ثمانية أساليب تربوية ضرورية للمُربين

  • 2022-04-19

ثمانية أساليب تربوية ضرورية للمُربين


مقدمة:
الأستاذة إيمان:
أهلاً بكم مُجدداً في رحاب جمعية جود البيضاء نسعد دائماً ونتشرف باستضافة الأستاذ الفاضل الدكتور محمد رحابي، الذي يُطل علينا من ولاية تكساس هيوستن في الولايات المتحدة الأمريكية ليُحاضرنا حول سلسلة في غاية من الأهمية ألا وهي تربية الأبناء على المنهج النبوي الشريف، بعد ما اكتسبنا في جزئها الأول بعض المهارات القيّمة والضرورية التي يجب أن يَتحلى بها المُربّي الناجح ونُذكِّر على سبيل المثال الرفق واللين، المرونة، الحلم، الرحمة، والتيسير والاعتدال، وكذا انتقاء الكلمة الطيبة واختيار الوقت المناسب للإدلاء بالنصيحة والتحكم في النفس عند الغضب وغير ذلك من محامد الأخلاق التي ستظهر ثمارها جليةً على أبنائنا في ردود أفعالهم، اللهم ارزقنا الصواب والحكمة، وسننتقل اليوم إلى الجزء الثاني من هذه السلسة الرائعة مع دكتورنا الجليل السيد رحابي جزاه الله عنا خير الجزاء فليتفضل مشكوراً.

الدكتور رحابي:
الله يحفظكم ويسلمكم أستاذة إيمان وبارك الله في جود البيضاء وفي كل من يحضر ويُتابع جود البيضاء بارك الله بكم جميعاً وحفظكم ورعاكم؛ أكرمكم الله جميعاً أسأل الله أن يحفظكم وأن يحفظ أولادكم وأن يحفظ أولادنا جميعاً ويجعلهم قرة عين للنبي صلى الله عليه وسلم وأن يُكرمنا وإياكم بالتوفيق والنجاح والسداد إن شاء الله.
أشكركم مرة ثانية على الحضور وإن شاء الله في هذه الجلسة لا أريد أـن أطيل عليكم حتى لا نُثقل عليكم ومن عنده أسئلة أو استفسارات يضعها إن شاء الله على صندوق الرسائل أو في التعليقات وكلها موضع تقدير وترحيب وموضع استفادة أيضاً نتعلّم من بعضنا البعض:

فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَىٰ إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا(114)
[ سورة طه ]

أشكر الشيخ القارئ المتقن عبد العزيز على هذه التلاوة الطيبة المُباركة وأسأل الله تعالى أن يبارك فيه إن شاء الله.
كما تفضّلَت أختي الفاضلة في المقدمة كان لقاؤنا المرة الماضية حول صفات المُربّي الناجح وعن أهمية التربية، اليوم إن شاء الله نتابع الحديث عن قضية أساسية جداً وأريد أن أُعدّد وأذكر لكم ثمانية أساليب تربوية ضرورية جداً لكل أبٍ وأم ولكل مُعلِّم ومُعلِّمة ولكل من يَتصدى ويَتصدر للتربية والتعليم والإرشاد والتوجيه وأي واحد في موطن أو موضع المسؤولية، طبعاً أهم مسؤولية هي مسؤولية البيت والأولاد نسأل الله أن يحفظهم جميعاً إن شاء الله.
أول أساس لما نقول أساس كما يقال foundation إذا لم يكن هناك أساس فلا بناء، دائماً عندما نبني البناء يكون هناك أساس وإذا لم يكن الأساس قوياً متيناً صلباً واستوفى شروطه واستوفى مُقوماته فلن يكن هناك بناء، إذاً أُسس تربوية ضرورية أتمنى من الإخوة والأخوات أن يكون عندهم الورقة ويكتبوا ويُلخّصوا هذه النقاط.

الأساس الأول القدوة الحسنة:
أول أساس في التربية ويُخاطَب بها المُربّون القدوة الحسنة، القدوة الحسنة لها أثر كبير في نفس الطفل، الطفل يُقلِّد والديه ويَتّبِع والديه في ما يُحبان وفيما يَكرهان وكما تعلمون الحديث النبوي الشريف:

{ ما مِن مَوْلُودٍ إلَّا يُولَدُ علَى الفِطْرَةِ، فأبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أوْ يُنَصِّرَانِهِ، أوْ يُمَجِّسَانِهِ، كما تُنْتَجُ البَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ، هلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِن جَدْعَاءَ، ثُمَّ يقولُ أبو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنْه: {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم: 30] الآيَةَ }

[أخرجه البخاري]

النبي صلى الله عليه وسلم يقول:

{ مَن قال لصَبيٍّ: تَعالَ هاكَ، ثم لم يُعْطِه فهي كَذبَةٌ }

[أخرجه أحمد وابن المبارك]

هاك يعني باللغة العربية خُذ، ثم لم يُعطه كانت يده فارغة فماذا قال النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: تحتسب عليه كذبة، لماذا؟ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يُرشدنا إلى أنك أيها الرجل وأيتها الأم أنتِ في موضع مسؤولية، مسؤولية القدوة الحسنة ولدك ابنتك أولادك ينظرون إليك ماذا تعمل يقلدونك، تُعلِّمهم على الصدق يَصدُقون في حياتهم تُعلِّمهم على الكذب يكذبُون في حياتهم.
الإمام أبي داوود يروي عن عبد الله بن عامر قال:

{ دعتْني أُمي يومًا ورسولُ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قاعدٌ في بيتِنا فقالتْ: ها تعالَ أُعطيكَ فقال لها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وما أردتِ أنْ تعطيهِ؟ قالتْ: أُعطيهِ تمرًا، فقال لها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: أما إنك لو لمْ تُعطيهِ شيئًا كُتبتْ عليكِ كَذِبةٌ }

[صحيح أبي داوود]

طيب النبي صلى الله عليه وسلم لماذا يُؤكد على هذا الموضوع ويسأل الأم؟ كان على الأقل يقول لها جيد ولكن النبي تابَع في حديثه قال لها: أما إنك لو لم تُعطه ليُؤكد لنا أهمية الصدق مع الأولاد وأن نكون صادقين معهم لأن خُلق الصدق أهم شيء في حياة الإنسان، (أما إنك لو لمْ تُعطيهِ شيئًا كُتبتْ عليكِ كَذِبةٌ)، الأبناء يُقلدون الكبار يُقلدون الآباء والأمهات.
ابن عباس رضي الله عنهما وأرضاهما يُتابع النبي صلى الله عليه وسلم وكان شديد المُجالسة والمُصاحبة والمُرافقة للنبي صلى الله عليه وسلم وكان في ذات يوم مع النبي صلى الله عليه وسلم فقال:

{ قالَ: بتُّ عِنْدَ خَالَتي مَيْمُونَةَ لَيْلَةً فَقَامَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِنَ اللَّيْلِ، فَلَمَّا كانَ في بَعْضِ اللَّيْلِ قَامَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَتَوَضَّأَ مِن شَنٍّ مُعَلَّقٍ وُضُوءًا خَفِيفًا يُخَفِّفُهُ - عَمْرٌو ويُقَلِّلُهُ، وقَامَ يُصَلِّي، فَتَوَضَّأْتُ نَحْوًا ممَّا تَوَضَّأَ، ثُمَّ جِئْتُ فَقُمْتُ، عن يَسَارِهِ - ورُبَّما قالَ سُفْيَانُ عن شِمَالِهِ - فَحَوَّلَنِي فَجَعَلَنِي عن يَمِينِهِ، ثُمَّ صَلَّى ما شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ اضْطَجَعَ فَنَامَ حتَّى نَفَخَ، ثُمَّ أتَاهُ المُنَادِي فَآذَنَهُ بالصَّلَاةِ، فَقَامَ معهُ إلى الصَّلَاةِ، فَصَلَّى ولَمْ يَتَوَضَّأْ قُلْنَا لِعَمْرٍو إنَّ نَاسًا يقولونَ: إنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تَنَامُ عَيْنُهُ ولَا يَنَامُ قَلْبُهُ قالَ عَمْرٌو سَمِعْتُ عُبَيْدَ بنَ عُمَيْرٍ يقولُ: رُؤْيَا الأنْبِيَاءِ وحْيٌ، ثُمَّ قَرَأَ {إنِّي أرَى في المَنَامِ أنِّي أذْبَحُكَ} [الصافات: 102]) }

[رواه البخاري]

يقول ثم وقفت أُصلي (فَتَوَضَّأْتُ نَحْوًا ممَّا تَوَضَّأَ) تماماً يُقلِّد النبي صلى الله عليه وسلم.
أبو بكر رضي الله عنه أحد الصحابة أيضاً كان من شباب الصحابة يقول لأبيه: يا أبت إني أسمعك تقول كل غداةٍ "اللهم عافني في سمعي اللهم عافني في بصري لا إله إلا أنت" وتكررها ثلاثاً حين تصبح وثلاثاً حين تمسي، فقال: يا بني إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو بِهنَّ وأنا أحب أن أستنَّ بسنته صلى الله عليه وسلم، فالولد يقول لأبيه إني أراك، إني أسمعك تقول هذه الدعوات كل غداة كل يوم صباحاً ومساء: اللهم عافني في سمعي، الولد يقول ذلك إني أسمعك تقول والوالد تعلّم ذلك من القدوة والنموذج الأول سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم، إذاً دعونا نذهب إلى الأساس الضروري والمُهم في حياة الوالدين في شخصيتهم غير الصفات العامة التي تحدثنا عنها في اللقاء السابق الآن نتحدث عن أُسس ضرورية جداً أن نكتسبها وأن نعمل عليها وأن نجهد وأن نضع مزيداً من الجهد وأن نحرص أشد الحرص على أن يكون كلامنا كلماتنا أفعالنا ردود أفعالنا فيها مُطابَقة وفيها قدوة حسنة.
تذكير للإخوة والأخوات من عادتي أن أُذكر الحضور بتذكير غير الحاضرين باللقاء، فلو كل واحد منكم جزاه الله خيراً أرسل إلى دوائره الخاصة والعامة والأصدقاء والمجموعات لحضور المجلس ربما يكون فيه خير وفائدة إن شاء الله، تقبّل الله منا ومنكم والدال على الخير كفاعله وجزاكم الله خيراً ونفع الله بكم جميعاً.

