دور الإمام في الأنشطة الدعوية مع الشيخ موفق الغلاييني

  • 2020-12-03
  • أمريكا

دور الإمام في الأنشطة الدعوية مع الشيخ موفق الغلاييني


مقدمة :
د. رحابي محمد:
بسم الله الرحمن الرحيم، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، أهلاً وسهلاً ومرحباً بكم في برنامج جديد من أهل العلم والقرآن، مع فضيلة الشيخ الدكتور موفق الغلاييني، أهلاً وسهلاً ومرحباً بكم فضيلة الدكتور موفق.

الشيخ موفق الغلاييني:
حياكم الله أهلاً وسهلاً.

د. رحابي محمد:
حياكم الله سيدي، جزاكم الله خيراً، وشكراً لكم ولوقتكم الثمين المبارك.
أيها الأخوة الكرام؛ برنامج اليوم مع أهل العلم والقرآن، وحلقة جديدة بعنوان: دور الإيمان والمراكز الإسلامية في الأنشطة الاجتماعية في أمريكا.
فضيلة الدكتور موفق الغلاييني حفظه الله هو عضو اللجنة الدائمة للإفتاء في مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا، وهو أيضاً إمام المركز الإسلامي بمدينة غراند بلانك في ولاية ميشيغان، هو أيضاً عضو مجلس أمناء جامعة مشكاة في أمريكا.
فضيلة موفق لو بدأنا مباشرة في عنوان هذه الحلقة أو اللقاء في دور المسجد والمراكز الإسلامية في معالجة المشكلات الاجتماعية للجالية المسلمة في أمريكا، ما هو دور المسجد أو الإمام في علاج المشكلات الاجتماعية؟

دور المسجد أو الإمام في علاج المشكلات الاجتماعية:
الشيخ موفق الغلاييني:
بسم الله الرحمن الرحيم، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على نبينا محمد الصادق الوعد الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أشكركم على إتاحة الفرصة لي في هذا اللقاء إن شاء الله، وأسأل الله عز وجل أن يبارك في هذه الدقائق، وأن يجعلها مفيدة نافعة إن شاء الله.
بادئ ذي بدء أود أن أقول: المسجد الإسلامي في أمريكا مختلف تماماً عن المسجد في بلادنا العربية، مع الأسف وضع مساجدنا في العالم العربي والعالم الإسلامي تقتصر على إتاحة الفرصة للمسلمين لأداء شعائر العبادة، وبعض الدروس، المركز الإسلامي في أمريكا عبارة عن موئل ورئة للمسلمين، يمارسون فيه مختلف الأنشطة، مشاعر الإسلام الدينية، والثقافية، والاجتماعية، والتوجيهية، والإعلامية، وما إلى ذلك، وأحياناً الاقتصادية والسياسية بشكل جزئي، فالمركز اعتبر حياة للمسلم هنا، ولذلك يحرص الملتزمون دائماً أن يسكنوا بجوار المسجد.
بالنسبة للناحية الاجتماعية الحقيقة بما أنه المركز الإسلامي في أمريكا فالكبار والصغار، والرجال والنساء يأتون كلهم، كل شخص يجد فيه ما يلبي حاجته، الشباب له نشاط، الأخوات لهم نشاط، هناك محادثات مشتركة، نحن يكون عندنا متكلم ومتحدث فيحضر النساء والرجال، النساء في جانب، والرجال في جانب، وعندنا قاعة والحمد لله للأنشطة المختلفة منها الأنشطة الرياضية فيتعارفون، والتعارف هنا ممكن أن يصير من خلاله اختيار الزوجة والزوج، وأيضاً يتعارف الزوجان على الإمام، وكل إمام ناجح على صلة طيبة بالناس، فإذا صار هناك صلة جيدة- والمؤمل أن يكون هناك صلة فكرية وروحية- عندما تحصل مشكلة بين زوجين يأتيان بشكل تلقائي، أيضاً حتى لو حصلت خلافات بين الشركات التجارية يأتون للإمام لحل هذه الإشكالات، وهذا ما نقوم به عادةً، وإذا غير عقود الزواج، لو كان الناس متزوجين، وأحياناً يكونان كبيرين في السن عندهم أولاد تحصل مشكلات بسبب الغربة والأوضاع وكذا، أيضاً يأتون للإمام، فأنا عندي مكتب، وأصر أن يكون الزوج والزوجة موجودين وأسمع لكليهما، وأبدأ بمقدمة أذكرهم بالله تعالى على نية الحفاظ على بيت الزوجية والأولاد، ثم ننظر في نقاط الخلاف فنستعين بالله سبحانه وتعالى وغالباً ما يعود الوئام والوفاق للزوجين.

د. رحابي محمد:
بارك الله بكم دكتور موفق الغلاييني؛ اثنتان وثلاثون سنة ما شاء الله في أمريكا خدمة لبيوت الله سبحانه وتعالى، وخدمة للمراكز الإسلامية للجالية الإسلامية، إماماً، خطيباً، محاضراً، داعياً، وأيضاً هو من المؤسسين لمجمع فقهاء الشريعة في أمريكا قبل تسعة عشر عاماً، وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء في هذا الصرح الكبير مجمع فقهاء الشريعة، ما هي أوجه النشاط الاجتماعي التي تراها أو التي يمارسها المسجد أو الإمام في المراكز الإسلامية في أمريكا؟ وكيف تستفيد الجالية الإسلامية من هذه الأنشطة؟

كيفية استفادة الجالية الإسلامية من نشاطات المراكز الإسلامية:
الشيخ موفق الغلاييني:
باختصار كما يقولون: من المهد إلى اللحد.

د. رحابي محمد:
بارك الله بحياتكم سيدي .

