اللقاء أرجوكم ثبتوا أسئلتكم في التعليقات، وأنا أطلب إن شاء الله من شيخنا أن يأخذ هذه المسؤولية ويعود إلى هذه التعليقات سؤالاً سؤالاً ويكرمنا إن شاء الله تعالى بوقتٍ مباركٍ من وقته الثمين للإجابة بشكل مختصرٍ على أسئلتكم وإن كنا أجبنا على معظمها الآن في هذا اللقاء، ولكن بعد اللقاء تبقى هناك مشاهداتٌ ومتابعاتٌ على اليوتيوب وعلى صفحة الأداء القرآني، ولمن يُشارك هذا اللقاء على صفحته فيكون هناك فائدةٌ إن شاء الله في هذه الأسئلة والإجابات التي ستأتي إن شاء الله من الشيخ حسني، الشيخ حسني سيجيب على هذه الأسئلة.

الشيخ حسني حسّوبة:
على الرحب والسعة نحن في خدمة أهل القرآن.

الدكتور رحابي محمد:
الشيخ حسني من أعمدة صفحة الأداء القرآني، فالأسئلة اكتبوها فيها فائدةٌ إن شاء الله تعالى لكم ولغيركم، والشيخ حسني إن شاء الله متخصصٌ في الأداء القرآني وأيضاً نَسعد ونشرُف به طالباً في الدراسات العُليا في الأداء القرآني، عِلمٌ غزيرٌ وبحرٌ واسعٌ وخبرةٌ عميقةٌ في هذا المجال يجيبكم إن شاء الله تعالى بشكلٍ مختصرٍ ووافٍ وكافٍ بإذن الله تعالى .
تحياتي لكم جميعاً شكراً أيضاً لأخينا الفاضل الأستاذ حسين الحسن طالبٌ في الدراسات العُليا، وكان معنا الشيخ حمزة العياضي غادر ربما لضعف الإنترنت، على أي حالٍ نسعد بكم جميعاً وشكراً لحضوركم مرة ثانية شكراً شيخ حسني، وأسال الله تعالى أن يجمعنا بكم على الخير ولعلنا نلتقي إن شاء الله ونرتب للقاء يوم الخميس ليكون لنا لقاءٌ ونطرح فكرةً معينةً ثم نتلو لعلّ الله يعيننا ونختم ختمةً كاملةً معكم وبمعيتكم إن شاء الله تعالى ويتابعنا الإخوة والأخوات على الهواء.
جزاكم الله خيراً أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

الشيخ حسني حسّوبة:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، برعاية الله، جزاكم الله خيراً.