قال يا رسول الله أوصني!

  • 2021-01-29

قال يا رسول الله أوصني!


مقدمة:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛ بسم الله الرحمن الرحيم، أمسينا وأمسى المُلك لله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، أمسينا على فِطرة الإسلام وعلى كلمة الإخلاص وعلى دين نبينا محمد صلَّى الله عليه وسلم، اللهم افتح بخير واختم بخير واجعل عاقبة أمورنا إلى خيرٍ يا رب العالمين.
أفكر بالفعل أن أجعل سلسلةً في رياض الصالحين بعنوان: قال يا رسول الله أوصني، أو قلت أوصني، فقال أوصني، كثيرٌ من الصحابة يحضرون إلى النبي صلى الله عليه وسلم ويلتمسون منه النصيحة والوصيَّة التي تُعينهم في تحصيل التوفيق والسعادة والخيريَّة في الدنيا وفي الآخرة، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُكرمهم بوصايا ثمينةٍ ربما يحتاجها كلُّ واحدٍ منّا حتى يحظى بما حظِيَ به أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام لمّا نفذوها وطبقوها. فما رأيكم اليوم أن نبدأ بهذه الوصية؟
طبعاً نحن نسمع أحاديث كثيرة بدأ فيها النبي عليه الصلاة والسلام بالوصية من نفسه من دون سؤال، وأحاديث أُخرى كثيرة جاءت الوصية بعد طلبٍ من الصحابة رضي الله عنهم، طبعاً لمّا يأتي الجواب بناءً على سؤالٍ أو تأتي النصيحة بناءً على طلبٍ من صاحبها فإن ذلك أوقَعُ في النفس، وإن ذلك يؤثّر في شخصية السائل أكثر مما لو أُلقيت عليه النصيحة بدون طلبٍ وبدون سؤال، لذلك هذه نتعلَّمها مهارةً من مهارات النبي صلى الله عليه وسلم، نحن الآن كُلنا معلِّمين، آباء، مُربين، إخوة، أصدقاء، متجاورين، أصدقاء في العمل، نحتاج أن نتعلَّم هذه المهارات سواءً كُنا في قاعة درس، أو في مدرسة، أو في البيت، أو في العمل، فلمّا تجد شخصاً يحتاج منك نصيحةً أو وصيةً فاعلم أن قلبه مُهيأٌ تماماً لقبول ما تقوله من كلمات، فاحرص أن تكون كلماتك موزونةً ومناسبةً لطلبه وحاجته.

ثلاثُ وصايا من النبي صلى الله عليه وسلم
دعونا نبدأ مباشرةً في هذا الحديث النبوي الشريف الذي يرويه سيدنا مُعاذ بن جبل رضي الله عنه، قال:

{ يا رَسُولَ الله، أوْصِنِي ، قال : اعْبُدِ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، وَاعْدُدْ نَفْسَكَ فِي الْمَوْتى، وَإِنْ شِئْتَ أَنْبَأْتُكَ بِمَا هُوَ أَمْلَكُ بِكَ مِنْ هَذا كُلِّهِ؟ قالَ: "هَذَا"، وأشار بِيَدِهِ إلى لِسَانِهِ }

[قال الألباني: حسن لغيره (صحيح الترغيب)]

(وأشار بِيَدِهِ إلى لِسَانِهِ) النبي عليه الصلاة والسلام أشار بيده إلى لسانه.
ثلاث وصايا نتعلمها اليوم من النبي صلى الله عليه وسلم، ونريد مِن كلِّ واحدٍ يا أحبابنا الكرام أن يُمسك ورقةً وقلماً ويُلخص هذه الوصايا الثلاث، يكتُبها في قلبه لأنها مِن حبيبه رسول الله عليه الصلاة والسلام، لأنها مِن الذي لا ينطِقُ عن الهوى، من حبيب رب العالمين الذي آتاه الله الحِكْمة، وآتاه الله فَصلَ الخطاب، وآَتاهُ الله عز وجل العِلم الرًبَّاني اللَّدُنيّ، فكلُّ كلمةٍ يقولها النبي صلى الله عليه وسلم ستنفعُنا حتماً في ديننا ودُنيانا، وكلُّ وصيةٍ حتماً ستكون لنا فيها خيرية، ونجاح، وسعادة، وتوفيق، وحماية، وحِفظ، وأمان، لذلك نَعُضُ عليها بالنَواجذ.

