أهمية التعليم الإسلامي الجامعي مع الشيخ معن القضاة

  • 2020-09-26
  • أمريكا

أهمية التعليم الإسلامي الجامعي مع الشيخ معن القضاة


مقدمة
د. رحابي محمد:
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله، وصلَّى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أيها الإخوة والأخوات المتابعين والمتابعات أهلاً وسهلاً ومرحباً بكم في برنامج أهل العلم والقرآن، ولقاءٌ متجددٌ مع فضيلة الدكتور معن القضاة رئيس جامعة الهدى في هيوستن، وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء في مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا، أهلاً وسهلاً ومرحباً بكم فضيلة الدكتور معن.

الدكتور معن القضاة:
حياك الله دكتور رحابي، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وجزاك الله خيراً كثيراً على هذا اللقاء، بارك الله بك على هذا الجهد الطيب وفكرةٌ ممتعةٌ وجديدة، بارك الله بك.

د. رحابي محمد:
حفظكم الله يا سيدي ونشكركم بصراحة لقبولكم هذه الدعوة وهذا اللقاء، الذي سيكون مثمراً وطيباً، وخصوصاً بعنوان التعليم الإسلامي الجامعي في أمريكا الشمالية وأهميته بمستقبل الجالية المسلمة تربوياً وتعليمياً واجتماعياً، فنسأل الله تعالى أن يبارك لنا بكم وبعمركم وأعمالكم جميعاً يارب العالمين.

سيرة حياة الدكتور معن القضاة
سيدي الدكتور معن، الإخوة الكرام اسمحوا لي أن أقدم لكم فضيلة الدكتور معن في ومضاتٍ سريعةٍ قبل أن نبدأ في محاور هذا اللقاء الممتع إن شاء الله، فضيلة الدكتور معن: دكتوراه في الدراسات الإسلامية تخصص اقتصاد إسلامي، وما شاء الله له خبرةٌ في تدريس المساقات الإسلامية للمراحل المدرسية والجامعية باللغتين؛ العربية والإنجليزية، الدكتور معن القضاة هو إمامٌ وخطيبٌ لعدة مراكز إسلامية ومساجد في أمريكا ويحمل إجازة القرآن الكريم بالسند المتصل للنبي صلى الله عليه وسلم، الدكتور معن حاصلٌ على دكتوراه في الـدراسات الإسلامية من الجامعة الأمريكية المفتوحة، وأيضاً يحمل ماجستير اقتصاد إسلامي من جامعة اليرموك في الأردن، دكتور معن معه بكالوريوس اقتصاد من كلية التجارة في جامعة الأزهر من جمهورية مصر، كما ذكرنا حاصلٌ على إجازة القرآن الكريم في السند متصل حِفْظاً وإِقْرَاءً بالسند المتصل للنبي صلى الله عليه وسلم.
الدكتور معن ما شاء الله ذو خبرات علمية عملية أكاديمية فهو أستاذٌ مشاركٌ في جامعة مشكاة بأمريكا، هو أستاذٌ مشاركٌ أيضاً في جامعة الهدى التي أسسها ويرأسها، وهو مدرسٌ ومساعدٌ للمدير في أكاديمية القرآن الكريم في هيوستن، الدكتور معن ما شاء الله أستاذُ بحثٍ وتدريسٍ في مركز الدعوة الإسلامي أيضاً وله مشاركاتٌ عديدة، هو أيضاً عضو اللجنة الدائمة للإفتاء في مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا، الدكتور معن حفظه الله عمل سكرتيراً للندوة العالمية للشباب الإسلامي في السعودية، كما أنه درّس في مدارس كثيرة وفي مراكز تحفيظ القرآن الكريم في الجامعات.
الدكتور معن كتب الله له ما شاء الله عدة مطبوعات وفقه الله وأن يَسَّرَ له وطبعت كتب ومطبوعات منها فقه السياسة المالية في الإسلام، وكانت هي رسالة الدكتوراه التي قدمها في أطروحته فقه السياسة المالية في الإسلام، وكانت رسالته في الماجستير أيضاً كتاباً مطبوعاً بعنوان الأمن الاقتصادي من منظورٍ إسلامي، طبعاً دكتور معن متخصص في الاقتصاد الاسلامي وهو مرجع في ذلك، لكن اليوم لن تكون الأسئلة أو الأجوبة عن الاقتصاد الإسلامي، وإنما في موضوعنا عن التعليم الإسلامي الجامعي في أمريكا وأهميته، له أبحاثٌ كثيرةٌ منشورة منها مصرف الزكاة في سبيل الله بحثٌ محكمٌ ومطبوعٌ في مجلة صالح كامل للاقتصاد الإسلامي جامعة الأزهر، له بحثٌ آخر محكمٌ ومطبوعٌ ومنشورٌ حكم العمل في قطاع الخدمات المالية في الولايات المتحدة، له بحثٌ آخر القروض الطلابية في الولايات المتحدة وواقعها وحكمها، حكم مشاركة المرأة المسلمة في العمل السياسي، نحن خرجنا عن الاقتصاد يا دكتور دخلنا الآن في موضوعاتٍ أخرى، أيضاً له بحثٌ في التحكيم في الشريعة الإسلامية التعريف والقواعد العامة للمقيمين خارج ديار الإسلام.
دكتور معن له أنشطةٌ دعويةٌ كثيرةٌ بارك الله به ونسأل الله تعالى أن يبارك بهمته وعطائه وأن ينفع به المسلمين في شرق الأرض وغربها.

أهمية الإجازة القرآنية بالسند المتصل
فضيلة الدكتور معن إذا أردنا أن ندخل في الحوار مباشرةً، لكن قبل أن ندخل في قضية التعليم الإسلامي الجامعي في أمريكا الشمالية في أهميته تعليماً واجتماعياً وتربوياً، هل لنا أن نأخذ دقائق إن شاء الله في قضية حفظ القرآن الكريم وأهمية الإجازة القرآنية بالسند المتصل، لا سيما أن النبي صلى الله عليه وسلم حثنا ونَبَّه إلى ذلك بكثير من الأحاديث النبوية الشريفة، منها قوله عليه الصلاة والسلام:

{ الْمَاهِرُ بِالْقُرْآنِ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ وَالَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيَتَتَعْتَعُ فِيهِ وَهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌّ لَهُ أَجْرَانِ }

‏‏(‏متفق عليه‏)‏‏

{ خيرُكُم مَن تعلَّمَ القرآنَ وعلَّمَهُ) }

(صحيح البخاري)

{ هُمْ أَهْلُ الْقُرْآنِ، أَهْلُ اللَّهِ وَخَاصَّتُهُ }

(رواه ابن ماجة)

كثيرٌ من الأحاديث، هل لك سيدي الفاضل أن تُحدثنا في نبذةٍ يسيرة عن أهمية حفظ القرآن وخصوصاً تحصيله بالسند المتصل من أفواه المُقرئين الثقات المعتمدين بالسند المتصل للنبي صلى الله عليه وسلم؟

الدكتور معن القضاة:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد؛ أكرر شكري وتقديري للأخ الكريم فضيلة الدكتور رحابي على هذا البرنامج، والحقيقة يعني لفتةٌ جميلةٌ، وطريقةٌ جديدةٌ لنشر علوم الدين والوعي الحقيقي العام عند الناس فجزاك الله خيراً كثيراً، نعم أخي الكريم من أعظم نِعَم الله سبحانه وتعالى أن يختار بعض عباده لحِفْظِ كتابه، وكما ورد في القرآن:

ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا (32)
(سورة فاطر)