الأساس الثاني اختيار الوقت المناسب للنصح والتوجيه:
الأساس الثاني في الوالدين أو المُربين: تحيُّن الوقت المناسب للتوجيه والتربية والتعليم، اختيار الوقت المناسب من المُعلّم من الأب من الأم وتلقين الأطفال ما يحتاجونه من نصيحة، هذا الاختيار له دور مهم في التأثير ويُقلل من الجهود التي تُبذل أحياناً من الآباء والأمهات، وكما تعلمون القلوب لها أوقات تُقبِل ولها أوقات تُدبر، فإن استطعنا أن نستثمر الأوقات التي تُقبِل بها القلوب للنصيحة والتوجيه والإرشاد فسيكون هذا فوزاً وإنجازاً عظيماً للوالدين في تحقيق الأهداف المرجوة، النبي صلى الله عليه وسلم كان يتحيَّن الأوقات المناسبة للتوجيه والنصيحة وللتربية والتعليم.
سؤال سريع ماذا برأيكم الأوقات المناسبة للتوجيه والتربية؟ أو ما هي الأوقات التي كان يستعملها رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوجيه والتربية؟ ما هي الأوقات المناسبة؟ ممكن أن تكتبوا لنا على التعليقات.
نعم بعد العبادة، بعد الصلوات، ما هي الأوقات المناسبة التي كان يستعملها رسول الله صلى الله عليه وسلم للتوجيه والتربية والتعليم وغرس القيَّم وغرس الأخلاق؟ عند طلب الحاجة، في ساعات الصفاء، ما هي ساعات الصفاء هذه التي نبحث عنها أختي؟ ما هي ساعة الصفاء التي يُقبِل فيها القلب وتنفتح فيها أسارير النفس؟ في المُناسبات، ما هي المُناسبات؟ نعم في التهجد، بين المغرب والعشاء، بعد الطعام، الذي قال بعد الطعام اقترب كثيراً، وقت الطعام أحد الأشياء التي كان يستعملها رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوجيه والآن سنمر على الحديث الذي تعرفونه، نعم بعد اللعب بعد الراحة جميل، أيضاً بعد الأكل بعد النوم، جميل جداً جزاكم الله خيراً.
من الأوقات التي كان يَستثمرها صلى الله عليه وسلم في التربية في توجيه الطفل.. أثناء السير في الطريق أحسنتِ عشر علامات للأخت الفاضلة نعم في الخروجات الترفيهية وفي النزهات أحسنتم:

{ كُنْتُ غُلَامًا في حَجْرِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ في الصَّحْفَةِ، فَقالَ لي رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: يا غُلَامُ، سَمِّ اللَّهَ، وكُلْ بيَمِينِكَ، وكُلْ ممَّا يَلِيكَ فَما زَالَتْ تِلكَ طِعْمَتي بَعْدُ }

[ رواه البخاري ]

إذاً عند النزهة عند السفر في الطريق عند الركوب في الراحلة حديث سيدنا ابن عباس تعرفونه، كنت خلف النبي صلى الله عليه وسلم يوماً فقال:

{ يا غُلامُ إنِّي أعلِّمُكَ كلِماتٍ، احفَظِ اللَّهَ يحفَظكَ، احفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تجاهَكَ، إذا سأَلتَ فاسألِ اللَّهَ، وإذا استعَنتَ فاستَعِن باللَّهِ، واعلَم أنَّ الأمةَ لو اجتَمعت علَى أن ينفَعوكَ بشَيءٍ لم يَنفعوكَ إلَّا بشيءٍ قد كتبَهُ اللَّهُ لَكَ، وإن اجتَمَعوا على أن يضرُّوكَ بشَيءٍ لم يَضرُّوكَ إلَّا بشيءٍ قد كتبَهُ اللَّهُ عليكَ، رُفِعَتِ الأقلامُ وجفَّتِ الصُّحفُ }

[صحيح الترمذي]

الحديث تعرفونه جميعاً، إذاً كان النبي صلى الله عليه وسلم يستثمر وقت السفر أو وقت الركوب في الهواء الطلق في الحديقة عندما يجد أن الطفل عنده استعداد للتلقّي استعداد لأن يسمع عنده قوة على قبول النصيحة أو التوجيه هذه جداً مهمة.
ابن عباس يقول رضي الله عنه يقول:

{ أُهديتُ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بغلةً أهداها لي كسرَى أو قيصرَ فركِبها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بحبلٍ من شعرٍ ثمَّ أردفني خلفه ثمَّ سار بي مليًّا ثمَّ التفت إليَّ فقال يا غلامُ فقلتُ لبَّيْك يا رسولَ اللهِ فذكر مثلَ سياقِ التَّرقُّفيِّ سواءً غيرَ أنَّه قال مضَى القلمُ بما كائنٍ فلو أنَّ الخَلقَ اجتمعوا على أن ينفعوك لم ينفعوك بشيءٍ لم يقْضِه اللهُ لك ولو أنَّ الخَلقَ اجتمعوا على أن يضرُّوك لم يضرُّوك بشيءٍ لم يقْضِه اللهُ عليك فإن استطعتَ أن تعملَ بالصَّبرِ مع اليقينِ فافعَلْ وإلَّا فإنَّ في الصَّبرِ على ما تكرهُ خيرًا كثيرًا }

[المحدث ابن الحجر العسقلاني]

(لبَّيْك) يعني حاضر جاهز أنا معك استجابةً بعد استجابة قال احفظ الله يحفظك.
عبد الله بن جعفر أيضاً يروي قصة أُخرى غير قصة عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال:

{ أردفني رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم خلفه ذاتَ يومٍ فأسرَّ إليَّ حديثًا لا أُحدِّثُ به أحدًا من النَّاسِ وكان أحبُّ ما استتر به النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لحاجتِه هدفًا أو حائشَ نخلٍ فدخل حائطًا لرجلٍ من الأنصارِ فإذا فيه جملٌ فلمَّا رأَى النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حنَّ وذرِفت عيناه فأتاه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فمسَح ذِفراه فسكت فقال من ربُّ هذا الجملِ لمن هذا الجملُ فجاء فتًى من الأنصارِ فقال لي يا رسولَ اللهِ فقال أفلا تتَّقي اللهَ في هذه البهيمةِ الَّتي ملَّكك اللهُ إيَّاها ؛ فإنَّه شكَى إليَّ أنَّك تُجيعُه وتُدئِبُه }

[أخرجه أبو دادوود]

(أردفني) يعني أركبه خلفه، كأن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه سراً وهذه أيضاً من القيَّم التربوية أن تُشعر الأطفال تُشعر الولد تُشعر ابنك تُشعر أخاك الصغير تُشعرين ابنتك أن لها مكانة خاصة وأنَّ هذا الكلام الذي تحدثينه كلام أو سر أو شيء خاص لا ينبغي أن يخرج لأحد لأنك أنت ابني وهذا الكلام خاص لك أرجو أن لا تحدثه أحد فيشعر أنه ذو أهمية وأنه شخصية خاصة وأنه ذو مكانة عند أبيه أو أمه.
من الأوقات التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يستثمرها عند الطعام، والنبي صلى الله عليه وسلم أحياناً لمّا يرى الطفل انطلقت سجيته أو شهيته على الطعام ويتصرف بأفعال ربما لا تليق ربما أحياناً مُخلة بالآداب، فخلال الطعام وجلسة الطعام جلسة طيبة جلسة هادئة جلسة هانئة يعني الناس مرتاحين، كما ذكرتم قبل قليل في أوقات السعادة في أوقات الراحة في أوقات القبول في أوقات الهناء في أوقات عدم الضغط المدرسي أو ضغط الحياة أو المشاكل أو كذا.. وقت طعام دائماً وقت الطعام عادةً يكون أمراً جيداً، فالحديث الذي تعرفونه جميعاً يقول عمر بن أبي سلمة يقول كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم كنت غلاماً في حِجر النبي صلى الله عليه وسلم فكانت يدي تطيش في الصحفة كانت يدي تذهب يميناً يساراً تأكل من هنا وهناك، أقفز إلى هناك أتناول من هنا بدون تلك اللباقة أو الإتيكيت المطلوب عند الطعام آداب الطعام فقال النبي عليه الصلاة والسلام:

{ كُنْتُ غُلَامًا في حَجْرِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ في الصَّحْفَةِ، فَقالَ لي رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: يا غُلَامُ، سَمِّ اللَّهَ، وكُلْ بيَمِينِكَ، وكُلْ ممَّا يَلِيكَ فَما زَالَتْ تِلكَ طِعْمَتي بَعْدُ }

[رواه البخاري]

يقول (فَما زَالَتْ تِلكَ طِعْمَتي بَعْدُ) يعني كانت تلك الأكلة لا تزال ذاكرتها وذكراها الطيبة وطعامها الطيب وذكرى التوجيه والنصيحة كانت من تلك اللحظة لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم وجهه إلى ذلك.
لا أريد أن أطيل عند تلك النقطة ولكن نذهب إلى مكان آخر من الأمكنة أو وقت آخر من الأوقات التي يمكن استثمارها في نصيحة الطفل وفي تربيته ما أحد ذكرها لي، ذكرتم ما شاء الله كثيراً من الأوقات، التوجيه في كل المناسبات نعم منها المرض مرض الطفل، المرض بصراحة يُليّن قلوب الكبار وإذا كان رجلاً قاسياً ومرِض يلين قلبه فما شأنك بطفلٍ صغيرٍ وقلبه الصغير ألا يلين ألا يستجيب؟ ألا يسمع؟ ألا يتذكر؟ فالنبي صلى الله عليه وسلم يُعلّمنا في مرةٍ من المرات زار غلاماً كما يروي الأمام البخاري رضي الله عنه عن أنس يقول: كان غلامٌ يهوديٌ يخدم النبي صلى الله عليه وسلم أنظروا إلى هذا التعايش وهذه الأريحية عند رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف كان يتعامل مع الناس وكيف يقبل الآخرين على اختلاف أديانهم وثقافاتهم ومعتقداتهم، رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم هو رسول الإنسانية رسول الرحمة رسول البشرية رسول الحياة يُعلّمنا كيف نحيا مع بعض يُعلّمنا كيف نحيا مع جيراننا كيف نتعامل مع الآخرين يقول:

{ كانَ غُلَامٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَمَرِضَ، فأتَاهُ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَعُودُهُ، فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَقالَ له: أسْلِمْ، فَنَظَرَ إلى أبِيهِ وهو عِنْدَهُ فَقالَ له: أطِعْ أبَا القَاسِمِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأسْلَمَ، فَخَرَجَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو يقولُ: الحَمْدُ لِلَّهِ الذي أنْقَذَهُ مِنَ النَّارِ }

[رواه البخاري]

اقترب النبي صلى الله عليه وسلم إلى رأسه حتى لا يصرخ ويرفع صوته حتى يتكلم معه بهدوء ويسلم عليه وقال له (أسْلِمْ)، كم نحن بحاجة إلى أن نكون سبباً لهداية الناس وإنقاذ الناس من غضب الله من نار الله أن نكون سبباً لإرشاد الناس وتذكيرهم بالله سبحانه وتعالى، رُبما لا يكون في محيطك أو في بيئتك أُناس غير مسلمين لكن يكون في أهل بيتك أُناس بعيدون عن الله قليلاً، بعيدون عن الإسلام قليلاً، بعيدون عن الصلاة قليلاً، بعيدون عن التعاليم الكريمة الجليلة الراقية هؤلاء محتاجون لرحمتك هؤلاء محتاجون أن تقول لهم تعالوا إلى الله اقتربوا من الله اقتربوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم هؤلاء بحاجة شديدة ماسّة أن نذهب إليهم أن نحنوا عليهم أن نرحمهم أن نعطف عليهم وأن نُذكّرهم بالله لكن علينا أن نختار الوقت المناسب.
إذاً بين أيديكم أيها الإخوة ثلاث أوقات مناسبة لتوجيه الأطفال، وقت النزهة وقت الرحلات وعند الطريق عندما ذهابنا إلى المدرسة إلى السوق وإلى الزيارات، عند الركوب إذا كان يركب معك في السيارة في الطيارة في القطار، إذا كان عندك مناسبة طعام، وإذا كان الولد مريضاً أسأل الله أن يحفظكم جميعاً ويحفظ أولادنا من كل سوء من كل مكروه، طبعاً هذه أوقات ليست محدودة فقط هذه ولكن كما تقولون وكما تذكرون حضراتكم جزاكم الله خيراً أوقات كثيرة، بعد الصلاة نعم تكون السكينة بين الأذان والإقامة، في أوقات ربما الوفاة إذا كان حضرت مناسبة وفاة ممكن أيضاً نذكِّر الأطفال بحقيقة الدنيا بأهمية التوبة بأهمية العمل للآخرة وهكذا..
نذهب إلى الأساس والمُهم جداً الضروري، كلمة أساس أيها الإخوة مرة ثانية هذه أُسس لا يمكن التنازل عنها أو تجاهلها أو عدم الالتزام بها، فقدان واحد منها يؤثر علينا ويؤثر على العملية التربوية.

