حفظ القرآن الكريم والتأثر به مع الشيخ المقرئ عماد الدين الهبول

  • 2020-09-22

حفظ القرآن الكريم والتأثر به مع الشيخ المقرئ عماد الدين الهبول

بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ، السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ تعالى وَبَرَكَاتُهُ، الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا ونور صدورنا وجلاء همومنا وأحزاننا يا رب العالمين.
أيها الإخوة والأخوات الكرام المتابعين والمتابعات؛ نرحب بكم في برنامج أهل العلم والقرآن مع فضيلة الشيخ المقرئ عماد الدين الهبول أهلاً وسهلاً بكم فضيلة الشيخ عماد.

الشيخ المقرئ عماد الدين الهبول:
حياكم الله دكتور، أهلاً وسهلاً ومرحباً بكم بارك الله بكم.

الدكتور رحابي محمد:
بدايةً نشكرك على هذا الوقت الثمين الذي نقضيه إن شاء الله بصحبتكم ونقدمكم للإخوة المتابعين الآن، ثم ندردش قليلاً حول المسيرة الطيبة للقارئ الشيخ عماد.

سيرة حياة الشيخ المقرئ عماد الدين الهبول
فضيلة الشيخ عماد ما شاء الله إجازة في الشريعة الإسلامية من عام 2009، حاصل على دبلوم الدراسات العليا اختصاص التفسير وعلوم القرآن، يحمل ما شاء الله ثلاث إجازاتٍ بقراءة حفص عن عاصم من طريق الشاطبية من فضيلة الشيخ عبد الهادي المسوتي رحمه الله، ومن فضيلة الشيخ عادل سرور، وهو أستاذي وشيخي أيضاً له الفضل الكبير عليَّ، ليس فقط في القرآن الكريم، وإنما في التربية والأدب جزاه الله خير الجزاء.
أيضاً الشيخ عماد له إجازة من الشيخ ماهر المنجد حفظه الله تعالى، الشيخ عماد أيضاً حاصل على إجازة في القراءات العشر الصغرى طريق الأصبهاني عن ورش من الشيخ محمد إحسان السيد حسن رحمه الله تعالى، الشيخ عماد مدرس في مجمع الشيخ أحمد كفتارو، وإمام جامع أبي النور في مجمع الشيخ أحمد كفتارو، وهو خطيب أيضاً جامع العدس، أهلاً وسهلاً شيخ عماد، في البداية يعني حدثنا عن النشأة والبيئة التي نشأت بها وجعلت منك حاملاً للقرآن الكريم.

الشيخ المقرئ عماد الدين الهبول:
بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ، الحَمْدُ لله رَبِّ العَالَمِينَ، وَالصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ عَلَى سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ، اللهم ربنا لَكَ الْحَمْدُ كَمَا يَنْبَغِي لِجَلالِ وَجْهِكَ وَعَظِيمِ سُلْطَانِكَ، سبحانك لا نُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكَ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ.