منهج التلقي في الإسلام
الله سبحانه وتعالى يصطفي من عباده من يصلُحُ لهذه المهمة، فيقرأ القرآن ويحفظه غيباً عن ظهر قلب ويأخذه بالتلقي لأن التلقي منهجٌ إسلاميٌ أصيل، جبريل تلقى عن ربّ العزَّة والجلال، ومحمدٌ عليه الصلاة والسلام تلقى عن جبريل، والصحابة الكرام تلقوا عن سيد الخلق والتابعين عن الصحابة وتابعي التابعين عن التابعين وهكذا.. فالتلقي منهجٌ إسلاميٌ أصيل والعلم يُضبط به، لأن الإنسان إذا اعتمد على معرفته وعلى فقهه ربما يُخطئ ربما تلتبس عليه الأمور، فأفضل شيءٍ موضوع التلقي مثلاً أن يقرأ على شيخٍ متقن القرآن الكريم بروايةٍ واحدة فيضبط القرآن بها.
وقد أكرمني الله سبحانه وتعالى أنني عشت جزءاً من حياتي في قريتي - قرية عين جنة - في محافظة عجلون وكان فيها دار للقرآن الكريم، كان شيخها آنذاك الشيخ هود القضاة حفظه الله وهو أخٌ شقيقٌ لسماحة الشيخ نوح رحمة الله عليه وقد فُتِحَ عليه - الشيخ هود - في موضوع تحفيظ القرآن الكريم، فتخرج على يديه ربما أكثر من مئة وخمسين أو مئة وستين حافظاً لكتاب الله، طبعاً نحن نقرأ جميعاً بقراءة حفص عن عاصم من طريق الشاطبية، وكان أحد الطلاب النجباء للشيخ هود حفظه الله فضيلة الدكتور محمد عصام القضاة هو الحقيقة ابن عمي بل في مقام أعمامي وقرأت عليه القرآن، لحفظ القرآن كانت قصةٌ طريفة؛ هناك جمعية مباركة في الأردن اسمها جمعية المحافظة على القرآن الكريم، فقدر الله سبحانه وتعالى أن تقام مسابقةٌ على مستوى الأردن، الطلاب المشاركين في سني في ذلك الوقت يوم كنت شاباً صغيراً كان المطلوب حفظ سورة آل عمران حفظاً وتجويداً وتفسيراً، فاشتركت بهذه المسابقة وأكرمني الله سبحانه وتعالى أن أكون الأول على الأردن، من قدر الله أن يكون أحد المُحكمين للمسابقة فضيلة الدكتور محمد عصام القضاة، فدارت الأيام والتقينا في لقاءٍ عائليٍ في القرية في عين جنة، فقال لي: يا معن أنت ربنا أكرمك بصوت جميل وما زلت شاباً صغيراً لمَ لا تحفظ القرآن كاملاً؟ فقلت له: يا شيخ عصام أنا متزوج وعندي طفلٌ الآن، أبحث عن عملٍ والحمد الله حفظت ربما نصف القرآن، ألا ترى أن هذا يكفي؟ قال: لا أبداً، أنت رجلٌ من أصحاب الهمم وأنا أتوسم فيك خيراً، ابدأ على بركة الله واحفظ القرآن وأنا شيخك، وإذا انتهيت من الحفظ أنا أعطيك إجازةً بالسند المتصل بالنبي صلى الله عليه وسلم، فكانت لكلمات الشيخ حفظه الله أعظم الأثر في تشجيعي وتحميسي على موضوع حفظ القرآن، وشمَّرت عن ساعد الجد واستعنت بالله سبحانه وتعالى.
كنت يومها أتمت ربما حوالي نصف القرآن من أماكن متفرقة وسور مختلفة وأجزاء مختلفة، لكني شرعت في حفظ القرآن كاملاً، من فضل الله سبحانه وتعالى بحوالي عامين من الزمن أتيت على القرآن كله من الفاتحة إلى سورة الناس، وكان الشيخ عصام يُشجع وكلما أتى في إجازة نهاية الأسبوع يُخصص لي ربما ربع أو نصف ساعة أجلس وأقرأ عليه حتى انتهيت من حفظ القرآن، وكانت الحقيقة نقلةً نوعيةً في حياتي، لا تتخيل أخي الكريم كم حجم البركات والفتوحات والتوفيق من الله سبحانه وتعالى الذي عاينته وجربته شخصياً، وكان سبب هذا التوفيق بما لا يدع مجال للشك أنني كنت حافظاً للقرآن؛ كنت أقدم على غيري من الناس بمناسباتٍ مختلفةٍ وأعمالٍ ووظائف، بسبب حفظي للقرآن، فكان القرآن الكريم ولا يزال وسيبقى إن شاء الله مصدر بركةٍ وفضلٍ ورزق، وأنا أحثُّ جميع طلبة العلم بل جميع المسلمين والمسلمات أن يجتهدوا ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً أن يحفظوا كتاب الله، فإن لم يستطيعوا فيحفظوا ما استطاعوا من كتاب الله سبحانه وتعالى فإن حفظ القرآن لا يأتي إلا بخير.

د. رحابي محمد:
ما شاء الله، جزاك الله خير، سيرةٌ ومسيرةٌ طيبةٌ عطرةٌ ونشأةٌ طيبة.

حفظ الدكتور معن للقرآن الكريم
لكن الجديد عليَّ يا دكتور معن أنك حفظت القرآن على كبر، يعني كم كان عمرك لما قررت أن تُكمل حفظ القرآن؟

الدكتور معن القضاة:
أنا في الحقيقة ولدت في السعودية، وبلاد الحرمين حفظها الله من كل مكروهٍ وسوءٍ وجنبها الفتن ما ظهر منها وما بَطَن من فضائلها اهتمامها العظيم والكبير بموضوع التحفيظ، فكان والدي رحمة الله عليه ووالدتي حفظها الله ورعاها كانوا ممن شجعني على حفظ القرآن في الصغر، فأتممت ربما عشر أجزاءٍ متفرقةٍ من هنا وهناك، ثم لما درست في جامعة الأزهر مرحلة البكالوريوس مع أني أصلاً أنا خريج كلية التجارة قسم الاقتصاد، لكن أيضاً من محاسن الأزهر أن يدرس علوم الشريعة الإسلامية حتى لغير المتخصصين في الشريعة الإسلامية، كنا ندرس العقيدة الإسلامية وندرس الفقه والحديث وكان يُقَرُّ على كل طلاب الأزهر جزءاً من القرآن يحفظونه، فمجموع ما أتممت حفظه منذ الصغر حتى تخرجت في جامعة الأزهر حوالي نصف القرآن، فكنت في بداية الثانية والعشرين أو الثالثة والعشرين من عمري وشرعت في الحفظ في ذلك الوقت.
ولا أخفيك سراً أن الحفظ على الكِبر ليس أمراً يسيراً، حتى يومنا هذا بعد سنوات بل عشرات السنوات والانتهاء من حفظ القرآن، ما زال الذي حفظته أثناء الطفولة ثابتاً وراسخاً وأشعر الحقيقة بارتياحٍ وأنا أؤم الناس وَأَقْرَؤُهُمْ، وما حُفِظَ بعد ذلك بعد سن الثانية والعشرين والثالثة والعشرين ما زال الحقيقة مُتعباً لي ويحتاج إلى المزيد من الرعاية، والمزيد من مراجعة حتى أقف وأصلي بالناس وأقرأ غائباً عن ظهر قلب، لكن من حفظ الله وكرمه عليَّ أنني لم أستسلم ولن أستسلم، حتى يومنا هذا عندي وردٌ الحمد لله أحافظ عليه حتى يبقى الحفظ ثابتاً ومُمكناً، ربما يساعدني في ذلك إمامة الناس في الصلوات الجهرية أصلي بالناس الفجر والعشاء وأختم بهم في الصلوات الجهرية، فحوالي ربما كل ثلاث أشهر ونصف أو أربع أشهر أنتهي من ختمة القرآن كاملاً في صلاة الفجر وفي صلاة العشاء، لعل هذا مما يساعد على تثبيت الحفظ وتمكينه.