الأساس الثالث العدل والمساواة بين الأطفال:
الأساس الثالث هو العدل والمُساواة بين الأطفال، يعني الأطفال يحتاجون أن يَروّا العدل والمُساواة من أمهم وأبيهم وتعلمون قصة سيدنا يوسف:

إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَىٰ أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (8)
[ سورة يوسف ]

نتيجة القناعة التي أخذها إخوة يوسف ذهبوا إلى قرار سيء جداً إلى إيذاء أخيهم والتخلص منه:

اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ (9) قَالَ قَائِلٌ مِّنْهُمْ لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ (10)
[ سورة يوسف ]

لمّا حبكُّوا تلك المؤامرة على أخيهم الصغير الذي لا ذنب له ولم يبلغ الحُلم إلا السبب فقط أن والده كان يُظهر ذلك الحب ليوسف أكثر من إظهاره لإخوته، هذا ربما شيء بالفطرة أن يميل قلبك إلى أحد أولادك أكثر من الآخرين، ربما شيء طبيعي أقول أن تميل النفس إلى أحد الأولاد أكثر من الآخر، ولكن إياك أن تُظهر ذلك حتى أمام الأولاد حتى لا يكيدوا له كيداً ولا يؤذوه ولا يؤذوك بعقوقهم أو بعمل أنت لا ترضاه، النبي صلى الله عليه وسلم أمرنا بالعدل الحديث الذي يرويه لنا الإمام البخاري ومسلم عن النعمان ابن بشير رضي الله عنهما أن أباه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وقال:

{ أنَّ النعمانَ بنَ بَشيرٍ جاء أبوهُ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقال: له إني نَحَلْتُ ابني هذا غلامًا فقال له أَكُلَّ ولدِكَ له نِحْلةٌ مثلُ هذا قال لا قال فاردُدْهُ [ وفي روايةٍ ] أَلِكُلِّ ولدِكَ نِحْلَةٌ مثلُ هذا قال لا قال أَتُحِبُّ أن يكونَ الكلُّ في البِرِّ سواءٌ قال نعم قال فَسَوِّ بينَهم في العَطِيَّةِ وفي روايةٍ أَشهِدْ على هذا غيري وفي روايةٍ إني لا أَشْهَدُ على جُورٍ }

[المحدث ابن العربي]

يعني لا تكن ظالماً لا تكن غير عادل في العَطيّة، في إحدى الروايات قال له:

{ تَصَدَّقَ عَلَيَّ أَبِي ببَعْضِ مَالِهِ، فَقالَتْ أُمِّي عَمْرَةُ بنْتُ رَوَاحَةَ: لا أَرْضَى حتَّى تُشْهِدَ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَانْطَلَقَ أَبِي إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ لِيُشْهِدَهُ علَى صَدَقَتِي، فَقالَ له رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ:أَفَعَلْتَ هذا بوَلَدِكَ كُلِّهِمْ؟ قالَ: لَا، قالَ: اتَّقُوا اللَّهَ، وَاعْدِلُوا في أَوْلَادِكُمْ، فَرَجَعَ أَبِي، فَرَدَّ تِلكَ الصَّدَقَةَ }

[صحيح مسلم]

الحديث هذا صحيح ومروي في عدة روايات كثيرة صحاح وفي السنن وفي غيرها، لمّا النبي صلى الله عليه وسلم في إحدى الروايات يقول: لك ولد غيره؟ قال: نعم يا رسول الله، قال: أعطيتهم مثل ما أعطيته؟ قال لا، قال: ليس مثلي يشهد على هذا لا تدعني أشهد على جَور أو على ظلم.

{ إنَّ اللهَ يُحِبُّ أن تَعْدِلُوا بين أولادِكم، كما يُحِبُّ أن تَعْدِلُوا بين أَنْفُسِكُ }

[ضعيف الجامع]

{ أَعْطَانِي أبِي عَطِيَّةً، فَقالَتْ عَمْرَةُ بنْتُ رَوَاحَةَ: لا أرْضَى حتَّى تُشْهِدَ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأتَى رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: إنِّي أعْطَيْتُ ابْنِي مِن عَمْرَةَ بنْتِ رَوَاحَةَ عَطِيَّةً، فأمَرَتْنِي أنْ أُشْهِدَكَ يا رَسولَ اللَّهِ، قالَ: أعْطَيْتَ سَائِرَ ولَدِكَ مِثْلَ هذا؟، قالَ: لَا، قالَ: فَاتَّقُوا اللَّهَ واعْدِلُوا بيْنَ أوْلَادِكُمْ، قالَ: فَرَجَعَ فَرَدَّ عَطِيَّتَهُ }

[رواه البخاري]

حديث صحيح، حتى في العطاء المعنوي نعم بارك الله بكم حتى في القُبلة حتى في النظرة حتى في نظرة الرضا والتبسُّم هذه وزِعها بالتساوي على أولادك، وإلا ليكن ذلك خاصاً بينك وبين طفلك، إذا كان يستحق وإذا كان يستحق ذلك التشجيع وذلك الخير قال عليه الصلاة والسلام:

{ اعدِلوا بين أولادكم في النِّحَلِ، كما تُحبّون أن يعدِلوا بينكم في البِرِّ والُّلطفِ }

[صحيح الجامع]

والله كم نرى من مآسٍ ومن مواجع ومن أحزان ومصائب واختلافات تحصل في البيت الواحد بسبب أن هذا الأب أعطى لولده دون الآخرين وهذه الأم فضّلت ابنها فلاناً على الآخرين أو فضَّلت ابنتها، هذه مراحل متقدمة ربما تصل إلى درجة والعياذ بالله إلى أكل الحرام في موضوع الميراث وهكذا.. نحن الآن في قضية من الصِغر ينبغي أن نكون عادلين بين أولادنا ونُربي أنفسنا على هذا الخير.
النبي صلى الله عليه وسلم لمّا جاءه رجل وجلس مع النبي صلى الله عليه وسلم، وجلس إلى جانب الرجل ولد له فقبّله وأجلسه في حجره، ثم جاءت له بُنية فأخذها وأجلسها إلى جنبه، الولد جاءه فقبّله ووضعه في حجره أما البنت فأخذ بيدها ووضعها إلى جانبه، النبي صلى الله عليه وسلم قال له: ما عدلت بينهم ما عدلت بينهم:

{ كان رجلٌ جالسٌ مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فجاء ابنٌ لهُ فَقَبَّلَهُ ثم أجلسَهُ في حِجْرِهِ وجاءتْ ابنةٌ لهُ فأخذها إلى جَنْبِهِ فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ألا عَدَلْتَ بينَهما }

[الألباني في السلسلة الصحيحة ]

يقول طاووس لا يجوز ذلك ولو برغيف مُحترق، يعني لا يجوز أن تُفضِّل أحداً على أحد أو تعطي أحداً شيئاً لا تعطي للآخر حتى لو برغيف مُحترق لو بشيء لا أهمية له في نظرك ولكن هو معنوياً له أهمية أنك أعطيت، لكن بغض النظر عن هذا العطاء كان صغيراً أو كبيراً المهم هذا العطاء ذهب لأخي ولم يذهب إليّ، إلى أي درجة النبي صلى الله عليه وسلم يُريدُنا أن يكون عندنا ذلك الحس ذلك الشعور الدقيق في التعامل مع الأولاد، قضية العدل وقضية المساواة هذه لا نحتاج أن نتكلم عنها لأنه موضوع مُنتهي النبي صلى الله عليه وسلم يقول:

{ إنَّ المُقْسِطِينَ عِنْدَ اللهِ علَى مَنابِرَ مِن نُورٍ، عن يَمِينِ الرَّحْمَنِ عزَّ وجلَّ، وكِلْتا يَدَيْهِ يَمِينٌ، الَّذِينَ يَعْدِلُونَ في حُكْمِهِمْ وأَهْلِيهِمْ وما ولّوا }

[صحيح مسلم]

هؤلاء المُقسطون الله عز وجل يدعوهم ويُجلسهم على منابر من نور يوم القيامة فلا حاجة أن نتحدث كثيراً عن قضية أهمية العدل.
سؤال هل يجوز التفضيل؟ متى يجوز أن نُفضِّل ولداً على ولد؟ متى يجوز أن نُفضِّل بنتاً على بنت؟ ممكن أن تجيبوني بارك الله بكم، هل هناك استثناءات؟ هل هناك حالات خاصة؟ هل هناك حالات خاصة يمكن فيها التفضيل والعطاء؟ أو الموضوع منتهي تماماً ما أعطيت لفلان أُعطي لفلان؟
نعم أحسنتم عند المرض، عند اشتداد الحاجة، إذا كان هناك حاجة تخص هذا الطفل مرض، إعاقة، أعمى، مرض مزمن، أو ولد من الأولاد عنده عائلة كبيرة متزوج وعنده أولاد وعمله لا يكفي لمساعدة أولاده وعائلته وهو مُعيل فقير، والأب الجد عنده أولاد آخرون لكن أولاده الآخرون يعملون وموظفون وعلى مستوى عالٍ في الحياة الدنيوية في هذه الحالة نعم الأب له أو الأم لها أن تُعين وتُساعد هذا الولد وهذه من الصدقات التي تحتسب لها أجر مضاعف، إذا كان ولد متفرغاً للعِلم يدرس عِلم وأخوه الآخر يعمل موظف وهذا الولد الآن منشغل في العِلم ويطلب العِلم ويدرس في الجامعات ومطلوب منه حضور مجالس عِلم أو تخصيص مُعلّمين له حتى يستدرك ما يحتاجه من جوانب عِلمية لا حَرج، إذاً هذه النفقات هذه الأمور لا حَرج في ذلك كله بإذن الله تعالى.
إذا كان باراً بوالديه أكثر من إخوته لا أعتقد أنها تدعو إلى أن نعطيه أكثر لأن البِر هذا أمر فرض أمر لا يستحق عليه أجراً أو عطاءً، في العطاء لا ننتظر من الولد أن يكون باراً حتى نعطيه أكثر من إخوانه، مثلاً إذا واحد صلى الظهر أعطيه هدية لا فالصلاة فرض وعبادة الله فرض والطاعة فرض بر الوالدين فرض والإحسان إليهما فرض، لكن إذا كان ولا بدّ وليكن ذلك تشجيعاً نعم في التشجيع في الهدايا لا حَرج في ذلك من باب التربية ومن باب أنه عَمِل عملاً يستحق عليه وبذل جهداً، والأطفال في مرحلة النمو ومرحلة التربية لا حَرج عندما يحفظون قرآن، يُصلّون، يتحدثون الكلام الطيب، لا يستعملون كلمات لا تليق لا حَرج أن نكافئهم على ذلك من قضية التربية والتعليم، هذه الجائزة ومن يفعل ذلك يستحق هذا، من يفعل هذا الأمر من يُقدّم هذه الجهود في العبادة في الأخلاق في الدراسة يستحق لا حرج في ذلك، نحن نتحدث عن الأمور بشكل عام.