1- اعْبُدِ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ:
فأول وصيةٍ من النبي عليه الصلاة والسلام ما هي؟ ماذا كانت أول وصيةٍ لسيدنا مُعاذ؟ (اعْبُدِ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ) مَن يُذكّرُنا بهذه الوصية التي جاءت؟
الإحسان,, لمّا جاء جبريل عليه السلام إلى النبي عليه الصلاة والسلام، وقال له ما الإحسان:

{ عن عُمرَ بنِ الخطاب رضي الله عنه قال: بَيْنَما نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَومٍ، إذْ طَلَعَ عَلَينا رَجُلٌ شَديدُ بَياضِ الثِّيابِ، شَديدُ سَوَادِ الشَّعْرِ، لَا يُرَى عَلَيهِ أثَرُ السَّفَرِ، وَلَا يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ، حَتَّى جَلَسَ إِلَى النَّبي صلى الله عليه وسلم فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيهِ إِلَى رُكْبتَيهِ، وَوَضعَ كَفَّيهِ عَلَى فَخِذَيهِ، وَقالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَخْبِرنِي عَنِ الْإِسْلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «الْإِسْلَامُ: أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ، وَتُؤتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلًا»، قَالَ: صَدَقْتَ، فَعَجِبْنَا لَهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ! قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ الْإِيمَانِ، قَالَ: «أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ»، قَالَ: صَدَقْتَ، قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ الْإِحْسَانِ، قَالَ: «أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأنَّكَ تَرَاهُ، فإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ»، قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ السَّاعَةِ، قَالَ: «مَا الْمَسْؤُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ»، قَالَ: فَأَخْبِرنِي عَنْ أَمَارَاتِهَا، قَالَ: «أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا، وَأَنْ تَرَى الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الْعَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبُنْيَانِ»، ثُمَّ انْطَلقَ فَلَبِثْتُ مَلِيًّا، ثُمَّ قَالَ: «يَا عُمَرُ، أَتَدْرِي مَنِ السَّائِلُ؟»، قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «فإِنَّهُ جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ أَمْرَ دِينِكُم }

[رواه مسلم]

طبعاً يا إخواننا الكرام لماذا نعبُد الله كأننا نراهُ ما الغاية من ذلك؟ ما الحِكمةُ من ذلك؟ هل لأحدٍ أن يُجيب:

مداخلة:
التقوى؟

الدكتور رحابي:
التقوى.. شيءٌ آخر؟

مداخلة:
مُراقبة النفس؟

الدكتور رحابي:
مُراقبة النفس.. لمّا نَعبدُ الله كأننا نَراه، سوف نَأتي بالعِبادة على أَحْسَنِ وعلى أكْملِ وعلى أتمِ وجه، هذه واللهُ أعلم الحِكمة مِن وراء ذلك، أن تعبُد الله كأنك تراه، تعبدهُ عبادةً مُكتملة:

{ إِنّ اللَّهَ تعالى يُحِبّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلاً أَنْ يُتْقِنَهُ }

[رواه أبو يعلى والطبراني]