نشأة الشيخ المقرئ عماد الدين الهبول
بدايةً؛ شكر الله لكم فضيلة الأخ الحبيب الدكتور رحابي على هذا اللقاء الطيب المبارك إن شاء الله تعالى، الذي سيكون فيه نفعٌ إن شاء الله لطلبة العلم ولأهل القرآن، وجميع جهودكم في العمل الدعوي وفي العمل العلمي مشكورةٌ مبرورةٌ إن شاء الله تعالى، جزاكم الله خيراً، بالنسبة لي أنا عماد الدين ابن هشام الهبول تفضَّل الله عليَّ عزَّ وجلَّ ونشأت في أسرةٍ متدينةٍ ملتزمةٍ، الوالدة حفظها الله الحاجة زكية الرفاعي هي مدرسةٌ وداعيةٌ، والوالد حفظه الله أيضاً هو كان يعمل في سلك الدعوة، وكلاهما كان ملتزماً في دعوة الشيخ أحمد كفتارو رحمه الله تعالى في مجمع الشيخ أحمد كفتارو وجامع أبي النور.
فمنذ الصغر أكرمنا الله عزَّ وجلَّ أنا وإخوتي بأن نشأنا هذه النشأة الإسلامية القرآنية، طبعاً ومنذ الطفولة كانت الوالدة جزاها الله خيراً وحفظها الله تعالى ووالدتكم وجميع المسلمين، كانت توجهني وتوجهنا جميعاً نحو حفظ القرآن الكريم، وكانت تستعمل معنا الأساليب المختلفة وأسلوب الترغيب خاصةً، فكنت بفضل الله عزَّ وجلَّ أحفظ الصفحات المقررة وما تيسر من القرآن الكريم مقابل المكافأة، وهذا أسلوب مجدي جداً مع الاطفال، ثم بعد ذلك أيضاً الوالد جزاه الله خيراً كان له دورٌ، إخوتي، أخي الكبير الشيخ إياد، ثم بعد ذلك كان جدي رحمه الله تعالى الحاج أبو هشام الهبول كان حافظاً للقرآن الكريم، فكان يُجلسنا كل يوم بعد صلاة الفجر بجامع القابون الكبير وكنا نقرأ القرآن معه ولسنواتٍ طويلةٍ في الطفولة، وكان جزاه الله خيراً هو الذي يقرئنا ويعلمنا.
ثم بعد ذلك في دورات القرآن الكريم في القابون أولاً كان الحاج أبو ماجد جنيد رحمه الله تعالى، أستاذنا الأستاذ زياد جوعانة جزاه الله خيراً وحفظه الله، ثم في جامع أبي النور أيضاً أتممت الحفظ وتفضل الله عزَّ وجلَّ عليَّ، قرأت بفضل الله عزَّ وجلَّ في البدايات على عدة شيوخ على كثيرٍ منهم لم أُتم، ولكن كنت كلما سنحت لي الفرصة أجد من يُسمِّع لي فلا أوفر فرصةً أن أذهب إليه وأُسمِّع له حتى تفضل الله عزَّ وجلَّ عليَّ وأتممت الحفظ ولله الفضل والمنة.

الدكتور رحابي محمد:
ما شاء الله، جزاك الله خير وأحسن الله إليك وزادك الله نفعاً وعلماً إن شاء الله تعالى، فضيلة الشيخ عماد حديث النبي عليه الصلاة والسلام:

{ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: خِيَارُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ }

(أخرجه أحمد)

وقارئ القرآن والمستمع إليه في الأجر سواء، أحاديث كثيرة؛

{ معلم الناس الخير يستغفر له كل شيء حتى الحيتان في البحر }

(أخرجه الطبراني)

وسبحان الله بعض الروايات في فضل القرآن الكريم وإقرائه وتعليمه كثيرة جداً، حتى صنف في ذلك مصنفات كثيرة جداً في فضل القرآن الكريم وفضل تعلمه وفضل إقرائه.

كيف يقضي الشيخ المقرئ عماد الدين الهبول وقته؟
الآن نذهب إلى حياة الشيخ عماد ونقول: كيف يقضي الشيخ عماد وقت فراغه هل هناك هوايات معينة يمارسها في أوقات الفراغ كيف يقضي يومه؟

الشيخ المقرئ عماد الدين الهبول:
بفضل الله عزَّ وجلَّ أنا أعمل في مجمع الشيخ أحمد كفتارو، وأنا إمام جامع أبو النور، وأعمل في تدريس القرآن الكريم، وأنا مشرف على مكتب القرآن الكريم في مجمع الشيخ أحمد كفتارو، وبفضل الله أنا أعمالي كلها قرآنية ذلك الفضل من الله.
إذا أتينا للهوايات فهي كثيرةٌ، ولكن الأوقات لا تساعد على الهوايات، فأحياناً نذهب مع الإخوة نلعب كرة القدم، أحياناً نلعب كرة الطاولة حسب ما تيسر، ولكن ليس هناك برنامجٌ منظمٌ لأن الأوقات المتاحة للنشاطات قليلة، ولكن معظم الوقت الحمد لله رب العالمين هو في العمل القرآني في مجمع الشيخ أحمد كفتارو، رحم الله الشيخ أحمد كفتارو وجزى الله الإدارة القائمة وجزى الله كل من يُيسِّر ويُهيِّئ العمل القرآني، طبعاً بين تدريس للقرآن وبين إقراء للإخوة وبين تحصيلي العلمي أنا الآن أعد رسالة الماجستير في التفسير، يعني معظم أوقات الفراغ تكون في إعداد الرسالة في اختصاص التفسير، وهذا بشكل عام ما أفعله لله الفضل والمنة.

