الْإِحْسَان
- 2020-10-03
الْإِحْسَان
عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ، إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ، شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعْرِ، لَا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ السَّفَرِ، وَلَا يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ، حَتَّى جَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ، وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ، وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَخْبِرْنِي عَنِ الْإِسْلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْإِسْلَامُ: أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلًا"، قَالَ: صَدَقْتَ، قَالَ: فَعَجِبْنَا لَهُ، يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ، يعني يسأل النبي عليه الصلاة والسلام ويقول له: صدقت، تتكلم بكلامٍ صحيح، فَعَجِبْنَا لَهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ. |
الأساس الذي ينبغي أن يقوم عليه إيمان المسلم وإسلامه
![]() |
مهارة إيصال المعلومة في الخديث
![]() |
الحوار مع الأولاد في المسائل الدينية الدقيقة
قَالَ: فَعَجِبْنَا لَهُ يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ، الإيمان أن تؤمن بالله، ابني يجب أن يعرف ما هو الإيمان بالله، والأولاد على فكرة يسألون أسئلةً كثيرةً جداً، وبنظركم هي أسئلة غريبة، تقولون: ما هذا السؤال؟ يعني غير منطقي، لكن بالنسبة للولد منطقيٌ جداً، اليوم سألني ابني يونس، قال لي: هل الله يضحك كما نضحك نحن ويفرح أو لا؟ يريد أن يعرف ما هي المشاعر التي تنتاب حضرة الله سبحانه وتعالى، الأسئلة محرجة، سألني أيضاً مرَّة، كيف عيون الله؟ هل عيونه كبيرة جداً أم صغيرة؟ أم كيف عيونه؟ طبعاً الله |
لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ(سورة الشورى: الآية 11)
![]() |
أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ، هذه الإيمانيات مهم جداً نحن ككبار آباء وأمهات أن ندرس هذه الإيمانيات عن الملائكة، عندنا كتب تتكلم عن الله، عن الآخرة، عن الملائكة، عن الكتب والرسل، عن اليوم الآخر، عن الإيمان بالقضاء والقدر، هذه ينبغي أن ندرسها ينبغي أن نقرأها نحن ككبار، ونلخصها لأبنائنا، نحن ككبار ينبغي أن نفهمها لأنه مازال عندنا الكثير من المسائل التي نجهلها عن اليوم الآخر، عن الملائكة، عن طبيعة الملائكة، عن أعمال الملائكة، عن وظائف الملائكة، عن فضل الملائكة، عن الملائكة الذين أوكل الله لهم أعمالاً ووظائفَ خاصة، هذه عندما نحن ندرسها ونقرأها ونفهمها كآباء نستطيع إيصالها لأبنائنا، فاقد الشيء لا يعطيه، أنا لا أستطيع أن أُعلم أبنائي عن قضية معينة إذا أنا لم استوعبها بشكل كامل. |
الإحسان كما ورد في الحديث
![]() |
الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّىٰ * وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَىٰ(سورة الأعلى: الآية 2-3)
هذا الاستشعار يعطيك سعادةً إيمانية، ويعطيك طمأنينةً نفسية لا تجدها في أي شيءٍ آخر، أنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، هذا هو الْإِحْسَان، مقام الْإِحْسَان أنك تُحسن في عبادتك، الْإِحْسَان هو الشيء الحسن، الشيء الممتاز، فإحسان العبادة أن تعمل العبادة على أحسن وجه، أحسن وجه ممكن أن تعمله هو أنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ، يعني إذا لم تستطع الوصول إلى هذه الدرجة العالية من الإيمان، من الإحسان، من المراقبة لله سبحانه