الإحسان المُجزئ:
تُتقن هذه العبادة فتكون فيها مُحسناً، مُحسنٌ في عمل هذه العبادة، والإحسان حقيقةً له ثلاثْ مراتبٍ كما ذُكِر عند بعض السلف وعند بعض العلماء؛ الإحسان المُجزئ يعني أنَّ أقل درجات الإحسان أن تعمل العمل ويكون فيه الصواب، ويكون فيه القَبول من الله سبحانه وتعالى، كيف يكون فيه قبولٌ من الله تعالى؟ أن يكون صواباً، وأن يكون خالصاً، أن يكون خالصاً؛ النية لله سبحانه وتعالى، وأن يكون صَواباً، مَن يعرف ما معنى صواباً؟ شرط العمل للقبول شيئين؛ الإخلاص والصواب، أن يكون خالصاً وصواباً، الإخلاص معروفٌ وهو النية الصالحة، النية لوجه الله تعالى، طيب الصواب؟

مداخلة:
من الإتقان؟ أو الوجه الصحيح؟

الدكتور رحابي:
الوجه الصحيح اقتربت جداً.. النية الصالحة أن يكون خالصاً لوجه الله تعالى، صواباً موافِقاً للسُنّة النبوية، موافِقاً للنبي عليه الصلاة والسلام، كيف أدَّاه النبي صلى الله عليه وسلم، وبالتالي يُتقن الإنسان العملَ لمّا يكون مُتبعاً للنبي صلى الله عليه وسلم ومُخلصاً في نيته، طبعاً نحن الآن نتكلم عن الإحسان المُجزئ، هذه أقل درجات الإحسان.

إحسان المُراقبة:
هناك درجةٌ ثانيةٌ أفضل، وأعلى، وأرقى، وأكمل وهي درجة إحسان المُراقبة (فإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ) مقام المُراقبة، أن يُدخل العبد ويتلبّس بالعبادة، ويدخل في طاعة الله سبحانه وتعالى، في ذِكْرِ الله تعالى، في الصَّلاة، في أيِّ نوعٍ من العِبادات ويعلَم أن الله يراه، ويُوقِن يقيناً كبيراً أن الله عز وجل يطّلع عليه، وناظرٌ إليه، وسَامِعهُ، وشَاهِدهُ ويعلَمُ سِرَّهُ وأخفاه:

وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ ۚ وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ (61)
[سورة يونس]

إذاً إحسان المُراقبة هو مقامٌ أعلى، مقامٌ أفضل من الإحسان المُجزئ، مثلاً فقط نويت أن أُصّلي لله تعالى ركعتين فرضَ صلاة الفجر، الله أكبر، وعلى السُنّة هذا الإحسان المُجزئ، أما إحسان المُراقبة أن تأتي إلى الصلاة تتوضـأ وأنت تُراقب الله وتعلَمُ أن الله يَطّلع عليك وأنَ الله معك، تمشي وتخطو خطوةً بعد خطوة، وتدخل المسجد، أو تقف في مُصلّاك في بيتك، وأنت مُستشعرٌ أن الله مُطّلعٌ عليك، ويَعلمُ كلَّ حَركةٍ وكل سَكنةٍ في نفسك هذا مقامٌ كبير.

إحسان المُشاهدة:
الآن المقام الأعلى وهو إحسان المُشاهدة، عندنا الآن ثلاثُ مراتب للإحسان: الإحسان المُجزئ، إحسان المُراقبة، إحسان المُشاهدة وهو أن تعبد الله سبحانه وتعالى عبادة رَغبةٍ وشَوقٍ، وحُبٍّ، وطلبٍ، هذا المقام مقامٌ عالٍ جداً، أنت تجاوزت الآن مقام أن أُصلّي لأن الصلاة فُرضت عليّ، أو لأنها واجبةٌ عليَّ، أو لأنها أمرٌ ومسؤوليةٌ يجب أن أنتهي منها، لا، الآن عندنا مقامٌ هو إحسان المُشاهدة، أنت تُشاهد الله سبحانه وتعالى، أربعٌ وعشرين ساعةً مع الله، فالله:

هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ ۚ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا ۖ وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (4)
[سورة الحديد]

أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (78)
[سورة التوبة]

وَإِن تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى (7)
[سورة طه]

يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ ۚ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (4)
[سورة التغابن]

وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ ۚ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ۚ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ (59)
[ سورة الأنعام]