د. رحابي محمد:
الله يفتح عليكم ما شاء الله، الله يفتح عليكم وينفع بكم إن شاء الله، قرية عين جنة في محافظة عجلون ما شاء الله، والأستاذ الفاضل الشيخ هود كان له الفضل عليك وما شاء الله خرَّج أكثر من مئة وستين حافظاً لكتاب الله تعالى، أكرمني الله بصحبة الدكتور نوح اللواء المفتي رحمه الله وقدس الله روحه وجزاه الله عنا كل خيرٍ، ما شاء الله استفدنا من صحبته في دروس الفقه، وكان مربياً فاضلاً وعالماً جليلاً تجد فيه عزَّة العلماء وعزَّة أهل العلم، وكان يحرص على أن يُكرم أهل العلم وأن يرفع من شأنهم.

الدين النصيحة
والدكتور محمد عصام القضاة أيضاً لنا معه صحبةٌ طيبةٌ كان يصلي عندنا في أبو ظبي وكان كثير التواضع، مرَّة بعد الخطبة ظننت أنه موجودٌ معنا في المسجد بين الناس المستمعين فنزلت من المنبر وناديت فضيلة الشيخ عصام تفضل إلى إمامة الصلاة، وما كان يأتي الشيخ عصام، ولكن أنا اشتبه عليَّ الوضع فاتصلت به وقلت له: أين أنت يا شيخنا لماذا لم تتقدم إلى الصلاة؟ قال لي: أنا لست في أبو ظبي أنا ما زلت في الشارقة، فرجٌل فاضلٌ ماشاء الله متواضع، سمح، وجهه طيب كريم كوجهك الطيب ما شاء الله، الله يحفظكم ويسلمكم، وتعلمت الآن شيئاً جديداً؛ أن الإنسان سبحان الله لا يبخل بالنصيحة يعني هو قدم إليك نصيحةً طيبةً وشجعك ثم وجدت في قلبك القبول ووفقك الله وفتح الله عليك ويسَّر لك الحفظ، فلذلك سبحان الله :

{ عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: الدِّينُ النَّصِيحَةُ، قُلْنَا لِمَنْ ؟ قال: لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ }

(رواه مسلم)


(الدِّينُ النَّصِيحَةُ)
لما نجد فرصةً لتقديم النصيحة لأحد الإخوة كبيراً أو صغيراً، لا بأس أن نرسل له كلمة طيبة لعلها تكون مفتاح الخير والتوفيق له في حياته كلها، أنا أعرف سيدي الحبيب إذا تسمح لي في قصة: أحد الإخوة عمره خمسةً وستون سنة، قالها لي أستاذي الشيخ عادل سرور الذي أشرف عليَّ في القرآن وفي التربية، قال: التقى بهذا الرجل في محفلٍ للقرآن الكريم، فسمع أحد كبار العلماء يتحدث أن هذا القرآن، هذا كلام الله، هذا كتاب الله فاهتموا به، هذه رسالة الله وهذا واجبٌ علينا الاهتمام به، فكان هذا الرجل الستيني في آخر الصفوف يبكي، فرأه أستاذي بجانبه الشيخ عادل وكان أستاذي شاباً، فقال له: لماذا تبكي ياعم؟ قال له: انظر إلى الشيخ ماذا يطلب منا وأنا بهذا العمر كيف أهتم بالقرآن؟ كيف أحفظ؟ ماذا أفعل؟ فقال له: ابدأ والله يُعينك، قال له: ماذا؟ قال له: ابدأ، فقال: بعد مرور سنة على هذه الكلمة جاء هذا الرجل الذي عمره خمسةً وستون سنة أصبح عمره ستةً وستون سنة ومعه المصحف قال له: يا شيخ عادل اسألني من أي موضعٍ شئت، قال له: كيف؟ قال له: أتذكر قبل سنة كنا في تلك المناسبة ؟ وقلت لي: أبدأ والله ييسر لك، قال: أنا ذهبت في تلك الليلة وسجدت سجدةً طويلةً لا يعلمها إلا الله، ثم كنت أبكي وأقول: يارب أنا سأبدأ بالاهتمام بكتابك وسأقبل على كتابك فيسِّرها لي وتفرغت بعض الشيء لهذا الموضوع حتى يسَّر الله لي أن حفظت القرآن، وأصبح معلمَ قرآن، وأصبح عنده حلقاتٌ ودروس.
طيب سيدي الحبيب من أجل الوقت وأرجو من الله تعالى أن يبارك لنا في هذا اللقاء، اليوم في لقائنا نود أن نستمع من فضيلتكم عن التعليم الإسلامي الجامعي في أمريكا الشمالية ما هي أهمية التعليم الإسلامي الجامعي؟ عندنا مدارسٌ إسلاميةٌ كثيرة، عندنا مراكز تحفيظ قرآنٍ كثيرة، ما شاء الله في هذا البلد في أمريكا، لكن أهمية التعليم الإسلامي في مستواه الجامعي الأكاديمي سواءاً بكالوريوس ماجستير أو دكتوراه ما هي أهمية ذلك لمستقبل الجالية لمستقبل أولادنا من الناحية التربوية، من الناحية التعليمية، من الناحية الاجتماعية؟ تفضل سيدي.

أهمية التعليم الإسلامي الجامعي
الدكتور معن القضاة:
الحقيقة أخي الكريم أن وجود الجالية المسلمة في أمريكا الشمالية وفي الولايات المتحدة تحديداً له قصة؛ كان الناس يأتون في السابق في ستينات وسبعينات القرن الماضي ويمرون على أمريكا مرور الكرام، يأتون لغايات التجارة لفترةٍ محدودة، أو لغايات الدراسة فيحصلون على الدرجات الجامعية بكالوريوس، ماجستير، ودكتوراه، ثم يعودون إلى بلادهم، لم يخطر ببالهم في ذلك الوقت أو على الأقل الغالبية العظمى منهم، لم يخطر بباله أن أمريكا ربما تكون المستقر والمُقام لهم لفترةً طويلة، بل وطن ثاني لهم، ثم قدَّر الله سبحانه وتعالى أن يستقر بعض الناس وأنا منهم.
في الحقيقة عشت في السعودية بل ولدت وتربيت ولبلاد الحرمين عليَّ فضلٌ كبيرٌ بعد الله سبحانه وتعالى، أتيت إلى أمريكا دُعيت لأحد المساجد حتى أصلي فيهم التراويح وأعود، وبعد الإستخارة والاستشارة قررت أن آتي حتى أتم الدكتوراه وأرجع فأكملت الدكتوراه بأربع سنوات من الزمان لكني لم أرجع، فحصل معي كما حصل مع عشرات الآلاف من المسلمين أتوا لغايات الدراسة، أعجبتهم الإقامة في هذه البلاد فاستقروا وتزوجوا واشتروا بيوتاً وأنجبوا أولاداً وفتحوا مصالحاً وأعمالاً، فالحقيقة ما عادت أمريكا معبراً لهم فقط أو محطةً قصيرةً وإنما أصبحت مستقراً وأصبحت مُقاماً لهم أصبحت هي بلادهم، أولاد الجيل الثاني والجيل الثالث من ينظرون إلى أمريكا على أساس أن هي وطنهم وهي كذلك الحقيقة، هم لا يعرفون بلاد الشام ولا مصر ولا الجزائر ولا أندونيسيا ولا ماليزيا، يعني هم يعرفون أمريكا فقط فأصبحت أمريكا بلادهم، لما تغيرت الحقيقة المعادلة وأصبحت أمريكا هي بلادنا كان لا بد من التفكير بطريقةٍ مختلفة.