الدكتور رحابي محمد:
بارك الله فيك، لو عدنا إلى بدايات الحفظ والتعلم ما هي الطريقة التي سلكها الشيخ عماد في الحفظ حتى يُثبِّت القرآن الكريم ويتعلمه؟ ثم ما هي الصعوبات التي ربما تواجه الإنسان عادةً عندما يذهب إلى مشاريع مثل هذا المشروع العظيم مشروع حفظ القرآن الكريم، هناك تحديات أحياناً تواجه طالب العلم، فالسؤال الأول كيف كانت الطريقة في الحفظ والتعلم؟ نحن الآن سمعنا من فضيلتك أن الوالدة والجد كان لهم أكبر الأثر في دفعك إلى التعلم في سلوك هذا الطريق، ولكن شخصياً الجهود التي كانت تبذل من نفسك تجاه القرآن الكريم، الأوقات التي كنت تختارها للحفظ، والتحديات التي تواجهك؟

أفضل الطرق لحفظ القرآن الكريم
الشيخ المقرئ عماد الدين الهبول:
الله يبارك فيكم، الحقيقة الطريقة الأفضل والمثلى لحفظ القرآن الكريم هي الطريقة المعتادة، التي هي أن يصبر الطالب ويضع المصحف أمامه ثم يكرر الصحيفة أو يكرر الآية حتى يحفظها.
كثيرٌ من الإخوة يبحثون عن طريقةٍ سحريةٍ لحفظ القرآن الكريم وأنا هنا أريد أن أوجه لهم رسالةً، كثير من الإخوان يظن أن هناك طرقاً معينةً، تضع خطوطً معينةً، تقرأ مرةً أو مرتين أو تنظر نظرةً بعيدةً ثم نظرةً قريبةً، هذا يستعملون به بعض علوم تطوير الذات وما إلى ذلك من مهارات، أنا أرى أن هذا الأمر ليس أصلياً، الأمر الأصلي هو الصبر، والصبر، والصبر، أن يضع طالب العلم المصحف أمامه، ثم يكرر هذه الصحيفة، ربما يفتح الله عزَّ وجلَّ على الطالب فيحفظها في خمس دقائق، ربما عشر دقائق، ربما ربع ساعة ربما نصف ساعة، هذا فتحٌ من الله سبحانه وتعالى.
فطالب العلم عليه ألا يمل، عليه أن يضع المصحف أمامه وأن يكرر هذه الصحيفة، فإذا فرغ منها انتهى إلى صحيفةٍ أُخرى، ثم في المساء يكرر هاتين الصحيفتين اللتين حفظهما صباحاً حتى لا يذهبا نسياناً، ثم في اليوم التالي يضيف إليهما صحيفةً أو صحيفتين أو ثلاثاً أو أربعاً أو خمساً، حسب وقته وقدرته وحسب المتاح له.
ولكن أخي الدكتور رحابي لا يمكن لطالبٍ أن يحفظ القرآن إلا إذا كان صابراً، عليه أن يصبر، أنا أشبه لإخواني الذين يعملون على حفظ القرآن الكريم أقول لهم: الطالب الذي يريد أن يحفظ القرآن الكريم يجب أن يجلس وقتاً، ويبذل جهداً في حفظ القرآن كما يفعل طالب الشهادة الثانوية، طالب الشهادة الثانوية ربما يجلس في اليوم عشر ساعاتٍ ليحفظ ويدرس، هكذا يفعل طالب القرآن، لا يحفظه بسهولةٍ كأن ينام ثم يستيقظ يجد نفسه قد حفظ، هذا لا يكون، فإذاً طالب القرآن عليه أن يبذل جهده عليه أن يسخِّر كل وقته، يكون الجزء في جيبه، والآن الجوال يسهل العملية، سابقاً يكون الجزء في جيبه إذا صعد في المواصلات عنده طريقٌ طويلٌ يفتح هذا الجزء، وربما يراجع جزءاً كاملاً أثناء الطريق، ربما كان عنده سفرٌ لمسافةٍ طويلةٍ يراجع خلال هذه المسافة ثلاثين صحيفةً، أربعين صحيفةً، خمسين صحيفةً، يستغل كل أوقاته ويسخرها لحفظ القرآن الكريم، قبل الآذان، بين الآذان والإقامة، هذا الجهد هو الذي يؤدي إلى حفظ القرآن الكريم حفظاً متقناً، أما أن يبذل الطالب كل يومٍ عشر دقائق أو ربع ساعةٍ من وقته ثم يريد أن يبحث عن طرق معينة؛ يأتي بالمصحف الذي يساعد على الحفظ، أنا لا أؤمن بهذه الطريقة، لا أؤمن بذلك أبداً، طالب العلم عليه أن يجلس ويصبر على الحفظ.
نضيف إلى ذلك سماع القرآن الكريم، السماع إذا كان إنسان يعني غير متاح عنده أن يقرأ إذا كان في السيارة مثلاً، أن يستمع إلى القرآن الكريم يراجع محفوظاته بالاستماع، فالاستماع أنا لله الفضل والمنة حفظت عدة سورٍ من القرآن الكريم سماعاً فقط، وأنا الآن أُخطئ في بداية الصفحة ونهايتها لأني لم أحفظها من المصحف، وإنما حفظتها من الاستماع، فكثرة الاستماع تُعين جداً على تثبيت المحفوظات، وعلى الحفظ المتقن إن شاء الله تعالى.