كُل هذه المعاني تَتَلبس بِها وتَعيشها وتُقبل على الله سبحانه وتعالى مُحباً، مُقبلاً، طائعاً، راجياً رحمتهُ سبحانه وتعالى، وطامِعاً في مَغفرتهِ وثَوابِهِ، وحتى رُبما ليس من أجلِ أي شيءٍ فقط لأنه يستحق العبادة، فقط لأنه الله الذي أمر، والذي خَلق، والذي صَوَّر، والذي أحسَن، والذي سبحانه وتعالى أَتقنَ كُلَّ شيءٍ خَلقهْ، على أي حال هذه مرتبة من مراتب الإحسان، على الأقل نتحقق بالإخلاص والصواب، الإخلاص والصواب أن نعمل العمل الصالح موافِقاً لسُنة النبي صلى الله عليه وسلم، هذه الوصية الأولى التي أوصَاها النبي صلى الله عليه وسلم لسيدنا مُعاذ (اعْبُدِ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ).

2- وَاعْدُدْ نَفْسَكَ فِي الْمَوْتى
طيب الوصية الثانية ما هي؟

مداخلة:
(وَاعْدُدْ نَفْسَكَ فِي الْمَوْتى).

الدكتور رحابي:
تمام؛ ما معنى (وَاعْدُدْ نَفْسَكَ فِي الْمَوْتى)؟ العُلماء ذَكروا في ذلك معنيين: (وَاعْدُدْ نَفْسَكَ فِي الْمَوْتى) أن تَظُنَّ أنكَ بعد قليل ستلحق بالأموات، وستكون ميتاً بعد قليل، اليوم، غداً، بعد أسبوع، بعد سنة، سنتين، بعد مئة سنة، بعد ثلاثمئة سنة، بعد أربعمئة سنة.. أنت ستذهب إلى الدار الآخرة ستكون ميتاً، كُل ما هو آتٍ آتْ، وكُل ما هو آتٍ قريب.
طيب؛ الأمر الثاني أو المعنى الثاني، (وَاعْدُدْ نَفْسَكَ فِي الْمَوْتى) يعني اعدُد نفسك أنت أصلاً ميت، ولكن جِئتَ إلى هذه الدُنيا زيارةً وتجلس وتنظُر في الناس، هذا الذي يبيع ويشتري، وهذا الذي يسرِق، وهذا الذي يفعل، وهذا الذي يظِلم، وهذا الذي يترُك، وهذا الذي يُسيء، وهذا الذي يُحسن.. وأنت من الأموات، ولكن جِئت كاستِراحةٍ أو زيارةٍ عابرةٍ تُلقي نظرة وسُمِح لك أن تأتي ولو ساعة، ساعتين إلى هذه الدُنيا فتنظُر، كيف تكون المشاعر لديك؟ يعني النظرة إلى الدُنيا والتعلُّق بها، والتعلُق بالآخرة، كيف تكون عندك حقيقة الدُنيا وحقيقة الآخرة، إذا كنت تُعدُّ نفسك ميتاً، على فكرة المعنيين صحيحين ومتقاربين جداً، إما أن أعُدَّ نفسي أنني ميتٌ وقادمٌ إلى الموت، والموتُ قادمٌ إليَّ لا أدري متى؟ ولكن على مقرُبةٍ مِنِّي ومساحةٍ ومسافةٍ قريبةٍ وسريعة، لا أعرف متى؟ لكن أنا أقف وأنتظر الموت.
وإما أن أقول أنا مَيتٌ وجِئتُ إلى هذه الدنيا لأنظُر إليهم، وحال الأموات الآن إما أن يكون مرحوماً من الله سبحانه وتعالى يَستقبله الله عز وجل بِرَحمتِهِ، ورِضوانِهِ، ومَغفرتِهِ، وكَرَمِهِ، وعفوهِ، ورضاه، وقبرهُ مُوسَّعٌ، ومُدَّ له في قبره مَدَّ بَصرهِ، وأوريَ وشاهد هذا الميت مكانهُ في الجنة ومِقعدهُ مِن الجنة، وإما أن يكون والعياذُ بالله الميت على الطرف الأخر وعلى النقيض من ذلك وهو أنه ظَلمَ نفسَهُ، وظَلمَ الآخرين، وأساءَ إلى نفسهِ وأساءَ إلى الآخرين، ولم يَعبدُ الله حقَ العِبادة، ولم يوحِّد الله حق التوحيد، هذا سيكون في القبر وفي عالم البرزخ حالهُ حالٌ مُؤلمةٌ ومُحزِنة، وحالٌ ليس فيها تلك الرحمات والخيرات والبركات، سَيتعذَّب، ويُعرض عليه مِقعدهُ من النار، ويَتألَّم ويَنتظر قيام الساعة حتى يأتيه يومَ الجزاء.
فعلى جميع الأحوال الإنسان لمّا يُدرك هذه الحقيقة ويسمع إلى هذه النصيحة (وَاعْدُدْ نَفْسَكَ فِي الْمَوْتى) إذاً يَستعد لأن يُهيئ لنفسهِ ذَلك المقعد المُريح في القبر، وذَلك المكان الجميل في القبر، عندما يُهيئ لنفسه ذلك ويتزوَّد بالتقوى:

الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ ۚ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ۗ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ ۗ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَىٰ ۚ وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ (197)
[ سورة البقرة]

كلمة التقوى، وكلمة اتقون، يتَّقون، تتَّقون، ومن يتّقِ الله، التقوى وردت في القرآن الكريم عشرات بل مِئات المرات كُلها من أجل أن نُحافظ على أنفُسِنا، وأن نرعى حقَّ الله سبحانه وتعالى، وحقَّ عِبَادهِ في هذه الدنيا قبل أن يأتيَنا الأجل:

وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ ۖ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً ۖ وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ (34)
[ سورة الأعراف]

إذا جاء الموت وكلُّ الناس يذوق مِن كأس الموت، وهو كأسٌ كلُّ الناس شاربه، إذا جاء الموت لا يمكن التأخير:

حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ )99( لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100)
[سورةالمؤمنون]


الإكثار من ذكر الموت:
لذلك حقيقة الموت قادمة، هذه الحقيقة التي نَصَحَ النبي صلى الله عليه وسلم، كثيراً أن نَذكُرَ الموت:

{ أَكْثِروا مِنْ ذِكرِ هَادِمِ اللَّذْاتْ }

[رواه الترمذي والنسائي]

عندما نُكثر من ذِكر هذا الموت، فسوف يُقلِّل الأعمال السيئة التي نعملها، وسوف يُكثِّر من الأعمال الصالحة لماذا؟ لأن الإنسان إذا علِم أنه ميت، فسوف يُخفِّف من ظُلمه لنفسهِ، ومن تَقصيره، ومن غَفلتهِ، ومن إِساءته للناس، وإذا عَلم أنَ الموت قادمٌ فَسوفَ يُضَاعِف عملهُ في الخير، وفي الصالحات، وفي الإقبال على الله سبحانه وتعالى أليس كذلك؟ كيف إذا أُخبر أحدهم أنه مقبلٌ على عمليةٍ جراحيةٍ في المُستشفى وهذه العملية الجراحية لعلها تكون فيها نهايتهُ!
في يومٍ من الأيام أحدهُم حُدد له موعدٌ لإجراء عمليةٍ في القلب وكانت العملية عميقةً وخطيرةً جداً، فجاء أيام زمان وسجَّل على كاسيت (الشريط المُسجّل) وصيته، طبعاً لوحده دون أن يسمعه أو يراه أحد، فَسجّلَ ما عليه من ديونٍ، والتزاماتٍ، وواجبات، وأمورٍ مالية، وذِممٍ مالية تأخر فيها للناس,, قال نادى ابنه وقال له: هذا الشريط تحتفظ به، إذا دخلت