فروع العمل الإسلامي في أمريكا
كيف يستقر المسلمون في أمريكا مع المحافظة على هويتهم الإسلامية ومع قدرتهم على التأثير في المجتمع الأمريكي في آنٍ معاً؟ العمل الإسلامي في أمريكا أخي الكريم له فروعٌ مختلفةٌ، وهو حقلٌ واسعٌ والمجال فيه فسيحٌ كما تعلم فضيلتك، هناك مثلاً جمعياتٌ تعمل في حقل للشباب والتربية، بعض المؤسسات مثلاً تعمل في المساجد وبناء المساجد وإقامة الصلوات والخدمات التقليدية التي تقدمها المساجد، بعضها له اهتمامٌ مثلاً بالعمل السياسي وحقوق الإنسان ونصرة المظلومين، بعضها يهتم بالعمل الخيري وجمع التبرعات إما لصالح بعض المصالح هنا داخل أمريكا أو تُرسل إلى خارج أمريكا، فكان لا بد الحقيقة من التفكير بشكلٍ جادٍ في موضوع التعليم الإسلامي عموماً والتعليم الإسلامي الجامعي على وجه الخصوص، فجاءت هذه الفكرة فكرة إنشاء الجامعات الإسلامية.
وربما تجدر الإشارة هنا أن من السابقين الأولين لهذه الفكرة شيخنا فضيلة الدكتور صلاح الصاوي حفظه الله، والذي قام بتأسيس الجامعة الأمريكية المفتوحة فقد أكرمني الله سبحانه وتعالى أن كنت ولا أزال وسأبقى تلميذاً لهذا الشيخ الجليل، فهو الذي منحني الدكتوراه وهو الذي رقاني إلى رتبة أستاذ مشارك قبل أربع أو خمس أعوام من الزمن، فجاءت فكرة التعليم الإسلامي الجامعي كضرورةٍ للمحافظة على هوية المسلمين وانتمائهم من جهة ولزيادة قدرتهم على التأثير بالمجتمع الأمريكي من جهةٍ أخرى، من باب الحسبة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإيصال الرسالة للناس.
فنحن سفراء الإسلام في هذه البلاد شئنا أم أبينا، الناس هنا حقيقةً لا يقرؤون قرآناً ولا سنَّةً بل لا يقرؤون الإنجيل ولا التوراة، هم يعني لا يعرفون من الإسلام إلا أنا وأنت وبقية المسلمين ممن هم حولهم، باختصار أهمية التعليم الإسلامي الجامعي أنه يُحافظ على هوية المسلمين وانتمائهم ومعرفتهم لمقاصد الشريعة، وحقوق الله سبحانه وتعالى على عباده، وحقوق الإنسان على نفسه، حقوق الإنسان على من حوله من الناس، الذي يُقيم في هذه البلاد حيناً من الدهر ربما يتفق معي أن عدد الناشطين الإسلاميين كثيرٌ من فضل الله عزَّ وجلَّ، منهم من يصعدون المنابر والذين يجلسون في دور العبادة، عددهم كبير، من له اشتغالٌ بالعمل الإسلامي كثير، من يقومون على إمامة الناس في المساجد كثرٌ ولله الحمد، لكن عدد المتخصصين منهم بالشريعة الإسلامية قليل، ففكرة الجامعات الإسلامية أن تزيد من عدد طلبة العلم الشرعي المتخصصين المتمكنين حملة الشهادات حتى يقوموا بواجبهم، فالإنسان إذا كان على علمٍ راسخٍ سيعبد الله سبحانه وتعالى على بصيرةٍ، وسيبلغ دين الله سبحانه وتعالى على علمٍ وعلى بصيرةٍ، وإذا لم يكن عنده علمٌ أو كان علمه ضحلاً أو بسيطاً أو ليس موثقاً ربما يُخطئ، ربما يَضل، ربما يُضل غيره، وهنا تجدر الإشارة حقيقةً إلى حديث النبي عليه الصلاة والسلام:

{ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:‏‏ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا، يَنْتَزِعُهُ مِنَ الْعِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا، اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالاً فَسُئِلُوا، فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا }

(صحيح البخاري)

نرجو الله سبحانه وتعالى ألا نصل إلى هذه المرحلة أن يكون لنا رؤوسٌ جهالٌ يُسألون فيُفتون بغير علم.

مهمة الجامعات الإسلامية
التي تقوم به الجامعات الإسلامية هنا هي إعطاء الفرصة لأبنائنا وبناتنا ممن انتهوا من التعليم العادي الابتدائي والاعدادي والثانوي، أن يبقوا على تواصلٍ مع علوم الشريعة حتى بعد هذه المرحلة ولعلك لاحظت أخي الكريم فضيلة الدكتور رحابي أن معظم الجامعات الإسلامية هنا تُقدم برامجها في ساعات المساء، ونحن نفعل ذلك عن قصدٍ الحقيقة حتى لا نُضيِّع على أبنائنا وبناتنا فرصة طلب العلم الأكاديمي العادي، أحب لأبنائي وبناتي الطلاب والطالبات أن يذهبوا إلى الجامعات العادية في ساعات النهار وتخصصهم في الطب والصيدلة والهندسة والإدارة والكمبيوتر.. ثم في ساعات المساء يقضون ساعتان أو ثلاثة يومياً ما بين دراسةٍ وحضور محاضراتٍ في جامعة الهدى وبقية الجامعات الإسلامية، ويحملون درجة البكالوريوس في الشريعة الإسلامية ولو على مدار خمس أو ست أو سبع سنوات، هم في النهاية سينتهون إلى معرفة مفاتيح علوم الشريعة، سيعرف شيئاً عن العقيدة الإسلامية الصحيحة وعن الفقه وأصوله وعن اللغة العربية وعن القرآن الكريم وعلومه وعن الحديث وعن السنَّة النبوية، فيجمع الحقيقة بين الحُسنيين يحمل درجة علمية من الجامعات الأخرى ويكون هذا مصدر عملٍ ورزقٍ له، وفي نفس الوقت يتعلم دين الله سبحانه وتعالى، والذي يعبد الله عزَّ وجلَّ على علمٍ وعلى بصيرةٍ يختلف عن الذي يعبد الله سبحانه وتعالى على غير ذلك.
فمهمة الجامعات الإسلامية باختصار أن تُحافظ على هوية المسلمين وانتمائهم وتُبقي ارتباطهم قوياً متيناً بكتاب الله سبحانه وتعالى، وبسنَّة النبي عليه الصلاة والسلام، وبفقه الأئمة العظام الكبار أصحاب المذاهب الأربعة رضي الله عنهم أجمعين، وبالسلف الصالح من أمة محمد عليه الصلاة والسلام، فيزيد الالتزام الديني عن علمٍ وعن معرفةٍ وتزيد مشاركة أبناء المسلمين في إصلاح المجتمع الأمريكي، أو على الأقل في نشر الفضيلة، أو على الأقل وذلك أضعف الإيمان بالتعريف بدين الإسلام حتى لا يبقى الإسلام متهماً بالتطرف والتشدد، و، و، .. على الأقل يجب أن يكون عندنا من أبنائنا وبناتنا من يستطيع أن يحمل الرسالة وينقلها بلغة القوم أن الإسلام دين الوسطية والاعتدال والسماحة و، و.. فهذا الحقيقة باختصارٍ شديدٍ أهمية التعليم الإسلامي الجامعي في الولايات المتحدة.