الدكتور رحابي محمد:
الله يفتح عليك ويبارك فيك ما شاء الله، أخي الشيخ عماد؛ هناك أشخاصٌ ربما يذهبون إلى طرقٍ عديدةٍ ومتنوعة في الحفظ والتثبيت، تثبيت القرآن الكريم، منهم من يذهب مثلاً إلى الطريقة التركية.

تثبيت الآية وربطها بما قبلها أو بما بعدها من آيات
أنا وجدت بعض الإخوة وهناك إخوةٌ كرامٌ ختموا عندي القرآن منذ زمن وأخذوا إجازة، لكن زرتهم مرةً في تركيا، المدرسة التركية عندهم في هذا الجانب، الحفظ يكون بأن يقرأ الآية الواحدة مئة مرَّةٍ على الحاضر من المصحف، ثم يعيدها غيباً مئة مرَّة، ثم يذهب إلى الآية التالية فيقرأها من المصحف مئة مرَّة، ثم يعود إلى الآية الأولى ويقرأها مئة مرَّة مع الآية الثانية مئة مرَّة، يذهب إلى الآية الثالثة يقرأها مئة مرَّة من المصحف، ثم يعيدها مئة مرَّة غيباً، ثم يعيد الآية الأولى والثانية والثالثة مئة مرَّة، وهكذا إلى أن يختم الصفحة الكاملة مع كل مئة مرَّة يعيد الآيات التي قبلها مئة مرَّة، فسبحان الله هناك مدارس في تحفيظ القرآن الكريم؛ مدرسة الإعادة، إعادة الآية مئة مرَّة، وهناك مدارس أخرى مثلاً، ما هي المدرسة التي تعلمت بها؟ كيف تُثبِّت الآية وتربطها مع الآيات التي قبلها والتي بعدها؟

الشيخ المقرئ عماد الدين الهبول:
والله أنا كما ذكرت لكم كنت أحفظ الآية، ثم أنتقل إلى الآية التي تليها وأحفظها مع التي قبلها، أكررها، أحياناً أقرأ الصحيفة من بدايتها إلى نهايتها هذا في غالب الحفظ، كنت أبدأ بالصحيفة وأقرأها من بدايتها إلى نهايتها وأظل أعيد هذه القراءة يعني أقرأها من البداية إلى النهاية، ربما أقرأها عشرين مرَّة ثلاثين مرَّة أربعين مرَّة حسب ما ييسر الله سبحانه وتعالى، الآن إذا وجدت نفسي أني حفظتها فأسمِّعها لنفسي غيباً، أقرأها غيباً إذا وجدت فيها خطأً واحداً أعيدها مرَّةً ثانيةً، إذا ظهر خطأٌ أعيدها أيضاً، أصرُّ على حفظها الصحيح حتى أصل إلى مرحلةٍ أني قرأت الصحيفة كلها دون أية أخطاء، فهذه هي الطريقة التي كنت أتبعها في الحفظ.

الدكتور رحابي محمد:
عندنا سؤالٌ في موضوع القراءات ما شاء الله كونك قارئٌ في القراءات، ونرغب أيضاً إلى أن نستمع إلى بضع آياتٍ منك إن شاء الله تعالى.