الأساس الرابع الإستجابة لحقوق الطفل:
نذهب إلى الأساس الرابع، من الأُسس المُهمة جداً أن نستجيب لحقوق الطفل، إعطاء الطفل حقّه وقبول الحق منه يغرس في نفسه شعوراً إيجابياً وشعوراً طيباً ويتعلّم أن الحياة أخذ وعطاء، وأنه كما ندُربه أن يأخذ منا الأوامر والتوجيهات والإرشاد ونتوقع منه الإستجابة أيضاً نستجيب لحقوقه، يطلب شيئاً طيب حاضر تفضل، طلب أمراً طيب تحت الأمر مادام مشروعاً ومادام معقولاً ومنطقياً، نصح نصيحة والآن أولادنا ينصحوننا ويبينون لنا أشياء ربما تغيب عنا خصوصاً في الأمور التقنية وأمور التكنولوجيا وحتى في أمور الحياة، أمس كنت في لقاء أحد الإخوة طبيب على مستوى عالٍ في أمريكا يقول لي: والله أنا أتعلم من أولادي، قال: والله هناك أشياء في الحياة أنا لا أفهمها ولا أدركها في العمل وفي الحياة وفي الثقافة الاجتماعية وفي ثقافة البلد أو الأمور قال لي: والله أنا أعيش منذ أكثر من ثلاثين أربعين سنة في البلد وأولادي في العشرينات والخامسة والعشرين والثلاثين يقولون لي يا أبي هذا الأمر خطأ تماماً وهذا يؤدي إلى خسارة مادية كبيرة خذ من هذا افعل هذا الآن النظام يتطلب هذا الأمر النظام في الشركة يتطلب هذه الطريقة ولذلك سبحان الله نتعلّم منهم.
هناك قصة جميلة جداً ويرويها الإمام البخاري وأيضاً في الصحاح وفي السنن، كان النبي صلى الله عليه وسلم جالساً مع أصحابه الكرام وبجانبه شيوخ الصحابة، وجِيء بشراب يشربه، طبعاً عن يمينه كان يجلس أحد أبناء الصحابة كان غلاماً جالساً عن يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن يساره شيوخ الصحابة سيدنا أبو بكر الصديق، سيدنا عمر بن الخطاب، سيدنا عثمان بن عفان، السادة الكرام أصحاب رسول الله الكبار، فلمّا قُدِّم الشراب لرسول الله عليه الصلاة والسلام قال للغلام طبعا يُبتدأ دائماً من رأس الجلسة من الشيخ من الإمام من الوجيه من الكبير من المسؤول الذي يجلس في هذا الاجتماع في هذه الجلسة يُبدأ منه عند الضيافة ثم من عن يمينه، فبعد أن أخذ الشراب النبي صلى الله عليه وسلم وشرب نظر إلى الغلام عن يمينه وقال: يا غلام أتأذن لي أن أعطي هؤلاء وأشار إلى جهة اليسار، فقال الغلام ماذا تتوقعون قال الغلام؟ أجيبوني أيها الإخوة بارك الله بكم حتى لا نطيل عليكم، لم يتخلى عن حقه وقال: لا والله يا رسول الله لا أؤثر بنصيبي منك أحد! يا الله ما أجمل هذه التربية وهذا الحب وهذا العشق لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا التعلُّق بالنبي صلى الله عليه وسلم.

{ أُتِيَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بقَدَحٍ، فَشَرِبَ منه، وَعَنْ يَمِينِهِ غُلَامٌ أَصْغَرُ القَوْمِ، وَالأشْيَاخُ عن يَسَارِهِ، فَقالَ: يا غُلَامُ أَتَأْذَنُ لي أَنْ أُعْطِيَهُ الأشْيَاخَ، قالَ: ما كُنْتُ لِأُوثِرَ بفَضْلِي مِنْكَ أَحَدًا يا رَسولَ اللَّهِ، فأعْطَاهُ إيَّاه }

[صحيح البخاري]

والله أنا لو كان ولدي جالساً على يمين رسول الله عليه الصلاة والسلام وأي أحد جالس عن يساره أقول له: لا والله يا بني خذها أنت لا تؤثر أحداً بنصيبك من رسول الله تأخذ من نصيبه صلى الله عليه وسلم تأخذ منه صلى الله عليه وسلم ورضي الله عن أصحاب رسول الله الذين ربَّوا أولادهم على هذا الحب، ربَّوا أولادهم على حب رسول الله واتباعه ومحبته قال له: (ما كُنْتُ لِأُوثِرَ بفَضْلِي مِنْكَ أَحَدًا يا رَسولَ اللَّهِ) ثم وضع النبي صلى الله عليه وسلم الشراب في يدي هذا الغلام وكان الغلام هل تعرفون ما اسمه؟ من الغلام الذي كان على يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لا أؤثر بنصيبي منك أحداً؟ هو الفضل بن عباس.
إذاً أيُها الإخوة الكرام أن نلتفت إلى حقوق الطفل ونستجيب إلى حقوقهم نعم هذا أمر مشروع ونُعلّمه إلى الأولاد ويتعلمون منّا، نُعلّمهم أيضاً أدب الأخذ وأدب العطاء أدب الاحترام وأدب احترام من هو أصغر منا في العمر وفي المكانة إذا رأوا شيئاً أن يُقدموه.
أبو حنيفة رضي الله عنه يَتعظ بمقالة طفلٍ صغير، الإمام أبو حنيفة مرةً رأى الطفل يلعب بالطين، فقال الإمام أبو حنيفة للطفل: إياك والسقوط في الطين، فقال الغلام الصغير للإمام الكبير أبو حنيفة رضي الله عنه وأرضاه قال له: إياك أنت من السقوط لأن سقوط العالِم سقوط العالَم!
أحياناً الأب أو الأم تأخذه العزة بالمكانة أنه أنا أب أنا أم أو أنا أخ كبير أو أنا مُعلّم أو أنا شيخ أو أنا إمام من أنت لترد عليَّ؟ لا أين أنت ذاهب الحقُ أحقُ أن يُتبع وكان سيدنا عمر رضي الله عنه وقّافاً عند حدود الله إذا ذُكِّر تذكر هذا شأن المؤمن، لذلك الفاروق رضي الله عنه كلنا ينبغي أن نقتدي بأصحاب رسول الله وبالنبي صلى الله عاليه وسلم، ما كان من أبي حنيفة رضي الله عنه إلا أن تهتز نفسه لهذه المقولة وكان لا يُخرج فتوى ولا يُصدِّر فتوى بعد ما استمع لهذه الكلمة من هذا الطفل الصغير الذي غيّر مجرى حياة أبي حنيفة رضي الله عنه وغيّر طريقة تفكير أبي حنيفة رضي الله عنه كان لا يُخرِج ولا يُصدِّر فتوى إلا بعد أن يتدارسها شهراً كاملاً مع تلامذته، اقرؤوا هذه القصة في مقدمة حاشية ابن عابدين رضي الله عنهم جميعاً وأرضاهم.
الإمام أبو حنيفة كان يمشي كما يروي مِسعر يقول: كنت أمشي مع أبي حنيفة، فوطئ على رجل صبيٍ لم يره، يعني أبي حنيفة كان يمشي وربما وداس على قدم طفل صغير لم يره، أحياناً الأطفال أقدامهم صغيرة أو في المسجد قد مدَّ رجله يميناً أو يساراً أو مستلقي على أبيه فالظاهر داس الإمام أبو حنيفة على قدم هذا الغلام الصغير، فقال الصبي لأبي حنيفة: يا شيخ ألا تخاف القصاص يوم القيامة؟ فغشيّ على أبي حنيفة، غُشي عليه، فقدَ الوعي من هذه الكلمة، مِسعر يقول: فأقمت عليه حتى أفاق، انتظرنا حتى أفاق من هذه الكلمة، فقلت له: يا أبا حنيفة ما أشد ما أخذ بقلبك قول هذا الصبي! الكلمة أثرّت بك يا إمام كلمة من طفل صغير تؤثّر بك؟! ربما قد اعتاد أن يسمعها من أحد أو هكذا.. فقال أبو حنيفة: لا أخشى أن يكون قد لُقّن، ربما ألهمه الله هذه الكلمة، لا أدري هذا ربما رسولٌ من الله سبحانه وتعالى أرسله الله عز وجل ليُلقي على مسمعي هذه الكلمة:

وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (7)
[سورة الفتح]

لا أقصد رسول كنبي ولكن ألهمه الله أن يقول هذا أمام الإمام أبي حنيفة، فلذلك أيها الإخوة أحياناً تأتينا رسائل من الله سبحانه وتعالى من خلال أولادنا من خلال تلاميذنا من خلال أصدقائنا من خلال أشخاص حولنا لا ندري، لذلك لا نستكبر على الحق ولا نرفض الحق بل نبحث عن الحق من أيٍ كان.
لعلِّي في هذا المقام أذكر أيضاً قصة الغلام الذي وفد على عمر بن عبد العزيز لما جاءت الوفود تهنئه بالمنصب الجديد، فتقدّم غلامٌ للحديث باسم الوفد أمام عمر بن عبد العزيز، فقال الخليفة عمر: أما وجد القوم من هو أسنَّ منك ليتكلم؟ فماذا قال الغلام؟ قال الغلام: يا أمير المؤمنين لو كان الأمر في كِبَر السن لكان من هو أكبر منك في مقامك هذا، يا أمير المؤمنين أما علمت أن المرء بأصغريه لسانه وقلبه، فقال الخليفة عمر بن عبد العزيز: عِظني يا غلام فوعظه حتى أبكاه، انظروا إلى هذه العَظمة عند هؤلاء الكبار كيف يَقبلون وكيف يَتعّظون! يعني ليس فقط تفضل تكلم أو ينزل يتكلم ويجلس حتى يكون بمستوى الطفل ليتحدث معه فقط من أجل الصور والإعلام انظروا ما شاء الله هذا الإنسان العظيم الكبير يتحدث مع الأطفال ويَستمع إليهم، الله أعلم بالنوايا:

{ إنَّما الأعْمالُ بالنِّيّاتِ، وإنَّما لِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى، فمَن كانَتْ هِجْرَتُهُ إلى دُنْيا يُصِيبُها، أوْ إلى امْرَأَةٍ يَنْكِحُها، فَهِجْرَتُهُ إلى ما هاجَرَ إلَيْهِ }

[رواه البخاري]

كانوا يَسمعون ويَتعظون ويبكون وتَنخلع قلوبهم لِما يسمعونه من هؤلاء.