د. رحابي محمد:
نعم بارك الله فيك ما شاء الله دكتور جزاك الله خير فكرةٌ طيبةٌ أن يسمع أحبابنا والمتابعين عن أهمية التعليم الإسلامي الجامعي، ولا نكتفي فقط بتدريس حلقاتٍ في المساجد ودروس قرآنٍ فقط بدون دراسةٍ أكاديمية، دراسةٌ أكاديمية ضمن مناهج ومساقات تدريس، يعني يمكن أن ألخص ما تفضل به فضيلة الدكتور معن:
أهمية التعليم الإسلامي الجامعي في أمريكا للمحافظة على هوية المسلمين وانتمائهم وارتباطهم الصحيح بكتاب الله تعالى فهماً وعلماً وتطبيقاً وسلوكاً، وارتباطاً بسنَّة النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك بالمدارس الفقهية التي أسسها الأئمة الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم، كلمة جميلة جداً نحن سفراء الإسلام نحن سفراء شئت أم أبيت، هذه كلمةٌ جداً ممتازة ورائعة جزاك الله خيراً، والناس لا يقرؤون عن القرآن، لا يقرؤون عن السنَّة، ولا يقرؤون حتى الإنجيل، إنما يقرؤون الشخص الذي يَمثُل أمامهم يقرؤون الشخص اسمه أحمد أو محمد أو فاطمة أو خديجة فكيف يظهر أمامهم إنما يُمثِّل الإسلام، فكلمةٌ جداً مهمة ينبغي على كل من يعيش في أمريكا والغرب أن يدرك أهمية هذه الكلمة، أنت سفير الإسلام شئت أم أبيت وأنت قدوةٌ شئت أم أبيت، جزاك الله خيراً يا دكتور معن.
من الأفكار التي ذكرها الدكتور معن أن الجامعات الإسلامية في أمريكا بإمكانها أن تساعد على تحضير وإعداد طلاب علمٍ متخصصين، لأن المساجد تحتاج إلى ذلك، المراكز الإسلامية تحتاج إلى متخصصين حتى لا نتخذ رؤوساً جهالاً يُفتون بغير علم فيَضلون ويُضلون، ونرى للأسف آثار ذلك في بعض الأماكن التي تفتقد أو تفتقر إلى وجود طلاب علم ٍمتخصصين، فالجامعات الإسلامية في أمريكا حقيقةً إنما تساعد في سد هذه الفجوة أو سد هذا الأمر الذي ينبغي أن يُساعد على سد ثغرةٍ من ثغرات هذا المجتمع، نسأل الله تعالى أن يبارك بكم.
يا دكتورنا الحبيب هل هناك فرقٌ في تدريس الدراسات الإسلامية في أمريكا بين الجامعات التقليدية والجامعات الإسلامية مثلاً: جامعة هارفارد، جامعة ييل، الجامعات الإسلامية المنتشرة وما شاء الله العديدة في أمريكا إذا أردنا أن نعددها: جامعة الهدى التي حضرتك ترأسها، جامعة مشكاة لأستاذنا الدكتور صلاح الصاوي، جامعة مينيسوتا للدكتور وليد المنيسي، الجامعة الأمريكية للعلوم الإنسانية والتي أخدم فيها في كلية الدراسات الإسلامية، ومراكز أيضاً إسلامية كثيرة: المغرب إنستتيوت، القلم، البينة، يقين، مراكز كثيرةٌ وعديدةٌ بل ربما تصل إلى الآلاف، كيف نجد التعليم الجامعي الإسلامي مقارنةً مع ما يوجد في الساحة الأميركية من التعليم الجامعي؟

الفرق في تدريس الدراسات الإسلامية في أمريكا بين الجامعات التقليدية والإسلامية
الدكتور معن القضاة:
الدراسات الإسلامية أخي الكريم في هذه البلاد بل وفي غيرها من بلاد الغرب تُدرّس في طريقتين مختلفتين تماماً، الجامعات الأمريكية التقليدية لا تُدرّس الشريعة الإسلامية، الطالب الذي يدرس فيها لا يتعلم مفاتيح علوم الشريعة من فقهٍ وتفسيرٍ وحديثٍ وقرآنٍ وعلوم القرآن ولغةٍ عربية وأصول الفقه والقواعد الفقهية وغيرها، وإنما يتعلم عن الإسلام، الإسلام يُدرّس كحضارة، يُدرّس كثقافة، يُدرّس كتاريخ، يدرس الطلاب فيها مثلاً العلاقات الإسلامية النصرانية، العلاقات الإسلامية اليهودية، القواسم المشتركة بين الديانات، ربما قليلٌ عن المقارنة الأديان، الذي يقوم على هذه الجامعات يعني من يُدرِّسون فيها إما أنهم من الأكاديميين غير المسلمين، أو ربما معظمهم من المسلمين غير الملتزمين دينياً، وحتى من كان منه ملتزماً دينياً لا يُصرَّح له حقيقةَ أن يُدرِّس ما يشاء لأنه هو الحقيقة ملتزمٌ بنظامٍ معينٍ يجب عليه وجوباً أن يلتزم به، يعني لا يُروج لدين الإسلام كديانة إنما فقط يتكلم عن الإسلام.
دائماً يقولون: لا تعظ الناس، أنت لست داعية أنت أكاديمي فتقف وتتكلم وتظهر الحقائق أمام الطلاب ثم تنصرف، تدع الناس يختارون ما يريدون، النتيجة أخي الكريم أن الطالب يتخرج ويحمل دكتوراه في الدراسات الإسلامية وهو لا يُحسن قراءة الفاتحة، أنا أذكر أحد الإخوة الفضلاء من الجالية الأمريكية السمراء كنت يومها قائماً بأعمال العميد الأكاديمي للجامعة الإسلامية الأمريكية في ديترويت ميشيغان كان هذا الأخ الفاضل والطيب يحمل الدكتوراه في الدراسات الإسلامية من جامعة ميشيغان، هذا الكلام في ديترويت ميشيغان، هذا الأخ عنده دكتوراه في الدراسات الإسلامية من جامعة ميشيغان، والله أخي كريم جاء يدرس عندنا في الجامعة الإسلامية في المراحل الأولى من التجويد لكي يستطيع أن يلفظ حروف الفاتحة يلفظ (ح) (هـ)، و(ض) (ظ)، ولا يعرف المد المتصل من المنفصل من العارض والسكون، الحقيقة هذا أمرٌ قد تكون له بعض الإيجابيات أنك تتعامل مع أناسٍ مسلمين من أبناء البلاد، عندهم درجةٌ أكاديميةٌ معترفٌ بها يستطيعون غزو الجامعات أخرى، يُقدمون كأكاديميين وعلماء ومتخصصين يدافعون عن الإسلام، الحقيقة أنا لا أنتقص من قدر هؤلاء الناس ولا من قدر اختصاصهم معاذ الله، لكن المشكلة أخي الكريم أن هذا الإنسان يُقدَّم حتى أمام الجالية المسلمة وكأنه عالمٌ من علماء المسلمين، ولك أن تتخيل حجم المصيبة إذا كان العالم المسلم لا يُحسن قراءة الفاتحة، فكيف يعرف أركان الإسلام وأركان الإيمان ويعرف قواعد اللغة العربية ويعرف الحديث ويعرف السنَّة، الحقيقة هذا أمرٌ مستحيل، لأن فاقد الشيء لا يُعطيه.