الشيخ موفق الغلاييني:
يأتي الوالد يقول لي: يا شيخ اختر لي اسماً، ثم يدعونا على العقيقة ، أحياناً تعال أذن بأذنه، ثم يكبر، نريد أن نزوجه، تنازع هو وزوجته نريد أن نصالح بينهم، مات والده نريد أن نذهب لدفنه، عند والده عمل وقد اختلف مع شريكه نريد أن نصالح بينهما، وهكذا، أي حياة كاملة، تشمل كل الأوجه، فمن خلال الحديث تتضح ملامح هذا النشاط، أنا عندي خبرة لأن هناك مراكز ثانية عندهم، بنينا مركزاً للشباب كي يلعبوا به بكرة السلة، ويلعبوا بكرة القدم، نعمل فيه لقاءات، نعمل فيه حفلات، إلى آخره، فالأولاد يلعبون، والأسر تلتقي برمضان نعمل عشاء للجالية، نعمل أوبن هاوس لغير المسلمين، أحياناً مثلاً من فترة جاءني قسيس، أحضر طلابه الذين يعمل لهم كورساً عن الأديان، فدرست معهم، وبينت لهم ملامح، وأعطيتهم فكرة عن ديننا، وطرحوا أسئلة والحمد لله رب العالمين كان لقاء جيداً، وأحياناً أنا أدعى لبعض الكنائس حتى أبين بعد الأمور الإسلامية، والرد على بعض الشبهات التي ترد ضد الإسلام والمسلمين.
فالمركز الإسلامي في أمريكا يعتبر موئلاً للمسلمين كما قلت، لذلك الإمام يجب أن يكون مؤهلاً، أول شيء شرعاً، وقبل ذلك صلة بالله سبحانه وتعالى، واستقامة، وتقوى، حتى يتقي الله بالمسلمين، ويكون إنساناً ثقة للمسلمين، ومرجعية ، ويجب أن تكون الإدارة متعاونة مع الإمام، متفهمة، ألا يكون هناك مشاكل بين أعضاء البورد، هذا موضوع معروف عند الأئمة، أما عندما يكون هناك مشاكل بين الجالية والبورد فهذه من سلبيات الديمقراطية، يوجد مراكز كل سنتين أو ثلاث يعملون انتخابات كي يختاروا الهيئة المسؤولة عن المجلس، ويصير هناك لف ودوران أحياناً من أجل الأصوات، ضغوط، واتصالات، أريد فلاناً، ولا أريد الآخر، إلى آخره، أنا عندي مركزي الحمد لله مرتاحاً، اختاروني مدى الحياة، أعضاء من دون وزارة.

د. رحابي محمد:
دكتور موفق؛ من خلال السيرة المباركة لفضيلتكم، وأبحاثكم، وكتاباتكم الأكاديمية العلمية، لكم كتاب: وسائل الإعلام وأثرها في وحدة الأمة، ولكم أيضاً كتاب: أنشطة المراكز الإسلامية لأمريكا الشمالية، وقد أكرمتني بهذا الكتاب في أول لقاء اجتمعت بك في مجمع خطباء الشريعة.

الشيخ موفق الغلاييني:
دراسة فقهية.

د. رحابي محمد:
نعم دراسة فقهية، لكم أيضاً كتاب عن جدكم رحمه الله، وقدس الله روحه، بعنوان: العالم الرباني للشيخ إبراهيم الغلاييني، وكان رحمه الله مفتي قطنا، ونائب رئيس رابطة علماء دمشق في الميدان، من خلال خبرتكم، وقراءاتكم، وتجاربكم العملية في المراكز الإسلامية في أمريكا ما هو دور الإمام إمام المسجد، والمركز الإسلامي في الزواج والطلاق؟ كما ذكرت قبل قليل حضرتك أن نحضر العقيقة للغلام، ثم نزوجه، ونأتي إلى خلافاته الزوجية، ونحلها، هذه المعاملات اليومية في المشاكل الأسرية ما هو دور الإمام؟ وكيف يحلها؟ وما هي الحدود والضوابط في التعامل مع هذه القضايا قضايا الزواج والطلاق؟

الحدود والضوابط في التعامل مع قضايا الزواج والطلاق:
الشيخ موفق الغلاييني:
نحن الحمد لله أيضاً منذ فترة طويلة أنشأنا اتحاد الأئمة، وكنت أنا رئيسه لمدة ثلاث سنوات عند إنشائه، من حوالي سبعة عشر عاماً، وكنا نعمل ورشة عمل، ونرجع فيها للأئمة لمناقشة القضايا العاجلة أو الملحة، فهناك خبرة والحمد لله نتيجة هذه الأمور، وإلى الآن نحن الحمد لله نلتقي الأئمة، كل شهر نلتقي ونناقش بعض الأمور، وباختصار أقول بعض الخطوات إذا كان عندنا طلبة علم سيصبحون أئمة ويستفيدون من هذا المستقبل إن شاء الله، الإمام المفروض ألا يعمل عقد زواج حتى تبدأ الإجراءات أولاً في المحكمة، لأنه يعتبر بالقانون الأمريكي تعدٍّ على القانون، إجراء رسمي ينتج عنه إنشاء علاقة بين زوج وزوجة، وتشكيل أسرة، وسيأتي أولاد، الحقيقة تسجيله يكون في نفس الوقت، لكن نحن نقول للعريس والعروس: ممكن أن تذهبوا إلى البلدية، وتأتوا بالاستمارة، فالبلدية الأمريكية تكتب المعلومات الأساسية، وتبعث ورقة رسمية، هذه الورقة الرسمية فيها قسم بالأسفل لرجل الدين، كل واحد حسب دينه، فنحن نحصل على نسختين أو ثلاث، أي العريس والعروس والشاهدان، بعد إجراء العقد الشفوي، بالمسجد، أو بالقاعة، أو بالمنزل، ثم الإمام يوقع، هو الذي أشرف على هذا العقد، يضع عنوانه، وترسل نسخة للبلدية، ويسجل زواج رسمي بالدوائر الأمريكية، وتبقى نسخة عند العريس، وتعطى أيضاً نسخة للعروس، هذا بالنسبة لعقد الزواج.
الآن بالنسبة للطلاق أيضاً ممنوع على أي إنسان إمام أو غيره، أو قسيس، أو راباي أي رجل دين يهودي، أن يعمل الطلاق إلا بعد أن يتم الطلاق في المحكمة، طبعاً نحن بالأول نعمل إصلاحاً، يأتي الزوجان مراراً إلينا، هم طبعاً متفقان على الطلاق، نقول لهم: تفضلوا ونغلق الباب، صلوا على النبي، ثم نقول لهم: أول شيء موضوع الطلاق أزيلوه من ذهنكم، نحن أولاد اليوم، تكلموا ما القصة؟ وأنتم معكم أولاد، وأنا أحياناً أعمل طريقة نفسية أي أطلب منهم أن يحضروا معهم الأولاد، أقول لهم: قبل أن تطلبوا الطلاقً انظروا بأعين أولادكم، إذا تطلقتم هؤلاء الأولاد سيعيشون مثل الأيتام، طبعاً الأم، خاصة الزوجة تتأثر، وتبكي، إذاً الإمام أول عمل له، وهذا من القرآن:

إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ
[ سورة النساء الآية:114]

وأجدى شيء للإصلاح هما الزوجان.

لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ
[ سورة النساء الآية:114]

لم يفلح، وتعذرت الحياة الزوجية، هذا مشروع الطلاق إذاً أخذ دواء الكي، وإذا كان يشهد الإمام أن طباعهم مختلفة، وطباعهم الخلفية مختلفة، هو قادم من بلاد، وهي من هنا، عقليتان مختلفتان، فلا يمكن الإصلاح بينهما، عندئذ أقول لهما: اعملوا تفريقاً، ثم اعملوا الأوراق في المحكمة، هناك الإجراءات، فنعمل الصيغة بالمسجد سواء طلاق من قبل الزوج، أو خلع، طلب طلاق من قبل الزوجة وتتنازل عن مهرها كله أو جزء منه، هذه بالنسبة باختصار للزواج وللطلاق ، باختصار شديد.

د. رحابي محمد:
نعم سيدي، حفظكم الله، جميل أن نسمع هذه الخبرة، وهذه التجارب حتى نستفيد منها، ويتيح لنا الإمام في المركز الإسلامي في أمريكا وفي الأرض بشكل عام ذلك، فلكم خبرة في ذلك، وتجارب ما شاء الله ناجحة.
دكتور موفق؛ هناك حالات من الأخوات يقبلن الإسلام، يدخلن في الإسلام.

الشيخ موفق الغلاييني:
قبل هذا حقيقة نسيت شيئاً؛ التطليق لذي الغيبة ، والتفريق بسبب الشقاق.

د. رحابي محمد:
نحن سنأتي عليه نعم، في بعض الأخوات يقبلن الإسلام، يدخلن في الإسلام، يعتنقن الإسلام ثم يريدن الزواج، ويجدن الكفء والأهل للزواج، كيف يكون إمام المسجد في هذه الحالة؟ ما هو دوره في تزويج المسلمة الجديدة؟ وكيف قضية تحقيق شرط الولاية؟ كيف تنصح في ذلك دكتور؟

دور الإمام في تزويج المسلمة الجديدة:
الشيخ موفق الغلاييني:
أولاً: أخبر الأخوة في أمريكا أن نسبة المتحولات للإسلام أكثر من المتحولين للإسلام، والسبب أنهم يرون بأم أعينهم كيف يعامل الأزواج المسلمون زوجاتهم، متلما يقولون نحن دعنا نحكيها بالعامية السورية، بالنهج الإسلامي المرأة الزوجة ملكة، لا يقبلون لها العمل، ولا الكد، ولا الكدح، وإذا كان هناك أخوات يسمعونني من الشرق انتبهن لهذا الأمر، لأنهن يعتقدن أن المرأة بأمريكا هي الملكة، لا والله، المرأة ببلادنا هي الملكة.
أعطيكم مثالاً بسيطاً: أنا مركزي يأتي إليه أطباء، لأن المستشفى قريبة منا، فيقولون لي إن الممرضات يأتون مثلما يقولون عنا من قبل الشمس، هو يأتي الساعة السابعة تكون الممرضة جاءت من الساعة السادسة، ما قصتهن؟ أحياناً أنا أذهب أزور المرضى المسلمين، فأغلبهم نساء، ممرضات، ما وضعهن؟ قالوا: أغلبهن مطلقات، عاش معها سنتين أو ثلاث، رزقت منه بأولاد ثم طلقها، وليتها كانت متزوجة بل عاش معها بوي فرند، وخلف أولاداً، ثم يقول لها: باي باي يتركها ويمشي، تريد أن تكدح، طبعاً تحصل على نفقة، لكن إذا كان مفلساً لا تحصل على شيء وعليها أن تعمل، بالأخير كله يجب أن يعمل، والنساء هنا بأمريكا يجب أن يعملن، فعندما تجد المرأة- نحن ابتعدنا عن موضوعنا، ولكن الفكرة مهمة - التي تكدح أن الأطباء كلهم قاعدون، وزوجاتهم بالبيت، ولم يشاهدن زوجاتهم تعمل، لا نرس، ولا غير نرس، إلا إذا كانت تعمل طبيبة، أو صيدلية، وكلها مهن راقية، وإذا لم تعمل فهي تجلس بالبيت، فتجد فعلاً وضع المرأة المسلمة وضعاً عظيماً جداً، فتدخل في الإسلام، هذه المسلمة إذا وجدت عريساً طبعاً والدها يقول لها: أحضريه لنكرمه ونرحب فيه، لكن هو يعمل عقد الزواج فلا، فأحياناً عندما يكون والداها متعصبين ندعها هي تقول بنفسها عبارة النساء، أبو حنيفة ويوسف قالا: إذا كان من الكفء، والكفء مسلم، وتكون كفئاً، يحضران ويران بعضهما لا يوجد مشكلة، إذا لم يكن هناك حساسية من الأبوين، أو لم يكونا موجودين فتوكل وكيلاً ولا يسمى ولياً، الولي يجب أن يكون أقرب عصبة ذكر لها، وهم ليسوا مسلمين، فتختار رجلاً صالحاً من المسلمين كي يكون وكيلها، وكالة تسمى: وكالة مقيدة بعقد الزواج، عندما لا تجد يكون الشيخ نفسه وكيلها ويقوم بعقد الزواج، ويقول للزوج بحضور الشاهدين: زوجتك موكلتي فلانة على المهر الذي اتفقتم عليه، يقول العريس: قبلت، هذا الزواج، يتم عقد الزواج شرعاً، والله بعد ذلك تقول: هذا الشيخ وليي، كيف هو وليك؟ عندما جئت لأمريكا وجدت بعض الناس هكذا، تقول النساء هذا وليي، ويكون متزوجاً، ويصير مشاكل مع زوجته.