الأساس الخامس الدعاء للأطفال:
الأمر الخامس من الأُسس التي ينبغي أن تكون حاضرة دائماً في أذهاننا وفي عيوننا وفي قلوبنا وفي تربيتنا لأبنائنا وبناتنا هو الدعاء للأطفال الدعاء الدائم:

وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (74)
[سورة الفرقان]

وهذه سُنّة الأنبياء وسُنَّة المرسلين كلهم دعوا أن يكرمهم الله وأن يرزقهم الله ذٌريةً طيبةً صالحة، هنا ماذا نتذكر؟ أمر خطير جداً إياكَ أن تدعو إياكِ أن تدعي على إبنك أو على ولدك دعاء الوالدين مُستجاب، انتبهوا مهما وصلت بكم الحال من الغضب من الحزن من الألم من مشاغبات الأطفال إياكم أن تدعوا على أطفالكم، أنا لا أدري ما هي ثقافة البلد عندكم لأن ثقافة البلدان مختلفة في عملية الدعاء على الأطفال، أسأل الله أن يحفظكم ويحفظ أطفالنا جميعاً، لكن هناك أدعية سيئة جداً دعاء بالهلاك بالموت بالكارثة بالمرض بالإصابة بالعاهات بالإصابة بالإعاقة والعياذ بالله! إياكم أن تدعوا على وإنما ادعوا لـِ، حتى في حالة الغضب الله يهديك الله يصلحك الله يهديكم، ليتعود الطفل أنك إذا غضبت تقول له الله يهديك ويصلحك ولكن بطريقة ثانية فيعلم أنك الآن أنت غاضب الله يهديك ويصلحك ما هذا؟ الله يُصلحك لا حول ولا قوة إلا بالله، جميل أن تعوِّد أطفالك على الدعاء لهم ولعلها توافق ساعة استجابة فيستجيب الله سبحانه وتعالى، ماذا قال النبي عليه الصلاة والسلام؟

{ لا تدعُوا على أنفُسِكُمْ،ولا تدعُوا على أولادِكم، ولا تدعوا على خدمِكم، ولا تدعوا على أموالِكم، لا تُوَافِقوا من اللهِ ساعةً يُسألُ فيها عطاءٌ فيُستجابُ لكم }

[صححه الألباني]

لا تدعوا على المال ولا على الولد ولا على الخدم ولا على أنفسكم، لا تقل الله يأخذكم وحتى لا تقل الله يأخذك على الجنة يعني أنت تدعي عليه يموت ويذهب إلى الجنة.
كان أحد الناس إذا غضب فيقول اللهم عجل بدخول فلان إلى الجنة، يعني يدعو عليه بالموت ولكن بطريقة نوعاً ما مُؤدبة! اللهم عجل بدخوله الجنة، لا يا أخي اللهم أدخلنا الجنة جميعاً إن شاء الله لكن كُن هادئاً صبوراً، الله يأخذك إلى الجنة ما هذا الدعاء؟! هذا دعاء سلبي بما يُشبه المدح هذا ذم بما يُشبه المدح.
يذكر الإمام الغزالي أن رجلاً جاء إلى عبد الله بن المبارك يشكو هذا الرجل عقوق ولده ويشكو له سوء الأخلاق التي ينالها من هذا الولد، عبد الله بن المبارك قال له: يا هذا هل دعوت عليه؟ في يوم من الأيام دعوت عليه؟ قال له: نعم، فقال له عبد الله بن المبارك: إذاً أنت الذي أفسدته، أنت الذي أفسدت أخلاقه، إخواننا لا نكون سبباً في إفساد أولادنا في إفساد أخلاقهم، وهذه تربوياً وعلمياً الذي يُكرر من دعاء مُعّين على أحد سيتحقق ذلك الأمر إن لم يكن استجابةً من الله سبحانه وتعالى أو الولد يقول أبي يدعوا لي كذا وكذا لأرى فتتحقق يعني يسوق نفسه إلى قدر الله بهذه الطريقة، النبي صلى الله عليه وسلم علّمنا كيف ندعو لأولادنا، ابن عباس رضي الله عنه يقول:

{ ضمَّني رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وقال: اللَّهمَّ علِّمْهُ الحِكمةَ }

[رواه الترمذي]

إحدى الروايات ضمه رسول الله وقال:

{ اللَّهمَّ فقِّههُ في الدِّينِ، وعلِّمهُ التَّأويلَ }

[صححه الألباني]

في إحدى الروايات هذه الدعوات الصالحات ماذا كانت نتيجتها أيها الإخوة؟ أجيبوني بالله عليكم، ماذا كانت نتيجة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لسيدنا عبد الله بن عباس؟ ماذا أصبح ابن عباس؟ ماذا يوصف عبد الله بن عباس؟ نعم حبرُ الأمة، فقيه الأمة، عالِم الأمة رضي الله عنه وأرضاه.
كانت إحدى السيدات أكرمها الله بستة من الأولاد والبنات كلهم حفظة لكتاب الله سبحانه وتعالى، وكلهم على مستوى عالٍ في العِلم الدنيوي والمناصب والمنازل والمراتب الدنيوية والخير الدنيوي مرتاحون مادياً وعلمياً واجتماعياً وكلهم إضافة إلى ذلك كلهم من أهل القرآن الكريم، سُئِلت هذه السيدة، ما السر؟ علّمينا والله أنت نموذج لكل بيت، ما الذي تفعلينه حتى أولادك ما شاء الله في هذا المستوى من الخير الديني والدنيوي؟ انظروا هنا موضع الشاهد قالت: أنا عندما أصلي الفجر وعندما يُكرمني الله بصلاة التهجد أصلي قبل الفجر أدعو لأولادي اللهم اجعلهم من أهل القرآن اللهم اجعل أولادي من أهل القرآن هذه دعوتي، وإذا ناديت أحدهم أقول له تعال يا محمد الله يجعلك من أهل القرآن، تعالي يا خديجة الله يَجعلك من أهل القرآن، وعندما أغضب منهم أقول لا حول ولا قوة إلا بالله الله يهديك ويصلحك ويجعلك من أهل القرآن لا تفعل هذا مرة ثانية، اللهم اجعلهم اللهم اجعلهم.. فجعلهم الله سبحانه وتعالى، جعلهم الله استجاب الله دعاءهم يا جماعة الدعاء مستجاب.
النبي صلى الله عليه وسلم لمَّا ذهب إلى الطائف ورجع من رحلته التي أدموا فيها قدمه الشريفة ونزل الدم من وجهه الشريف وجاءه ملك الجبال مع سيدنا جبريل ماذا قال له؟ لمّا أستأذنه أن يطبق الأخشبين عليهم وأن يُعاقبهم وأن يخسف بهم مدينتهم، قال: أرجو من الله سبحانه وتعالى أن يخرج من أصلابهم من يَعبد الله، دعا لهم دعا لأولادهم عسى الله يجعل من أولادهم من يَعبُد الله، الله يجعل من نسلهم من يُوحّد الله، عسى الله أن يهديك، عسى الله أن يحفظك، عسى الله أن يجعلك من أهل القرآن، طيب حقق الله رجاء النبي أم لا؟ استجاب الله دعاء النبي أم لا؟ إذاً أيها الإخوة والأخوات لا بُدّ لنا أن نتخذ إستراتيجية أساس أكيد هذا من الأركان أن نتعلم الدعاء لأولادنا وأن نُدرِّب أنفسنا أن ندعو لأولادنا.
جاءت أم سُليم، وأم سُليم هي أم أنس بن مالك وتطلب الدعاء لولدها، انظروا كيف كانوا يطلبون الدعاء من النبي صلى الله عليه وسلم، وهكذا دأب وجرت عادة الناس الصالحين أن يذهبوا إلى العلماء إلى الأولياء إلى الصالحين إلى الأتقياء يأخذون بأولادهم.
كان والدي رحمه الله أرجو منكم الدعاء له، كان والدي رحمه الله الحاج محمد يونس الرحابي أبي يوسف رحمه الله آنسه الله عوضه الله الجنة، كان يقول لي لما نذهب إلى المسجد نصلي في أحد المساجد نذهب إلى هنا وهناك ونرى بعض المشايخ العلماء يقول لي: يا بني قبِّل يد الشيخ قبِّل رأس الشيخ واطلب من الشيخ الدعاء وكان يطلب من المشايخ ادعوا للأولاد يطلب منهم الدعاء كان عنده إيمان شديد جداً بهذا الأمر.
قالت أم سُليم أم أنس يا رسول الله خادمك أنس ادعُ الله له، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:

{ قالَ: اللَّهُمَّ أكْثِرْ مَالَهُ، ووَلَدَهُ، وبَارِكْ له فِيما أعْطَيْتَهُ }

[رواه البخاري]

جزاكم الله خيراً وبارك بكم لدعائكم الطيب الصالح للوالد رحمه الله ورحم الله والديكم أجمعين وجمعنا بهم في جنات النعيم إن شاء الله.
الإمام البخاري يقول: لمّا جاءت أم سُليم بابنها أنس وتقول يا رسول الله هذا أنيس أو هذا أنس ابني ادعُ له أتيتك به يخدمك ويا رسول الله ادعُ الله له.

{ جَاءَتْ بي أُمِّي أُمُّ أَنَسٍ إلى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، وَقَدْ أَزَّرَتْنِي بنِصْفِ خِمَارِهَا، وَرَدَّتْنِي بنِصْفِهِ، فَقالَتْ: يا رَسولَ اللهِ، هذا أُنَيْسٌ ابْنِي، أَتَيْتُكَ به يَخْدُمُكَ فَادْعُ اللَّهَ له، فَقالَ: اللَّهُمَّ أَكْثِرْ مَالَهُ وَوَلَدَهُ. قالَ أَنَسٌ: فَوَاللَّهِ إنَّ مَالِي لَكَثِيرٌ، وإنَّ وَلَدِي وَوَلَدَ وَلَدِي لَيَتَعَادُّونَ علَى نَحْوِ المِئَةِ، اليَومَ }

[رواه مسلم]

الله عز وجل استجاب الدعاء وأعطاه من المال الكثير وأعطاه من الولد وأولاد الولد أكثر من مئة.

الأساس السادس شراء الألعاب المُفيدة للأطفال:
من الأسس المُهمة أن نشتري الألعاب للأطفال؛ الألعاب ضرورية للأطفال، النبي صلى الله عليه وسلم كان يرى أبو عمير يقول له: ماذا فعل النُغير على العصفور الذي كان يتلهى ويلعب به، والحسين رضي الله عنه كان عنده جروٌ يتسلى به يقول سيدنا علي رضي الله عنه:

{ كانت لي ساعةٌ منَ السَّحَرِ أدخُلُ فيها على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فإنْ كان قائمًا يُصلِّي، سبَّح بي، فكان ذاك إذنُه لي، وإنْ لم يكُنْ يُصلِّي أذِنَ لي }

[شعيب الارناؤوط]

يقول أتيته ليلةً فأذن لي، فقال: أتاني جبريل فقلت: ادخل، فقال: إن في البيت مالا أستطيع أن أدخل، قال: فنظرت فقلت لا أجد شيئاً فطلبت فقال لي: انظر فنظرت فإذا جروٌ للحسين بن علي مربوط بقائم السرير في بيت أم سلمة، فقال: إن الملائكة أو إن معشر الملائكة لا تدخل بيت فيه تمثال أو كلب أو جرو.