تدريس الشريعة الإسلامية بطريقة الجامعات الإسلامية في بلاد المسلمين
فالجامعات الأمريكية العادية التقليدية تُدرِّس عن الإسلام، أما الجامعات الإسلامية التي تفضلت بها جامعة المشكاة، والجامعة الأمريكية للعلوم الإنسانية، وجامعة الهدى وغيرها، تُدرّس الشريعة الإسلامية بطريقة الجامعات الإسلامية في بلاد المسلمين بطريقة الأزهر، وبطريقة القيروان، وبطريقة الزيتونة، وبطريقة جامعة الإمام، وأم القرى، والجامعة الأردنية وغيرها من الجامعات العريقة، الطالب فيها يتعلم الإسلام ذاتياً، يتعلم الإسلام كديانةٍ وعقيدة، ويعرف مفاتيح العلوم، فيعرف معنى التفسير ومدارس المفسرين، يعرف عقيدة أهل السنَّة والجماعة ومدارسها، يعرف الفقه أصولاً وفروعاً وقواعداً ومقاصداً، ويعرف القرآن الكريم ويحفظ شيئاً من القرآن الكريم، يتقن التلاوة، يتكلم اللغة العربية الصحيحة، وإذا درس باللغة الإنجليزية فيعرف اللغة الإنجليزية الصحيحة، فإذا تخرج مع كونه من أبناء هذه البلاد تصبح قدرته على التأثير بالمجتمع الأمريكي أكثر بكثيرٍ من غيره من الناس.
من فضل الله سبحانه وتعالى الحقيقة هذا من باب التحدث بنعمة الله أنا أقول: أن عندنا في جامعة الهدى نسبة ٌكبيرةٌ من الطلاب والطالبات من حديثي العهد بالإسلام، ولا تتخيل أخي الكريم الدكتور رحابي كم أشعر والله بالسعادة والفرح القلبي عندما أرى فتاةً أو شاباً أمريكياً أبيض أو أسود أو من أصول مكسيكية أو من أصولٍ عربية أو من أصولٍ باكستانية أو هندية أو صينية أو أي عرقٍ من الأعراق يأتي لجامعة الهدى ليتعلم الشريعة الإسلامية باللغة الإنجليزية، يتعلمها فيأخذ علوم الشريعة من مصادر الشريعة الصحيحة يعني يأخذها من أفواه علماء المسلمين ومشايخ المسلمين، ولا يتعلم شريعة المسلمين من غير المسلم، هذا الحقيقة الفرق والواضح والشاسع في طريقة تعليم ما يسمى الدراسات الإسلامية في أمريكا، إما أن تتعلم عن الإسلام ولا تفقه من دين الله عزَّ وجلَّ شيئاً من علوم الشريعة فتتعلم مثلاً في جامعة هارفارد، جامعة ييل وغيرها، تحمل شهاداتٍ عليا في الدراسات الإسلامية لكنك لا تعرف شيئاً عن دينك أبداً، أو أن تتعلم الشريعة الإسلامية بنفس طريقة كليات الشريعة في بلاد المسلمين، هذا ما نقوم به أنا وأنت وبقية المشايخ وأهل العلم في هذه البلاد، فندرّس الشريعة الإسلامية بطريقة علماء المسلمين ومشايخنا في الشرق، كما تعلمنا في الشرق نُعلِّم نحن وننقل الرسالة إلى الغرب.

د. رحابي محمد:
الذي يميز على ما أعتقد جامعة الهدى أن التدريس عندكم باللغة الإنجليزية فقط، صحيح يا دكتور؟

أهمية تقديم الشريعة الإسلامية بلغة القوم
الدكتور معن القضاة:
نعم أخي الكريم عندما قمت أنا وزميلي الدكتور حامد الغزالي قبل تسع أعوامٍ من الزمن كانت عندنا نظرةٌ واضحة؛ نحن نريد أن نقدم أنفسنا كجامعةٍ إسلاميةٍ أمريكية المولد والنشأة والإقامة تُقدم علوم الشريعة الإسلامية بلغة القوم:

وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ (4)
(سورة إبراهيم)

نستطيع أن ندرس الشريعة الإسلامية باللغة العربية لكن كفانا ذلك، شيخنا وأستاذنا الدكتور صلاح الصاوي حفظه الله في الجامعة الأمريكية المفتوحة يعني منذ زمنٍ بعيد، ثم الآن في جامعة مشكاة مشايخنا الكرام في بقية الجامعات التي تدرّس الشريعة الإسلامية باللغة العربية، الحقيقة من يُدرّس الشريعة الإسلامية باللغة العربية في هذه البلاد إنما يخدم قطاعاً معيناً محدوداً جداً من طلبة العلم عددهم ربما جيد، لكن الرسالة في نظري أنا لم تؤدى على الوجه المطلوب، لأن هذه البلاد الحقيقة لغتها اللغة الإنجليزية وعدد المُقبلين على الإسلام من أبناء هذه البلاد من المهاجرين ومن الأبناء الأصليين يزداد بفضل الله عزَّ وجلَّ يوماً بعد يوم، من يعلم هؤلاء الناس دينهم؟ لو اشترطت على هؤلاء الناس أن يتعلموا لغة العرب لطلبت شيئاً كثيراً بل هو أقرب للمستحيل.
لا يستطيع كل الناس في الحقيقة أن يترك بلاده أمريكا وأن يسافر إلى بلاد الشرق الإسلامي فيتفرغ لدراسة اللغة العربية أربعة أو خمسة أعوام من الزمن، ثم أربعة أو خمسة أعوام لدراسة الشريعة الإسلامية ليس كل الناس يستطيع أن يفعل ذلك، فما الحل؟ الحل أن تُدرّس الشريعة الإسلامية على أيدي علماء متخصصين مؤهلين يحملون شهادات عليا في الشريعة الإسلامية يُدرِّسون الشريعة الإسلامية بلغة القوم، مرَّةً أخرى (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ) الحقيقة الجاليات والأمم يتبعون أنبياءهم في كل شيءٍ إلا في موضوع اللغة، في اللغة لا بد للنبي أو للرسول أو من يأتي بعده من أهل العلم أن يتبع قومه فيتكلم هو لغة قومه لمَ؟ قال:

حَتَّىٰ يُبَيِّنَ لَهُم (115)
(سورة التوبة)

فنحن نُدرّس مواد الدراسات الإسلامية نُدرِّسها باللغة الإنجليزية، فقط باللغة الإنجليزية من باب التخصص الحقيقة يعني حتى نسدَّ هذه الثغرة ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً.

د. رحابي محمد:
الله يفتح عليكم ما شاء الله، دكتورنا الحديث معك ممتعٌ جداً، ولكن هناك أحد الإخوة الفضلاء عدنان أبو عون رجلٌ فاضلٌ طيبٌ تعرفه، يقول: يا ليت هذا اللقاء بالإنجليزية لأن الهدف هو أهل البلد من الجيل الجديد، نعم نشاركك القول أخي أبو عدنان وشكراً للملاحظة والمتابعة، وإن شاء الله هناك سلسلة أيضاً من اللقاءات مع أهل العلم والفضل ومنهم الدكتور معن ولكن بالإنجليزية.
طيب يا سيدي الحبيب من أجل الوقت ما رأيك أن نُعرج على موضوعٍ ربما يسأل عنه البعض في قضية التخصصات المطلوبة التي يَنصح بها الدكتور معن أو تنصح بها الجامعات الإسلامية في أمريكا، ما هي التخصصات التي يمكن أن تُلبي حاجة الجالية الإسلامية في أمريكا أو في الغرب في كندا وفي أمريكا الشمالية بشكلٍ عام؟ ولعل هذا يكون آخر محورٍ وسؤالٍ لكن حقيقةً سيكون معنا لقاءاتٌ كثيرة لأن الوقت لا يكفي لنأخذ من فضيلتكم ما شاء الله نستفيد ونتعلم ومستمتعين جداً بهذا اللقاء الطيب يا سيدي، نعم سيدي تفضل.