د. رحابي محمد:
نعم، وهذا ربما نأتي إليه بعد قليل في قضية دور الإمام في التفريق بين الزوجين والخلع عند الضرر والشقاق، كثير من الحالات أي مجتمع الجالية الإسلامية في أمريكا مثل الجالية، أو مثل المسلمين في بلاد الأخرى يحصل بين العوائل والأزواج خلافات وشقاق إذا جاءت الزوجة إلى المسجد، إلى المركز الإسلامي، إلى الإمام وطلبت الخلع، طلبت الطلاق، بسبب ضرر، بسبب الشقاق بين الزوجين ما هي الحدود والضوابط؟ ما هي الشروط التي ينبغي أن يتحقق منها الإمام أو المركز الإسلامي بشكل عام عندما تدخله في هكذا قضية، قضية الخلع بين الزوجين؟

دور الإمام في حال التفريق بين الزوجين:
الشيخ موفق الغلاييني:
في حال وجود الزوجين، المشكلة تكون خفيفة نوعاً ما، إذا أصرت الزوجة على الخلع فيقنعه، والمفروض يبدأ الرجل يقول: خلع زوجتي فلانة على كذا، وتقول هي: قبلت وينتهي الخلع، الطلاق يجب أن يحدث قبل التقدم للمحكمة من أجل إجراء الطلاق، أسهل بكثير قانونياً، ومالياً، ونفسياً، أن هذه الاتفاقية عملوها بحضور الشيخ، تحدث اتفاقية مثلما يقولون عندنا بالشام رحمانية، فيها تقوى، لأنهم يجرمون الزوج هنا، لا يرحمونه، يأخذون نصف النفقة منه، يأخذون نصف ما يملك للزوجة، يأخذون بيته، هنا يوجد ظلم للرجل حقيقة، فنحن نقول لها: يا أختي أنت مسلمة، والله عز وجل يقول:

فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ
[سورة البقرة الآية:229]

وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ
[سورة البقرة الآية:237]

ما رأيك؟ حتى الله يبارك لك في حياتك، وأولادك، وأولادك هذا أبوهم، حتى تبقى صلة بينهم، يبقى والدهم، كي يلتفت إليهم ويرحمهم، نقنعها حتى تقول: قبلت، نقول له: أخي كم راتبك؟ كم ولد عندكم؟ تعال نحسبها كم يحتاجون إلى نفقة الزوجة والأولاد في الشهر، اتفقا، نكتب النفقة الشهرية للأولاد كذا، الآن أنت يا ابنتي تأخذين نصف ما يملك هذا لا يجوز، هذا حرام، نحن باللجنة الفقهية مجمع فقهاء الشريعة بحثنا هذا الفقه مطولاً، قلنا: نأخذ بأرحب الأقوال، وأوسع الأقوال التي تأتي في جانب المرأة، نحن هنا لا يوجد نصاب النفقات، لا أخوها هنا، لا عمها هنا، من ينفق عليها؟ هذه مسكينة سوف تطلق، تحتاج إلى شيء يسترها، نقول له: الله يرضى عليك أعطيها نفقة سنة كاملة، لا يدخل بالتفاصيل الفقهية، هذا قول عند بعض الفقهاء مقبول، نفقة سنة، إذا قلنا: هي بالشهر تحتاج إلى ألفين مثلاً، تضرب ألفين باثني عشر ينتج عندنا مبلغ جيد، ممكن أن تشغلهم، كذا، أو كذا، البيت لا تتمسك به لأن الزوج يريد أن يتزوج، يحتاج إلى البيت، يشاركها بأجرة البيت لأن أولاده يريدون أن يعيشوا بالبيت، والسيارة إذا كانت قديمة نقول له: يا أخي سامحها واترك السيارة لها، يعملان اتفاقية، ويذهبان إلى المحكمة، القاضي أو القاضية يفرح ثم يعمل الطلاق بموجب هذه الاتفاقية، أحياناً الزوجة لا تكون على تقوى من الله، لا أنا أريد أن أذهب إلى المحكمة وأكسر رأسه، يا أختي هذه لا تحتاج إلى كسر رأس، تذهب، وحصلت أحياناً أن القاضي لا يقتنع بكلامها، ولا تأخذ الشيء الذي عرضه الشيخ عليها، تأخذ نقوداً والله لا يبارك لها، لأن كل شيء أخذ بسيف الحياء فهو باطل، كل شيء بتقوى الله يبارك فيه.
دور الإمام حمى مستقبل الأولاد، ومستقبل العلاقة بينهما، صارت العلاقة بعد الطلاق علاقة فيها عدالة، ورحمة، والإسلام دين العدالة والرحمة.

د. رحابي محمد:
جزاك الله خيراً دكتور موفق، ما شاء الله توضيح جميل لدور الإمام في حال التفريق بين الزوجين، وكيف يتدخل في الإصلاح أولاً، ثم إذا لم يكن الإصلاح أي التوفيق يأخذ الحق وليس في الجور والظلم على الزوج، أو على الزوجة، بل بالإقناع.