{ جاءَ جِبريلُ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقال: أتَيتُكَ البارِحةَ فما منَعَني مِنَ الدُّخولِ عليكَ إلَّا كَلبٌ كان في البَيتِ، وتِمثالُ صورةٍ في سِترٍ كان على البابِ، قال: فنَظَروا، فإذا جَرْوٌ للحَسَنِ أو الحُسَينِ، كان تَحتَ نَضَدٍ لهم، فأمَرَ بالكَلبِ فأُخرِجَ، وأن يُقطَعَ رَأسُ الصُّورةِ حتى تَكونَ مِثلَ الشَّجرةِ، ويُجعَلَ السِّترُ مِنبَذَتَيْنِ }

[المحدث شعيب الأرناؤوط ]

إذاً كان عنده جرو صغير يتسلى يلعب به مثل القطة، طبعاً لا نسمح لوجود الكلب في داخل البيت، والكلب لا يُقتنى إلا للصيد أو الحراسة أو لحاجة، لكن القضية أنه كان للطفل لُعبة يلعب بها يتسلى بها، الآن من أهم الأشياء التي يجب أن ننتبه إليها احفظوها جيداً وسجلوها بارك الله بكم.
ما هي الألعاب التي يجب أن نشتريها أو نبتعد عن شرائها أو على أولادنا أن يبتعدوا عنها؟ لابُدّ أن تسأل نفسك أربعة أسئلة قبل أن تشتري أي لعبة أسأل نفسك أربعة أسئلة، أولاً اللعبة التي ستشتريها لطفلك هل ستساعده على نشاط جسدي وتفيده صحياً وفيها فائدة صحية جسدية وحركة بدنية؟ هذا أول سؤال، السؤال الثاني هل هذه اللعبة تملأ حاجة نفسية عنده للاستكشاف ويتحكم بهذا الأمر ويستكشف أشياء جديدة ويتعلّم منها؟ رقم ثلاثة هل هذه اللعبة فيها مجال أو خاصية التفكيك والتركيب؟ هذه اللعبة هل تشجع الطفل أن يُقلِّد سلوك الكبار أو يُقلِّد طريقة تفكيرهم؟ إذا كانت الإجابة نعم فاشتريها إذا كانت لا فابتعد عنها، طيب الألعاب الإلكترونية غير مفيدة ومضرة وأنا مُبتلى بها وكثير من الآباء والأمهات مُبتلون بها، حاولوا أن تُبعدوهم عن الألعاب الإلكترونية الآن الهواتف التي نراها وهذه الأجهزة الكمبيوتر والحاسوب وغيرها.. غزت ودخلت إلى بيوتنا وإلى حياتنا حتى أصبحت جزء من حياتنا الآن في المدرسة أو كذا يعود الولد عنده عمل على الكمبيوتر مع المدرسة لإنهاء الوظائف والواجبات، لكن مع وجود الوظيفة أو عند انتهاء الوظيفة أو بعدها هناك أشياء كثيرة ربما يفتحها ويلعب بها إذاً لا بُدَّ أن تكون مُساعدة جسدياً صحياً مفيدة عقلياً تُعيد استكشاف جديدة للطفل فتساعده على ذلك.
نعم وقت اللعب سيكون فرصة لتوجيه الطفل وربما تشغيل قرآن أو محاضرة أو أفلام كرتون فيه لغة عربية دينية أخلاقية يسمعها ويتعلّم ويسمع عند اللعب.

الأساس السابع مساعدة الأطفال على البر والطاعة:
الأساس السابع في تربية الولد وهذا ما يجب على الأم والأب أن يتخلق به وهذا الأساس قبل الأخير عندنا ثمانية وهذا الأساس السابع؛ هو مساعدة الأطفال على البِر والطاعة وتهيئة الأسباب المساعدة على ذلك:

{ رحمَ اللَّهُ والدًا أعانَ ولدَهُ على برِّهِ }

[الألباني إسناده ضعيف]

يعني أعينوا أولادكم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:

{ أعينوا أولادَكم على البِر، مَنْ شاء استخرجَ العقوقَ مِنْ ولدِهِ }

[الألباني إسناده ضعيف]

مُهم جداً أن نساعد أولادنا ونعلّمهم طريقة البِر، يعني يوجد أولاد يقولون نحن لا نعرف كيف نرضي والدنا ووالدتنا لا نعرف ما يرضيهم دائماً غاضبين دائماً مُنزعجين نساعدهم على ذلك نُساعدهم على البر نُساعدهم على الطاعة، نُهيئ لهم الأجواء المناسبة والتيسير يعني إذا أردت أن تُطاع فأمر بما يُستطاع.
من الأمثلة التي تُعيّن الأولاد على البر لا تُكلّفهم ما لا يطيقون، يعني كل مرحلة من المراحل تحتاج ندرس مستوى قابليتهم للتنفيذ، قابليتهم للعمل للمساعدة، يعني قُم وساعد أخوك يعني يساعده بماذا وهو لا يعرف يُمسك هذا الأمر، عمره أو فكره أو عقله لا يستطيع استيعاب هذا الأمر نُدربه على ذلك وهو عبارة عن تدريب وتربية ماذا تريد منهم أن يفعلوا بالتدريج.

الأساس الثامن الإبتعاد عن كثرة اللوم والعتاب:
الأساس الأخير اليوم من الأسس التي يجب أن يَتخلق ويَتحلى بها الوالدان المُربون ويلتزموا بها التزاماً كاملاً ودائماً وأبداً، الأساس الثامن الابتعاد عن كثرة اللوم والعتاب؛ سيدنا أنس الذي ذكرناه قبل قليل خدم النبي صلى الله عليه وسلم كم سنة؟ خدم النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنوات يقول رضي الله عنه وأرضاه:

{ خدَمْتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عَشرَ سِنينَ، فما أَمَرني بأمرٍ فتَوانَيتُ عنه أو ضَيَّعْتُه فلامَني، فإنْ لامَني أحَدٌ مِن أهْلِ بَيتِه إلَّا قال: دَعُوه؛ فلو قُدِّر - أو قال: لو قُضيَ- أنْ يَكونَ كانَ }

[شعيب الأرناؤوط]

يعني النبي صلى الله عليه وسلم يتفّهم قضية القضاء والقدر ويَتفّهم قضية عمر الأطفال وإمكانياتهم وخاطبوا الناس على قدر عقولهم.
يقول عمر رضي الله عنه إنما ابنك سهمٌ من كنانتك، يعني لما إنسان يلوم ابنه كثيراً افعل لا تفعل هو منك هو تربيتك هو عملك هو إنتاجك، هو عملك هو صناعتك أنت الذي تصنعه.
سيدنا أنس يروي هذا الحديث وهذه القصة بروايات كثيرة:

{ خَدَمْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَشْرَ سِنِينَ، فَما قالَ لِي: أُفٍّ، ولَا: لِمَ صَنَعْتَ؟ ولَا: ألَّا صَنَعْت }

[رواه البخاري]

يعني الموضوع بهدوء، فلا بُدّ من الهدوء والتدرُّج الابتعاد عن كثرة اللوم، لأن كثرة اللوم والعتاب تُنفِّر، وأنا جربتها من شدة الحرص على الدراسة، من شدة الحرص على الأخلاق، من شدة الحرص على الصلاة، من شدة الحرص نُكثر من اللوم والعِتاب لوم وعتاب لوم وعتاب.. الولد يَنفُر، فيصبح لمّا يرى أمه يقول الآن ستلومني.
أنا أعرف أحد الإخوة الأصدقاء كان يبتعد عن مجالسة الشيخ كان يقول لي على انفراد لا أحب أن أحضر دروس هذا الشيخ وكان شيخاً جليلاً عالماً، قال: لا أستطيع أن أجلس معه مُنفرداً لماذا؟! قال: لأن الشيخ دائماً يسألني ماذا أنجزت اليوم من تلاوة للقرآن، هل صليت الفجر جماعة؟ هل صليت التهجد؟ قال: الشيخ حريص لكن وصل إلى درجة أنه إذا انفرد بلقاء أحد الإخوة المُقربين إلى قلبه كان يسألهم عن أحوالهم مع الله سبحانه وتعالى ماذا فعل؟ قال: فكنت أتحرج لأني ما أديت ما يجب تأديته، ولا أستطيع ربما أن أرقى إلى تلك الدرجة ليس كل الناس يقوموا الليل نصفه أو انقص منه قليلاً، ليس كل الناس يستطيعون أن يقوموا بالصدقة كل يوم أو بقراءة القرآن، فأقصد لا بُدَّ من المُوازنة والابتعاد عن كثرة اللوم أو العتاب وإذا كان لابُدَّ من عتابٍ أو لوم فليكن باختيار الوقت المناسب عند النزهة عند الطريق عند الطعام وبطريقةٍ حكيمة وكلّكم حكماء وكلّكم مُربون فُضلاء بارك الله بكم، وأرجو الله تعالى أن ينفعني وإياكم بما سمعتم وأن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، لقاؤنا في المرة القادمة إن شاء الله سيكون عن طريقة وأسلوب التعامل مع فكر وعقل الطفل بإذن الله تعالى، ما هي المهارات التي يجب أن نتحلى ونتسلح بها حتى نُخاطب عقله وفكره بإذن الله تعالى؟ الآن الميكرفون معكم أختي بارك الله بكم.

الأستاذة إيمان:
بارك الله بكم دكتور رحابي؛ يعني دروس رائعة وتوجيهات سديدة وقصص مُعبّرة عن سيرة السلف الصالح، ما شاء الله عليكم وجزاكم الله خيراً والله يقدّرنا أن نكون من المُربين الناجحين إن شاء الله، سأذّكر بأسس التربية التي يجب أن يتحلى بها المُربّي قلتم ثمانية أُسس لا بدّ أن يتحلى بها المُربي، القدوة الحسنة، اختيار الوقت المناسب للتلقين، العدل والمساواة بين الأطفال، نستجيب لحقوق الطفل، الدعاء الدائم للأطفال، شراء الألعاب للأطفال، مُساعدة الأطفال على البر والطاعة وتهيئة الأسباب المُساعدة على ذلك، ثم الابتعاد عن كثرة اللوم والعتاب، بارك الله بكم إذاً نفسح المجال لبعض الأسئلة إذا كان هناك أسئلة من الحضور الكريم.

الدكتور رحابي:
لو تسمحين لي ليس فقط الأسئلة وأيضاً المداخلات والتعليقات والإضافات والإثراءات لأننا نتعلّم من بعضنا البعض، فلا تترددوا في إثراء وإغناء هذه المحاضرة أيضاً بأفكاركم الطيبة وتجاربكم الرائعة وكلماتكم التي ربما تكون مفيدة ونافعة إن شاء الله وجزاكم الله خيراً.

أسئلة المُتابعين:
الأستاذة إيمان:
جزاكم الله خيراً دكتور رحابي؛ نستمع إلى أسئلة المتابعين.

كيف نتعامل مع الأطفال عند وجود اختلاف بينهم في السن؟
السلام عليكم ورحمة الله محاضرة كانت جداً ممتعة ومليئة بالنصائح، أستاذ سؤالي بالنسبة لموضوع المساواة بين الأطفال، في بعض الأحيان يكون هناك فرق في السن بين الأطفال يكون هناك طفل صغير شيئاً ما وطفل أكبر منه بخمس أو أربع سنوات وهناك اختلاف في طريقة التعامل مع الطفل على حسب عمره ولكن ذلك يُشكل مُشكلة عند الطفل الأكبر فدائماً يعطي ملاحظات لماذا تفعل هذا لأخي الأصغر أو أختي الصغرى؟ لماذا هناك معاملة مختلفة؟ لماذا هو تُعطيه وأنا لا تُعطيني؟ لماذا هو تعانقه أكثر مني؟ ففي بعض الأحيان لا نعرف كيف نتعامل في بعض المواقف ولا كيف نُجيب على أسئلة الأطفال، فما هي نصيحتكم بالنسبة لهذه المشكلة دكتور رحابي؟