أثر القرآن الكريم في حياة من يتعلمه
قبل أن نذهب إلى تلاوة الآيات الكريمة ما هو أثر القرآن الكريم؟ عندما يحفظ الإنسان القرآن الكريم هناك آثارٌ على نفسيته على شخصه على أخلاقه، آثارٌ تظهر في تعامله مع أهله في عمله في حياته بشكل عام، فكيف ترى أثر القرآن الكريم العظيم في حياة حافظ القرآن أو في حياة من يتعلم القرآن الكريم؟

الشيخ المقرئ عماد الدين الهبول:
والله أنا سأحدثك عن شيوخي، أنا أسأل الله أن يجملني بستره، ولكن سأحدثك عن شيوخي الذين صحبتهم، كما تفضلت؛ أنا أكرمني الله عزَّ و جلَّ طبعاً في بداية القراءة كانت على يد الشيخ محمد سكر رحمه الله تعالى الذي قرأتم عليه أنتم، وهو شيخ الشام وهو كان مثال الأدب والأخلاق واللطف يعني أدب رفيع جداً لا يمكن وصف الأدب الذي كان يتسم به سيدنا الشيخ محمد سكر، قرأت عليه جزء عم وسورة البقرة ثم توفاه الله سبحانه وتعالى.
ثم قرأت على سيدنا الشيخ عبد الهادي المسوتي رحمه الله تعالى كان صابراً، وكان من أهل اللطف والفضل، وكان يكرمنا مثل أولاده وكنا نذهب إلى بيته في أوقات راحته، وكان يصرف وقته للقرآن الكريم حتى أنه إن كان عنده رحلةٌ لمسافةٍ طويلةٍ كان يتصل بي ويقول: ما رأيك أن تأتي وتقرأ أثناء الطريق؟ أقول له: والله نتبارك بكم، فأركب مع الشيخ بالسيارة وهو يقود السيارة وأنا أقرأ جيئةً وذهاباً، وهذا كان حالي معه، وكان كما ذكرت لك، هو غايةٌ في التواضع وغايةٌ في اللطف وغايةٌ في الأخلاق.
أيضاً أستاذنا الشيخ عادل سرور حفظه الله أيضاً أكرمني الله عزَّ وجلَّ وقرأت عليه، وأنت تعرفه أكثر مني أيضاً ما شاء الله غايةٌ في التواضع واللطف والالتزام، والمحافظة على السنَّة، وإتقان القرآن، والمدارسة، والمذاكرة المستمرة.
أيضاً أستاذنا الشيخ ماهر المنجد حفظه الله، سبحان من صوَّره وكونه على هذا اللطف الذي يتمتع به والتواضع الذي أكرمه الله تعالى به الشيخ ماهر حفظه الله.
قرأت على أستاذنا الدكتور محمد أنس الدوامنة جزاه الله خيراً أيضاً من أهل اللطف والفضل.
وتوِّج ذلك بالقراءات العشر الصغرى على سيدي الشيخ محمد إحسان السيد حسن الذي توفي من فترةٍ قريبةٍ رحمه الله تعالى، و الحقيقة كان ذلك فاجعةً للأمة، كان رجلاً صابراً، ماذا أحدثك عنه! والله الإنسان لا يعرف ماذا يتحدث عن شيوخه، كان الشيخ جزاه الله خيراً يواعدني مثلاً على صلاة العصر، لأنه كما تعلم جمع القراءات يحتاج إلى وقتٍ طويلٍ، فكنت أذهب إليه وأجده دائماً ينتظرني، نادراً ما كنت أصل قبله إلى الموعد إلى المكان المحدد في مسجدٍ من مساجد دمشق كان يصل قبلي من شدة تواضعه وولعه بالقرآن الكريم، فكان رحمه الله تعالى ورضي عنه يصبر على الجلوس معي والله أحياناً خمس ساعاتٍ أو ست ساعاتٍ وهو يجلس معي، يستمع لي، طبعاً يستمع للجمع، والجمع يحتاج؛ ربما الصحيفة الواحدة ربما تتحمل أكثر من نصف ساعة أو ساعة ربما أو قريب من ذلك، الجمع بالآية، فكان حفظه الله تعالى لا يبالي بالوقت، يجلس معي حتى يرى أني تعبت أو أن طاقتي قد ذهبت من كثرة القراءة، وكان يقدم لنا ضيافةً كالقهوة مثلاً حتى لا يملَّ الطالب، فالحقيقة أنا من معاشرتي لهؤلاء الأكابر لم أجد مع كثرة العلماء وفضلهم ولطفهم، لم أجد أحداً أكثر تخلقاً بأخلاق النبوة من أهل القرآن، يعني سبحان الله الذين رأيتهم كانوا ألطف الناس، الشيوخ الذين اجتمعت بهم لا يوصفون لشدة لطفهم وتواضعهم وأخلاقهم وأحسب أنهم كانوا كذلك مع أهلهم ومع كل من حولهم.