التخصصات التي تُلبي حاجة الجالية الإسلامية في أمريكا
الدكتور معن القضاة:
دعني أقول لك: أخي الكريم خبرتي المتواضعة في جامعة الهدى أولاً أي جامعةٍ إسلاميةٍ لا يسعها إلا أن تُقدم برنامج البكالوريوس في الشريعة الإسلامية هذا شيءٌ ينبغي أن نتفق عليه جميعاً بكالوريوس في الشريعة الإسلامية، والحقيقة في نظري بكالوريوس الشريعة الإسلامية هو محو أمية، لكن حتى في برنامج بكالوريوس الشريعة الإسلامية الذي عليه العمل في الجامعات الإسلامية ولكن بشرط أنهم يميزون بين تخصص الفقه والتشريع أو الفقه وأصوله وبين تخصص أصول الدين.
درس الطالب في كلية الشريعة قسم أصول الدين وتخرج بدرجة البكالوريوس فمعظم دراسته تكون في العقائد وفي التفسير وفي الحديث وشيءٌ قليلٌ من الفقه الإسلامي، وإذا تخصص الطالب في البكالوريوس في الفقه وأصوله فيدرس شيئاً قليلاً من الفقه والتفسير والحديث وهذا بالمناسبة عُرفاً يسمى أصول الدين، العقيدة والتفسير والحديث مع التركيز أكثر على الفقه وأصوله، الذي عليه العمل عندنا في جامعة الهدى أننا نعطي درجة البكالوريوس في الدراسات الإسلامية وعن قصدٍ لا نسميها بكالوريوس بالشريعة الإسلامية، ربما كلمة الشريعة في هذه البلاد تثير تحفظ بعض الناس والتساؤل فنسميها الدراسات الإسلامية ولا غَضَاضَة في الألفاظ، أما من حيث المنهج فهي الحقيقة أقرب لبكالوريوس الشريعة في الفقه وأصوله منها لأصول الدين، نظرةٌ متفحصةٌ ودقيقةٌ من طالب علم متخصص لما تقوم به جامعة الهدى بتدريسه في مرحلة البكالوريوس يعطيك انطباعاً واضحاً أن حوالي ستين إلى خمسة وستين بالمئة من المنهج كله فقه، درس فقه وأصول القواعد الفقهية ومقاصد الشريعة، والباقي طبعاً هناك بعض المواد ما يسمى الثقافة العامة قد تطلبه الجهات الرسمية لاعتماد الجامعة، والباقي الحقيقة له علاقةٌ بالتفسير وبالحديث وبالعقيدة بل وبفقه الحديث.
عندنا مثلاً ما يسمى أحاديث الأحكام يُدرّس من بلوغ المرام باللغة الإنجليزية هذه الحقيقة جمعت بين الحُسنيين هي فقهٌ وحديثٌ في نفس الوقت، ثم بعد ذلك إذا أتمَّ الطالب مرحلة البكالوريوس في الشريعة الإسلامية أو في الدراسات الإسلامية من جامعة الهدى له أن يلتحق بعد ذلك بأحد فرعي الماجستير ولا ثالث لهما حتى الآن حتى ننتهي من موضوع الاعتماد، عندنا أخي الكريم ماجستير في التعليم الإسلامي وماجستير في التمويل والاقتصاد الإسلامي، والحقيقة أننا اخترنا هذين التخصصين بعنايةٍ دقيقة لعلمنا بحالة المسلمين لهما، التعليم الإسلامي عبارةٌ عن أربعين ساعة معتمدة يدرس فيها الطالب أو الطالبة نصف المنهاج وهو برنامج تقليدي تقوم به كل كليات التربية.

د. رحابي محمد:
دكتور معن المعذرة على المقاطعة، نتحدث أكاديمياً الجامعة لها مساقاتٌ تدريسيةٌ واضحة، وساعات أكاديمية ودكاترة ومشرفين يحملون شهادات عليا من جامعاتٍ معتمدةٍ معترف بها معروفة هم أهل ثقة، نعرفهم من خلال أبحاثهم ومؤتمراتهم من خلال ما ينشرون من أبحاثٍ ومن كتبٍ مطبوعة، الآن السؤال كما هو يتبادر إلى ذهن من يسأل أو من يُتابع ما قيمة هذه الجامعات الإسلامية في أمريكا؟ هل نُتهم أي هؤلاء القائمين على الجامعات بشكل عام، أنتم أسستم جامعات ليس لها اعترافٌ أكاديمي أو اعتمادٌ أكاديمي من وزارة التعليم العالي فهل أنتم تبيعون شهادات فقط سجل وبِع؟ لكن الحقيقة كما نسمع من فضيلتك ساعات أكاديمية، إشراف، محاضرات، امتحانات، اختبارات، أنا مُطلعٌ على جامعة الهدى لأنني جزءٌ منها وتشرفت بأن أعمل مع فضيلتكم في الجامعة في قسم القرآن الكريم، في جامعة مينيسوتا أيضاً تشرفت بالعمل معهم، وأنا قائمٌ في الجامعة الأمريكية للعلوم الإنسانية، في جامعة المشكاة أستاذنا الدكتور صلاح، كلها جامعاتٌ لها ساعاتٌ لها نظامٌ داخلي، لو زرتَ أي جامعةٍ عالميةٍ معتمدةٍ أجنبية أو عربية لا تجدها تختلف في نظامها الداخلي ونظام دراستها وتدريسها ومناهجها القوية وكتبها المعتمدة، طيب ما الجواب يعني بكلمتين لمن يقول: أنتم تُدرّسون وشهادتكم غير معتمدة من وزارة التعليم العالي؟
أنا أقول لك: سيدي الحبيب درسنا في كلية أصول الدين فرع جامعة دمشق وكانت غير معتمدةً وغير معترف بها في سوريا، كنا نذهب إلى أستاذنا الفاضل الأستاذ غسان جبان كان المسؤول فيها يقول: ادرسوا لوجه الله، أنتم تريدون العلم أم تريدون شهادات؟ ادرسوا لله، والله يا دكتور معن درسنا دخلنا في الماجستير في أصول الدين كلية أم درمان ولها فرع في دمشق أيضاً لا يوجد أفقٌ أن لها شهادات معتمدة، الله أكرمنا ذهبنا إلى دول الخليج ثم ذهبنا إلى أمريكا، تم اعتماد الشهادة في دول الخليج ثم في أمريكا تم اعتماد جميع الشهادات بشكلٍ رسمي والآن الله أكرمني بتدريسٍ حكوميٍ في جامعة الأمريكية للعلوم الإنسانية، على كل حال أقول: أن الجامعات الآن غير معتمدة ولكن ربما يأتي يومٌ يتم اعتماده وخصوصاً مع زمن (online) كل شيءٍ (online) وكل شيء أصبح متاحاً، فما رد فضيلتكم سيدي على هذا الكلام؟

الدكتور معن القضاة:
والله دكتور رحابي الحديث عن الاعتماد حديثٌ طويلٌ أنا أخشى أن نطرق هذا الباب ولا نعطيه حقه.