وتعالى، إذا لم تستطع أن تستشعر مراقبتك لله أنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ، على الأقل إذا لم تستشعر أنك ترى الله بعين قلبك، وبروحك، وبنفسك، وبضميرك، وبعقلك إذا لَمْ تَكُنْ تَرَاه على الأقل تستشعر أنه يَرَاك، وهذا أضعف الإيمان، الله عزَّ وجلَّ أراد لنا أن نكون في منزلةٍ أفضل من الملائكة، أن نقترب منه سبحانه وتعالى لأنه أعطانا الخيار في العبادة وفي المعصية، فإذا اخترنا العبادة كنا عند الله أفضل من ملائكته الأبرار، وإذا لم نستطع أن نستشعر أننا نرى الله سبحانه وتعالى، ونستشعر قربه، وحضوره معنا على الأقل نتذكر أنه هو الذي يرانا: |
الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ(سورة الشعراء: الآية 218-219)
مراقبة الله تعالى لعباده
الله سبحانه وتعالى أخبر النبي عليه الصلاة والسلام أنه يراه في تقلبه، وفي ليله، وفي نهاره، وفي ركوعه، وفي سجوده، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ، نحن نعرف حديث النبي عليه الصلاة والسلام عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وهذا حديث جداً مهم ذكرناه سابقاً، قال: |
{ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فَقَالَ: يَا غُلَامُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْكَ احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ وَلَوْ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلَّا بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ رُفِعَتْ الْأَقْلَامُ وَجَفَّتْ الصُّحُفُ }
(رواه الترمذي)
تعزيز قيمة مراقبة الله في الأولاد يُجنبهم مشاكل كثيرة في حياتهم الأسرية، وفي حياتهم الوظيفية، وفي حياتهم التعليمية، تعزيز أن الله معي، أن الله عزَّ وجلَّ مطلعٌ عليّ، أن الله عزَّ وجلَّ يراقبني، احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْكَ احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، دائماً احفظ الله، دائماً راقب الله، دائماً تذكر أن الله عزَّ وجلَّ معك، لذلك هناك وصيةٌ من أحد الصالحين، قال: قل الله شاهدي، الله ناظري، الله معي، الله مطلعٌ عليّ، أوصى بها أحد الأبناء وذلك الولد أصبح من كبار الأولياء الصالحين، الله معي، الله ناظري، الله شاهدي، الله مطلعٌ عليّ، هذه أربع كلمات، نحفظها لأولادنا نعلمهم إياها يقولونها بالعربي أو بالأنجليزي، ونضعها في ورقة ملاحظة صغيرة على السرير، في الحقيبة، على الكتاب، احفظها الله معي، أو كررها معي خمس مرات، أو كل يوم مرتين صباحاً ومرتين مساءً، الله معي، الله ناظري، الله شاهدي، الله مطلعٌ عليّ، هذا الإنسان التي تغرس في قلبه هذه المعاني لن يُقدِم على معصية، ولن يُقدِم على خطأ، ولن يُقدِم على ظلم، ولن يُقدِم على ارتكاب شيء لا يرضاه الله، أو لا يرضاه القانون، أو لا يرضاه المجتمع والعرف الإنساني الصحيح السليم لأن الله معه، لأن الله يشاهده، لأن الله ناظره، لأن الله مطلعٌ عليه، أنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ. |
![]() |
يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى(سورة طه: الآية 7)
وأن الله عزَّ وجلَّ مطلعٌ علينا، وأن الله عزَّ وجلَّ يسمعنا ويرانا. |
عدم المعرفة بشيءٍ ما ليست شيئاً مُعيباً