العملية الجراحية ومتتُ تسمَعهُ وتُنفذ ما به وتؤدي كل الواجبات والحقوق المُترتبة عليَّ، وإذا خرجت من المشفى مُعافاً ولم أمُت تُرجعه لي! ولكن لا أسمح لك أن تسمع الكاسيت أبداً إلا إذا متُّ، بعد الدفن يمكن أن تَسمع هذا الشريط ووصيتي وتنفِّذ ما به أما إذا خرجت من المشفى معافاً فترده، فبالفعل الرجل عمل العملية الجراحية وخَرج من المشفى مُعافاً، نادى ابنه قائلاً أعطني الشريط المُسجّل فَأَتلفَهُ! ما أراد أن يسمعه أحد وقال لازال في العمر فُسحةٌ ومجالٌ لأعيش، لنؤجّل تسديد هذه الحقوق، وهذه الواجبات، وهذه الذِمم، لذلك إذا أدرك الإنسان حقيقة الموت يؤدي الواجبات التي عليه بدون أن يحتاج إلى مشفى، وبدون عملٍ جراحي، لأن الموت يكفيه.
سيدنا عمر رضي الله عنه كتب على خاتَمه ( كفى بالموت واعظاً يا عمر) الموت هو الذي يجعل الإنسان يَتواضع، يَجعل الإنسان يَتذكر حقيقتهُ وحقيقة وجوده في هذه الدنيا، النبي عليه الصلاة والسلام طبيب، والنبي عليه الصلاة والسلام مُعلِّم، ومُرشدٌ ومُربٍّ هو أوصانا ونصحنا عليه الصلاة والسلام أن نُكثِرَ من ذِكر الموت، وأن نَعُدَ أنفُسنا مع الموتى حتى نَصلُحَ وتَصلُحَ أمورنا وأحوالنا ونُصلح من أعمالنا قدر ما نستطيع.

الموت عِلاجٌ ودواء:
فهذه الوصية الثانية من النبي صلى الله عليه وسلم، إذا عَلِمنا أننا سنموت وكلُّ شيءٍ سيموت، حتى الموت سيموت! كيف سيموت الموت؟ يقول النبي عليه الصلاة والسلام:

{ يُجاءُ بالمَوْتِ يَومَ القِيامَةِ، كَأنَّهُ كَبْشٌ أمْلَح، زادَ أبو كُرَيْبٍ: فيُوقَفُ بيْنَ الجَنَّةِ والنَّارِ، واتَّفَقا في باقِي الحَديثِ، فيُقالُ: يا أهْلَ الجَنَّةِ هلْ تَعْرِفُونَ هذا؟ فَيَشْرَئِبُّونَ ويَنْظُرُونَ ويقولونَ: نَعَمْ، هذا المَوْتُ، قالَ: ويُقالُ: يا أهْلَ النَّارِ هلْ تَعْرِفُونَ هذا؟ قالَ فَيَشْرَئِبُّونَ ويَنْظُرُونَ ويقولونَ: نَعَمْ، هذا المَوْتُ، قالَ فيُؤْمَرُ به فيُذْبَحُ، قالَ: ثُمَّ يُقالُ: يا أهْلَ الجَنَّةِ خُلُودٌ فلا مَوْتَ، ويا أهْلَ النَّارِ خُلُودٌ فلا مَوْتَ قالَ: ثُمَّ قَرَأَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: {وَأَنْذِرْهُمْ يَومَ الحَسْرَةِ إذْ قُضِيَ الأمْرُ وهُمْ في غَفْلَةٍ وهُمْ لا يُؤْمِنُونَ} [مريم: 39] وأَشارَ بيَدِهِ إلى الدُّنْيا }

[رواه مسلم والبخاري]