د. رحابي محمد:
طيب يمكن أن نؤجله إلى لقاء آخر ويكون بشكل خاص عن الجامعات واعتماديتها، وكيف يأتي الطالب ليدرس ويُحصل العلم، ثم نتحدث أيضاً عن الاعتماديات، نحن متشوقون لأن نستمع لأنه حديثٌ مهمٌ وينتظره الكثير لتبيان بعض التفاصيل التي تُريح طلاب العلم، لكن كما ذكرتم فضيلتكم سيدي أن الدراسة متاحةٌ مساءً ساعات الدراسة متاحةٌ للأخوات والإخوة الذين يدرسون تخصصات طب وهندسة وغير ذلك في الفترة الصباحية ونريد منهم أن ينجحوا ويكونوا متخصصين دين ودنيا، فالجامعات هذه تتيح الدراسة في الفترة المسائية وحتى في أيام العطل.

نقطتان سيتم الحديث عنهما في لقاءٍ آخر
الدكتور معن القضاة:
يعني إن كان لنا من لقاءٍ ثانٍ دكتور رحابي فأفضل أن يكون الحديث عن نقطتين تحديداً الاختصاصات المطلوبة في الدراسات العليا، أعتقد أنا تكلمت عن موضوع أهمية وجود برنامج بكالوريوس للشريعة الإسلامية، لكن السؤال هنا ما الذي يأتي بعد ذلك؟ هل نقوم فقط بنسخ ولصق التخصصات في الشرق كما هي؛ ماجستير أصول الدين، ماجستير العقيدة، دكتوراه في التفسير، الدكتوراه في الفقه وغيرها، أم أن لنا احتياجاتٍ خاصةً هنا يعني كمسلمين مقيمين في أمريكا؟ هذا موضوع الأول.
الموضوع الثاني: موضوع الاعتماد الأكاديمي داخل أمريكا، الحقيقة أن أجزم أن لي خبرةً جيدةً لا بأس بها، وجامعة الهدى من الجامعات الجادة كثيراً في موضوع الاعتماد، وقطعنا فيه شوطاً جيداً لا بأس به، فإن كان لنا من لقاءٍ آخر أخي الكريم أفضل أن نركز على هاتين النقطتين: تخصصات الدراسات العليا ما الذي يحتاجه المسلمون ولماذا؟ والأمر الآخر موضوع الاعتماد والإشكال الذي يقع عند البعض حول موضوع الاعتماد، هذا الحقيقة موضوعٌ مهمٌ ونحتاجه كثيراً.

د. رحابي محمد:
سيكون ذلك اللقاء القادم بإذن الله ونحدده عندما يسمح وقتكم إن شاء الله، ونعلن للإخوة، الاختصاصات المطلوبة في الدراسات العليا بعد البكالوريوس واحتياجات المجتمع الأمريكي، أنا دائماً أقول: الأمريكي والغربي بشكل عام لأنها كلها بيئةٌ واحدة، والجالية المسلمة يعني احتياجاتها أعتقد واحدة في بلاد الغرب منها أمريكا، ثم قضية الاعتماد الأكاديمي ولك باعٌ طويلٌ وعملٌ دؤوبٌ إن شاء الله، وندعو الله تعالى سيدي لكم ولنا في جامعة الهدى أن يكون إن شاء الله الاعتماد وفي كل الجامعات الإسلامية المفتوحة وال online أن يكون لها الاعتماد الأكاديمي القريب بإذن الله تعالى حتى يكون ذلك إن شاء الله عوناً وقوةً لطلاب العلم جميعاً، سيدي الفاضل سعادة الدكتور معن لا يسعني إلا أن أشكرك على هذا اللقاء وعلى أن سمحتم لنا بوقتكم الثمين، ولقاءٌ مباركٌ في الحديث عن التعليم الإسلامي الجامعي في أمريكا الشمالية وأهميته لمستقبل الجالية المسلمة تربوياً، تعليمياً، اجتماعياً، ربما عندنا أسئلة، ما هي الشهادات المطلوبة وكيفية التسجيل في جامعتكم الكريمة؟ هل هي مؤسسات غير ربحية أم شركة خاصة؟ وكيف التسجيل؟

آلية التسجيل الجامعي
الدكتور معن القضاة:
هي مؤسسات غير ربحية، فيما يعلم كل الجامعات الإسلامية الناشطة على الساحة هي منظماتٌ غير ربحية، لكن كونها غير ربحية ليس معناها أن الطالب يدرس فيها مجاناً وإنما الطالب يُطلب منه أن يدفع رسوم جامعية متواضعة تكفي لتغطية شيءٍ قليلٍ من نفقات الجامعة، طبعاً هنا المنظمات غير ربحية عليها رقابة عالية وقوية وشديدة من دائرة الضريبة، للتأكد من أن المال يُجمع بطريقةٍ صحيحة ويُنفق بطريقةٍ صحيحة وهناك رقابة، وهناك مجلس أمناء هو الذي يقوم بالتعيين وبالفصل وتحديد الصلاحيات والمسؤوليات والميزيانيات وهذه الأشياء كلها يقوم عليها مجلس، ولا يجوز الجمع بين الوظيفة التنفيذية والوظيفة الرقابية في آنٍ معاً، لا يجوز لك أن تكون عضو في DOT ورئيس الجامعة في آنٍ معاً، إما هذه أو تلك، أما طريقة التسجيل فهذا أسهل ما يكون الآن العالم كله يعمل (online) فالإنسان يعني يذهب إلى موقع الجامعة الأمريكية للعلوم الإنسانية مثلاً عندكم دكتور رحابي أو لجامعة الهدى، يدخل ويُسجل فيها عندنا نحن موقعين كلاهما يؤدي إلى نفس الجامعة:
(AlHudaUniversity.org) & (GuidanceCollege.org)
يعني كلاهما اسمان لجامعة واحدة ويسجل فيها يعني ويبدأ على بركة الله، وكذلك الحال في بقية الجامعات الناشطة أما التفصيلات هذه تحتاجه ربما إلى لقاءٍ آخر.

خاتمة وتوديع
د. رحابي محمد:
متشوقون للقاءٍ آخر معكم، جزاك الله خيراً فضيلة الدكتور معن القضاة رئيس جامعة الهدى وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء في مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا، كنت معنا في هذا اللقاء الطيب جزاك الله خيراً وأحسن الله إليكم وزادكم الله فضلاً وعلماً وحكمةً ونفع بكم البلاد والعباد، شكراً يا سيدي، وشكراً للإخوة المتابعين الكرام الذين كانوا معنا على صفحات الفيسبوك في صفحة أخوكم رحابي وصفحة الجامعة الأمريكية للعلوم الإنسانية، بالمناسبة أنا أريد أن أعطي رسالة للإخوة وللجامعات أن الجامعات في أمريكا وكلنا نحن وأنا كطالب علم أمام مشايخي وأساتذتي الدكتور معن والدكاترة والأساتذة الكرام جميعاً نتعاون نحب بعضنا البعض، نحترم بعضنا البعض، الجامعات متعاونة، أهل العلم كلنا: العلم رحمٌ بين أهله، نجتمع في اللقاءات، في الاجتماعات، في المؤتمرات، نأخذ التشجيع من مشايخنا نأخذ منهم النصيحة دائماً والمتابعة والتصويب، فالحمد لله نسأل الله تعالى أن يؤلف بين القلوب جميعاً ويجعلنا إن شاء الله في صفٍ واحدٍ في كلمةٍ واحدةٍ لخدمة دين الله ولخدمة الإنسانية والبشرية بإذن الله تعالى، شكراً سيدي الدكتور معن.

الدكتور معن القضاة:
شكراً جزيلاً جزاكم الله خيراً كثيراً بارك الله بك، ونحن على تواصل إن شاء الله.

د. رحابي محمد:
بإذن الله، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.