دعونا ننتقل إلى بقية الحديث، قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنِ السَّاعَةِ؟ قَالَ: "مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ"، وهذه أيضاً قيمة تربيوية نتعلمها من النبي عليه الصلاة والسلام، يعني سُئل عن مسألة وأمام الصحابة الكرام، وهو نبيٌ، وهو رسول، وهو خير خلق الله، لم يستحِ أن يقول: لا أعلم، أو "مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ" يعني نحن آباءٌ وأمهاتٌ يجب أن نتعلم هذه المهارة من النبي عليه الصلاة السلام، الإنسان لا يعلم كل شيء، ليس عيباً ولا خطأً أبداً أن تقول لشيء لا أعلمه أو لا أعرفه، صحيح أنت كبيرٌ في عين ابنك، كبيرٌ في عين تلاميذك، ولكن ستكبُر أكثر عندما تقول لهم عن مسألةٍ لا تعلمها أنك لا تعلمها، ثم تذهب وتسأل عنها، وتتعلمها، وتبحث عنها، وتستفسر عنها : |
فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ(سورة النحل: الآية 43)
![]() |
علامات الساعة كما ذكرها النبي الكريم
نذهب إلى النقطة الثانية، قَالَ: فَأَخْبِرْنِي عَنْ أَمَارَتِهَا؟ ماذا يعني أَمَارَتِهَا؟ أَمَارَتِهَا: يعني علامات الساعة، دُلني أو أخبرني عن علامات الساعة، هل هناك أَمَارَتِ أو علامات للساعة؟ فقال النبي عليه الصلاة والسلام: "أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا، وَأَنْ تَرَى الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الْعَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبُنْيَانِ"، من علامات الساعة النبي عليه الصلاة والسلام ذكر هنا أمرين: |
"أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا": الإماء في الأزمنة السابقة، الآن لا يوجد إماء، الإماء: العبيد سابقاً كان يتزوجها الحر، فتلد له ولداً، فيصبح هذا الولد سيد أمه، لأنها هي أَمَة وهو ابن أبيه كسيدٍ وحر. |
"وَأَنْ تَرَى الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الْعَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبُنْيَانِ": وهذا أيضاً ربما يعني معروف ٌوملاحظ في كيفية تطور الإنسان، وانتقاله من طور البداوة، ومن طور البناء البسيط، من طور الخيم، من طور الصحارى إلى البناء والحضارة، وهذا منتشرٌ حول العالم. |
خروج السائل بعد انتهاء أسئلته
في نهاية المطاف يقول سيدنا عمر: ثُمَّ انْطَلَقَ، هذا الرجل السائل الذي سأل النبي عليه الصلاة والسلام عدة أسئلة انطلق، خرج من المسجد بعد أن سأل النبي هذه الأسئلة، قال: فَلَبِثْتُ مَلِيًّا، يعني انتظرت قليلاً، ثُمَّ قَالَ النبي عليه الصلاة والسلام: "يَا عُمَرُ، أَتَدْرِي مَنِ السَّائِلُ؟ فقال عمر: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، لا أعلم من السائل، لكن أعلم عنه أنه شديد بياض الثياب، وشديد سواد الشعر، ولا يعرفه منا أحد، ولا يُرى عليه أثر السفر، فقال عليه الصلاة والسلام: يا عمر، هَذَا جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ، إنه جِبْرِيلُ أَتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ. |
![]() |
{ عن أبي ذَرٍّ جُنْدُبِ بْنِ جُنَادةَ، وأبي عبْدِالرَّحْمنِ مُعاذِ بْنِ جبلٍ رضيَ اللَّه عنهما، عنْ رسولِ اللَّهِ ﷺ، قَالَ: اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ وأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحسنةَ تَمْحُهَا، وخَالقِ النَّاسَ بخُلُقٍ حَسَنٍ }
(رواهُ التِّرْمذيُّ)
"يا مُعاذِ اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ": لاحظوا الحديث الأول الطويل الذي أورده الإمام النووي، حديث سيدنا عمر وسيدنا جبريل تحت بند باب المراقبة، الآن يورد حديثاً آخر عن سيدنا معاذ "اتَّقِ اللَّهَ حَيْثُمَا كُنْتَ وأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحسنةَ تَمْحُهَا، وخَالقِ النَّاسَ بخُلُقٍ حَسَنٍ". |