الدكتور رحابي محمد:
جميل جداً يعني لم أجد أحداً أكثر تخلقاً بأخلاق النبوة من أهل القرآن.

الشيخ المقرئ عماد الدين الهبول:
أنا هذه دائماً قاعدة عندي يعني لا تكاد إن شاء الله تنخرم هذه القاعدة.

الدكتور رحابي محمد:
والله أتمنى من المتابعين أن يكتبوا هذا بالتعليقات، لا يوجد أحد أكثر تعلقاً وتخلقاً بأخلاق النبوة والأنبياء من أهل القرآن الكريم، هذه تكفينا منك في هذا اللقاء في هذه الحلقة، أنَّ الإنسان بالفعل يتخلق بأخلاق الأنبياء كلهم، والأنبياء كلهم مدارس، وسيد الأنبياء نبينا عليه الصلاة والسلام يتخلق بهم، يقرأ سيرتهم، يقرأ حياتهم، يقرأ قصصهم التي قصَّها الله عليه.

قصصٌ مع العلماء
والله أنا تذكرت الآن قصصاً كثيرةً، واحدةٌ منها؛ الشيخ ماهر المنجد حفظه الله وأرجو الله تعالى أن يحفظه وينفع به، كنا نقرأ القرآن الكريم عند الشيخ محمد سكر أنا كنت أقرأ على حفص، وكان الشيخ المنجد وقتها ختم على حفصٍ وبدأ بالقراءات، وهو أكبر مني في العمر، أنا كنت وقتها في الصف العاشر أو الحادي عشر، عندما ختمت القرآن كنت في الثانوية العامة.
فالشيخ ماهر هو الذي أذكر قال لي بعد أن أخذت الإجازة ودخلت في الجامعة في السنة الثالثة؛ كنا نمشي مرَّةً قال لي: لماذا لا تدرِّس في المعهد الشرعي للدعوة والإرشاد؟ قلت له: كيف أدرِّس وأنا لم أتخرج من البكالوريوس، وليس معي ماجستير، وليس معي دكتوراه؟ قال لي: معك إجازة قرآنٍ من الشيخ محمد سكر، قلت له: ربما يكون في الموضوع صعوبةٌ عليَّ، قال لي: لا أبداً، اذهب إلى مدير المعهد وقل له ذلك؛ أنا أحب أن أدرس القرآن الكريم ومعي إجازة من الشيخ محمد سكر.
والله ذهبت إلى المدير وقتها كان الدكتور سعيد البغدادي الله يحفظه ويبارك في عمره وفي علمه، الدكتور سعيد كان له هيبةٌ وما شاء الله آتاه الله بسطةً في العلم وفي الجسم، فأنا دخلت إلى مكتبه وأنا صدقني كنت في ارتباكٍ وخوفٍ وحالةٍ من التردد، لكن حبست أنفاسي ودخلت، السلام عليكم، وعليكم السلام ورحمة الله، أهلاً أخ رحابي، قلت له أستاذ عندي سؤال؟ تفضل، قلت له: أنا أخذت إجازةً من الشيخ محمد سكر، ما شاء الله مبارك إن شاء الله، وقلت له: أنا أريد أن أدرس في المعهد، قال لي: أهلاً وسهلاً طبعاً بالتأكيد، اذهب إلى الأستاذ موفق الحرش وجه الله له الخير له الفضل وقل له: الأستاذ سعيد موافق، وذهبت ومشت الإجراءات وبدأت في التدريس بالمعهد، وأكرمني الله في خدمة القرآن الكريم في المعهد لسنواتٍ والحمد لله.
عن الشيخ عادل سرور بالفعل يعني هذه كلمة بالفعل أراها في شخص الشيخ عادل السرور الله يحفظه ويجزيه الخير؛ أشد الناس تعلقاً بأخلاق الأنبياء في الصبر في الاحتساب في التقوى في الورع، عاشرت الشيخ عن قربٍ شديدٍ لا يترك قيام الليل، عنده كل أسبوع ختمةٌ كاملةٌ من القرآن الكريم في الصلاة، طبعاً هذا الأمر أنا عرفته بعد سنواتٍ طويلةٍ من القرب من الشيخ، عنده صبرٌ شديدٌ جداً على ما ابتلاه الله به من البلاء والمرض.
لكن الطريف عند الشيخ عادل صلاة الجماعة، حرصه على صلاة الجماعة بطريقةٍ عجيبةٍ غريبة، حتى كان أيام زمان يغير حجز الباص إن كان مسافراً من الشام إلى حلب مثلاً، كان يغير الحجز من أجل موعد الصلاة لكي لا تفوته صلاة الجماعة في المسجد، فيرتب أموره، وبالرغم من ثقل المرض أو العمل أحياناً، فإنه كان حريصاً جداً على الصلاة في الصف الأول، فنسأل الله تعالى أن يكرمنا وإياكم إن شاء الله بأخلاق الأنبياء، يا شيخ عماد نحن متشوقون لأن نسمع منك بعض آيات من القرآن الكريم وإن شاء الله يكون فيها يعني أُنسٌ وبركةٌ إن شاء الله تعالى لنا، ولعلها تكون ختام في هذا اللقاء المبارك الطيب معك.