الدكتور رحابي:
نعم الله يحفظكم؛ هذا سؤال جداً مهم وهو أمر واقع بصراحة بين الأولاد في العائلة الواحدة لمّا يكون هناك أكثر من جيل ويوجد فرق في العمر، فسددوا وقاربوا، الطفل الصغير جداً هذا مُتعلِّق بالأم جداً فيُشعر وأن أمه جزءاً منه وهي أيضاً تشعر أن هذا الطفل في هذه المرحلة جزء منها فدائماً تحتضنه حتى لعمر سنة سنتين ثلاثة أربعة ربما لعمر خمس سنوات ست سنوات الأطفال يبقى عندهم تعلق شديد وهذه حاجة نفسية وعاطفة يحتاجها هذا الطفل، فأقول: سددوا وقاربوا، نعم توجيه الأطفال ونصيحة الأطفال الكبار أن أخوكم في هذا العمر بحاجة لهذا الشيء وأنتم عندما كنتم في هذا العمر كنت أفعل معكم ذلك وأكثر، فالآن أنا وقتي سيكون مُوزعاً بينكم وبينه ولكن هو الآن مُحتاج إلى هذه الرعاية مُحتاج إلى هذا الاهتمام مُحتاج أن أطعمه بيدي أو أحضر له الطعام أو كذا.. فسددوا وقاربوا، الأمر لو أعطينا هذا الاهتمام للطفل الصغير لا يكون خروجاً عن العدل والمساواة التي تحدثنا عنها لأنه كما قلنا من العدل والمساواة أن نعطي لكل ذي حقٍ حقه، من حقوق هذا الطفل الآن أن يُعطى الحق العاطفي والنفسي والعلمي أيضاً في هذا العمر نحتاج أن نُعلّمه الكلمات والحروف يعني، أنا لمّا طفلي يقول لي أو يقول لأمه إلياس مثلاً لماذا تفعلوا هذا مع يونس، يونس خمس سنوات و إلياس سبع سنوات وينظر إلى يونس أنه يجب أن يكون كبيراً ويستقل بنفسه، يا بابا هو لا يستطيع أن يأكل لوحده أتحدث عن ما سبق هو لا يستطيع أن يأكل وحده لا بدّ أن نُحضر له الطعام، لا بدّ أن تساعده أمه في ملابسه في كذا.. هو ينظر إليه أن أصبح كبيراً طيب لماذا يأخذ ألعابي لو أنه صغير يجب أن لا يتدخل في ألعابي! فهذه المعارك الحاصلة بين الأطفال الصغار تستدعي نوعاً من الهدوء الشديد من الأم والأب والتوازن وخِطاب الطفل الكبير على قدر عقله حتى يستطيع التفاهم ممكن أن تأخذه جانباً لوحده وتعطيه العاطفة الكافية وتحتضنه وتقول له: انظر أخوك الصغير أنا أحبك وأحبه لا يعني أنني إذا فعلت له ذلك أنني أحبه أكثر منك لا لكنه الآن هو بحاجة إلى هذه الخدمة أو المُساعدة لكن أنا أحبك أيضاً وحاولي أن تجدي له وقتاً خاصاً لكي لا يشعر بهذه الغيرة الشديدة بارك الله بكم.

الأستاذة إيمان:
شكراً دكتور؛ هناك سؤال يقول ما العمل عندما لا يكون الأب قُدوة؟

الدكتور رحابي:
الدعاء له أن يكون قدوة إن شاء الله وأن تبذل الأم المزيد من الجهد لتكون هي القدوة لتُسدّ تلك الحاجة وذلك الفراغ الحاصل في المنزل، وأن تعمل جاهدةً مع الأب لإقناعه أنه قدوة وأنه شاء أم أبى في حالة حرجة الآن مع الأطفال ولا بُدَّ أن نستدرك هذا في أقرب وقت وإلا المركب سيغرق ونحن جميعاً وأنت تُشعره بأنه قدوة وتُشعره بأنه ما يفعله يُؤثّر في أخلاق الأطفال وفي مستقبلهم الديني والدنيوي والأخروي في حياتهم وفي آخرتهم، إن لم تستطع فلا بدَّ من إيجاد البديل ما هو البديل؟ المُعلّم، ووقت كافٍ لغرس المبادئ التي لم يستطع الأب ربما من تحقيقها مع الأولاد، وكثير من ما شاء الله العظماء والكبار ربما يتحدثون عن آبائهم أنهم لم يكونوا ملتزمين لم يكونوا قدوة ولكن بفضل أمهاتهم أصبحوا كباراً، وكبار أئمتنا بسبب أمهاتهم وأنتم إن شاء الله كلكم تكونوا مصدر تصدير أئمة وعلماء ورجال وقادة في الخير وفي السلام وفي الرحمة وفي العِلم للبشرية إن شاء الله.

الأستاذة إيمان:
إن شاء الله اللهم آمين يا رب، هناك سؤال كيف نُحدد للطفل حقوقه؟ ما هي حقوق الطفل التي يجب أن نعمل على تحقيقها؟

الدكتور رحابي:
نعم الحقوق ربما تكون معنوية، حقوق نفسية، حقوق دينية، حقوق تربوية تعليمة، فنلبّي احتياجات الطفل كلها، إذا أكرمنا الله بمزيد من الوقت سنتحدث عن احتياجات الطفل والحقوق التي يحتاجها الطفل، يعني حقوق الطفل الصحية الفكرية الدينية العقلية الجنسية الاجتماعية كيف نُربيه على المهارات الاجتماعية، كيف نُربيه على المهارات الدينية، على المهارات العبادات على العقيدة هذه تحتاج إلى ربما جلسات أُخرى للمستقبل إن شاء الله لعل الله يُرتب لنا لقاءات أُخرى حتى نتابع في هذا الموضوع، لكن بشكل عام القراءة مُهمة جداً للآباء والأمهات اقرؤوا كثيراً حاولوا أن تسمعوا كثيراً عن تربية الأطفال لأنه إنما العِلم بالتعلُّم:

فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَىٰ إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا(114)
[ سورة طه ]

والكتب والمناهج والمؤلفات والموضوعات في هذا الصدّد كثيرة جداً.

الأستاذة إيمان:
كيف نتعامل مع الأطفال لمّا تكون طلباتهم تفوق طاقتنا؟

الدكتور رحابي:

لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286)
[ سورة البقرة ]


الأستاذة إيمان:
وهذا لن يؤثر على نفسية الطفل؟

الدكتور رحابي:
إذا الاحتياجات مُهمة ولا بُدَّ منها وضرورية فنحاول أن نُحققها وأن نُلبيها، إذا لم تكن ضرورية يعني هناك ضرورة لا يمكن العيش بدونها، يعني ولد يحتاج الوصول إلى المدرسة يحتاج إلى شيء حتى ينجح في اختباره هذه لا بُدَّ من تحقيقها والعمل على تحقيقها والسعي إلى ذلك، إذا أمور كمالية أمور تحسينية أنا لا أستطيع أن أوفرها أعتذر لولدي، ومن الجميل أيضاً ومن المهم أن يشعر لطفل أن أمه وأبوه ليسا عبارة عن بنك وصرّاف آلي عندما يطلب شيء تفضّل! لا مانع أن تقول لولدك لا أملك المال لأشتري لك هذه فيتعلّم على أن الدنيا:
"اخشوشنوا فإن النعم لا تدوم"
{ عمر بن الخطاب }
والدنيا ليست كلها متاحة دائماً ومرات يكون عندنا طعام نشكر الله مرات يكون طعام نوع آخر نشكر الله مرات نُحضر هذا الشيء مرات لا نُحضره، مرات نسافر مرات لا نسافر، حتى إذا كان عندك هذه القابلية لا بُدّ أن تعوِّد أولادك أنه ليس كل ما يُطلب يجب أن يُحقق وأن يُتاح وأن الدنيا هكذا سهلة والأمور سهلة فيكبر كما يقال وفي فمه ملعقة من ذهب، هذا إذا صادفته نوع من التحديات أو الصعوبات أو لا قدّر الله فقر أو لا قدّر الله حاجة في حياته لا يعرف كيف يتصرف، الاقتصاد نصف المعيشة، نُعلّمه اليوم نحن لا نأكل لا نطبخ من جديد لأنه عندنا طعام باقٍ من الأمس أو اليوم نُجّمع ما زاد عندنا من طعام أمس وقبل أمس ونأكله اليوم والأم هذا دورها في موضوع الاقتصاد، وإذا وجدت في السوق شيء بعشرة دينار ونفس الشيء بمكان آخر بثمانية دينار فلا مانع أن تقولي لأولادك أو لزوجك هذه هنا بعشرة وهناك بثمانية لن نشتريها من هنا وسيكون إسرافاً وتبذيراً، ونُعلّم أولادنا كيفية الاقتصاد ولعل الله يكتب لنا لقاءات أُخرى نتحدث عن هذا الجانب هذا أمر ليس مَعيب وليس خطاً هذا من صلب الدين:

إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا (27 (
[سورة الإسراء]

{ في الماءِ سَرَفٌ، وإنْ كُنتَ على نَهَرٍ جارٍ }

[النووي]


الأستاذة إيمان:
كيف نتعامل مع المراهقات عند تكرار نفس الأخطاء رفضهن للنقد والنصح؟

الدكتور رحابي:
نكرر النصح ونكرر النصيحة والتذكير:

وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَىٰ تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (55)
[ سورة الذاريات]

ونستعمل الحكمة فعل ما ينبغي قول ما ينبغي في الوقت الذي ينبغي على الشكل الذي ينبغي، نُبيّن لهم الأضرار والمخاطر والسلبيات ونُبيّن لهم أيضاً الإيجابيات والنتائج الطيبة في هذه الأشياء التي ننصحهم بها ونجعلهم يُحاكمون بعقلهم ونصبر عليهم، لابُدَّ من الصبر إلا إذا وصلت مرحلة إيذاء نفس أو لا قدّر الله أمر لا يمكن قبوله تكون الأمور بنصيحة واضحة وأشد، أما الأمور التي تحتاج إلى وقت وتحتاج إلى نضج عقلي وإلى توضيح أكثر وإلى بناء هذه المفاهيم في عقولهم وبناء هذه القناعات هذه تحتاج إلى وقت، بناء القناعات وتغيير العادات، تغيير المألوف أشد من ضرب السيوف وتغيير العادة أمر صعب لذلك نرجو الله تعالى أن يُكرمنا وإياكم بالحكمة إن شاء الله.

الأستاذة إيمان:
سؤال يقول أظن أن الحِماية المُفرطة للأطفال وتلبية كل متطلباتهم أخرجت جيلاً من الأنانيين كيف الموازنة في ذلك؟

الدكتور رحابي:
نعم صحيح تماما؛ً تلبية الاحتياجات الدائمة واللازمة وغير اللازمة للأطفال وإشعارهم أن كل شيء سمعاً وطاعةً وأحلامكم أوامر لا.. هذا الأمر يسبب نوع من الأنانية ونوع من حب الأمور المادية وحب الاكتساب أكثر من حب العطاء، هذا أمر طبيعي فطري عند الأطفال يُحبون الأشياء لهم الألعاب وهذا أمر صحّي الطفل الذي يحتفظ بأشيائه يحُافظ عليها ويقوم بمعارك مع أخيه من أجلها هذا أمر صحّي لأنه يشعر أنها تنتمي له وينتمي إليها لكن هنا يأتي دور المُربي والمُعلّم والأب لتقويم هذه المشاعر تقويمها بطريقة صحّية، نحن نتشارك البيت هذا لنا جميعاً طاولة الطعام نجلس عليها جميعا السيارة لنا جميعاً هذه الأشياء نتعاون فيها أنا أبوكم أشارك معكم كذا وكذا.. فتنمو عنده بعض المفاهيم الجديدة، هذا الهاتف أحياناً أتحدث به أنا وأحياناً أعطيه لأمكم تتحدث به تستفيد منه وأحياناً أنت فهو شيء هو لي لكن أشاركه معكم هي عبارة عن تدريب وتأهيل وتكرار تكرار تكرار.

الأستاذة إيمان:
نعم سؤال يصب فيما تفضلتم به سيدي، ماذا عسانا أن نفعل مع الأولاد الكبار في النصح والتوجيه؟ التكرار.