حالات معقدة في التفريق بين الزوجين:
الشيخ موفق الغلاييني:
يوجد نقطة أن نحن في هذه الحالة الأسهل، لكن الحالة المعقدة عندما يكون الزوج غير موزون كالطلاب يأتون من الخارج، وخاصة من دول الخليج معه فتوى أنه يتزوج مؤقتاً، والصراحة كان هناك فتوى أن الزواج على نية الطلاق، فطبعاً هذا لا يجوز، وهذا أسوأ من نكاح المتعة، لأن هذا ينتج عنه مساوئ كثيرة، فقالوا: لا يجوز، المرأة ماذا يحصل لها؟ أن هذا ينتهي حضرته من طلب العلم، يأخذ الشهادة، ويترك زوجته ويمشي، جاءتني فتاة عربية، عمرها اثنتان وعشرون سنة، وعندها ولد، وقالت لي: تركني ومشى نهائياً، هي لا زالت على ذمته، لا يصح أن تتزوج وعمرها اثنتان وعشرون سنة، فقلت لها: أعطيني أرقامه، حاولت أن أتصل به، لا يوجد مجال، أحضرنا شهوداً، وكان والدها موجوداً، عملت لها وثيقة تفريق على مذهب الإمام أحمد إذا كان غائباً ستة أشهر، وهو كان غائباً أكثر من سنة، على مذهب الإمام مالك سنة فأكثر، فنأخذ بمذهب الإمام مالك أن سنة فأكثر، وبغير عذر، هذا رأي الإمام مالك حتى لو كان بعذر هذا ضرر، والضرر لا يجوز، التفريق بالغيبة، حتى في قانون الأحوال الشخصية السوري هذا موجود، لكن المذهب الحنفي متشدد يقول: حتى يموت أقرانه، يموت أقرانه أي تنتظر عشرين أو ثلاثين سنة تكون قد شابت، أنا عندما أعطيتها هذه الوثيقة كان عندها هذا اليوم يوم عظيم جداً .
حالات ثانية الزوج موجود، يرفض أن يطلقها، معلقة، اتفقنا نحن، ودرسنا الموضوع حتى بالمجمع درسناه، أن يجتمع ثلاثة أئمة من المشهود لهم في المنطقة، ويتصلون به مرة واثنتين، وثلاث، ويسجلون في يوم كذا، وتاريخ كذا اتصلنا فيه ولم يرد علينا، إذاً صارت الكرة بمرماه، هو المخطئ، هو المقصر، عندئذ نضع صيغة، وقد عملنا هذا نحن الأئمة، أننا اتصلنا به كذا وكذا وهو لا يتجاوب، والمرأة وقع بها ضرر لأنها معلقة، وصار لها فترة كذا، ونحن نحكم أن هذا تفريق للضرر، هذا عند الإمام المالكي، الإمام مالك والأوزاعي، وقول عند الشافعي، وقول عند الإمام أحمد، يسمونها التفريق للضرر .

د. رحابي محمد:
ما أثر ذلك في المحكمة الحكومية؟

أثر طلب الطلاق في المحكمة الحكومية دون العودة للإمام:
الشيخ موفق الغلاييني:
المحكمة أخي بخمس دقائق تملأ الاستمارة، تطلق هي من عندها، بالطريقة الأمريكية هي تطلقه، انتهى الموضوع، لا يوجد عندها مشكلة بالنسبة للإجراءات الرسمية، المهم أن تنتهي منه، لكن شرعاً الآن يوجد رأي حتى أكون معك صريحاً، يكون هذا اللقاء إن شاء الله مباركاً فيه، وأنا بطبيعتي أحب الصراحة، لأنه لا يوجد وقت نضيعه، وتنميق الكلام وكذا وكذا.
مرة عائلة سورية تريد فتوى من سوريا، أن طلاق القاضي الأمريكي هو طلاق شرعي، يا جماعة هذا الكلام ليس صحيحاً لأنه ليس وفق الشريعة، الاستنادة لقوله تعالى:

وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً
[سورة النساء الآية:141]

لماذا؟ هنا يوجد نقطة هامة، الآن كل النساء محقات؟ كما أن ليس كل الرجال على حي كذلك ليست كل النساء على حق، والشيطان موجود أم غير موجود؟ موجود، في أمريكا كثير من النساء يأتيها خاطر شيطاني أن اذهبي وطلقيه، وخذي البيت، وخذي نصف أملاكه، وكذا، وكذا، صارت هذه كثيراً ومن دون مبرر حقيقي، هل هذا في صالح الأسر المسلمة؟ هل هذا في صالح الأطفال؟ هل هذا في صالح مستقبل المسلمين في أمريكا؟ طبعاً لا، فنحن عندما نقول: لا يجوز هذا الكلام وأنت ابقي على ذمته، وعلى العصمة الزوجية لزوجك، حتى يطلقك شرعاً، ماذا عملنا نحن هنا؟ عملنا تضييقاً للفوضى، وتضييقاً لدمار الأسر، تعرف المرأة أنها ستقف أمام من يحل العقد، أمام الشيخ، أمام كذا، وتبين سبباً معقولاً لطلبها الطلاق، عقدنا عليها فنطرد الشيطان، أما والله تروح وتركب السيارة وتكتب العقد وتبدلك بخمس دقائق، لم تعد تريده، هي تطلقه مع السلامة، والمحكمة تبعث له أن زوجتك طلقتك.

د. رحابي محمد:
دكتور؛ لعل هذا يضع بين أيدينا سؤالاً هاماً جداً وربما من خلال خبرتكم، ما شاء الله قضيتم عمراً في هذا البلد، هناك الكثير من القصص سمعتموها، اثنتان وثلاثون سنة ما شاء الله خدمة للجالية الإسلامية في أمريكا والمراكز، وأكيد مر عليكم الكثير من القصص، الاتصال بالشرطة عند الخلافات الزوجية، هل هذا برأيك يعطي حلاً للأمور أم يزيد الخلافات تعقيداً؟
ثم ربما سؤال آخر يأتي في هذا السياق، هل هناك آثار سلبية أو إيجابية للاتصال بالشرطة؟ أي متى يكون الاتصال بالشرطة واجباً أو لازماً؟ فيه إيجابيات وفيه فوائد وفيه خلاص وإصلاح؟ ومتى يكون فيه تعقيد للأمور وسلبيات أكثر من الإيجابيات؟

آثار الاتصال بالشرطة:
الشيخ موفق الغلاييني:
الاتصال بالشرطة ضرر كله إلا إذا وقع إيذاء للمرأة، إيذاء شديد لا تحتمله، ضربها ضرباً شديداً، جرحها، كذا، فيجوز لها أن تتصل بالشرطة لدفع الضرر عنها، ما عدا ذلك نزل منهج قرآني يوجه الزوجين إلى أن يحلا مشاكلهما بأنفسهما في الداخل:

وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ
[ سورة النساء الآية: 34 ]

لم يقل: اذهب إلى أبيها أو أمها أو إلى الشيخ، ماذا قال؟

فَعِظُوهُنّ
[ سورة النساء الآية: 34 ]

كثير من الحالات تنتهي بالموعظة والنقاش الحر، لم ينته الأمر:

وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ
[ سورة النساء الآية: 34 ]

هناك امرأة مترفعة على زوجها، ليست امرأة عادية، المرأة العادية تضرب، يقول: الإسلام يضرب، لا يا عمي هذه حالة خاصة، حالة استثنائية، ما نفعت معها الموعظة، ولا نفع معها الهجر، سوف يدمر بيتها، ولأسباب تافهة، لأسباب لا تحكى أحياناً لخارج المنزل، فلماذا؟ فهنا الضرب عبارة عن تأديب، قال: عندنا بعض النساء في الشام الكلام لا يؤثر بهن، هذه نسبة قليلة من النساء وليست لكل النساء، العبد يقرع بالعصا، والحر تكفيه الإشارة، هناك نوعية أقل شيء يضربها، قال: السواك ونحوه، السواك يؤثر؟ لذلك المساويك الخاصة بالخليجيين طويلة لعدة أغراض، إشارة أنه انتبهي لا تخربي بيتك رضي الله عنك، الموضوع سيخرج من يدنا، لأن الكلام إذا خرج من المنزل سيتدخل الجميع، يصبح الحق عليه وليس عليها، وأبوها وأمها معها، وأبوه وأمه معه، وتبدأ المشاكل، لا، نحن نحل الخلاف، إن لم نستطع الله عز وجل قال:

وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا
[ سورة النساء الآية: 35 ]

اتسع الشقاق نلجأ إلى التحكيم.

فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا
[ سورة النساء الآية: 35 ]

آخر الدواء كما تقول العرب، آخر الدواء الكي، والطلاق يكون مرحلة أخيرة، لماذا؟ لأنه يوجد بدايات، أحياناً المرأة تكون هي ما شاء الله جسمها قوي، وتعتدي على زوجها، هذه حصلت .

د. رحابي محمد:
هل يجوز له الاتصال بالشرطة في هذه الحالة؟

الشيخ موفق الغلاييني:
إذا صار هناك خوف، ضرر حقيقي، أحضرت سكيناً وضربته، أو هو أحضر سكيناً وضربها، أو عصا، أو كسر لها يدها، أو كذا، ولم يرتدع، فهذه الحالة دفع ضرر، ما عدا ذلك الاتصال بالشرطة ضرر كبير يفوق كل ضرر آخر.

نتائج الطلاق:
سأعطيكم ما هي النتائج، دمار للأسرة، أول شيء يأخذون الرجل ويحبسونه، غالباً يكون الرجل، أي له عضلات، أبو علي، أول شيء يحبسونه، ولا يخرج إلا بكفالة، وإذا خرج يجب أن يبقى فترة بعيداً عن البيت عشرة أمتار، أو خمسة عشر متراً، لا يستطيع أن يقترب من البيت، ثم يجب أن يتوظف، يروح، ويأتي، إن كان عنده حوادث يوضع بالسجن، أهم من عائق السجن العائق النفسي بينه وبين زوجته، لأن زوجته أمام العالم، وأمام الجيران أحضرت له الشرطة، خاصة عند العرب هذا شيء كبير جداً، وجرح من الصعب أن يندمل، ثم الأولاد، الأولاد رأوا والدهم تأخذه الشرطة مثل المجرمين، كيف سيكون هو مربياً وموجهاً للأولاد وهم يرونه قد أخذنه الشرطة مقيداً إلى السجن، غالباً 99% من الحالات المرأة تندم، وتأتي لي، وتقول لي: والله كانت ساعة غضب، الله يلعن الشيطان، هذا زوجي، وحبيبي، والله لا أستطيع التخلي عنه، أقول لها: يا بنت الحلال كيف تعملين هكذا؟ يا أختي عدي للمئة أو الألف قبل أن تتصلي الشرطة، (911) أي شاطرة كثيراً (911) تخربين بيتك، لا، اتقِ الله، وبعد قليل يمكن أن ينسى الموضوع ويهدأ وهو يعتذر منك، أو يتصلون بي كلما حدث شيء، والله أحياناً مثلما يقولون: أنا مجلس إمام أنا أذهب لعندهم، ولكن أخاف أنا أن ينالني شيء من الضرب.

د. رحابي محمد:
جزاك الله خيراً وأعطاك الصحة والعافية.

الشيخ موفق الغلاييني:
غالباً عندما يروني عندهم يهدؤون، أما الشرطة فشر كلها، أبداً مشكلة معقدة.

د. رحابي محمد:
إذاً دكتور؛ نفهم من هذه النصيحة أن هناك أموراً وقائية، وخطوات علاجية لابد من اتباعها قبل الاتصال بالشرطة من أجل الحفاظ على الأسرة وكيانها، والأولاد، واستمرارية الحياة مرة ثانية مع الزوجين، وعدم ندم الزوجة فيما بعد.
لعلنا ننتقل الآن إلى موضوع سريع؟

من الأمور الوقائية حضور مجالس العلم:
الشيخ موفق الغلاييني:
يوجد نقطة مهمة، من الأمور الوقائية، عندما يأتي الزوجان إلى المسجد، وخاصة الزوج يكون رحمانياً، يتقي الله، يخاف الله سبحانه وتعالى، ولا تصل الأمور إلى هذا الحل، والمرأة دائماً أنا والله يسمونني: نصير المرأة، والمرأة تكون سعيدة عندما يضع زوجها أولاده في البيت ويقول لها: اذهبي واحضري الدرس، يشجعها، يجب أن تحضر، المرأة يجب أن تكون على صلة بدينها، وعلى صلة بالقرآن الكريم، وسنة رسول الله، أما إذا لم يكن الزوج رحمانياً، لا يوجد قرآن، ولا سنة، ولا دروس، ماذا يأتي؟ يأتي الشيطان.