مشاركات من الإخوة المتابعين
نحن وعدنا الإخوة المتابعين بالمرور على أسئلتهم فجزاهم الله خيراً، الدكتور يونس الكبيسي يقول: فتح الله عليكم، الدكتور يونس هو نائب رئيس الجامعة الأميركية للعلوم الإنسانية، شكراً يا دكتور يونس.
الدكتور رضوان شحرور يقول: ما شاء الله وبحفظ الرحمن.

مراجعة محفوظات القرآن الكريم والموازنة بينها وبين الواجبات اليومية
ثم عنده سؤال يقول: سؤالنا لحبيبنا الشيخ عماد ما هي أفضل طريقة لمراجعة محفوظات القرآن الكريم، خاصةً مع متابعة واجباته المدرسية في المدارس الحكومية؟

الشيخ المقرئ عماد الدين الهبول:
والله سيدي هو أستاذٌ ما شاء الله حوله ويعلم الإجابة أكثر مني، كما تعلمون طالب العلم يجب عليه أن ينظم وقته، ويجب أن يكون لديه وقتٌ أو وردٌ من القراءة يزيد ولا ينقص، أنا أوصي إخواني وأوصي نفسي بأن يكون لنا حداً أدنى من القراءة اليومية، عندنا مراجعة، عندنا ربما أيضاً كما ذكرت الآن عن سيدنا الشيخ عادل أنه كان يراجع ورده في الصلاة، ويمكن في حال الانشغال الشديد أن لا يقصِّر الإنسان عن جزءٍ واحدٍ يومياً، وهذا أقل ما يمكن أن يُقال، إن كان عنده ضغطاً شديداً، أو عنده امتحانات، يمكن أن يقرأ صفحاتٍ قبل كل صلاةٍ، أو بعد كل صلاةٍ، ويستطيع أن ينهي هذا الجزء بشكل يسيرٍ، قال أهل العلم: "من قرأ الخمس لم ينس"، من قرأ خمسة أجزاءٍ يومياً هذا للمتفرغ، هذا للذي يوجد عنده قدرةٌ عاليةٌ، الذي يستطيع أن يقرأ هذا الورد، ولكن وصيتي لنفسي ولكل أهل القرآن لأن كثيراً منهم لا يستطيع أن يقرأ خمسة أجزاءٍ هذه حقيقة، يجب أن نكون واقعيين، يعني ما استطاع، جزأين يومياً إن استطاع أن يحافظ على هذين الجزأين يكون أمراً جيداً.
أنصح نفسي وأنصح كل الإخوة ألا يقل ورد المراجعة اليومية عن جزءٍ واحدٍ، أقل ما يراجعه طالب العلم في اليوم ، إن طالت به المدة يختم في شهرٍ، ولكن ليس أكثر من ذلك، إذا تضاءل الورد اليومي عن الجزء بالنسبة للحافظ فالحفظ يكاد يذهب، فأقل ما يمكن أن يحافظ على جزءٍ واحدٍ يومياً، فإن زاده إلى جزأين حسب الوقت، ثلاثة، أربعة، خمسة، يعني ما استطاع، والله أنا أعرف سبحان الله أناساً بارك الله لهم في أوقاتهم، أعرف طبيباً يقرأ كل يوم عشر أجزاءٍ مراجعةً، مع أنه طبيبٌ، وعنده عيادة وعنده أسرة، ولكن سبحان الله وقته منظم، والأولوية للقرآن ولا يوجد مشاغل، نحن الحقيقة اليوم نتشاغل بكثيرٍ من الأمور، نتشاغل بوسائل التواصل، نتشاغل بهذا الجوال، لو جُعِل هذا الوقت الذي لا طائل منه ولا فائدة فيه لو جعله في القرآن الكريم فهو أفضل وهو خيرٌ له إن شاء الله تعالى.