حديثٌ ثالث أيضاً في باب المراقبة يقول: (يا غلام احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ أمامك، تَعَرَّفْ إلَى اللَّهِ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفُك فِي الشِّدَّةِ، وَاعْلَمْ أَنَّ مَا أَخْطَأَك لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَك، وَمَا أَصَابَك لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَك، وَاعْلَمْ أَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وَأَنْ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ، وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا). |
اعتياد الإنسان على الخطأ يُنسيه أثره
سيدنا أنس رضي الله عنه يقول: إنَّكُمْ لَتَعْمَلُونَ أعْمالًا، هي أدَقُّ في أعْيُنِكُمْ مِنَ الشَّعَرِ، إنْ كُنَّا لَنَعُدُّها علَى عَهْدِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِنَ المُوبِقاتِ، سيدنا أنس يقول: أنتم الآن، يتكلم مع الجيل الثاني مع التابعين، ماذا لو رآنا كيف نتعامل؟ كيف نتصرف؟ كيف نبيع؟ كيف نشتري؟ كيف نتعامل مع بعضنا البعض؟ قال: إنَّكُمْ لَتَعْمَلُونَ أعْمالًا، هي أدَقُّ في أعْيُنِكُمْ مِنَ الشَّعَرِ، يعني تفعلون أشياءً، وتبيعون، وتشترون، وتتعاملون، هي أشياءٌ دقيقة لا تعني شيئاً في أعينكم، لا تهتمون لها، كُنَّا لَنَعُدُّها علَى عَهْدِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِنَ المُوبِقاتِ، من المهلكات. |
لو أن شخصاً مثلاً لم يصلِ السنَّة القبلية والبعدية كان عندهم هذا الموضوع كبيراً، مِنَ المُوبِقاتِ، لو أن شخص كذب كذبةً صغيرة، موضوعٌ كبير، مِنَ المُوبِقاتِ، لو أن شخصاً أخطأ في أكل الحرام ولو درهم، موضوعٌ كبيرٌ من المُوبِقاتِ، لكن الإنسان سبحان الله لما يعتاد على شيءٍ معينٍ سواء كان صحيحاً أو خاطئاً يعتاده فلا يرى الأثر، فإذا اعتاد على خطأٍ معين، واتخذ ذلك عادةً، فستكون هذه عادته، ولا يشعر بألم ذلك الخطأ، ولا يشعر بعِظَمِ تلك المصيبة السيئة التي اقترفها، لا يشعر بمرارة الذنب الذي أصابه، لأنه أصبح في قلبه نقطةٌ سوداء، بعدها نقطةٌ سوداء، بعدها نقطةٌ سوداء، حتى يصبح القلب مغلفاً بغلافٍ أسود لا يستشعر نورانية الطاعة، ولا يستشعر ظلمة المعصية، أصبحت كلها سواء والعياذ بالله، نسأل الله العفو والعافية. |
إعداد العدة للآخرة
الأحاديث في ذلك كثيرة فلا أريد أن أطيل عليكم في كثرة الأحاديث، ولكن النبي عليه الصلاة والسلام يقول: |
{ عَنْ أبي يَعْلَى شَدَّادِ بْن أَوْسٍ عن النَّبيّ ﷺ قَالَ: الكَيِّس مَنْ دَانَ نَفْسَهُ، وَعَمِلَ لِما بَعْدَ الْموْتِ، وَالْعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَه هَواهَا، وتمَنَّى عَلَى اللَّهِ الأمانِيَ }
(أخرجه التِّرْمِذيُّ)
![]() |
{ وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ كُلَّ يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ }
(رواه النسائي)
فنحن هذا جديرٌ بنا أن نتعلم درس المراقبة لله سبحانه وتعالى، هذا الدرس الذي علمنا إياه سيدنا جبريل عليه السلام، وروى ذلك لنا الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، نسأل الله تعالى أن يُكرمنا وإياكم التوفيق والنجاح، وأن يجعلنا من: |
الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ(سورة الزمر: الآية 18)
اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ غَيْرَ ضَالِّينَ وَلاَ مُضِلِّينَ، وأن يُكرمنا وإياكم بالتوفيق، والنجاح، والسداد وأن يهدينا إلى أحسن الأعمال، والاخلاق، والأصحاب، فإنه لا يهدي إلى أحسنها إلا هو سبحانه وتعالى، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. |