الدكتور رحابي:
التكرار والخطاب بالمنطق؛ الأطفال الكبار يحتاجون إلى أمور منطقية ربما أكثر من الأمور العاطفية ويحتاجون إلى شيء للإقناع، مضار صحيّة على هذه العادة أو هذا الأمر، المضار النفسية على هذا الأمر المضار الاجتماعية، المضار التعليمية المضار المستقبلية نُخوفهم ترغيب وترهيب، وكذلك الترغيب بالإيجابيات بماذا ينتظرهم من مستقبل إذا اتبعوا هذا الأسلوب أو هذه العادة وهكذا.. لكن لا نيأس، أهم شيء عدم اليأس والكبار يحتاجون إلى إعطاء ثقة وحب، ابنتك أعطِها الحب والعاطفة وإلا ذهبت تبحث عنها خارج المنزل وهذا أمر فطري نحتاج إلى الحب، نحتاج إلى الحنان، نحتاج إلى العاطفة، نحتاج إلى الكلام الطيب، ابنك أشبع حاجته إلى أنه أصبح رجلاً أصبح كبيراً وأنه صديقك المُفضل، وتُعطيه احتياجاته بما تستطيع، أنفق ما تستطيع من وقت معه دعه يتكلم، يعني في كثير من الأوقات نحن نُمارس أمراً للأسف خاطئ الآباء والأمهات ربما في كثير من الحالات بمجرد جلوس الأبناء أمامنا نحن عبارة عن إرسال وهم عبارة عن مُستقبل، لا يجب أن نتوقف عن هذا الأمر حالاً دعهم يتكلمون هم الذين يتكلمون هم الذين يُعبّرون عن ما في أنفسهم عن تَخوفاتهم، هم يَرون أشياء نحن لا نراها، هم يعانون من أشياء نحن لا نعاني منها، هم يعيشون في وقت في جيل في زمن نحن ما عشنا فيه، هم يعيشون في تحديات نحن لم تكن لدينا هذه التحديات هم عندهم صعوبات نحن ما عشنا هذه الصعوبات، نتفهم قضية الثقافة والتربية ولكن أضبط نفسي ولساني حتى لا أقدّم دائماً محاضرات لأولادي، لا اسكت واستمع اسألهم أسئلة دعهم يتحدثون.
اسألهم سؤالاً عن الرياضة، ابني محمد الله يحفظه يحب الآن رياضة سباقات السيارات السريعة والله أنا لا أحبها ولا أرغبها أراها جنون لكن هو مُتعلق بها يتابعها فلا يتكلم كيف أجعله يتكلم؟ فسألته مرة سؤالاً صغيراً أنه من أحسن لاعب في السباق من المُفضل وبدأ بالحديث، ما السيارات التي يستخدمونها؟ بدأ بالحديث بحرٌ من العِلم في هذا الجانب ما شاء الله طيب تفضّل تكلم، دعه يتكلم ربما هذه مرحلة حالية ينتقل ربما إلى اهتمام آخر لاحقاً لكن اجعل نفسك مُهتماً بما يهتم به تحب ما يحب، مادام أمراً مشروعاً، مادام أمراً ليس فيه ضرر، مادام أمراً مشروعاً يشغله عن شيء أقل ضرراً من غيره، يعني يهتم بشيء ربما أحسن أن يهتم بشيء ربما سيء فلا حرج في ذلك.

الأستاذة إيمان:
كيف نَتعامل مع الفتاة عندما تكون موجودة على ثلاث أولاد؟

الدكتور رحابي:
الله يحفظها ويجعلها قرة عين، كذلك كيف التعامل مع ولد إذا كان موجوداً مع أربع أو خمس بنات؟ تحتاج إلى اهتمام خاص وإعطاء حقوق خاصة حتى لا تكون ولداً مع الأولاد وحتى لا يكون الولد بنتاً مع البنات، عندي إحدى أخواتي الله يحفظهم جميعاً عندها ولد واحد ما شاء الله على عدد كبير من البنات فلما يأتي ليلعب يلعب بألعاب البنات، يريد أن يلبس يلبس ملابس البنات وهو طفل صغير جداً، فهذا شيء طبيعي لأنه لا يرى شيء آخر، ما الحل؟ الحل أن نعوض ذلك، أن نجعله يجتمع بأطفال أو أولاد أكبر منه بسنة سنتين عندهم أولاد ذكور حتى يتعلّم منهم الرجولة وطريقة التفكير الصبيانية، البنت نحاول نجمعها مع عوائل، عندكِ صديقة عندكِ أُناس عندهم بنات زوريهم يزورونك يكونون مُتقاربين في العمر، يعني أنا أعرف إحدى العوائل عندنا في أمريكا يُقيمون علاقات اجتماعية مع أُسر فقط من أجل أولادهم ليس من أجل أي شيء آخر لا يربطهم بهم أي شيء لا عمل ولا وظيفة ولا شيء وإنما لأن هذه العائلة عندهم ولد أو ولدين أعمار أولادهم مثل أعمار أولادنا ونحن محتاجون أن نوفّر بيئة لأولادنا وهؤلاء العائلة سمعتهم طيبة مُتدينين مُلتزمين أو ثقافتهم مُتقاربة فيُقيمون هذه العلاقة ويُصرّحون بها وتقوم العلاقة وتستمر والأم مع الأم والأب مع الأب، ولذلك هو تحدي ولكن نعم ابحثي عن البديل لإيجاد أخوات صديقات لابنتك تتعلّم منهم لكن يجب أن يكونوا أكبر منها بقليل بشهور أو بسنة أو سنتين حتى تقتدّي بهم شاء الله.

الأستاذة إيمان:
كيف نُشبع الجانب العاطفي للذكور في سن البلوغ إذا كان الأب جافاُ أو غائباً؟

الدكتور رحابي:
الأم ربما تحدّثهم تكلّمهم الكلام الطيب وتمدح شخصيتهم، تمدح شكلهم تمدح ثقافتهم تمدح عِلمهم نتائجهم، ونبيّن أيضاً للأب أنَّ الأولاد يحتاجون كلمة طيبة منك، يحتاجون يسمعون منك في هذا العمر وإلا ذهبوا يبحثوا عن هذا عند أولاد آخرين عند رفقاء السوء أو رفاق لا ندري هل هم رفاق سوء أم رفاق طيبين؟ نرجو من الأم أن تبذل الجهد قدر المستطاع لتغطية هذا الجانب.

الأستاذة إيمان:
كيف نتعامل مع الأبناء الأنانيين؟

الدكتور رحابي:
بالمشاركة وأن نكون قدوة لهم، يعني حتى لو بطريقة التمثيل أو إذا كان عندي ولد يتفّهم القضية أقول له تعال سأعطيك شيئاً معّيناً أو عندك شيء معّين حاول تشاركه مع أخوانك بطريقة تمثيلية ولكن لا تكون واضحة التمثيلية بطريقة لكن من أجل إظهار هذا الأمر، أنه لدي قطع الحلوى خذ يا فلان وأنا أخذت أيضاً قطعة صغيرة فالولد الصغير سوف يتعلّم، أو الأم تُشارك ولا تبقي لنفسها شيئاً والأب يُشارك الأشياء ولا يترك لنفسه شيئاً أنا أحبكم ولا حرج سيأتي غداً شيء آخر أو بعد قليل أنا سأحصل على شيء آخر أو لا حرج هذه التربية على الصبر وعلى أن الشيء الذي حصلتم عليه سأحصل عليه أنا لاحقاً، أو أنا أؤثركم:

وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإيمان مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (9)
[ سورة الحشر]

أعلّمهم هذه الآية بالتطبيق العملي.

الأستاذة إيمان:
كيف التعامل مع الطفل التوحدي؟

الدكتور رحابي:
ليس لدي فكرة لا أعلم.

الأستاذة إيمان:
كيف التعامل مع الأبناء عند استعمال الإنترنت وهذه مشكلة العصر؟

الدكتور رحابي:
إشغالهم بأشياء تُشغلهم عن الانترنت:
إنَّ الفَرَاغ والشَّبَابَ والجِدَة مَفْسَدَةٌ للمَرْءِ أيُّ مَفْسَدَة
{ أبو العتاهية }
الفراغ قاتل الفراغ مُتعب، فلا نجعل لهم فراغاً لأن أي شيء سوف يهرعون إلى الكهف هذا الكهف الآن لكل ولد هو الهاتف أو الآيباد يذهب إليه لأنه يجد فيه ما يُسليه وما يُشغله فنحاول نُبعده قدر المستطاع.
أُخبركم عن تجربتي الخاصة الأطفال كلّهم الآن عادوا بشكل عادي إلى المدارس لكن السنة الماضية ولا زالوا الآن يعودون ولكن لابُدَّ من أعمال كثيرة على الزوم وعلى الانترنت فممنوع أي جهاز هاتف يدخل إلى غرفة النوم، ممنوع أي هاتف أو كمبيوتر يذهب إلى غرف النوم لا نهاراً ولا ليلاً، استعمالك للأجهزة الإلكترونية سيكون في غرفة المعيشة أو غرفة الدراسة والأطفال مثلاً بشكل شخصي محمد وعلي يجلسون في غرفة واحدة وأجهزة الكمبيوتر وكأنه مكتبة مدرسة جهازه هنا وجهازه هنا وجالسون بجانب بعضهم، جهاز الحاسوب الآخر للولد الثالث أيضاً في غرفة المعيشة تحت رأي الأم وهي تعمل في المطبخ أو في تحضير البيت، الولد الصغير أحياناً يُدير الجهاز لأنه الجهاز عنده حاسوب ممكن أن يحرك الطاولة والكرسي فيحوله حتى يلعب السيارات أو الألعاب الإلكترونية نُبِّه إذا فعل هذا مرة ثانية ستُحرم من الجهاز على الإطلاق، فهي عبارة عن نوع من الحزم الجهاز هكذا يبقى وإذا أردت أن تلعب سنسمح لك بأوقات معينة ولكن بعد أن تنهي واجباتك وهكذا.

الخاتمة:
الأستاذة إيمان:
بارك الله بكم، يعني إيجاد دائماً البديل من رياضة ومن مسائل أُخرى.. بارك الله بكم شكر الله سعيكم وسدَّد خطاكم، يعني كانت إرشادات على مستوى عالٍ وقيّمة جداً ليتها تصل إلى أكبر عدد وشريحة من الناس ليستفيدوا من التوجيهات كلها، جعل الله التوفيق حليفكم وأعاننا وإياكم على تربية أبنائنا على منهج رسولنا المصطفى صلوات الله عليه وسلامه بارك الله بكم.

الدكتور رحابي:
بارك الله بكم وأنتم جزاكم الله خيراً لهذه الفرصة وإتاحة الفرصة؛ وأدعو مرة ثانية الإخوة والأخوات أن يشاركوا هذه اللقاءات على صفحاتهم على الواتس آب على كذا.. وأعتقد موجودة أيضاً على صفحتكم وموجودة على صفحتي على الفيسبوك لنشر هذا الوعي وهذه الثقافة في صفحاتنا بكل ما نستطيع حتى يمتلئ الفضاء الإلكتروني والسوشال ميديا بالشيء النافع كما هو ممتلئ للأسف بأشياء كثيرة غير نافعة، فأمثالكم المُهتمين لننشر بقدر ما نستطيع كل ما نراه من خير وكل ما نحضره نعتقد أن فيه فائدة فلننشره أيضاً على صفحاتنا بارك الله بكم، إذا أحببتم أرسل لكم رابط صفحتي حتى يكون عند الأخوات أو الإخوة.

الأستاذة إيمان:
بارك الله بأبنائكم وجعلهم قرة عين لكم سيدي بارك الله بكم وجزاكم الله عنا خير الجزاء، إذاً موعدنا معكم الجمعة القادمة إن شاء الله مع الجزء الثالث من هذه السلسلة الرائعة، بارك الله بكم.

الدكتور رحابي:
حفظكم الله جميعاً جزاكم الله خيراً أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأستاذة إيمان:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.