هذا الحديث عند الإمام البُخاري وعند الإمام مُسلم، إذاً الموت مُهمٌّ جداً هو عِلاجٌ ودواء، في ذكره علاجٌ وفي ذكره دواءٌ للإنسان الغافل والإنسان العاصي، وللإنسان المُقصّر حتى يَقِف عند حدود الله ولا يَتعدَّاها، وهو أيضاً مُحفّزٌ ومُشجّعٌ لِمن يُطيع الله سبحانه وتعالى أن يَزيدَ من عَمَلهِ الصالح ومن عَمَلهِ الطيب، النبي عليه الصلاة والسلام في يومٍ من الأيام كما يَروي الصحابي الجليل البَراء قال:

{ كُنَّا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في جَنازةٍ ، فجَلسَ على شَفيرِ القبرِ ، فبكَى حتَّى بلَّ الثَرى وقال: يا إخْوانِي لمثلِ هذا فأعدّوا }

[رواه النووي]

(الثَرى) أي الأرض والتُراب، فالنبي عليه الصلاة والسلام كانت دمعتهُ سخيَّةً حاضرة، كان قلبهُ حاضراً صلى الله عليه وسلم.
(لمثلِ هذا فأعدّوا) وأشار إلى القبر وللموت وللمقبرة، ولهذه الحقيقة التي يَغفلُ عنها كثيرُ من الناس في زحمة الحياة ومشاغلها، وزحمة شهواتِها وطَمَعِها، وسَعي الإنسان وراءَ أموره، فينسى حقيقة الموت وحقيقة الدُنيا أيضاً، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: (يا إخْوانِي لمثلِ هذا فأعدّوا) .

3- حِفظ اللسان
دعونا نذهب إلى النصيحة الثالثة والأخيرة في هذا الحديث، ما هي النصيحة الأخيرة يا أخ أيمن؟

مداخلة:
(وَإِنْ شِئْتَ أَنْبَأْتُكَ بِمَا هُوَ أَمْلَكُ بِكَ مِنْ هَذا كُلِّهِ؟ قالَ: "هَذَا"، وأشار بِيَدِهِ إلى لِسَانِهِ)

الدكتور رحابي:
تمام إذاً ماذا يعني ذلك؟ يعني حِفظُ اللسان، حِفظُ اللسان هذه وَصيةُ رسول الله، بل وصية القرآن الكريم، هناك آيةٌ في القرآن الكريم في سورة ق مَن يُذكِّرنا بها؟ في الصفحة الثانية أول آية:

وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ(16) إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17( مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18)
[سورة ق]

إذا هُناك مُسجِّل (مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ).
اِحفَظ لِسانَكَ أَيُّها الإِنسانُ لا يَلدَغَنَّكَ إِنَّهُ ثُعبــــــــــــــانُ
{ الإمام الشافعي }
فالنبي صلى الله عليه وسلم في يوم من الأيام أيضاً فيما يرويه الإمام الترمذي قال:

{ قال: رأسُ الأمرِ الإسلام، وعمودُه الصَّلاة، وذِروةُ سَنامِهِ الجِهاد، ثمَّ قال: ألا أخبرُك بمِلاكِ ذلِك كلِّه؟ قلتُ: بلَى، يا نبيَّ اللهِ، فأخذَ بلسانِهِ، وقال: كُفَّ عليكَ هذا، فقُلتُ: يا نبيَّ اللهِ، إِنَّا لمؤاخَذونَ بما نتَكلَّمُ بِه؟ قال: ثَكلتكَ أمُّكَ يا معاذُ، وَهل يَكبُّ النَّاسَ في النَّارِ علَى وجوهِهِم، أو علَى مناخرِهم، إلَّا حصائدُ ألسنتِهم. }

[رواه الترمذي]