الدكتور رحابي محمد:
الله يبارك فيك يا شيخ عماد، طيب الآن نذهب إلى التلاوة المباركة إن شاء الله ولعلنا نختم بها لقاءنا وبارك الله فيكم.

الشيخ المقرئ عماد الدين الهبول:

إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۖ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلًا مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ * وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ * وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ
(سورة فصلت: الآية 30-31-32-33-34-35)


الدكتور رحابي محمد:
بارك الله فيكم وجزاكم الله خيراً، وأحسن الله إليكم يا شيخ عماد ما شاء الله، عندنا سؤالٌ آخر من الأستاذ علي ياسين، وهو مدرب وخبير بالتطوير ما شاء الله عليه.

دور الحافظ في تشجيع من حوله على حفظ القرآن
يسأل: بارك الله فيكم على هذه الاستضافة الجميلة والمفيدة سؤالي ما هو دور الحافظ في أن يشجع أصدقاءه ومن حوله على حفظ القرآن الكريم؟ ما هو دور الحافظ يا شيخ عماد في تشجيع أصدقائه؟ بتشجيع الدائرة التي حوله على حفظ القرآن؟

الشيخ المقرئ عماد الدين الهبول:
والله سيدي هذا أمرٌ مهمٌ جداً كنت سبحان الله أريد أن نتحدث به، ولكن جاء السؤال ذكرني به الآن جزاك الله خيراً أخي السائل.
سيدي؛ الحافظ يجب عليه أولاً أنا أؤكد على الحافظ بشكل خاص والشيخ العالم الذي يعمل بالدعوة بشكل عام ربما تشاغل بالأبعد عن الأقرب، طبعاً دائماً الحافظ والشيخ مشغولٌ عن أهله وعن زوجته نسأل الله أن يجزيهم خير الجزاء، ولكن إن شاء الله هناك ثوابٌ مشتركٌ، فسيدي أولاً يجب على الحافظ أن يبذل جهده في إدخال القرآن إلى بيته، إلى زوجته، إلى أولاده، بالقراءة، بالحفظ، بالتسميع، بالتثبيت، بالمراجعة، أن يشد على أيديهم، وإلا فما فائدة الصحبة إذا كان الحافظ حفظ لنفسه، ولم ينفع الله عزَّ وجلَّ به من حوله، هذه ليست صحبةً أصليةً، الصحبة الأصلية تكون بأن ينفع الإنسان من حوله، أن يشحذ هممهم، أن يأخذ بأيديهم إلى القرآن، أن يذكرهم بأن عملنا أن نذكر قال تعالى:

فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ
(سورة الغاشية: الآية 21)

فنحن نذكرهم إن شاء الله نذكِّر أهلنا، كل شيخٍ أو داعيةٍ يذكر زوجته وأولاده، وبعد ذلك يتابع برنامجه مع إخوانه الذين ليس له بهم صلة قرابة.

الدكتور رحابي محمد:
الله يبارك فيك ويحفظك يا شيخ عماد، لقاء طيب ممتع مبارك، "أشد الناس تخلقاً بالأنبياء هم أهل القرآن" هذه خلاصة حلقتنا في هذا اليوم المبارك مع الشيخ عماد الهبول، شكراً جزيلاً لهذا اللقاء وأسأل الله تعالى لكم التوفيق والسداد، وأن ينفع بكم إن شاء الله، شكراً للإخوة جميعاً وبارك الله فيكم، وإلى لقاءٍ آخر بإذن الله تعالى تتابعونه قريباً إن شاء الله على الصفحة، شكراً، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.