د. رحابي محمد:
صحيح، بارك الله بم دكتور موفق، حفظكم الله وسلمكم إن شاء الله.
من خلال عملكم في مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا، وحضرتك عضو دائم في لجنة الإفتاء، هناك الكثير من المسائل تأتي إلى المجمع مجمع فقهاء الشريعة فيها أسئلة حول أنشطة المراكز الإسلامية، الأنشطة الاجتماعية، من الأسئلة التي ترد حكم إقامة حفلة عيد ميلاد للأطفال أو للرجال أو للنساء في المسجد؟ هل هناك حفلة عيد ميلاد مطابقة أو موافقة للمواصفات الإسلامية؟ حفلة عيد ميلاد إسلامي، أم حفلة عيد الميلاد يكون لها شأن آخر أو فتوى أخرى في الشرع؟

الابتعاد عن تقليد الغرب والتمسك بالتعاليم الإسلامية:
الشيخ موفق الغلاييني:
أنا بحثت هذا الموضوع في الكتاب الذي بين يديك عن أنشطة مراكز التنمية الدراسة الفقهية، الحقيقة ههناك شيء يسمى: الهزيمة النفسية، مثلما قال ابن خلدون الفيلسوف الاجتماعي الإسلامي، قال: الفقير يقلد الغني، والضعيف يقلد القوي، والصغير يقلد الكبير، ونحن عندنا انهزام نفسي أمام أوربا وأمريكا، كل شيء يعملونه هم كأنه أحسن من الذي عندنا، أي عندما يمضى وخاصة إذا شخص كبير في السن، يحتفل بعيد ميلاده، هذا يجب أن يبكي على مضي هذه السنة من عمره ماذا فعل بها؟ وهذا كلام حقيقي ذكره ليس علماء السعودية فقط، حتى الشيخ يوسف القرضاوي له كلام حفظه الله في هذا الموضوع، وغيره من أهل العلم، أن تقليد الغربيين يا أخي أنا لا أنصح به، ما البديل؟ الأولاد يحبون أن يفرحوا، نجح بدراسته بشكل جيد نعمل له حفلة، حفظ سورة متوسطة، أو جزءاً من الجزء، أو جزء عم، نعمل له حفلة، تحجبت نعمل لها حفلة، أو هي حفظت القرآن نعمل لها حفلة، هناك مناسبات فيها إنجاز، وأن نحتوي المعروف، وأنت كما أنك تعاقب للتقصير تمنح وتهدي للتفوق وللإنجاز، فهذه تشجع الولد والفتاة أن يعملوا شيئاً، أما والله مضى كل عمره يضع البوالين، ثم هابي بيرثدي، هم يقلدونهم حتى بالكلمات يقلدونهم، نسمع من الأولاد أن هذا الذي يفعله الأمريكان والأوربيون هو الأصل، ونحن نقلدهم، أما أنا فلا أسمح بمركزي أن يكون فيه حفلات عيد الميلاد، حتى في البيوت لا أشجع عليها.

د. رحابي محمد:
وماذا عن حفلات الأعراس، الجالية عندهم أفراح خطوبة، حفلات أعراس، البعض يرغب إقامة حفلة العرس في المسجد تبركاً، تفاؤلاً، أملاً أن يكون فيه فاتحة خير، هل هناك ضوابط وشروط لذلك أم يمنع إقامة العرس في المسجد؟

ضوابط وشروط إقامة العرس في المسجد:
الشيخ موفق الغلاييني:
نحن نشجع على إقامة العقد عقد الزواج، لكن العرس له طنة ورنة، ونساء ورجال، أنا الذي ذكرته في كتابي أنني أشجع الرجال أن يعملوا الحفلة بملعب المسجد، أو في قاعة المسجد، وليس في قاعة الصلاة، القاعة المجاورة إذا كان هناك قاعة مناسبة، إذا قلت لك: ثمانون بالمئة أو أكثر بين الثمانين إلى التسعين بالمئة من حفلات الأعراس حتى للرجال والنساء يعملونها، هناك قاعة راقية جداً وكبيرة للنساء، وقاعة لنا منفصلة للرجال، وكل واحد له ممر، وبينهما فاصل، فمعظم حفلات الأعراس تكون هكذا، إذا المركز عنده هذه الإمكانيات فهذا شيء رائع، وغالباً يعملون أناشيد ودبكة للرجال، وللنساء على طريقتهن.
صار مثل ما تفضلت بركة، وجو، ووقت الصلاة نصلي جماعة، وغالباً يطلبون مني، أو من أحد أهل العلم، أنا طالب علم لست عالماً أن نتكلم كلمة، والناس تستفيد، حتى الأخوات يطلبن من داعية أن يتكلم كلمة يبدؤون بقرآن، وإن حان وقت الصلاة يصلون جماعة، وغالباً أنا خبرتي بأمريكا، أنا قلت لك فقط في عدة ولايات، وفي كندا أيضاً، وفي مدينة أنتاريو بولاية أنتاريو، فيكون مثلاً هناك قاعة واحدة، ممكن الرجال يعملون في هذه القاعة، والنساء يذهبن يستأجرن قاعة بالخارج، على مستوى أمريكا إقامة الأعراس في المساجد أمر فيه صعوبة ويضيق عليه، ليس مثل عندنا هنا يوجد سعة وقاعات.