(كُفَّ عليكَ هذا) امسك هذا، خَففْ مِن الكلام، خَفِّف من المُزاح، خَفِّف من الكلام على الناس، خَفِّف من الغيبة، خَفِّف من النميمة، خَفِّف من التفكير بالناس وتَقيمهُم والحُكم عليهم، والكلام عن ما فعلوا والكلام عن ما قالوا وقيل وقال، فقال مُعاذ(إِنَّا لمؤاخَذونَ بما نتَكلَّمُ بِه؟) أيؤاخذُنا الله عن الكلام الذي نتكلم؟ كلامٌ عادي، (وَهل يَكبُّ النَّاسَ في النَّارِ علَى وجوهِهِم، أو علَى مناخرِهم، إلَّا حصائدُ ألسنتِهم) يعني حصائد الألسُن هي التي ترمي الناس في جهنم والعياذُ بالله.
فهذه الوصية وصية حِفظ اللسان نحن نحتاجها في بيوتنا، في أعمالنا، في حياتنا، في المساجد، في المدارس، في الوظائف، مع الناس، مع الأقرباء.. هل رأيت ما قال؟ هل رأيتَ ما حدث؟ هل رأيتِ ما قالت فُلانة؟ ونحكم على الناس بعلمٍ وبغير علم:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ(6)
[ سورة الحجرات]


التحذير من أن نتكلم بما لا نعلم
النبي عليه الصلاة والسلام حَذّرنا من أن نتكلم بما لا نعلم، رُبَّ كلمةٍ كما في الحديث ترفعُ صاحبها في درجات عالية، ورُبَّ كلمةٍ تُلقي بصاحِبها في دَرَكاتِ النار لأنه لا يُلقي لها بالاً، الكلمة لا بُدَ أن تُوزَن، ولا بُدَ أن تُحسَب، قبل أن تُرسل رسالة، قبل أن تَكتُب رسالة، قبل أن تنشر منشورا،ً قبل أن تُحوّل وتُعيد إرسال رسالةٍ في الواتس أب أو في الفيسبوك، حاول أن تتأكد أنَّ كلَّ كلمةٍ صحيحة وأن المعلومة التي تُرسلها للناس هذه المعلومة إذا لم تَكن دقيقةً وصحيحةً فأنت مُحاسبٌ أمام الله سبحانه وتعالى عليها، لذلك(مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ):

إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا (36)
[ سورة الإسراء]

هذه نحن نُسئل عنها يوم القيامة، كلماتنا، أقوالنا، أفعالنا، ما نسمع، وما نقول، وما نتكلَّم، هذه كلها مسؤولياتٌ يَنبغي أن نَرقى بأنفُسِنا إلى تلك المسؤولية والمكانة التي كرّمنا الله سبحانه وتعالى بها، ولا ننسى هذه الوصايا والنصائح من النبي صلى الله عليه وسلم.

تلخيص للوصايا الثلاث:
إذاً أنا أقف عند هذه الوصية الثالثة، ثلاث وصايا أُلَخصُها لكم بشكلٍ سريعٍ جداً: أن تَعبُد الله كأنك تَراه، وأن تُعد نفسك وتَعتبر نفسك مع الموتى، الأموات الحقيقيين وأنت جِئتَ إلى الدُنيا لترى حَقيقتها، ومَكانتها، وهَوانَها على الله، وكيف يتقاتلُ الناس ويَزدحمون، ويَتزاحمون، وأنت تُشفق عليهم، أو إنك بالفعل سوف تَذهبُ إلى الموت عما قريب، إذاً اعبد الله كأنك تراه، واعدُد نفسك مع الموتى، واحفظ لسانك، هذه الوصايا الذهبية الثمينة القيّمة هي مفاتيح النجاح، هي مفاتيح التوفيق، هي مفاتيح السعادة، هي مفاتيح الحِفظ والصَّون، والحصول على رضوان الله سبحانه وتعالى، وعلى كرم الله في الدنيا وعلى رحمته في الآخرة.
نَسألُ الله تعالى أن يُكرمنا وإياكم بالتَوفيق والنَجاح والسَداد، وأن يُكرمنا في أن نَتَّبِع النبي عليه الصلاة والسلام في أقوالِنا، وعملِنا، وفي خاصة أمورنا، آمين يا رب العالمين، سُبحانك اللهم وبحمدك أشهدُ أن لا اله إلا أنت أستغفِرُك وأتوب إليك.