د. رحابي محمد:
جميل! جزاك الله خيراً دكتور موفق، عندي سؤال أخير في هذا اللقاء المبارك مع فضيلتكم، بعد أن قضيتم ما شاء الله هذا العمر، وأسأل الله تعالى أن يبارك في عمركم، وينفع بكم البلاد والعباد، ما رأي الدكتور موفق الغلاييني بعد أن قضى اثنين وثلاثين عاماً في أمريكا ما هو رأيه في مستقبل المسلمين في أمريكا؟

مستقبل المسلمين في أمريكا:
الشيخ موفق الغلاييني:
أنا والله من طبيعتي أحب التفاؤل، وأنا متفائل بمستقبل المسلمين، لو قارنت أنا بالفترة التي جئت فيها من 1988 إلى الآن أرى أن البون شاسع، الناحية الإيجابية، المدارس الإسلامية ذات الدوام الكامل زادت، القنوات الإسلامية زادت، الجمعيات الإسلامية والمنظمات الإسلامية تنمو، الآن أريد أن أبشر أخواننا الذين لا يعرفون أمريكا، لا يوجد مدينة كبيرة في أمريكا إلا وفيها مسجد، أو حتى مدينة متوسطة، البلد الذي أنا فيه أسميه: قرية، فيها مركز، فانتا فيها كذا مركز، ديترويت لو قلت لكم يمكن فيها أكثر من ثلاثين مسجداً، وأنا لا بالغ، لندن عندما ذهبت إليها لم يكن فيها إلا مسجد واحد الآن سبعة مساجد، عندما ذهبت إلى لندن لم يكن فيها مدارس ذات الدوام الكامل كان عندهم مدرستان أو ثلاث، الحمد لله رب العالمين نحن في تقدم، هل تصدقون أن النصارى يبيعون كنائسهم، تسعون أو خمسة وتسعون بالمئة ممن يشترون هذه الكنائس هم من المسلمين، ويحولونها إلى بيوت يذكر فيها رسول الله، لكن تحتاج إلى متابعة، إلى تفرغ لله سبحانه وتعالى، أمراض المسلمين في الشرق وفي العالم الإسلامي موجودة عندنا، وأحياناً أنانيات، وكذا، ومحسوبيات، نريد أن نتوجه إلى الله، والله لا ينجح أي عمل لا هنا، ولا في أي مكان في الأرض، لن ينجح عمل إلا إذا كان فيه إخلاص لله سبحانه وتعالى، والإنسان يكون متسامحاً يتنازل.

{ من تواضع لأخيه المسلم رفعه الله }

[أخرجه الطبراني عن أبي هريرة]

من أمور العزة، في خطب الجمعة يوجد ثلاثة أسباب للعزة، أول شيء: الاعتصام بالله وبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثانياً: التسامح، يسامح.

{ وما زاد اللهُ عبداً بعفْو إِلا عزّا من تواضع لأخيه المسلم رفعه الله }

[أخرجه الطبراني عن أبي هريرة]

نتراحم فيما بيننا، نتسامح، ونترك الشكليات، الإنسان له جماعته، له كذا، هو حر لا نتدخل به، لكن لا تتعصب يا أخي، لا تتعصب، أعطاك الله العافية لا علاقة لي بجماعتك كلها، لكن انفتح لإخوانك، لذلك الأئمة عليهم مهام خطيرة جداً، ومهمة جداً، والمدارس الإسلامية عليها مهام كبيرة، والأبوان عليهما مهمة خطيرة بتوجيه الأولاد مع بعضهما إذا تعاونوا يتحقق النجاح للمسلمين.
عموماً أريد أن أختم بهذه الكلمة، قال أحد المفكرين المسلمين: لم ولن يهزم الإسلام في معركة الشرك قط، أعطِ الإسلام فرصة أن يقول كلمته فسينجح، باب نجاح المسلمين في أمريكا الحرية موجودة، أنا أتكلم بما أمر الله، أن تكون الأنشطة مفيدة، مثمرة، لها نتائج.
ولذلك في عالمنا العربي الإسلامي طلب للحرية، وهذا طلب مشروع، طلب إسلامي، وحضاري، وإنساني، أنا كنت في الخليج قبل أن آتي إلى هنا، إمكاناتي كانت محدودة، كان محجور عليّ، أريد أن أعمل خاطرة بأعصاب جماعة، قال لي الشيخ: اقعد، أجلسني وأنا لابس دشداش، ولي لحية، هنا أنا أذهب إلى أي مكان أريده، يقولون لي: تفضل، نريد كلمة، نريد نصيحة، فالحرية تطلق مكانة القدرات والمواهب والإمكانيات.
مثل الآن حضرتك دكتور رحابي أنا أعرفك من عدة سنوات ما شاء الله، مواهبك تفتحت وبدأت تتألق، وهكذا.
فهنا أنا أقول لكل مسلم دائماً، وهذه كلمة أخيرة: نحن ندعو إلى الخير، لنستفد من جو الحرية الموجود في أمريكا بالخير، ونترك الحساسيات، ونتفق على ما ينفع الإسلام والمسلمين، ونوجه جهودنا إلى هذا إن شاء الله، ويرضى الله عنا، ونصلح، ويرضى عنا الناس.

خاتمة وتوديع:
د. رحابي محمد:
جزاك الله خيراً دكتور موفق، وهذا ما دفع النبي صلى الله عليه وسلم أن يهاجر من مكة إلى المدينة، يخدم الإسلام، ويخدم الإنسانية.
دكتور موفق؛ في نهاية هذا اللقاء المبارك لا يسعني إلا أن أشكرك في هذا الموضوع المهم دور الإمام والمراكز الإسلامية في الأنشطة، وأضفنا كثيراً من الأسئلة، واستفدنا من خبرتك الطيبة المباركة في الإجابة عن كثير من الأسئلة، والنصيحة أيضاً للأزواج والزوجات، والعوائل بشكل عام.
أسأل الله تعالى أن يبارك لنا في جهودكم، وعطائكم، وحكمتكم، وأن ينفع بكم البلاد والعباد، دكتور موفق الغلاييني، حاصل على البكالوريوس في الشريعة الإسلامية من جامعة دمشق، ودكتور التأهيل التربوي أيضاً من جامعة دمشق، ماجستير في الإعلام الإسلامي من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض، دكتوراه في الفقه وأصوله من الجامعة الأمريكية المفتوحة بواشنطن، عضو اللجنة الدائمة للإفتاء التابعة لمجمع فقهاء الشريعة بأمريكا.
جزاك الله كل خير.

الشيخ موفق الغلاييني:
حياكم الله، نجتمع على خير دائماً إن شاء الله، شكراً على هذه الفرصة.

د. رحابي محمد:
بارك الله بكم.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته